Site icon IMLebanon

الصراع تخطّى المراسيم… من يكون ولي أمر الطائف بعبدا أو عين التينة ؟

شارل أيوب
لا يمكن ان يكون الصراع الحاصل بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري قد انطلق صدفة وفقط من التوقيع الثنائي لمرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994. ولا يمكن ان يكون الصراع الحاصل بين رئيس الجمهـورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري قد انطلق فقط من عدم توقيع وزير المال على مرسوم منح الاقدمية، لان من يرى المشهد الحالي يرى صراعا مفتوحا دون حدود ودون أفق بل ساحة مفتوحة على من يحكم البلاد، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بتفسير من مراجعه الدستورية لبنود دستور الطائف، ولكيفية اصدار المراسيم، ام نهج الرئيس نبيه بري من موقع رئاسة المجلس النيابي واعتبار مجلس النواب ليس فقط سلطة تشريعية ورقابية بل مصدر الحكم والموافقة على القرارات الاسـاسية في البلاد.
لقد بدأت الانتخابات النيابية ومع الاجتماع الاسبوعي يوم الاربعاء في عين التينة بين الرئيس نبيه بري والنواب الذين يحضرون لزيارته والاجتماع به تم اعلان الانطلاق من ساعة الصفر باتجاه الانتخابات النيابية القادمة، وان موضوع تعديلات في قانون الانتخابات غير وارد كليا، واذا كان رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل اصر على تعديل المادة 24 لجهة افساح المجال لاشتراك المغتربين في الانتخابات، واتاحة الوقت لهم عبر تعديل لقانون الانتخابات، فان الرد من عين التينة على لسان الرئيس بري، ان الانتخابات انطلقت وان اي فكرة تعديل اصبحت وراءنا، وبالتالي، فرصة 4 ايام ويوم الاثنين القادم تبدأ الماكينات الانتخابية واعلان الترشيحات والتحالفات تدريجيا على مستوى الدوائر الانتخابية في كامل لبنان.
السؤال هو في ظل هذا الجو، اين حزب الله وما هو موقفه في ظل صراع حليفيه، الرئيس العماد ميشال عون والرئيس نبيه بري. كذلك ما هو موقف حزب القوات اللبنانية برئاسة الدكتور سمير جعجع، واستراتيجية القوات اللبـنانية بالنسـبة الى التخـطيط للسيطرة على الساحة المسيحية، عبر الانتخابات وبعدها عبر تنظيم حزب القوات بحركة اكبر.
حزب الله لم يصدر عنه موقف معلن وواضح، بل ظهر له موقف غير معلن، انما عملياً كان الى جانب الرئيس نبيه بري ضد المرسوم الثنائي الموقع من الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، وبالتالي كان مؤيدا لموقف الرئيس نبيه بري لضرورة توقيع وزير المال على المرسوم.
لكن الجواب عن موقف حزب الله جاء على لسان الرئيس بري الذي اعلن ان من يريد التحالف مع حزب الله يجب ان يتحالف معي او يأتي لعندي. كذلك من يريد التحالف معي عليه الذهاب الى حزب الله وسؤاله. منهياً كلامه بأن حزب الله وحركة امل جسم واحد او شخص واحد او حلف واحد، وبالتالي، فان الانتخابات النيابية القادمة ستحصل في جو التحالف الثنائي الشيعي بين حزب الله وحركة امل.
اما بالنسبة الى حزب القوات اللبنانية، فان الدكتور سمير جعجع ما زال يتريث ويخطط للحصول على كتلة نيابية وازنة وهامة في المجلس النيابي، والدكتور جعـجع يدرس ماذا سيحصل بينه وبين الرئيس الحريري، وماذا ستكون الاشارات الاقليمية خاصة من السعودية، في شأن الانتخابات في لبنان، وهل ستدخل السعودية على خط تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري ام لا.
لكن اذا كان الرئيس نبيه بري اعلن عن التحالف الثنائي الشيعي كجسم واحد، اي حزب الله وحركة امل، فان تحالفا غير مُعلن بعد لكنه سيظهر لاحقاً وهو تحالف التيار الوطني الحر مع تيار المستقبل. واذا كان الثنائي الشيعي حزب الله ـ حركة امل يمكن ان يصلا الى حدود كتلة نيابية مشتركة تصل الى 30 او 32 نائباً في حدها الاقصى مع بعض المرشحين من حلفائهم، فان الثنائي حزب التيار الوطني الحر وتيار المستقبل اذا تحالفا فسيصلان الى كتلة موازية تصل ايضا الى حدود 30 او 33 نائبا.
اما بالنسبة الى الوزير وليد جنبلاط فموقفه السياسي هو بالتحالف مع الرئيس نبيه بري، لكنه ليس في محور المقاومة مع حزب الله، انما على هدنة مع حزب الله ودون خلاف ولكن دون ورقة تفاهم سياسية مشتركة، كما حصل بين احزاب لبنانية او اطراف.
حزب الكتائب سيخوض معارك في دوائر معينة وفق تحالفات تناسبه، لكنه اقرب الى ثنائي مع القوات اللبنانية في بعض المناطق، انما لن يكون لحزب الكتائب كتلة كبيرة تزيد عن 6 نواب او 7 نواب في حدها الاقصى.
انما بالنسبة الى القوات اللبنانية فهي تطمح الى 16 مقعداً نيابياً بعد الانتخابات.

