Site icon IMLebanon

الدستور لا يكون ردّة فعل على عهد وحروب بل فعل إيمان بالشعب والوطن

المرسوم العادي أبقاه الطائف للرئيس ولا يجب التئام مجلس الوزراء لإقرار كلّ مرسوم

شارل أيوب

مع انتهاء الصراع الاعلامي الذي نتج من مرسوم منح سنة الاقدمية باعتباره مرسوماً عادياً يصبح نافذا عند توقيع رئيس الجمهورية دون نشره فان مرجع قريب من بعبدا شرح النظرة الدستورية لما جرى ولما سيحصل حول المفهوم الدستوري للمراسيم وكيفية توازن السلطات الاجرائية والتشريعية وموقع رئاسة الجمهورية والقضائية والسلطة على المؤسسات الرقابية وقال: لا يمكن تمنين المسيحيين بأن موقع رئيس الجمهورية الماروني هو الحكم، انما الاساس هو ان رئيس الجمهورية هو المرجعية لانه اقسم اليمين على الحفاظ على الدستور وعلى السهر على تنفيذ بنوده، واذا حصلت اي مخالفة دستورية او نكث بالمواد الدستورية فان المسؤول يكون رئيس الجمهورية لانه الوحيد الذي أقسم على الحفاظ على الدستور والسهر على تنفيذ بنوده، بينما رئيس مجلس النواب رئيس السلطة التشريعية لا يقسم اليمين على الحفاظ على الدستور، كذلك رئيس السلطة الاجرائية اي رئيس مجلس الوزراء لا يقسم اليمين ايضا على الحفاظ على الدستور، بل أناط الدستور برئيس الجمهورية وحده ان يقسم اليمين على تنفيذ بنود الدستور بالقسم على الحفاظ على الدستور والسهر على تنفيذ بنوده، ولذلك اذا حصلت مخالفة دستورية فانها لا تطال الرئيس نبيه بري كرئيس السلطة التشريعية او رئيس لمجلس النواب، كذلك لا تطال رئيس مجلس الوزراء كرئيس للسلطة الاجرائية، انما تطال رئيس الجمهورية الذي اقسم اليمين على الحفاظ على الدستور والسهر على تنفيذ بنوده، وبالتالي اذا حصلت مخالفة دستورية تقع المسؤولية عليه.
من هنا لا يمكن تمنين المسيحيين بأن رئيس الجمهورية  هو الحكم، بل ان الرئيس العماد ميشال عون يستند صحيحا الى قاعدة قوية مسيحية وحاضنة له انما هو مرجعية وطنية عابرة للطوائف وليست محصورة بالطائفة المارونية او المسيحية، كونه رئيس جمهورية الشعب اللبناني بكل طوائفه ومكوّناته، وكونه اقسم اليمين على الدستور والحفاظ على تنفيذ بنوده. وبالتالي فلا يكفي القول ان رئيس الجمهورية هو الحكم بل يجب اعتبار ان رئيس الجمهورية هو المرجعية، كونه رئيسا للبلاد، وكونه رمزا للبلاد وكونه الساهر والقاسم اليمين على الدستور اللبناني وحده من بين كل المسؤولين في الدولة اللبنانية على كل المستويات والسلطات.
اذا كان دستور الطائف قد جاء ردة فعل على عهد الرئيس امين الجميل وما جرى خلاله من خلافات او ممارسات خاطئة كذلك ما جرى من حروب فان دستور الطائف جاء ردة فعل على عهد رئاسي وعلى حروب، ولم يأت فعل ايمان بالوطن اللبناني وشعبه والمصالح العليا للبنان. ومع ذلك التزم رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون بالدستور واقسم اليمين على الحفاظ عليه والسهر على تنفيذ بنوده، والدستور ترك له مساحات فراغ يجب ان يملأها رئيس الجمهورية بكامل بنودها لان الدستور اعطاه هذه المساحات الفارغة خارج الاطار الضيق للدستور كي يستطيع رئيس الجمهورية قيادة البلاد في ظل فهم شامل للدستور بكل جوانبه والسهر على استقلالية السلطات وان يكون رئيس الجمهورية هو المرجعية في ادارة البلاد.
