حزب الله يُحدّد ثلاث ثوابت… والجيش جاهز للإنتشار – ابراهيم ناصرالدين
بينما كانت الولايات المتحدة و»اسرائيل» تستبيحان شوارع بيروت بالنار والبارود، وتناوران بالديبلوماسية للضغط على المقاومة والدولة اللبنانية ، بهدف الحصول على تنازلات في المفاوضات المفترض ان تبدأ جديا اليوم، رد حزب الله على استباحة قوات الاحتلال للعاصمة بعد استهداف مار الياس، ورأس النبع، وزقاق البلاط،، بضرب قلب «تل ابيب» بصواريخ باليستية متطورة من نوع «فتاح 110»، احدثت اضرارا كبيرة واوقعت قتلى وجرحى، وادت الى انقطاع الكهرباء في «رمات غان».
والاهم انها اعادت تذكير حكومة اليمين المتطرف بان «بأس» حزب الله لا يزال كبيرا، وقدراته الصاروخية بخير، وارادة القتال لا تزال كبيرة، ولهذا فان كسر قواعد الاشتباك ممنوع وسيكون له ثمن باهظ جدا، اذا قرر بنيامين نتانياهو ومعه الادارة الاميركية محاولة «ليّ ذراع» لبنان ومحاولة استباحة سيادته واخضاعه، وقد اختصرت القناة «ال12» العبرية المشهد بالقول ان نصرالله «يقتلنا وهو ميت».
المناورة الديبلوماسية
ديبلوماسيا، وبعد مناورة لم تدم لساعات، تم تأكيد زيارة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين إلى بيروت، واعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري انها في موعدها اليوم، مستغربا الحديث عن الغائها، وذلك بعد ان تم تسليم ملاحظات لبنان على مسودة اقتراح وقف إطلاق النار إلى الجانب الأميركي. وقد اعلنت القناة ١٢ «الإسرائيلية» انه تم إبلاغ «إسرائيل» بتوجه هوكشتاين إلى بيروت، بعد تلقيه توضيحات تمكن من التوصل الى اتفاق. من جهتها، اكدت هيئة البث «الاسرائيلية» ان «إسرائيل» وافقت على بحث النقاط الخلافية بشأن الحدود البرية الدولية في إطار تسوية مع لبنان.
موقف حزب الله
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، فان حزب الله قد سلم بري يوم الاحد، ملاحظاته غير المكتوبة، وبشكل عام، ليس هناك اعتراضات جوهرية، يمكن ان تؤدي الى عرقلة الاتفاق. اما حديث بعض الجهات الاعلامية والسياسية اللبنانية التي تروج للدعاية «الاسرائيلية» عن عرقلة من قبل حزب الله، فهي ليست الا اكاذيب وفبركات من ضمن حملة مكشوفة لم تعد تخدع احدا. اما ثوابت حزب الله فهي ثلاث: اولا وقف الحرب، وثانيا حماية السيادة اللبنانية، وثالثا الا يحصل الاحتلال في السياسة على ما عجز عن تحقيقه في الميدان.
الاطار تأسيسي
ووفقا لمصدر مطلع، فان المقترح الأميركي بالنسبة لحزب الله يشكّل «إطارا تأسيسيا» لأي اتفاق محتمل لوقف النار، لكنه في الوقت عينه يشدّد على أن المقترح يحتاج إلى نقاش ، ولفت إلى أن حزب الله «يعتبر نص اتفاق وقف النار جيدا من حيث المبدأ، ولكن صياغته تحتاج الى التعديل. علما ان حزب الله يعتبر أن «إسرائيل» فقدت «جدوى القتال»، وهو يتمسك بالـ1701 ويراهن على صمود الجبهة ومواصلة إطلاق الصواريخ، وهو يشير الى أن «إسرائيل» لا يمكنها تحقيق انتصار حاسم، ولن تأخذ في السياسة ما فشلت في اخذه بالميدان…
«قنابل دخانية»
وكان موقع «اكسيوس» الاميركي قد تقصد تسريب اجواء سلبية، ونقل عن مسؤول اميركي قوله ان ثمة اعتراضا اميركيا على بعض الملاحظات اللبنانية، كما ثمة اعتراضات على تجاهل بعض النقاط، ولهذا قررهوكشتاين تأجيل زيارته، وقد تلا هذا الموقف بساعة غارة «اسرائيلية» على منطقة زقاق البلاط في بيروت، مستهدفة مدنيين، ما ادى الى استشهاد 5 مواطنين وجرح العشرات.