فرنجية سيتحالف مع بري وجنبلاط

المشهد العام يدل على ان هنالك ثنائياً شيعياً هو حزب الله ـ حركة امل، وثنائياً هو تيار المستقبل وحزب التيار الوطني الحر وتحالف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري، وبالنسبة الى الوزير سليمان فرنجية فسيخوض معركة الشمال في دائرة البترون ـ زغرتا ـ بشري ـ الكورة، اضافة الى مقعد في طرابلس، اضافة الى مقعد يعتقد انه يستطيع الحصول عليه في كسروان ـ جبيل اضافة الى امكانية حصول على نائب في عكار مع صعوبة هذا الامر لكن وفق التحالفات. انما الوزير سليمان فرنجية سيكون على تحالف مع الرئيس نبيه بري والوزير وليد جنبلاط ليشكلوا ثلاثيا رأس الحربة فيه هو الرئيس نبيه بري، ويؤيده الوزير وليد جنبلاط باعتدال اما الوزير فرنجية فسيكون ايضا رأس حربة مع الرئيس نبيه بري ضد عهد الرئيس العماد ميشال عون.

عون وبري سيذهبان الى النهاية في مواجهتهما

واذا عدنا الى الخلاف الذي يتصاعد يوميا بين بعبدا وعين التينة وبالتحديد بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبين الرئيس نبيه بري، فان الرئيس العماد ميشال عون سيذهب الى النهاية في مواجهته للرئيس نبيه بري، كما ايضا سيذهب الرئيس نبيه بري الى اقصى المواجهة، لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيقوم بمحادثات صريحة مع حزب الله يسأله عن موقفه من المعارضة الشديدة للرئيس بري ضد عهد الرئيس العماد ميشال عون.

