Site icon IMLebanon

الاختراقات الجوية الاسرائيلية تعقّد مهمة تيلرسون

 

الاختراقات الجوية الاسرائيلية تعقّد مهمة تيلرسون

«مناورة» للمقاومة لاختراق الجدار الاسرائيلي؟

ابراهيم ناصرالدين

 

«الاستنفار» الرئاسي اللبناني الذي توج بالاجتماع الثلاثي في بعبدا امس سببه تهويل اميركي سبق زيارة وزير الخارجية الاميركية ريك تيلرسون الى بيروت الخميس المقبل وما توافر من معلومات لدى المسؤولين يفيد بانه سيحمل موقفا متشددا على خلفية الاحداث الاخيرة على الحدود السورية الاسرائيلية، وسيحمل مقترحات غير قابلة للتفاوض وعلى الطريقة الاميركية «خذوها او اتركوها»..في المقابل بات الملف اللبناني جاهزا للرد على المقترحات الاميركية، وبات في حوزة رئيس الجمهورية ميشال عون باعتباره المفاوض الرئيسي لرئيس الدبلوماسية الاميركية «معطيات» على قدر كبير من الاهمية حيال «التوازن الردعي» الموجود لدى المقاومة، وهو سيعمل للاستفادة من الحدث السوري- الاسرائيلي لتسجيل نقاط على الموفد الاميركي.

ووفقا لاوساط دبلوماسية في بيروت، لن يكتفي تيلرسون بمناقشة ملفي الغاز والجدار الفاصل على الحدود البرية، بل سيتصدر جدول اعماله الطلب الى المسؤولين اللبنانيين مجددا اتخاذ اجراءات جدية، لتحييد لبنان، وتفعيل سياسية «النأي بالنفس»، وتحجيم قدرات حزب الله، ومنعه من تطوير ترسانته، والتطبيق الجدي للقرار 1701. وهو سيتبنى الموقف الاسرائيلي بتحميل ايران مسؤولية التدهور الخطير على الحدود السورية، وسيبلغ المسؤولين اللبنانيين بان اي رد اسرائيلي على أهداف تشكل خطورة على امنها سيكون مفهوما من الاميركيين، واذا كانت الاراضي اللبناني محيدة حتى الان عن ذلك، فان واشنطن لن تكون قادرة على «كبح جماح» إسرائيل التي اعادت «النظر» في سياسة الرد، بعد الاشتباك الجوي فوق سوريا، وهذه الخطوات العسكرية من شأنها ان تؤدي الى خروج الامور عن نطاق السيطرة. ولذلك من المتوقع ان يطالب تيلرسون من لبنان بتعهدات رسمية «تكبح جماح» حزب الله وهذا يرتب على الدولة مسؤوليات كبيرة لا يمكن ان تتحملها، لان ما يطلب منها سيضعها امام مسؤولية مباشرة عن اي احتكاك عرضي قد يحصل على الحدود.

«اوراق قوة» بيد عون

 

في المقابل، اكدت اوساط وزارية بارزة ان حزب الله وضع بين يدي رئيس الجمهورية ميشال عون مادة تفاوض عالية المستوى لمواجهة اي «سقف عالي» قد يحمله تليرسون خلال زيارته الى بيروت اهمها:

اولا: ان الامين العام لحزب الله لم يؤكد، ولكنه لم ينف في اطلالته التلفزيونية الاخيرة امتلاك المقاومة اسلحة صواريخ مضادة للطائرات، وهذا الغموض البناء جدير بالتوقف عنده لان هذه «الورقة» المخفية قادرة على ايجاد توازن ردعي على طاولة التفاوض مع وزير الخارجية الاميركية الحامل للشروط الاسرائيلية، وفي هذا السياق يجب ان تكون «يد» لبنان العليا في التعامل مع محاولة اميركية لاستدراج لبنان الى تنازلات.

ثانيا: نقطة القوة هذه سيستخدمها رئيس الجمهورية في مطالبة وزير الخارجية الاميركية بمنع خرق الطيران الاسرائيلي للاجواء اللبنانية، فالمطالب الاميركية لا يمكن ان تكون دون رد مقابل، فاذا كان رئيس الدبلوماسية الاميركية حريصاً على استقرار لبنان، وحريصاً على عدم انزلاق المنطقة الى حرب شاملة او محدودة، فعليه نزع «الفتيل المشتعل» المتمثل باستمرار خرق اسرائيل للسيادة اللبنانية جوا، والتوقف عن استخدام الاجواء اللبنانية لضرب اهداف في سوريا.