وقد وصفت مصادر رسمية ما حصل بأنه «قنابل دخانية»، لان الملاحظات اللبنانية كانت حول بعض التعابير، ولم تكن هناك اي تعديلات جوهرية على المسودة، وهو امر يطرح علامات استفهام حول حقيقة النيات «الاسرائيلية»، حيث تثار الكثير من الشكوك حول جدية نتانياهو في التوصل الى وقف للنار.
اين «الكرة»؟
ونقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الوسيط الاميركي أموس هوكشتاين أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري تأجيل زيارته لبيروت، لحين توضيح موقف لبنان من اتفاق التسوية. وقال المسؤولون «نريد إجابات من الجانب اللبناني قبل مغادرة هوكشتاين لبيروت، والكرة باتت في الملعب اللبناني». من جهته اعلن زعيم حزب «معسكر الدولة» «الإسرائيلي» المعارض بيني غانتس أن «شرط أي اتفاق مع لبنان هو حرية العمل «الإسرائيلي» بشكل مطلق مقابل كل خرق للاتفاق.
ميقاتي: ردنا ايجابي
من جهته، اكد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ان رد لبنان على الورقة الأميركية كان إيجابيا، ولكن بعض النقاط تحتاج إلى نقاش، ونأمل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان في أقرب وقت». وقال : «العنوان الأساسي بالنسبة لنا في المسودة الأميركية هو تطبيق القرار 1701، ولبنان ملتزم تنفيذه وهدفنا أن يطبق في جنوب الليطاني كما نص عليه القرار، ولا بد من تحقيق الاستقرار ووقف الدمار وسفك الدماء في جنوب لبنان». أضاف: «الرئيس نبيه بري يقود المباحثات مع الوسيط الأميركي، وأنا على اتصال دائم معه، ولم أسمع عن شرط يتعلق بحرية التحركات العسكرية لـ «إسرائيل» في لبنان، وهي مجرد تكهنات». وقال:»ما يهمني هو تعزيز وجود الجيش في الجنوب اللبناني، والا يكون هناك سلاح غير سلاح الشرعية». وشدد على» أن لا بد من انسحاب العدو «الاسرائيلي» من أي خطوة قام بها داخل الأراضي اللبنانية».
ايران والمصلحة اللبنانية
في المقابل، رأت وزارة الخارجية الإيرانية، أن اللبنانيين قادرون على تحديد مصالحهم واتخاذ القرار بشأن أي مبادرة تتعلق بوقف جرائم «إسرائيل». وأشارت الوزارة إلى أن طهران كداعمة لحزب الله، لن تدخر أي جهد في دعم اللبنانيين…
جهوزية الجيش
في غضون ذلك، ابلغ قائد الجيش جوزاف عون المعنيين بجهوزية الجيش للانتشار جنوبا عندما يحصل الاتفاق، وثمة 4500 ضابط وجندي سيضافون الى القوات المنتشرة اصلا هناك، ليصبح العدد نحو 10000، والخطة تقتضي بتجهيز قوات اضافية خلال عام واحد عبر التدرج في التطويع، مراعاة للامور اللوجستية والمالية. علما ان اموال التطويع في المرحلة الاولى لا تتجاوز ال200 مليون دولار، فيما التكلفة الفعلية للخطة الشمالة مليار دولار، والمطلوب من الدول المانحة ان تؤمنها.