عون سيبقى على قناعاته الاستراتيجية

فاذا كان حزب الله سيسير في اتجاه تأييد الرئيس نبيه بري، وتأييد معارضته لعهد الرئيس العماد عون، فان رئيس الجمهورية سيبقى على موقفه من ضرورة حاجة لبنان لسلاح حزب الله، لكنه سيقول لحزب الله لقد دعمتني للوصول الى رئاسة الجمهورية ثم تخليت عني، وأيدت الرئيس بري، واذا كانت سياستك كحزب الله هي التواجد ضمن الثنائي الشيعي وترك التحالف مع رئيس الجمهورية المؤيد للمقاومة، فان الرئيس العماد ميشال عون سيكون له على الصعيد الداخلي موقف لا يتوافق كثيرا مع مواقف حزب الله، في حال ادت المواجهة بين الرئيس عون والرئيس بري الى حجم اكبر، وقام حزب الله بدعم الرئيس نبيه بري، عندها سيبقى رئيس الجمهورية على قناعاته الاستراتيجية بالمقاومة وسلاحها، لكن سيختلف مع حزب الله سياسيا في الداخل، ويكرس تحالفه مع الرئيس سعد الحريري بقوة، وسيسعى الى اعادة ورقة التفاهم واحيائها بقوة كبيرة، مع حزب القوات اللبنانية ومع حزب الكتائب، وسيميل الى تفسير الدستور على ان رئيس الجمهورية هو الذي يسهر على تنفيذ الدستور، ولدى رئيس الجمهورية مراجعه الدستورية وبالتالي فلن يقبل ان يكون ولي امر تنفيذ دستور الطائف الرئيس نبيه بري.

عون سيرد على بري في انتخابات المجلس النيابي

فاذا كان الطائف قد تم اعلانه في السعودية، وقامت سوريا بالاشراف على تنفيذه، فالرئيس عون الذي رفض اتفاق الطائف ثم مر عليه مرور الكرام ووافق دون الاعلان صراحة عن تأييده للطائف بكامل بنوده، فهو سيرفض ان يكون وزير المال الشيعي الذي سيصر الرئيس بري على ان يكون وزير المال في اية حكومة قادمة من حركة امل ومن الطائفة الشيعية، وبالتالي، فان وزير العدل الدكتور سليم جريصاتي، اضافة الى مراجع دستورية اخرى، تقول ان وزير المال الشيعي ليس وصياً على بقية الوزراء، كما ان الرئيس نبيه بري ليس وصيا على الكتل النيابية ولا على المجلس النيابي بكامله، واذا كان الرئيس نبيه بري قد خاض معركة ضد الرئيس عون عبر تأييد ترشيح الوزير فرنجية الى اقصى حد، والقيام بدور لعبة الاوراق البيضاء في انتخاب الرئيس عون، فان الرئيس العماد ميشال عون بعد الانتخابات النيابية سيقوم بالرد في جلسة الانتخاب لرئيس المجلس النيابي، بتأييد مرشح ضد الرئيس نبيه بري بدل ان يأتي الرئيس نبيه بري على قاعدة تأييده من كافة الاطراف.

عون سيقنع جعجع والكتائب بعدم تأييد بري

وسيسعى رئيس الجمهورية الى اقناع الدكتور سيمر جعجع وحزب الكتائب بعدم تأييد الرئيس بري في رئاسة مجلس النواب وبالتالي ان يأتي رئيس المجلس النيابي من ضمن الدعم الثنائي الشيعي وتأييد الوزير وليد جنبلاط والوزير سليمان فرنجية، لكن الجناح الاكبر المسيحي المؤلف من التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب سيكون ضد انتخاب الرئيس نبيه بري وبالتالي سينقص الرئيس بري الدعم المسيحي الذي اعتاد على تاييده في وصوله الى رئاسة مجلس النواب ويكون الرئيس ميشال عون قد رد الى الرئيس بري على ما قام به في معركة رئاسة الجمهورية عبر تأييد الوزير فرنجية وعبر الاوراق البيضاء.

الحريري محرج

وسيكون الرئيس الحريري محرجا جدا في وضعه كرئيس لمجلس الوزراء، في الصراع الحاصل بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، مع ميول الرئيس سعد الحريري ان يكون متحالفا مع رئيس الجمهورية ويكون اقرباً له من قربه لرئيس المجلس النيابي خاصة وان ذلك يعطيه من الاقتراب من حزب الله ويعيد اليه العلاقة الجيدة مع السعودية، اضافة الى دعم رئيس الجمهورية العماد عون له في موقعه في رئاسة مجلس الوزراء. وسيعطي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الدور الكبير للرئيس سعد الحريري كي يرأس جلسات مجلس الوزراء، ويتخذ القرارات في اطار مجلس الوزراء لكن عند القرارات الاستراتيجية والاساسية سيدير رئيس الجمهورية العماد ميشال عون جلسات الحكومة ويحدد مع الرئيس الحريري بنود جدول اعمال مجلس الوزراء ويواجه حتى النهاية.