ومثلا على ذلك فان رئيس الجمهورية للمرة الاولى منذ عام 1926 استعمل حقه وفق المادة 59 لتعليق عمل مجلس النواب لمدة شهر، وهذا الامر ما كان ليحصل لا في دستور 1943 ولا في دستور الطائف ولا في الدستور الحالي لو لم يكن رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون يطبّق الدستور خارج اطار العهد الطائفي وخارج اطار وصاية خارجية. ذلك ان دستور الطائف تم تطبيقه اثناء عهد الرئيس اميل لحود والرئيس الراحل الياس الهراوي في ظل الوصاية السورية، اما الان فرئيس الجمهورية يحافظ على الدستور خارج اي وصاية خارجية، وخارج اطار التناقض بين السلطات بل هو كحكم ومرجعية في الوقت ذاته، يسهر على التوازن بين السلطات من خلال تطبيقه للدستور.
كما ان الدستور الحالي الذي اقسم اليمين عليه الرئيس العماد ميشال عون اعطى مساحة فراغ كبيرة لرئيس الجمهورية هي المرسوم العادي، ومثالا على المرسوم العادي هو مرسوم سنة الاقدمية لدورة سنة 1994 حيث احتاج هذا المرسوم الى توقيع الوزير المختص ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وبمجرد ان المرسوم عادي فان توقيع رئيس الجمهورية عليه يجعله نافذا والدليل على ذلك ان وزارة الدفاع وقيادة الجيش اعتبرت المرسوم نافذاً دستوريا وطبّقت مواده على الضباط واقرت ترقيات. ومرسوم منح الاقدمية لا يرتب اعباء مالية وفق المرجع القريب من بعبدا، ذلك ان سنة الاقدمية لا تعتبر سنة خدمة للضابط، كما ان منح سنة اقدمية لا يرتّب دفع مخصصات واموال فورية لمن نال سنة الاقدمية، بل يطبق عليه القانون العسكري في الترقيات وهو امر بديهي خارج تفسير ان المرسوم العادي قام بترتيب اعباء مالية. ومن هنا فان وزير المالية لم يستطع توقيف مرسوم منح سنة الاقدمية الذي اصبح نافذا، انما وزير المالية الدكتور علي حسن خليل قام برد مرسومي ترقية للضباط الى الامانة العامة لمجلس الوزراء دون كتابة اي تعليل لرده للمرسومين الى امانة مجلس الوزراء، وقامت ضجة اعلامية ضخمة ان رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون يقوم بالتسلط وبمخالفة كبيرة للدستور.
وهذه محاولة لاضعاف موقع رئاسة الجمهورية التي هي الحكم والمرجعية في الوقت عينه لشؤون ادارة البلاد. ولو كان لدى الرئيس نبيه بري تعليل دستوري لكان على الوزير الدكتور علي حسن خليل الذي يمثله في الحكومة ان يكتب التعليل الدستوري الذي على اساسه رد مرسومي ترقية الضباط دون توقيعه ولماذا رفض التوقيع، لانه لم تكن لدى وزير المال قاعدة دستورية لعدم توقيع مراسيم الترقية ما دام ان مرسوم منح سنة الاقدمية اصبح نافذاً ولم يرتّب باصداره كمرسوم عادي اعباء مالية فورية نالها الضباط من دورة 1994، بل هي جاءت لاحقا عبر الترقيات التي تحصل بشكل روتيني في مطلع كل سنة وان وزير المالية الدكتور علي حسن خليل ومن خلال توجيه الرئيس نبيه بري لم يستطع منع المجلس العسكري لقيادة الجيش اللبناني من توقيف المرسوم العادي لمنح سنة الاقدمية لضباط دورة 1994.