«مفاجآت» نصرالله

ثالثا: الرئيس عون يعرف دون ان يسأل ودون ان يجيبه السيد حسن نصرالله، ان حزب الله بات يمتلك القدرة الرادعة القادرة على خلق «مفاجآت» في اي مواجهة مفترضة، في البر والبحر والجو، والمخازن السورية والايرانية «مفتوحة» امام ما يحتاجه الحزب، وبعدما تغيرت «قواعد الاشتباك» الجوي في سوريا ، لاضمانات انها لم تتغير فوق الاراضي اللبنانية؟ ورئيس الجمهورية سيكون حريصا على عدم طمأنة تليرسون في هذا الاطار.. فمن اتخذ القرار بتغيير قواعد «الاشتباك» على الجبهة السورية لا ضمانات بانه لم يتخذ القرار نفسه فوق الاجواء اللبنانية، واستهداف الطائرات قد يحصل من الاراضي السورية وليس من لبنان، ولذلك فالضمانة الوحيدة لعدم حصول حادث مشابه لما حصل يوم السبت، هي تدخل واشنطن لمنع اسرائيل من خرق السيادة اللبنانية، واذا لم يحصل ذلك ستبقى الامور مفتوحة على كافة الاحتمالات…

رابعا: اما مسألة الجدار فهي عمليا لا تطرح حاليا اي مشكل عملاني في ظل حرص الاسرائيليين على عدم تجاوز الخط الازرق، ويعملون حاليا بعيدا عن النقاط 13 التي يتحفظ عليها لبنان، وسيكون القرار اللبناني حاسما في هذا السياق، وسيبلغ الرئيس عون تيلرسون بان الجيش اللبناني لديه قرار حاسم من المجلس الاعلى للدفاع لمنع اي خرق للحدود، وهو لا يحتاج للعودة الى مجلس الوزراء او لرئيس الجمهورية او لاي قرار سياسي لرد اي اعتداء، لان القرار قد صدر وهو اصبح موضع التنفيذ.

«مناورات» حزب الله

وفي هذا السياق، روت تلك الاوساط معلومات في غاية الاهمية عن حديث جانبي جرى بين سفيرين معتمدين في بيروت على هامش مناسبة اجتماعية، حيث اكد الدبلوماسي الغربي لنظيره العربي ان لدى سفاراته معلومات استخباراتية، مؤكدة بان حزب الله انهى الاسبوع الماضي «مناورة» في المنطقة الوسطى في سوريا استخدم فيها معدات «خاصة» لاختراق مجسمات جدران اسمنتية مماثلة لما تبنيه اسرائيل على الحدود مع جنوب لبنان، وجرى التركيز فيها على كيفية خرق المجسات الالكترونية، وكاميرات المراقبة، والمواءمة بين التقدم البري واستخدام طائرات من دون طيار، وغيرها من التدريبات لخرق الاجراءات الاسرائيلية المقامة على طول الحدود، وهذا يشكل مصدر قلق لدى دوائر القرار في بلاده..وقد اكتفى السفير الاخر «بهز رأسه».

وفي هذا السياق، رفضت مصادر حزب الله التعليق على هذه المعطيات لا سلبا ولا ايجابا، واعتبرت انها غير معنية لا بالتأكيد ولا بالنفي، لكن الملف في تعليق تلك الاوساط تأكيدها ان الاجراءات الاسرائيلية على الحدود تنم عن قلق وخوف من قدرات المقاومة، وهي المرة الاولى التي تقوم بها اسرائيل باجراءات دفاعية، وهذا معطى شديد الاهمية، مع العلم بان الاسرائيليين  يدركون بان ما يقومون به اجراءات هي فقط لتأخير العمل الميداني للمقاومين وليس منعه..؟!

«الكباش البحري»

خامسا: في ملف «البلوك 9» يتريث الجانب اللبناني في تقديم اجوبة متسرعة في هذا السياق، وبعد رفض عرض مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى بوقف العمل بانتظار اعادة التفاوض حول النقاط العالقة، ينتظر الجانب اللبناني «العرض» الجديد من قبل تيلرسون الاتي من خبرة طويلة في عالم استخراج النفط والغاز»ليبنى على الشيء مقتضاه»، لكن ثمة قراراً حاسماً بعدم التنازل عن الحقوق المكتسبة للبنان والتي ترعاها القوانين الدولية.

سادسا: وفي هذا الاطار، يملك المفاوض اللبناني «اوراق» قوة غير مستورة، وقد اعاد حزب الله في الساعات القليلة الماضية التأكيد لمن راجعه في هذا الاطار، ان ما استخدمه في حرب تموز من سلاح «ارض -بحر» لضرب البارجة «ساعر 5»، بات سلاحا متخلفا عما تملكه المقاومة راهنا، وهذا ما دفع السيد نصرالله الى التأكيد في خطاباته السابقة على وجود توازن ردع بحري مع اسرائيل، وباتت كل منصات استخراج النفط والغاز في مرمى صواريخ حزب الله.. وهذا ما سيؤكد عليه في خطابه يوم الجمعة المقبل.