بري يريد تطبيق الطائف بدقة

اما بالنسبة الى الرئيس نبيه بري، فهو يشعر ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يرغب ان يتصرف في رئاسة الجمهورية كأنه يتصرف كرئيس للحكومة الانتقالية بعد انتهاء عهد الرئيس امين الجميل ويأخذ القرارات وفق تفسير دستوري خاص به. ويعتبر انه سيحاصر الرئيس نبيه بري بالنتيجة من خلال جناح مسيحي كبير، اضافة الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سيقوم باحراج حزب الله في وقت تقوم اوروبا وخاصة الولايات المتحدة بالضغط بكل طاقاتها على حزب الله، ورئيس الجمهورية يدافع عن حزب الله، وعندها سيصبح موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون غير مندفع جدا  للوقوف في وجه الولايات المتحدة والدول الاوروبية ولن يكون منفتحا كثيرا على ايران، بل سيتجه اتجاها يقترب من السعودية لكن في مطلق الاحوال لن يكون ضد حزب الله.
الرئيس نبيه بري يريد تطبيق الطائف تطبيقا دقيقا ووفق تفسير المراجع الدستورية والتي اشتركت في صياغة الدستور وتعرف كيفية تفسيره، وبالتالي لن يسمح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون باتخاذ قرارات عبر مجلس الوزراء او ادارة الدولة من خلال استفراد رئيس الجمهورية العماد عون بصلاحية رئاسة الجمهورية للهيمنة او السيطرة على بقية المؤسسات.

بري سيقف في وجه مشاريع التيار الوطني الحر

وسيستعمل رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ساحة مجلس النواب الذي يعرف كيف يديرها للوقوف في وجه مشاريع قد يطرحها او سيطرحها رئيس الجمهورية عبر باسيل او عبر وزراء التيار الوطني الحر والحلفاء له، ويقف في المجلس النيابي ضد هذه المشاريع، ولن يترك مشاريع النفط والكهرباء والقرارات يتم اتخاذها من خلال مواصفات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بل سيسعى الرئيس بري الى اخضاع قرارات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء لسلطة المجلس النيابي وسيقوم بتفعيل السلطة الرقابية للمجلس النيابي على الوزارات، بشكل يصطدم فيه وزراء التيار الوطني الحر والنواب المتحالفون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للمحاسبة في المجلس النيابي.

عون والحريري سيحرجان حزب الله

تخطى الصراع مرسوم الاقدمية ومرسوم الترقيات والعماد عون الذي اعتبر ان مرسوم منح سنة اقدمية اصبح نافذا عبر توقيعه عليه وسيصدر مراسيم دستورية اخرى يعتبرها لا تحتاج الى توقيع وزير المال فان الرئيس الحريري هنا سيكون في وضع احراج كبير وصدام مع الرئيس بري. لكن تعاون الرئيس الحريري مع الرئيس العماد ميشال عون سيكون كبيرا الى حد توقيع مراسيم يعتبرها بغير حاجة الى توقيع وزير المال، ويتم محاولة فرض امر واقع على الرئيس نبيه بري.
وسيعتبر الثنائي التيار الوطني الحر وتيار المستقبل ان حزب الله بحاجة لهما، فحزب الله بحاحة الى حليف مسيحي بحجم التيار الوطني الحر لان حزب الكتائب وحزب القوات لن يكونا حلفاء له. كذلك فان الثنائي الذي يجمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري سيحرجان حزب الله في ضوء الهجوم الاميركي الكبير عليه وعلى ايران وعلى المنطقة، لانهم يعتبرون ان حزب الله كما هو في حاجة الى حليف مسيحي وماروني قوي مثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزبه اي حزب التيار الوطني الحر فانه في حاجة ايضا الى تأييد الرئيس السنّي او رئيس مجلس الوزراء والكتلة النيابية السنيّة التي سيترأسها تيار المستقبل.