مطالب ننتانياهو تعجيزية
وفي موقف تصعيدي امام «الكنيست»، سيكون لاغيا لأي اتفاق محتمل، أعلن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، عن مطلب تعجيزي سيرفضه لبنان حتما، وقال «أن «اسرائيل» تطالب بالحفاظ على حقها في شن عمليات عسكرية ليس فقط كرد مباشر علي أي هجوم وانتهاك، وإنما لوقف أي محاولات لتعزيز حزب الله قدراته». واضاف «نطالب بإبعاد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني لا على الورق فقط، بل نريد ضمان ذلك عن طريق قيامنا بالعمليات العسكرية».
واشار الى ان «إسرائيل» قررت «شن ضربة كبيرة على قدرات حزب الله، ثم شن ضرب قوية ضده في أكتوبر» . وزعم ان جيش الاحتلال «ضرب قدرات حزب لله الصاروخية والمدفعية، وقضى على قادة كبار في الحزب، ثم قررنا اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصرالله».
القتال بالاظافر؟!
كما أكد نتنياهو أنه أبلغ الأميركيين أنه «إذا تطلّبت الحاجة، فسنحارب بأظافرنا». واضاف «نفاوض فقط تحت النار وسنفاوض بقوة»، مضيفا: «ردنا يجب أن يكون ردّا وقائيا وهو منع إعادة بناء قدرات حزب الله ووقف تزويده بالسلاح عبر سوريا». وأوضح انه «كان هناك نقاش بشأن التخلص من نصرالله، والغالبية الساحقة داخل مجلس الوزراء أقرت هذه الخطوة» وزعم انه «لو أقدم حزب الله على تنفيذ مخططه لكان الأمر أكبر بكثير مما عليه الوضع في غزة».
الخلافات الداخلية
وتأتي هذه المناورات وسط خلافات داخلية في كيان الاحتلال حول الاتفاق. وتحدث ضباط احتياط عن مخاوف من الغرق في الوحل اللبناني ، وقال لقناة «ال12» ان فصل الشتاء قد بدأ ومن الصعب على الجيش تحقيق انجازات في هذه الظروف الصعبة، ولهذا يجب الذهاب الى اتفاق سياسي.
ودعا الاعلام «الاسرائيلي» حكومة الاحتلال الى التواضع، وعدم ارتكاب الاخطاء في تقدير قوة حزب الله.
وفي هذا السياق، أقرت المستشارة الإعلامية «الإسرائيلية» اييلت فريش بأن حزب الله لا يزال لديه قدرات إطلاق وقدرات عسكرية، ولا ينبغي لـ «إسرائيل» أن تخطئ في هذا التقدير. وأقرت أيضاً، في حديث إلى «القناة 12 الإسرائيلية»، بأن «قوات الحزب البرية لم تمسّ تقريباً»، محذرةً من أن «جيلاً جديداً من المسلحين بعد الاغتيالات يرفع رأسه، وهي مسألة وقت».
كلام فريش تقاطع مع تصريح مراسل «القناة 12» في الشمال هدار غيتسيس، الذي أكد أنه «لا يجب تأبين حزب الله، فهناك قدرات صاروخية، وهناك بدلاء للقادة، ونحن نرى تشكيلاً صاروخياً لا يزال صامداً وقدرات باقية، وحتى حين يقوم الجيش بتصفية قادة، فهم ينجحون في إيجاد بدلاء».
وبشأن الاتفاق على وقف إطلاق النار، قالت المستشارة: «لقد استنفدنا العملية في لبنان، وهذا لا يعني أن حزب الله جُرد من سلاحه، كما وعد وزير الأمن الجديد. حان الوقت لإغلاق الحادثة وبداية إعادة سكان الشمال، وأنا أصلي من أجل توقيع الاتفاق قريباً».
