Site icon IMLebanon

مرسوم ضباط «دورة عون» يهدد بانفجار حكومي

بري : يضرب الميثاق وهو جريمة ضد الجيش
الحريري يطلب التريث في نشر المرسوم وتجميده
المصادر : عسكرية ـ وزارة المال ـ بعبدا ـ عين التينة ـ السراي
حصلت «الديار» على الآراء والمعلومات من المصادر التي ذكرناها وجمعتها وهي لا تتعرض للجيش الذي هو ضمانة الوطن وسيادته وامن شعبه، واكتفت بنشر المعلومات من المصادر الذي ذكرناها.
هل يفجر توقيع الرئىسين عون والحريري مرسوم منح أقدمية لضباط «دورة عون» من دون توقيع وزير المال، الحكومة؟
هذا السؤال طرح امس في ضوء التداعيات المتسارعة التي سجلت في الثماني والاربعين ساعة الماضية لهذا الموضوع خصوصاً ان غير جهة وطرف رأى فيه خروجا عن الميثاقية والاصول والقوانين، رغم تبرير اوساط الرئيسين بأن المرسوم ليس بحاجة لتوقيع وزير المال.
وحسب المعلومات التي توافرت حتى مساء امس فان الاجواء شهدت تشنجات واضحة يمكن ان تؤدي الى تداعيات وزيادة المشكلة على الحكومة.
وتضيف المعلومات انه في ضوء ما جرى وردود الفعل لا سيما لدى الرئىس بري فان المرسوم لم ينشر أمس كما كان منتظراً او مقررا، وبالتالي افسح في المجال امام الاتصالات لمعالجة هذه القضية.
هذا وطلب فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم القيام باتصالات حول المرسوم وعدم توقيع وزارة المالية وايجاد تسوية له، وبالفعل قام اللواء عباس ابراهيم بالاتصالات.
قانون الجيش اللبناني
لكن بسبب اساسي وقانوني ودستوري وكون المرسوم يرتب اعباء مالية على الخزينة اللبنانية، فالدستور ينص على توقيع وزير المالية اي مرسوم من هذا النوع وعندما تم تجاهل توقيع وزير المالية علي حسن خليل ووقع المرسوم الرئىس ميشال عون والرئىس سعد الحريري ووزير الدفاع اصبح المرسوم غير دستوري وغير قانوني شكلاً وجوهراً، وقانوناً، ثم ان أن دورات الضباط في الجيش اللبناني التي سبقت الدورة المؤلفة من 195 ضابطاً قانوناً ويصل عديدها الى 1800 ضابط سيكون لها الحق في تقديم طعن لدى مجلس شورى الدولة في المرسوم لأن اعطاء الاقدمية لضباط هم مرؤوسون لدى ضباط رؤساء عليهم سيجعل من الضباط في الدورة المؤلفة من 195 ضابطاً اعلى من رؤسائهم الحاليين. وبالتالي فانه يصبح الرئىس مرؤوساً بعد ان كان رئيساً على المرؤوس، ويؤدي ذلك الى خلل كبير في التراتبية العسكرية عندما يتم تقديم دورة كاملة من خريجي المدرسة الحربية على دورات لضباط تخرّجوا قبلهم بسنة او سنتين او ثلاث سنوات مما يعني عدم احترام قانون المدرسة الحربية حيث يتدرب ضباط المدرسة الحربية لمدة 3 سنوات، وفي السنة الثالثة يتم تخريج الدورة ثم بعد سنة يتم تخريج الدورة التالية بعد سنة تدريب من الدورة المتخرجة قبلها. وهذا ما جرى منذ قيام الجيش اللبناني. وحتى الآن وقانون المدرسة الحربية ينص على ذلك وفق القانون العام للجيش اللبناني فاذا حصل اعطاء اقدمية لـ200 ضابط هم دورة كاملة في المدرسة الحربية لمدة سنة كاملة يصبحون رؤساء على الضباط الذين سبقوهم بعدما كانوا مرؤوسين لديهم، وازاء هذا الوضع وطالما ان الدورة سنة اقدمية والضباط الـ195 وهم برتبة عقيد فبعد سنة او سنتين فان الـ195 ضابطاً الذين