حزب الله سيكون صريحاً مع عون

لكن حزب الله الذي يعرف كيف يدير الامور الاستراتيجية، وادارها سواء من حيث مقاومته لاحتلال اسرائيل الجنوب وانهاء الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان، ثم انتقاله الى مرحلة اخرى هي ضرب الصهيونية في اسرائيل والصهيونية العالمية وعبر التأييد الاميركي للجيش الاسرائيلي الذي شن عدوان 2006 وعرف حزب الله كيف ادار الحرب والحق الهزيمة باسرائيل ومن خلفها الصهيونية العالمية وفي واشنطن، كذلك كما استطاع حزب الله ادارة الصراع مع الجيش الشامي ضد التكفيريين وحقق انتصارا هاما بتقوية وتعزيز النظام الشامي برئاسة الدكتور الرئيس بشار الاسد، فانه يعرف كيف سيواجه الضغط الاميركي الكبير عليه رغم انه يريد ابقاء التحالف مع حليف مسيحي وماروني قوي مثل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كذلك يريد استيعاب الطائفة السنية وخاصة رئيس الحكومة سعد الحريري عبر اعطائه مواقف ايجابية لكن عندما ستصل الامور الى مواجهة حقيقية فان حزب الله تكون حدود الايجابية عنده محددة بنقاط معينة، وسيكون حزب الله صريحا مع الرئيس بري والرئيس عون والرئيس الحريري.

بري شريك في تنفيذ الطائف

فبالنسبة الى عون سيبلغه انه يدعمه في الحكم ويدعم مقام رئاسة الجهورية ويدعم خيارات رئيس الجمهورية الاستراتيجية، كذلك يريد ان يكون حزب عون التيار الوطني الحر قويا، في الساحة المسيحية ولبنان.
لكن لن يقبل حزب الله باختزال دستور الطائف عبر قرارات من بعبدا، بل سيبلغ الرئيس عون ان الرئيس بري هو شريك في تنفيذ دستور الطائف وبالتالي فهذه الشراكة تمتد الى شراكة بري وحزب الله في تنفيذ دستور الطائف وعدم اخذ قرارات ثنائية ترتكز على توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتوقيع الرئيس سعد الحريري.

حزب الله لن يسمح بتجميد المؤسسات

كذلك بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري سيكون ايجابيا معه ويسهل عمله الحكومي، ويمنع معارضة عنيفة ضده في مجلس الوزراء، لكن عندما تصل الامور الى حد ان يتوجه الرئيس الحريري اميركيا او يتوجه سعوديا بقوة، فان حزب الله هنا لن يتساهل وتكون مواقفه واضحة في مجلس الوزراء وعندها سيلقى الرئيس سعد الحريري اضعافا لموقفه كرئيس للحكومة من خلال معارضة حزب الله ضمن الحكومة للقرارات التي سيتبناها الرئيس سعد الحريري.
واذا كان الحريري يريد اطلاق ورشة اقتصادية بعد مؤتمر باريس ـ 4 فان حزب الله موافق على نهضة اقتصادية يديرها الرئيس سعد الحريري، لكن على الرئيس الحريري ادارة نهضة المشروع الاقتصادي بالتنسيق مع كامل الحكومة، وبالتنسيق فعليا مع رئيس مجلس النواب الرئيس بري ومع حزب الله، لكن حزب الله لن يسمح بأن يقوم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء بتجميد المؤسسات مثل مجلس الخدمة المدنية، والتفتيش المركزي والتفتيش المالي والتفتيش القضائي وغيره من خلال ضغط رئيس الجمهورية ونفوذه مع رئيس الحكومة في القضاء وفي المؤسسات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء، وهي كثيرة. وبالتالي سيقوم بوضع حدود لنفوذ رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بالنسبة للمؤسسات بدل ترك التعيينات والمشاريع تجري عبر اتفاقات بين الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري سواء مشاريع الكهرباء ام مشاريع النفط ام مشاريع البنية التحتية التي ستطلب استدانة مليارات او صرف مليارات لبناء البنية التحتية من توسيع طرقات وشق اوتوسترادات جديدة اضافة الى الجسور اضافة الى تنفيذ الاوتوستراد العربي وتوسيع مطار بيروت وتوسيع مرفأ بيروت، واعطاء التراخيص لشركات للتنقيب عن الغاز والنفط، لكن الامور لن تكون محصورة فقط في موقف حزب الله.