ورئيس الجمهورية المسؤول عن ميثاق التعايش ووحدة الشعب اللبناني لا يمكنه ان يدخل في صراعات مع اطراف على قاعدة مذهبية او غيرها، بل هو رئيس للشعب اللبناني كله، ومؤتمن على دستوره والسهر على تنفيذه. ويعتبر ان الدستور فعل ايمان كامل وليس ردة فعل كما يريد البعض ممارسته رداً على عهود سابقة، وبخاصة على عهد الرئيس امين الجميل وما جرى بعد عهد الرئيس امين الجميل من حروب، انما يجب التركيز على جوهر الدستور على انه الضامن لمصلحة الشعب اللبناني والميثاق الوطني والتعايش بين كافة مكوّنات الشعب اللبناني.
والدستور اللبناني منح رئيس الجمهورية حق توقيع مرسوم تشكيل الحكومة، وبالتالي وفق الانتخابات النيابية والاكثرية التي تنتج من هذه الانتخابات والاقلية، فان رئيس الجمهورية سيمارس دوره كاملا في شأن التوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات.
وتوقيع رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة لا يحتاج الى مشاركة توقيع رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري ولا الى مشاركة رئيس مجلس الوزراء الذي يكون قد تم تكليفه تشكيل الحكومة، بل يحتاج فقط الى توقيع رئيس الجمهورية وحيدا. ومن هنا فان رئيس الجمهورية هو المرجعية في تشكيل الحكومة، والا فلا يوقع على تشكيلها وليس من مدة زمنية تلزمه بالتوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة.
هنا يقول المرجع المقرّب من بعبدا ان الدستور الذي اعطى الحق لرئيس الجمهورية في عدم حصر مدة التوقيع على تشكيل الحكومة بمدة زمنية معينة بل ترك الوقت مفتوحا لحين موافقة رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة، فانه ورد في الدستور انه اذا اقرت الحكومة مرسوما وارسلته الى رئاسة الجمهورية ومضى 15 يوما ولم يوقّع رئيس الجمهورية المرسوم المرسل من الحكومة، فيصبح المرسوم نافذا حكماً وكلمة حكماً ليست في محلها، ذلك ان رئيس الجمهورية قد يرد مراسيم صادرة عن مجلس الوزراء، ويعود مجلس الوزراء الى التصويت عليها بالاكثرية المطلقة او اكثرية الثلثين انما المطلوب الاكثرية العادية. وبالتالي يعود المرسوم الى رئيس الجمهورية للتوقيع عليه، وعندئذ تكون الامور اكثر احتراما لمقام رئاسة الجمهورية لانه لا يجوز عند ارسال الحكومة مرسوماً الى رئيس الجمهورية ولا يوقعه خلال 15 يوما ان يتم استعمال كلمة حكماً لتغطية نشر المرسوم المرسل من الحكومة، بل كلمة حكما تسيء الى موقع رئاسة الجمهورية. وهي اذ تم وضع كلمة حكما فقد جاء ذلك ردا على عهد الرئيس امين الجميل او لاعطاء رئيس السلطة الاجرائية مع مجلس الوزراء الالزامية الفوقية التي تجعل رئيس الجمهورية في هذه الحالة سكرتيرا لدى مجلس الوزراء. لذلك كلمة حكماً ما كان يجب ان تكون مستعملة في الدستور اللبناني.
واذا كان الدستور الان يتم تطبيقه خارج اي وصاية خارجية مثل زمن الوصاية السورية او مثل زمن الاتفاق السعودي – السوري الذي وضع الطائف كدستور للبنان تحت رعاية من السفير الاميركي ساترفيلد، فانما جاء انتقاما من مركز رئيس البلاد، وان كان رئيس البلاد هو رئيس كل الشعب اللبناني بكل طوائفه انما كرئيس ماروني جاءت كلمة حكماً مسيئة وموضوعة خصّيصاً ضد اي رئيس ماروني يتولى رئاسة الجمهورية.