ينتمون الى دورة سميت «دورة العماد ميشال عون» فعندئذ سيتولون قادة الافواج والالوية وسلاح المدرعات والمدفعية ومغاوير القتال الجبلي ومغاوير البر والبحر والفوج المجوقل، اضافة الى 6 افواج من التدخل السريع الذي يعتمد عليها الجيش اللبناني، مع افواج مغاوير البحر والمجوقل التي تتدخل لفرض الامن في اي اشتباكات تحصل على الارض اللبناني، اضافة الى ان الضباط سيحصلون  على اقدمية سنة في الدورة التي سميت «دورة العماد ميشال عون». وهم الآن في مراكز مساعدين لقاعدة الالوية الـ11 في الجيش اللبناني، وسيتولون بعد سنة الاقدمية قادة الالوية وعندئذ يصبح الـ200 ضابط في الدورة المسماة «دورة العماد ميشال عون» قادة كل القطع والافواج المسلحة من المدفعية والاشارة والهندسة والمغاوير ويقودونها لانه بعد سنة او سنتين ستتم ترقيتهم الى رتبة عميد. وحسب وضعهم الحالي، اذا تم اعطائهم اقدمية سنة فهم سيتولون اهم القيادات العسكرية وهي : القاعدة الجوية والقاعدة البحرية وقادة سلاح المدفعية والمدرعات وراجمات الصواريخ وسلاح الهندسة اضافة الى قيادة المدرسة الحربية وكلية تدريب الرتباء ومعاهد تدريس الجنود. وبالتالي سيتغير وضع الجيش كلياً لكن يعود الامر لرئيس الجمهورية في ايجاد حل لهذه المسألة الحساسة والخطرة، وبخاصة انه قائد للجيش وضابط لمدة اربعين سنة. لكن لا بد من الاشارة الى ان الاقدمية لا تعطى الا لضابط خاض معركة وحصل على وسام الحرب، فانه يحصل على اقدمية ستة اشهر كما كل الذين حصلوا من اصل 4800 ضابط على اقدمية سنة 2018 هم 6 ضباط من الجيش اللبناني اصيبوا في معارك وحصلوا على وسام الجرحى في القتال في ساحة الواجب. اما اعطاء اقدمية لـ195 ضابطاً دون ان يكونوا قاموا بعمليات وحصلوا على اوسمة لمجرد ان دورتهم قد تمت تسميتها «دورة العماد ميشال عون» فهذا امر خطر.
الرئيس بري
وتشير المعلومات الى ان اتصالات مكثفة جرت في الساعات الماضية لتدارك الموقف ومعالجته، لكن المخرج بقي غير واضح بانتظار ما ستنجلي عنه هذه الجهود.
ورداً على سؤال حول هذا الموضوع، قال الرئيس بري مساء امام زواره «هذا الامر يضرب الميثاق والقانون، والخطر من ذلك انه جريمة ضد الجيش اللبناني، هذا الجيش الوطني الذي كنّا وما زلنا نحرص على حمايته بأشفار عيوننا».
وعنما اسباب ما جرى قال «اسألوا غيري».
وعلم انه في حال جرى نشر المرسوم، فان الامور مرشحة للتفاقم، مع العلم ان الرئىس بري اكتفى بالقول «لكل حادث حديث».
وحسب المعلومات ايضا، فان توقيع المرسوم يواجه معارضة من الرئيس بري وحزب الله والنائب وليد جنبلاط واطراف اخرى، وان تفاعله سلباً من شأنه ان ينعكس على الحكومة.
وتقول مصادر مقربة من عين التينة ان المسألة ليست مسألة خلاف بين الرئيسين بري وعون، بل هي مسألة تضرب الاصول والميثاقية والقانون، مشيرة الى ان الاعتراض على توقيع المرسوم تنطلق من هذه الخلفية وليس من اعتبارات فئوية او طائفية، لا بل انها تنطلق ايضا من الحفاظ على الجيش اللبناني والعدالة والمساواة بين الضباط مسيحيين كانوا ام مسلمين.
ووفقاً للمعلومات، فان الامور اذا لم يتم تداركها، ذاهبة الى التصعيد والى ازمة تتجاوز ازمة استقالة الرئىس الحريري.
