يطمح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو محق بذلك، ان تشكل المرحلة المقبلة، بعد انجاز الانتخابات النيابية، ومن ثم تشكيل حكومة جديدة انطلاقة للعهد التي كان يعد بها الرئيس عون اللبنانيين بها، منذ القاء خطاب القسم بعد انتخابه رئيساً للجمهورية وفي كثير من المحطات اللاحقة.
ولذلك، ينقل زوار الرئيس عون عنه في الفترة الاخيرة انه، اذا كانت مدة السنة وبعض الاشهر التي انقضت على وجوده في قصر بعبدا، قد حققت الكثير من الانجازات الداخلية، بدءاً من اعداد قانون جديد للانتخابات، الى اطلاق بعض الخطوات بما يتعلق بالاصلاح السياسي والاداري، الى اقرار موازنتي العامين 2017 و2018، الى هزيمة الارهابيين في جرود بعلبك وعرسال، الى ملفات اخرى عديدة، لكن هذه الانجازات على اهميتها، لا تتناسب مع الطموحات التي يعمل رئيس الجمهورية لكي تتحقق في عمل واداء كل مؤسسات الدولة، وفي اطلاق الاصلاح السياسي والمالي والاداري الذي ينشده اللبنانيون، وصولاً الى معالجة كثير من الاستحقاقات والملفات التي لم يعد ممكناً تأجيلها، او عدم بتها بسبب الخلافات السياسية، خاصة ما له علاقة بقضايا الكهرباء والماء والنفايات، الى اطلاق عودة النازحين السوريين وانشاء الهيئة المطلوبة لادارة عائدات قطاع النفط والغاز.
وعلى هذا الاساس خرج زوار بعبدا في الفترة الاخيرة بان الرئيس عون مصمم على ان تشهد مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة المقبلة نقلة جدية وفاعلة ومستمرة في تعاون الجميع، داخل الحكومة العتيدة، ومع مجلس النواب المقبل في سبيل وضع كل هذه الملفات والاستحقاقات على بساط المعالجة الجدية خصوصاً ان الوضع المالي للدولة والركود في الاقتصاد وتنامي نسبة الفقر والبطالة بين اللبنانيين وكانت تستدعي تعاون الجميع والعمل سوياً لتحقيق ما يعيد لبنان الى توازنه المالي والاقتصادي وما يؤدي الى تحقيق معاناة اللبنانيين واطلاق الانماء المتوازن.
ويشير الزوار الى ان رئيس الجمهورية يعتقد ان كثير من الخطابات النافرة التي شهدتها البلاد في الاسابيع الاخيرة، على خلفية المعارك الساخنة بين اللوائح الانتخابية ستنتهي بعد السادس من ايار بحيث يعود الخطاب العقلاني والمسؤول الى لغة القوى السياسية.
لذلك فالسؤال الذي لا بد منه، هل سيتمكن الرئيس عون من انجاز ما يطمح اليه على مستوى، اعادة التوازن الى بنية الدولة ووضع الآليات والاجراءات لاطلاق معالجة عشرات الملفات المأزومة والمتراكمة منذ سنوات طويلة؟
في تقدير مصدر سياسي مخضرم ان طبيعة المرحلة التي ستنشأ بعد الانتخابات تفرض احداث متغيرات مهمة على مستوى اداء وتعاطي الكثير من القوى السياسية التي ستشارك في الحكومة، او التي سيكون لها كتل وازنة في مجلس النواب، انطلاقاً من اعتبارات مختلفة، اهمها اثنين، الاول شعور كل القوى السياسية بمخاطر ما تواجهه البلاد في المرحلة المقبلة خاصة على المستويين المالي والاقتصادي بعد ان وصل لبنان الى حافة الافلاس، والثاني اقرار كثير من هذه القوى في برامجها الانتخابية بأن المخاطر التي تهدد لبنان تفترض التعاطي بسياسات جديدة، بما يتعلق بالحد من العجز وهذا يفترض مجموعة واسعة من الخطوات التي من شأنها وقف الاطراف غير المجدي في المواجهة ووضع ضوابط لعمليات التلزيم.. واخراج مؤسسة كهرباء لبنان من ازمتها، الى كثير من الملفات.
الا ان المصدر يعتقد انه على الرغم من المرحلة المقبلة ستشهد تحسناً في اداء بعض مرافق الدولة ووزاراتها، لكنه يرى ان المطبات والتعقيدات الكبرى التي حالت في السنة الاولى من عمر العهد، وهي المراحل التي سبقت ذلك، دون انطلاقة كافية تعيد الى الدولة توازنها المالي والاقتصادي وتطلق الاصلاح الفعلي، لا تزال هي نفسها، التي ينتظر ان تطل برأسها من جديد بعد تشكيل الحكومة الجديدة، ولعل ابرزها الاتي:
1- ان المرحلة الجديدة ستعيد انتاج نفس التسوية التي حصلت بعد انتخاب رئىس الجمهورية، بغض النظر عن ارتفاع عدد نواب هذه الكتلة، او تراجع عدد كتل اخرى.
2- ان الخلافات التي ادت تعطيل معالجة ملفات واستحقاقات داهمة واساسية في الحكومة الحالية، لا يبدو انه من الممكن تجاوزها بسهولة، والامثلة هنا لا تعد، اولها «السجال» المستمر بين التيار الوطني الحر وحركة «امل» حول طبيعة التعاطي مع عشرات القضايا الداخلية، وثانيها الانقسام الحاد الذي شهده مجلس الوزراء حول معالجة ازمة الكهرباء والاليات المطلوبة لبناء معامل جديدة واستئجار البواخر.
3- استحكام التعاطي المذهبي والفئوي، والمحاصصة في طريقة معالجة اكثرية الملفات الحيوية من كهرباء، ومياه، واستخراج الثروة النفطية حتى انها وصلت الى كل ما له علاقة بالتوظيف داخل الدولة وعلى طريقة 6 و6 مكرر.
لذلك يرى المصدر السياسي ان طموح الرئيس عون وتصميمه، مسألة مهمة وتساعد كثيراً في اطلاق المعالجات المطلوبة للازمات المتفاقمة، لكن من دون رغبة جدية وشاملة لدى كل مكونات الحكومة المقبلة، من الصعب ان نشهد انطلاقة صحيحة وكاملة وشاملة لهذه الازمات.