فلماذا مثلا لم يتم، في نظام مجلس النواب وفي الدستور الذي يرعى السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية، الزام الوزير او رئيس مجلس النواب او رئيس مجلس الوزراء بمهلة زمنية، بل تم ترك الحرية لهم والوقت مفتوحاً دون محاسبة ولا يستطيع احد الزام الوزير بتوقيع مرسوم الا اذا تم الطلب في مجلس النواب سحب الثقة من الوزير وفي اطار التحالفات السياسية، فانه في المجلس النيابي الحالي والمجالس النيابية السابقة لم يصل احد الى سحب الثقة من وزير عضو في كتلة نيابية هامة او كتلة نيابية عادية، لان التوازنات السياسية هنا اقوى من بنود الدستور اللبناني من حيث تطبيق بند سحب الثقة من وزير، لان سحب الثقة من وزير يقف في وجهها تجمعات من تحالفات سياسية نيابية تمنع سحب الثقة.
كما ان رئيس مجلس النواب قادر على تعطيل جلسة سحب الثقة من وزير، وقادر على ارسال القانون الذي لا يعجبه الى اللجان النيابية، وترك مشروع القانون في اللجان النيابية لمدة اشهر وسنوات، وهذا ما حصل مثلا مع اقتراح منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994. فلما لم يعجب هذا المرسوم الرئيس نبيه بري قام بارساله الى اللجان، فكان لا بد من استعمال المساحات الفارغة في الدستور لاصدار مرسوم عادي موقّع من وزير الاختصاص ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية دون الحاجة الى دعوة مجلس الوزراء للموافقة على هذا المرسوم، ذلك ان الدستور ترك مساحة المرسوم العادي لصلاحيات رئيس الجمهورية كي تقوم بالتعويض عن تقييده بالتوقيع عن المراسيم الصادرة عن مجلس الوزراء، وبخاصة عبر وضع كلمة حكما المسيئة الى رئيس الجمهورية.
لذلك، فان رئيس جمهورية بحجم الرئيس العماد ميشال عون من حيث الحاضنة الشعبية وقسمه على الدستور ومن حيث فاعليته وقراره بالحرب على الفساد ومنع هدر المال العام، فان مراسيم عادية كثيرة ستصدر في المستقبل دون الضرورة الى التئام مجلس الوزراء بكامله للموافقة على مرسوم عادي يحتاج الى وزير الاختصاص مع رئيس الحكومة وتوقيع رئيس الجمهورية لكي يصبح نافذا ولو لم يتم نشره في الجريدة الرسمية، تماما كما حصل بالنسبة الى مرسوم منح سنة اقدمية لدورة الضباط 1994.
كذلك من حيث موقع رئيس الجمهورية ووفق المصدر المقرّب من بعبدا وحجم الرئيس العماد ميشال عون في تاريخه العسكري والسياسي ورئاسة حزب وتيار شعبي، فان مبدأ ان يضع رئيس مجلس الوزراء جدول اعمال الجلسات ويطلع رئيس الجمهورية عليه، فان هذا الامر له تفسيره بأن يقوم رئيس مجلس الوزراء بتحضير جدول الاعمال، ويقوم ليس باطلاع رئيس الجمهورية عليه بل بالتشاور مع رئيس الجمهورية حوله، والاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية عبر وضع هذا البند قبل هذا البند او تأخير هذا البند من جلسة مجلس الوزراء الى جلسة اخرى عبر التشاور بين رئيس الجمهورية كمرجعية ورئيس مجلس الوزراء رئيس السلطة الاجرائية، على عكس ما كان يجري في عهد الرئيس اميل لحود عندما كان يضطر الرئيس لحود الى الاستعانة بالدعم السوري اثناء ترؤسه لجلسات مجلس الوزراء كي يتدخل في بنود جدول الاعمال المطروح على مجلس الوزراء. لكن الان في عهد الرئيس العماد ميشال عون فلا وصاية خارجية، بل انطلاق من شخصية رئيس الجمهورية وخبرته وفهمه وحجمه على مستوى الساهر على المصلحة العليا للشعب اللبناني، وبخاصة كونه اقسم على حماية الدستور والسهر على تنفيذ بنوده.