وتقول مصادر عين التينة ان ما جرى ينطوي على خطورة كبيرة، فقد تجاوز الرئىسان عون والحريري بتوقيعيهما مرسوم منح اقدمية لـ194 ضابطاً (دورة عون) توقيع وزير المال بحجة ان لا اثر او ترتيبات مالية للمرسوم، مع العلم ان للمرسوم اثراً ماليا واضحا في التقاعد والتعويضات وغيرها.
وتشير المصادر الى ان الوزير علي حسن خليل وقع قبل يومين او ثلاثة من المرسوم المذكور مراسيم اقدمية لضباط في قوى الامن الداخلي والامن العام وامن الدولة، فلماذا لم يطرح عليه هذا المرسوم؟
وتقول مصادر عين التينة ان توقيع هذا المرسوم من دون وزير المال يطرح اشكالية ميثاقية ودستورية وقانونية.
النتائج والتداعيات
اما على صعيد نتائجه وتداعياته. فانه يخلق عدم عدالة وتجاوزا واضحا لاصول الرتب بين المستفيدين والضباط الاخرين في العام الذي يسبقه. انه ضرب لمبدأ العدالة والمساواة بين الضباط في المؤسسة العسكرية، وهذا سيكون له نتائج واستتباعات سلبية جداً.
وحسب المعلومات ايضا، فان من بين الضباط الـ194 الذين يستفيدون من هذا المرسوم،  هناك 14 ضباطاً مسلما (سني وشيعي) والباقون مسيحيون. وبطبيعة الحال، فان هذا سيخلق عدم توازن طائفي واضح.
لكن مصادر عين التينة تقول ان مفاعيل المرسوم ستخلق عدم عدالة وتوازن يشمل المسيحيين والمسلمين ويلحق اجحافا واضحا بالضباط الاخرين غير ضباط «دورة عون». وهذا يشكل عبئا كبيراً على في المؤسسة العسكرية.
ووفقا للمعلومات التي توافرت ايضا، فانه بعد ان حذر الوزير خليل الرئىس الحريري من تداعيات هذا الموضوع الخطر، نشطت الاتصالات وتريث رئىس الحكومة في نشر المرسوم.
وتضيف المعلومات انه عندما عرض الموضوع على المجلس العسكري فانه لم يحظ بإجماع، مع العلم ان كتلة التيار الوطني الحر كانت تقدمت منذ سبعة اشهر تقريباً باقتراح قانون يتضمن نص المرسوم المذكور، لكنه لاقى معارضة نيابية كبيرة ومن بين الكتل المعارضة «المستقبل» حزب الله، وكتلة الرئيس بري وجنبلاط وآخرون.
وحسب المعلومات ايضا، فان الرئىس الحريري كان ابلغ منذ ثلاثة اشهر تقريبا، ان مثل هذا المرسوم يخرّب الوضع في الجيش بين الضباط، وانه لن يوقعه وانه يقطع يده ولا يوقع  مثل هذا المرسوم.
واضافت المعلومات انه بعد توقيعه المرسوم يوم السبت الماضي، ابلغ من فاتحه بالموضوع بأنه تعرض لإلحاح شديد من رئيس الجمهورية للتوقيع على المرسوم.
وعلم ايضا انه اثر التداعيات السلبية التي سجلت في الساعات الثماني والاربعين الماضية، ابلغ الرئيس عون عبر احدى القنوات ان الموضوع ليس تجاوزاً لطائفية او فئة، وان هناك سابقة حصلت يبنى عليها ولم يوقع على مرسوم مشابه وزير المال.
ونقل عن الوزير خليل انه اذا ما وقع خطأ معين لا يجب تكراره فمثل هذا الخطأ لا يبرر حصول مثيله، وما يبنى على باطل فهو باطل.
ووفقا للاجواء والمعطيات، فانه في حال نشر المرسوم سيتفاقم الوضع، اكان على مستوى اجواء الثقة بين اهل الحكم ام على مستوى الحكومة وعملها واجتماعاتها، ولا يستبعد ايضا ان يتحول الى ازمة او انفجار حكومي.