توسيع الحرب على سوريا؟
هذه التعقيدات في التفاوض ليست عبثية او مجرد تحسين لشروط الاتفاق المعروض، فالرهان على الوقت عند نتانياهو مرتبط بطموحات تتجاوز لبنان الى ايران وسوريا، وقد كشفت صحيفة» اسرائيل هيوم» المقربة من رئيس حكومة العدو عن وجود رغبة لدى حكومة اليمين بالاندفاع من الجولان نحو دمشق، لاسقاط النظام السوري. ولفتت الى ان التقديرات في «اسرائيل» تشير الى ان الاجواء متاحة امام نجاح هذا المخطط، لكنه يحتاج الى دعم اميركي. وقالت انه «حين تنشغل روسيا بأوكرانيا والنظام السوري مضطرب، تكون أمام «إسرائيل» فرصة نادرة لقطع مسار السلاح الإيراني الذي يغذي حزب الله». واشارت الى «ان الضرب في اللحظة المناسبة سيكون ربما إسقاط نظام الأسد كفيلاً بأن يسمح «لإسرائيل» وحلفائها بإضعاف سيطرة إيران في المنطقة، وتقليص نفوذ حزب الله.
الشرق الاوسط الجديد
وخلصت «اسرائيل هايوم» الى القول» إن ضعف روسيا في الشرق الأوسط ، فرصة ذهبية «لإسرائيل». ولهذا يجب ان تحصل مناورة عسكرية «إسرائيلية» سريعة من هضبة الجولان إلى دمشق وإسقاط قوات النظام السوري، وبالتزامن يجب توريد السلاح والمال إلى «جماعات المعارضة» في جنوب سوريا وشمالها، كي يقاتلوا القوات الإيرانية وكذلك حزب الله.
ووفقا للصحيفة ما يحصل اليوم السؤال من سيصمم وجه الشرق الأوسط في السنوات القريبة المقبلة؟
قصف «تل ابيب»
وفي التصدي البطولي المستمر برا على جبهتي حولا وشمع، حيث افيد عن احراق 4 دبابات ميركافا، دوت مساء أصوات الانفجارات في «تل أبيب» ومحيطها، واندلعت الحرائق في احد شوارعها بعد سقوط صاروخ ، إثر اطلاق حزب الله صلية صواريخ باليستية نوعية. وأفادت «القناة 12 الإسرائيلية» في أنباء أولية عن إصابة حافلة في «بني براك» قرب «تل أبيب» بعد تفعيل صفارات الإنذار، وذكرت أنَّ الدفاع الجوي أخفق في اعتراض صاروخٍ باليستي أُطلق من جنوب لبنان وسقط في المنطقة المذكورة، وافادت معلومات عن اغلاق مطار بن غوريون. وفيما ذكرت وسائل إعلام وخدمة الإسعاف «الإسرائيلية» بإصابة 5 أشخاص، إثر سقوط شظايا صاروخ في «تل أبيب»، اكدت وسائل اعلام «اسرائيلية» سقوط قتلى.
في موازاة ذلك، أعلن حزب الله أنه استهدف قاعدة عسكرية قرب حيفا بالمسيّرات، وقالت هيئة البث «الإسرائيلية» إنه تم استهداف منطقة «تل أبيب» بـ4 صواريخ في آخر رشقة من لبنان.
المقاومة على الحافة الامامية؟!
واقر جيش الاحتلال ان المقاومة اطلقت نحو 120 صاروخا على الاراضي المحتلة، واعترف بجرح 36 من جنوده في المعارك، والمفارقة ان حزب الله قد استهدف امس تجمعا لجنود الاحتلال في مستوطنة «شتولا» بصاروخ موجه مباشر من موقع في قرى الحافة الامامية، وهو ما اثار علامات استفهام حول الدعاية الكاذبة بالسيطرة على المنطقة.
فيما ادخل الحزب مستوطنة «هوسن وكرم بن زيمرا» ضمن خريطة استهدافاته، اندلعت الحرائق في شوارع «تل ابيب» اثر الفشل في اعتراض صواريخ بالسيتية، وسقط عدد من القتلى والجرحة بحسب الاعلام «الاسرائيلي»، واعلنت «الجبهة الداخلية عن مقتل امراة واصابة 5 اثر اصابة صاروخ لمبنى من 4 طبقات في «شفا عمرو».