قلق اسرائيلي ـ اميركي

في المقابل، تؤكد اوساط سياسية مطلعة على الوضع الميداني في سوريا ان لبنان يجب ان لا يكون تحت الضغط وانما على الاميركيين والاسرائيليين، فاذا كانت المعادلة الميدانية ستقيد حركة الطيران الاسرائيلي، فكذلك ثمة موانع في السياسة ايضا، واذا كانت إسرائيل قد حصلت حتى يوم السبت على إذن روسي محدود لضرب أهداف لـ «حزب الله» في سوريا، فان حدود «السماح» الروسي تضيق، ويمكن أن يؤدي التصعيد الاميركي والتهور الاسرائيلي الى الغائه او تضع إسرائيل في صدام مع المصالح الروسية.

يضاف الى ذلك، انه بعد هذا التطور باتت إيران تشعر بالقدرة على تجاهل التهديدات الإسرائيلية، فإسرائيل اليوم في حيرة وهي امام السؤال المصيري حيال الثمن الذي تستطيع ان تدفعه «لكبح» النفوذ الايراني؟ هل تزيد الضغط وتغامر بحرب شاملة أم تخفف الضغط وتخسر الردع والتفوق؟ وهذا ما يضع الموقع الاستراتيجي في مكانة أدنى مقابل محور المقاومة.

اسئلة اسرائيلية «حائرة»؟

وقبل ان تتخذ اسرائيل قرارا بتوسيع رقعة الاشتباك، عليها الاجابة عن سؤال اساسي هو كيف تمكن صاروخ قديم الطراز من نوع «اس 200» إصابة طائرة تحتوي على أحدث التقنيات والنظم التكنولوجية؟ ولماذا لم تصمد وتناور ضد إطلاق دفعات من الصواريخ، وخاصة من صاروخ قديم كهذا؟». والسؤال الاهم هل يملك السوريون صواريخ اكثر تطورا قادرة على التعامل مع إمكانيات الردع الإسرائيلية؟ وهل تعلم السوريون تقنيات إطلاق جديدة لا تعرف بها إسرائيل؟ واذا كانت التكنولوجيا الإسرائيلية متطورة أكثر من تلك التي تملكها سوريا، لكن هذا ليس صحيحًا بالضرورة بالنسبة لإيران، ومن يحارب إسرائيل اليوم هو محور متكامل يضم إيران وحزب الله..

اجتماع بعبدا

وكان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري اعلن بعد الإجتماع الرئاسي الثلاثي في بعبدا أننا «استعرضنا التحديات التي نواجهها وتناولنا زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد للبنان وسنبقى على تشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري كي يكون موقفنا موحداً ووطنياً في ما يخص أي تعديات أو إعتداءات إسرائيلية على لبنان. وكان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم قد انضم الى الاجتماع حيث أكد أن الوضع الأمني على الحدود مستتب والا مشكلة،كما تم استدعاء العميد مالك شمص منسق الحكومة اللبنانية لدى القوات الدولية للاجتماع، ومساء اكد بري ان اي اجراء ستتخذه اسرائيل سيكون وخيما، وحذر من انفجار امني، وقال ان الجيش لديه كل التعليمات في هذا الاطار…

مواقف عون

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكد أن «لبنان أخذ قراراً بالدفاع عن أرضه في حال حصول اعتداء اسرائيلي عليه أو على حقوقه في النفط»، مشيراً الى أنه «لغاية الآن لم يحصل اعتداء، انما هناك تصاريح فقط، وهناك قوى تتدخل دبلوماسياً وسياسياً للمساعدة على فض هذا الخلاف..وفي حديث تلفزيوني اكد ان الكلام الاسرائيلي لا يهمنا، ولكن إذا دخل حيز التنفيذ ستكون هناك حروب جديدة»، مستبعداً في الوقت نفسه أن تقدم اسرائيل على تنفيذ تهديداتها، وقال: «نحن طرحنا حلاً، هناك نقاط حدودية متنازع عليها مع اسرائيل، فلنحل النزاع حول هذه النقاط أوّلاً، لانه لا يمكن لاسرائيل أن تبني جداراً في أراضينا.

واعتبر رئيس الجمهورية أنه «لن يكون هناك غالب ومغلوب في الانتخابات المقبلة، وسنصل الى مجلس نيابي فيه توازن، وبأفضل تمثيل يعبر عن تعددية لبنان»، لافتاً إلى «وجود ارادة صريحة وواضحة بحفظ الاستقرار فيه.وأكد الرئيس عون أن «لا أحد باستطاعته أن يوقف اجراء الانتخابات أو يفتعل ازمة قبلها قد توقف اجراءها».

السبهان

على صعيد آخر،اصدر قاضي التحقيق الاول في بيروت غسان عويدات قرارا بعدم السير بالشكوى المقدمة من الاسير المحرر نبيه عواضة بحق وزير الدولة لشؤون الخليج تامر السبهان لانتفاء صفة المدعي للادعاء لتضاربها مع المصلحة العليا وسياسة الدولة ولعدم اختصاص المحاكم النوعي للنظر في النزاعات والعلاقات الدولية.