جنبلاط لا يريد مشاكل

فالوزير وليد جنبلاط لا يريد مشاكل وصراعات داخل البلد وسيسعى الى التخفيف من المواجهة، لكنه سيحافظ على حجمه السياسي ودوره وسيكون اقرب الى حركة امل والرئيس نبيه بري بالتحديد من قربه للتيار الوطني الحر، رغم انه تبنى ترشيح الوزير ناجي البستاني في لائحة الشوف والوزير ناجي البستاني سيلعب دورا كبيرا في الوصل بين الوزير وليد جنبلاط و رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع العلم ان الوزير ناجي البستاني له علاقات مع كافة الاطراف وعلاقات وثيقة مع سوريا ومع حزب الله ومع الرئيس بري وغيره، لكن هو الاقرب الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوزير وليد جنبلاط.

تقارب بين جعجع ومحمد بن سلمان

اما الدكتور سمير جعجع فسينظر الى تنفيذ الطائف من خلال الاصرار وبقائه على موقفه من ان حرص الرئيس نبيه بري على تنفيذ اتفاق الطائف واذا كان حزب الله يدعم التطبيق الفعلي لدستور الطائف فان الامر يتطلب سحب سلاح حزب الله طالما ان جنوب لبنان تم تحريره، وبالتالي ان يكون اي سلاح في عهدة الجيش اللبناني والدولة اللبنانية وسيكون هذا شعارا فقط ولا يمكن تنفيذه عمليا، لكن سيزيد عندها الدكتور جعجع عن معارضته للثنائي الشيعي وخاصة لحزب الله وستكون المرحلة القادمة تقارباً هاماً بين حزب القوات مع السعودية وبالتحديد مع ولي العهد محمد بن سلمان اضافة الى التقارب مع الولايات المتحدة ودور واشنطن في المنطقة، ولن يكون حزب القوات لا في حضن رئاسة الجمهورية ولا في حضن تحالف اخر بل سيعمل على استراتيجية مستقلة تركز على العصب المسيحي وخاصة الماروني حيث ان الدكتور سمير جعجع يحضر لمعركة دائرة البترون- الكورة – زغرتا – بشري بدقة متناهية لتثبيت زعامته المارونية في الشمال على حساب قوة الوزير فرنجية الزعيم الماروني ايضا في الشمال.

من سيكون الزعيم الماروني الاقوى في الشمال ؟
لكن انتخابات دائرة زغرتا ـ بشري ـ الكورة ـ البترون ستحدد من هو الزعيم الماروني الاقوى في الشمال هل سيكون الدكتور سمير جعجع ام سيكون الوزير سليمان فرنجية، وهذا سيظهر من خلال نتائج انتخابات دائرة البترون ـ الكورة ـ زغرتا بشري التي تضم 10 نواب مسيحيين ومن يأخذ الاكثرية الكبرى من اصل 10 اصوات.
وحزب القوات اللبنانية يخطط للحصول على مقعد في قضاء زغرتا ضمن نفوذ الوزير سليمان فرنجية، كذلك يعتبر ان معركة البترون اذا خاضها مع حزب الكتائب او حليف قوي سينتصر في البترون ويعتبر ان قوته في الكورة قوية اضافة الى قوته في قضاء زغرتا، اما قوته الاساسية التي تصل الى 20 الف صوت ستنطلق من بشري حيث يسيطر حزب القوات اللبنانية بشكل مطلق على قضاء بشري.