ويقول المصدر المقرّب من بعبدا مثلا، ان المادة 52 المتعلقة بالاتفاقات الدولية بين لبنان ودولة اخرى لا يمكن ان يبدأ بالمفاوضة بها وزير او رئيس حكومة او رئيس مجلس نواب او اي طرف دون البدء باطلاع رئيس الجمهورية على مبدأ التفكير في عقد معاهدة مع دولة اخرى، فلا يستطيع مثلا وزير الزراعة الاستاذ غازي زعيتر ان يزور دمشق كوزير للزراعة وان يعقد اتفاقات مع الحكومة السورية دون مراجعة رئيس الجمهورية، ولو ان الامر ليس معاهدة دولية. لكن هذا الاتفاق يشبه المعاهدة، وبالتالي يجب مراجعة رئيس الجمهورية بمبدأ بحث عقد اتفاق مع وزير الزراعة السوري لان رئيس الجمهورية وفق المادة 52 هو من يضع ويشرف على عقد الاتفاقات الدولية بالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء ويتم عقد المعاهدة، ولا تكون المعاهدة الدولية مبرمة الا بعد موافقة مجلس الوزراء. بيد الدستور لم يفرض على رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء اخذ موافقة الرئيس نبيه بري رئيس السلطة التشريعية او المجلس النيابي بمجموع اعضائه ورئيسه، بل ان الحكومة بامكانها اطلاع مجلس النواب على المعاهدة الدولية عندما ترتئي ان الامر هو مناسب لذلك، لكن المرور دائما برئيس الجمهورية كمرجعية هو الامر الدستوري الملزم للجميع.
كذلك فان رئيس الجمهورية الذي اقسم اليمين على الحفاظ على الدستور والسهر على تنفيذ بنوده له الحق في سؤال رئيس الحكومة عن امور تتعلق بمجلس الوزراء كيلا يكون اي قرار مخالفاً للدستور لان المسؤولية تعود عليه، كذلك له الحق في توجيه اسئلة الى وزير كيلا تقع المخالفة الدستورية، وعندئذ يكون رئيس الجمهورية الذي اقسم اليمين على الدستور هو المسؤول. ولذلك فهنالك سياسة استباقية، وفق المصدر المقرّب من بعبدا، للحفاظ على الدستور، سواء بالنسبة الى السلطة الاجرائية، وحتى بالنسبة الى السلطة التشريعية، كما فعل الرئيس العماد ميشال عون عندما استعمل المادة 59 من الدستور لتعليق عمل مجلس النواب لمدة شهر.
ثم انه من ضمن الحفاظ على المالية العامة للدولة والقسم على اليمين، فان رئيس الجمهورية يمكن ان يسائل السلطات الرقابية ولو كانت تابعة لرئاسة السلطة الاجرائية ان يقوم بمساءلتها عن كيفية منع الفساد وضرب الفساد ومنع هدر المال العام والسؤال عن صفقات مالية من خلال المؤسسات الرقابية وعما اذا كانت قانونية ودستورية، لان هدر اي مبلغ من المال العام مسؤول عنه دستوريا رئيس الجمهورية اذا سمح وغض النظر عن هذا الامر فيكون قد خالف الدستور. ولذلك فلرئيس الجمهورية الحق في مساءلة المؤسسات الرقابية في الدولة اللبنانية عن اعمالها ومراقبة كافة العقود والتأكد من عدم هدر اي مال عام او حصول فساد في الدولة والسكوت عنه.
