تفاعل الإشكال ما بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل» مجدّداً، وامتدّت شرارته إلى العلاقة ما بين تيار «المستقبل» والحركة انطلاقاً من السجال الكلامي بالأمس ما بين الرئيس نبيه بري والرئيس المكلّف سعد الحريري، وذلك حول الموقف من المشاركة الليبية على هامش الإجتماع الإقتصادي بالأمس، تحضيراً لأعمال القمة الإقتصادية الإجتماعية العربية في بيروت.
وتحدّثت معلومات مطّلعة، عن تراكمات عدة سابقة أدّت إلى هذه المواجهة المباشرة، والمرتبطة في الدرجة الأولى بالتحالف الوثيق ما بين تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وانضمام الرئيس الحريري إلى وزير الخارجية جبران باسيل في الموقف من ليبيا، بصرف النظر عن كل الملابسات والإشكالات وصولاً إلى الصراع السياسي المحتدم الذي رافق دعوة ليبيا إلى القمة العربية، وعدم دعوة سوريا أولاً، والحراك الميداني في الشارع اعتراضاً على عدم التحرّك من قبل النظام الليبي بالنسبة لجلاء قضية خطف الإمام موسى الصدر من قبل نظام العقيد معمّر القذافي.
ووفق المعلومات، فإن السجال الأخير الذي اندلع رغم طي صفحة الخلاف حول المشاركة الليبية بعد إعلان ليبيا مقاطعتها، يأتي في سياق المواجهة الصامتة التي بدأت مع الخلاف ما بين عين التينة وبيت الوسط حول مسألة تمثيل نواب «اللقاء التشاوري» في الحكومة العتيدة، وذلك بعدما كان الرئيس بري قد نصح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بمعالجة هذا التمثيل من خلال استكمال عملية التأليف من جهة، ومراعاة التمثيل الصحيح والعادل لكل المكوّنات النيابية من جهة أخرى.
من هنا، كشفت المعلومات نفسها، عن أن غياب الملف الحكومي والتمثيل السنّي المعارض للرئيس الحريري، عن المداولات السياسية والإعلامية حالياً، لا يعني غياب المشكلة التي تحوّلت إلى أزمة ثقة ما بين الرئيسين بري والحريري، كما بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل»، وبالتالي، فإن جوهر التعطيل الحكومي اليوم مرتبط بالعائق الناجم عن تمثيل «اللقاء التشاوري» في الدرجة الأولى، وليس بأية عوائق إقليمية أو دولية، وذلك بصرف النظر عن التشابك ما بين الروزنامة الخارجية والأجندة اللبنانية الداخلية.
وتضيف المعلومات المطلعة ذاتها، أن التمايز في الإتجاهات السياسية الداخلية ما بين طرفي التسوية الرئاسية و«الثنائي الشيعي» بشكل عام، وليس فقط حركة «أمل»، هو مقدّمة لمرحلة جديدة من العلاقات ما بين الأطراف الأربعة التي كانت منضوية تحت مظلّة هذه التسوية، وإن كان كل طرف يحرص على التأكيد على ثوابت التسوية، وعلى أولوية الإستقرار السياسي الداخلي والنأي بالنفس عن أي صراعات إقليمية تهدّد الواقع اللبناني برمّته.
وفي هذا المجال، توضح المعلومات نفسها، أن الجدل الثنائي حيناً أو العام حيناً آخر، ينسحب بوتيرة سلبية على أكثر من صعيد سياسي وشعبي في آن، لا سيما وأن شظايا الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية حول المشاركة الليبية في القمة، قد لامست التفاهمات ما بين «التيار الوطني الحر» و«حزب الله» قبل أن تطال العلاقة ما بين الرئاستين الثانية والثالثة في السجال الأخير.
وعلى الرغم من أن المعلومات المطلعة تؤكد أن أي سجال قد حصل وآخر قد يحصل، لم يقفز فوق الخطوط الحمر المرسومة بعناية على الساحة الداخلية، فهي تحذّر من الخلط ما بين الموقف من القمة العربية، ومن عدم دعوة سوريا ودعوة ليبيا، لافتة إلى أن استمرار الإنقسام الرسمي يرخي ظلالاً قاتمة على الملف الحكومي الذي لا يزال يحظى بالأولوية لدى العهد، كما أنه يضع كل القوى الداخلية، وليس فريقاً سياسياً معيناً في دائرة الإستهداف الداخلي كما الخارجي.