دور حزب الله

هل يمكن لحزب الله ان يلعب دورا قويا ويقوم بالحد من صراع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع الرئيس نبيه بري، ويلغي هذا المشهد كاملا ويعمل على استيعاب الرئيس الحريري واقامة علاقة ايجابية معه ودعم مقام رئاسة الجمهورية مع التأكيد على تنفيذ اتفاق الطائف وفي ذات الوقت يدعم الرئيس بري كرئيس لمجلس النواب والسلطة التشريعية والرقابية التي يديرها الرئيس بري.
فهل يقرر حزب الله هذا القرار وبعد الانتخابات وفي ضوء النتائج يقرر عندها حسم الامور ولا يتركها كما هو حاليا يقف موقف المتفرج او على الحياد في ظل هذا الصراع العنيف بين بعبدا وعين التينة، لان صراع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري سيمتد الى مساحة ابعد وبالتالي سيقسم البلاد مثلما انقسم لبنان الى تيار 8 اذار و14 اذار ويحصل انقسام على قاعدة خط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وخط رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري، وسيكون الانقسام عاموديا.

اللعبة مفتوحة على المعركة الانتخابية

وعندما نتحدث عن دور حزب الله اكثر من دور الوزير وليد جنبلاط او دور الدكتور سمير جعجع او دور الوزير سليمان فرنجية، فلان حزب الله تربطه علاقة استراتيجية مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وعلاقة استراتيجية مع الرئيس نبيه بري، وهو الطرف الوحيد او القوة الوحيدة القادرة على منع ارتفاع حدة الصراع وهو الطرف الذي يستطيع منع حصول الانقسام الكبير بين تيار لرئيس الجمهورية وتيار لرئيس مجلس النواب. وعلى الارجح من يعرف عمق تفكير حزب الله فانه يكون متأكدا ان حزب الله بعد الانتخابات النيابية سيحسم الامور نحو التهدئة ولن يسمح بالتصعيد، كما هو حاصل حاليا.
انما الان اللعبة مفتوحة للمعركة الانتخابية ولا يرى ان عليه وضع طاقاته في صراع مراسيم منح سنة اقدمية او ترقية 24 ضابطاً الى رتبة عقيد وعميد، بل سيترك الامر الى ما بعد نتيجة الانتخابات النيابية وعندها يتدخل بقوة، لان حزب الله حريص حتى على اقامة علاقة جيدة مع القوات وحزب القوات الذي يرفض سلاحه، لكن يعتبر ان مرحلة ما بعد الانتخابات هي مرحلة الاستيعاب ومرحلة الحوار وليس مرحلة الصدام القاتل الذي يلغي الحاضنة التي تشكل الوحدة الوطنية حيث تستطيع المقاومة ان ترتاح الى حماية ظهرها وخاصرتها ولا تكون في موقع معالجة صراع عنيف على الساحة اللبنانية، في وقت المقاومة في حاجة الى قوة الموقف الرسمي اللبناني كي يقف في وجه الضغط الاميركي المتزايد ضد حزب الله لان الصهيونية العالمية والسعودية والولايات المتحدة تعتبر سنة 2018 سنة محاصرة حزب الله ومحاصرة ايران عبر ضغط اقتصادي يؤدي الى مظاهرات اوسع في ايران نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي الايراني بسبب العقوبات التي ستزداد ضد ايران.
ولذلك فان حزب الله سيسعى الى تمتين وضع الوحدة الوطنية الداخلية واقامة افضل العلاقات مع كافة الاطراف.