كذلك قال المصدر المقرّب من بعبدا ان رئيس الجمهورية كرئيس للمجلس الاعلى للدفاع هو الذي يسهر على حماية لبنان وامنه واستقرار شعبه والدفاع عن لبنان، وبالتالي عبر مجلس الدفاع الاعلى حيث لا تصويت فيه بل يرأسه رئيس الجمهورية، ووفق الرئيس العماد ميشال عون، فان مسألة سلاح المقاومة هي حاجة للبنان، والامر محسوم ولا تستطيع لجنة نيابية او وزارية او اي سلطة ان تمنع رئيس الجمهورية من اعلان هذا الموقف وتطبيقه. كذلك فان رئيس الجمهورية الذي يعتبر الخطر الثاني هو الارهاب بعد العدو الاسرائيلي، فهو الذي باستطاعته كرئيس للمجلس الاعلى للدفاع اعطاء التعليمات الى الجيش والاجهزة الامنية، ولو كانت تابعة لوزير الدفاع ووزير الداخلية، وبالتالي لرئيس مجلس الوزراء رئيس السلطة الاجرائية. فانه كرئيس لمجلس الدفاع الاعلى له الحق في اعطاء التعليمات والتوجيهات في شأن كيفية محاربة الارهاب في لبنان وضربه، ومعالجة كل خلايا الارهاب ومصدر الارهاب واتخاذ الخطوات على كامل الاراضي اللبنانية من حدود لبنان مع سوريا الى حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، وان تقوم الوزارات والاجهزة التابعة لمجلس الدفاع الاعلى بتنفيذ توجيهات وتعليمات رئيس مجلس الدفاع الاعلى الذي هو رئيس الجمهورية.
ويقول المصدر المقرّب من بعبدا ان كل الاعمال البروتوكولية العسكرية التي تجري على مستوى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء هي مخالفة لمبدأ القوى المسلحة اللبنانية. ذلك ان تقديم السلاح والعلم لرئيس مجلس النواب عبر سرية تابعة للمجلس النيابي هو عمل خارج الاطار العسكري، كذلك قيام سرية بتقديم التحية كاملة لرئيس الحكومة على مدخل القصر الحكومي وتنكيس العلم ثم رفعه امام رئيس الحكومة هو خارج اطار القوات المسلحة وعملها. ذلك ان رئاسة الجمهورية وحدها لها الحق في ان يقوم بحراستها وتقديم العلم لواء الحرس الجمهوري ويبقى تابعا لقيادة الجيش ولا يحق لرئيس الجمهورية ترقية اي ضابط من الحرس الجمهوري، بل ان ترقياتهم وتشكيلات لواء الحرس الجمهوري وكل عمل عسكري يبقى تابعا لقيادة الجيش اللبناني دون الحق للقصر الجمهوري في التدخل في شؤون لواء الحرس الجمهوري. اما قوة حفظ الامن في مجلس النواب فقد اصبحت تشبه لواء عسكريا ويقوم رئيس مجلس النواب بترقية الضباط خارج اطار مفهوم القوى العسكرية القوات المسلحة اللبنانية، سواء الجيش ام الامن الداخلي ام بقية الاجهزة التابعة للقوات المسلحة اللبنانية.
كذلك فان انشاء قوة خاصة بالسراي الحكومي لتقديم العلم للضيوف الذين يزورون رئيس الحكومة لا يدخل في اطار عمل القوات المسلحة بل ان المديرية العامة لقوى الامن الداخلي تقوم بفرز قوة من قوى الامن الداخلي لحماية السراي الحكومية ولا يقدم العلم الا لرئيس الجمهورية. وكل هذه الاعمال من وضع سجادات حمر وتقديم السلاح ورفع العلم خارج موقع رئاسة الجمهورية لا تدخل في مفهوم مبدأ القوات المسلحة اللبنانية الشرعية، اي مفهوم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي والاجهزة التابعة للوزارات ضمن قوانينها الداخلية المحددة لمرسوم انشاء كل جهاز على حدة.
وقال المرجع المقرّب من بعبدا ان من يقوم بمساءلة وزير المالية عند توقيعه مراسيم ذات اعباء مالية عن سبب توقيعه ودستورية التوقيع، لانه من خلال وجود وزير مالية تابع لحركة امل وللرئيس نبيه بري شخصيا، سيذهب المرسوم الموقّع من وزير المالية عبر مجلس الوزراء الى مجلس النواب للموافقة عليه، وهنا يمكن للرئيس نبيه بري الذي يتبع له وزير المالية ان يعمل رئيس مجلس النواب على تمرير المراسيم التي ترتب اعباء مالية من خلال سيطرته وادارته على المجلس النيابي، لان الكتل النيابية بحاجة الى رئاسة مجلس النواب، وان قيام بعض النواب بخطابات معارضة لا تعكس واقع المجلس النيابي، ذلك ان الرئيس نبيه بري هو الذي يسيطر على المجلس النيابي من خلال توازنات قام بصياغتها عبر استمراره في ولايات لرئاسة المجلس متتالية منذ سنة 1992.
وهنا يحق لرئيس الجمهورية، وهو الذي اقسم اليمين على الدستور، ان يسأل وزير المالية على اي اساس دستوري وقّع هذا المرسوم الذي يرتّب اعباء مالية، لان اي مخالفة دستورية تظهر لاحقا في توقيع المرسوم يتحمل مسؤوليتها رئيس الجمهورية، ولا يتحمل مسؤوليتها لا المجلس النيابي ولا الرئيس نبيه بري، بل يتحمل مسؤولية اي مخالفة دستورية رئيس الجمهورية لانه اقسم اليمين وحيدا على الدستور.
اخيرا، انهى المصدر المقرّب من بعبدا القول : لقد دخلنا مرحلة هدنة اعلامية، لكن يجب شرح الامور للرأي العام اللبناني بالنسبة لما حصل وبالنسبة لما قد يحصل. وان مبدأ الضجة التي قامت على توقيع رئيس الجمهورية على المرسوم العادي لم تقف في وجه رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون الذي سيعمل بالتنسيق مع رئيس السلطة الاجرائية، اي رئيس مجلس الوزراء والذي اناط الدستور بمجلس الوزراء مجتمعا بالسلطة الاجرائية ان يرأس رئيس الجمهورية الجلسات وان يتابع عمل مجلس الوزراء الوزراء.
كذلك بالنسبة الى المراسيم العادية لم يتراجع الرئيس العماد ميشال عون عن توقيعها واستعمال حقه الدستوري في هذا المجال دون الحاجة الى دعوة مجلس الوزراء لبحث المرسوم العادي اذا كان البعض يفكر من الان وصاعدا ان المراسيم التي تذهب الى توقيع رئيس الجمهورية يجب ان تكون كلها صادرة عن مجلس الوزراء، بل ان الرئيس العماد ميشال عون رئيس الجمهورية سيملأ الفراغات الواسعة المتروكة من قبل دستور الطائف ليمارس صلاحياته كاملة.
وقال المصدر المقرب من بعبدا لقد دخلنا مرحلة الانتخابات النيابية، وهذا لا يعني اي تعطيل لعمل ورئاسة الرئيس العماد ميشال عون للجمهورية اللبنانية وتطبيقه الدستور، كما انه بعد الانتخابات النيابية ونتائجها سيمارس عمله الدستوري على قاعدة يقوم البعض بتمنين رئاسة الجمهورية بأن رئيس الجمهورية هو الحكم، لكن المفهوم الطبيعي لرئاسة الجمهورية هو ان رئيس الجمهورية هو الحكم والمرجعية.