Site icon IMLebanon

المسؤولون نسوا القدس ولم يرفضوا صفة حزب الله الإرهابي وقدّموا الضمانة للحدود

المسؤولون نسوا القدس ولم يرفضوا صفة حزب الله الإرهابي وقدّموا الضمانة للحدود
لماذا التعطش الرسمي للغطاء الأميركي ومُحادثات تيلرسون سينسفها اللوبي الصهيوني

شارل أيوب
كان المسؤولون اللبنانيون امس مليئين بالفرح بزيارة وزير خارجية اميركا الى لبنان وكأن وزير خارجية اميركا الذي تدعم بلاده اسرائيل ضد لبنان وفلسطين والمصالح العربية وتفضل المصالح الاسرائيلية والصهـيونية العالميـة علينا يقوم بزيـارة خير الى لبنان مع ان هدفه الاساسي ضمن حدود الكيان الصهيوني واسرائيل وتأمين اقامة الحائط الاسرائيلي على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة حيث ان اسرئيل تريد بأي ثمن بناء الجدار وضمان عدم التعرض اليه اضـافة الى اصـرارها عـلى اغتصاب مساحة اقتصادية خالصة لصالح لبنان.
لكن وزير الخارجية الاميركي تيلرسون في محادثاته رغم انه كان مستمعاً كان افضل من معـاونه السفير ساترفيلد الذي جاء لاعادة تحريك الساحة اللبنانية على قاعدة تحريك حركة 14 اذار ومن له اية علاقة مع اميركا لمحاصرة المقاومة وحزب الله، اضافة الى دفاعه المستميت عن اسرائيل، حيث كان ساترفيلد يبشّر بأن اسرائيل تريد السلام على الحدود مع لبنان بعد 50 سنة من العدوان، ناسياً ان المقاومة اللبنانية وسلاحها وصواريخها ومجاهديها الابطال هم الذين فرضوا على العدو الاسرائيلي بناء جدران الخوف والحماية من اي هجوم تشنه المقاومة عليها.
وفي تفاصيل المحادثات ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان حديثه ودياً مع وزير الخارجية الاميركي تيلرسون وتناول الحديث الوضع في لبنان، كذلك وضع الولايات المتحدة والاخبار عن دورات عسكرية اشترك فيها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الولايات المتحدة والتعاون العسكري التاريخي بين الجيش الاميركي والجيش اللبناني.
وهنا حصل حديث عن دعم اميركا الى الجيش اللبناني والاستمرار في تسليحه بأسلحة خفيفة وان الولايات المتحدة تريد تبني الجيش اللبناني كي يحفظ الاستقرار لكن دون تسليمه اي سلاح يشكل اي خطر على اسرائيل.
ثم انتقل الحديث الى اقامة الجدار الاسرائيلي، فأصر الرئيس العماد ميشال عون على الحفاظ على حقوق لبنان في النقاط المختلف عليها وعدم السماح باقامة الحائط عليه، وقد وافق من حيث المبدأ وزير الخارجية الاميركية على ذلك لكنه طالب بالحوار عبر لجنة اميركية تقوم بالتحاور مع الجانب الاسرائيلي والجانب اللبناني في شأن المياه الاقليمية والحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، كذلك في شأن اقامة الحائط وعدم حصول مشاكل في شأن نقاط الاختلاف والتحفظ اللبنانية على رسم الخط الازرق، مع العلم ان اي اعتراف من لبنان بأن الحائط الذي اقامته اسرائيل يشكل الحدود بين لبنان واسرائيل هو خرق لمبدأ الهدنة الذي تم توقيعه سنة 1948 ولبنان ما زال في حالة حرب مع اسرائيل وهنالك لجنة هدنة ثلاثية تضم الامم المتحدة والجيش اللبناني وممثلين عن جيش العدو الاسرائيلي.
اما المحادثات الديبلوماسية التي جرت بين رئيس جمهورية لبنان العماد ميشال عون ووزير الخارجية الاميركي فكانت ناجحة على صعيد الجو الودي بينهما، ويبدو ان وزير الخارجية الاميركي تيلرسون قرر نقل اقتراح الى الرئيس الاميركي دونالد ترامب لدعوة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون لزيارة واشنطن في المستقبل، رغم تحفظ واشنطن على اعتماد الرئيس ميشال عون دائما كلاما يقول فيه ان لبنان في حاجة الى سلاح المقاومة.
وانتهى اللقاء بين الرئيس العماد ميشال عون ووزيـر الخارجية الاميركي تيلرسون في جو ودي جـدا وامتد لمدة ساعة ويمكن اعتبار ان فهم الرئيس العماد ميشال عون لاميركا وقيامه بدورات عسكرية في الجيش الاميركي اضافة الى سفره لمدة حوالى سـنة الى الولايات المتحدة واختلاطه سواء في لبنان مع الجيش الاميركي ام دوراته في الولايات المتحدة ومعرفته بالجيش الاميركي والسياسة الاميركية جـعل الحديث متفاهما جدا مع وزير خارجية اميركا، الذي ابدى عن مرونة لكنه كان صاغيا ولم يتحدث كثيرا.
لكن وزير الخارجية الاميركي تيلرسون اشار الى ان حزب الله هو حزب ارهابي تعتبره الادارة الاميركية ارهابياً في شقه السياسي وشقه العسكري. وهنا تجدر الاشارة الى ان الاعلام الاسرائيلي كذلك محطة فوكس نيوز الاميركية شنّت اعنف هجوم على وزير خارجية اميركا تيلرسون الذي صرّح في الاردن في عمان بأن حزب الله جزء من المنظومة السياسية في لبنان واتهمته بدعم الارهاب الذي يقوم به حزب الله بدعم ايراني واثارة الارهاب والاضطراب في دول المنطقة وصولا الى البحرين واليمن والى دول الخليج اضافة الى تسليحه بصواريخ بعيدة المدى تشكل تهديدا الى اسرائيل.
ولذلك قام وزير الخارجية الاميركي بتغيير خطابه في بيروت تحت تأثير الحملة العسكرية الاميركية الاعلامية وانتقاد منظمة ايباك اليهودية في بيان اصدرته في نيويورك لتصريحات تيلرسون عن ان حزب الله هو جزء من منظومة سياسية في لبنان، ادى الى قيام وزير الخارجية الاميركي تيلرسون بالتراجع عن قوله في عمان والتفرقة بين حزب الله في شقه السياسي وحزب الله في شقه العسكري حيث عاد وكرر في المؤتمر الصحافي مع الرئيس سعد الحريري في بيروت، ان حزب الله في شقه السياسي والعسكري هو ارهابي، وتراجع عن كلامه الذي صرح به في الاردن.
وبحث العماد ميشال عون مع وزير الخارجية الاميركي تيلرسون بتفاصيل دعم الولايات المتحدة للجيش اللبناني بالاسلحة، وضرورة تعزيز الجيش اللبناني، وابلغ وزير خارجية اميركا تيلرسون ان لبنان لا ينوي القيام في شن اي حرب او ان يكون مصدراً للاغتراب في المنطقة،
وهنا قال وزير خارجية اميركا ان قرار الحرب في لبنان يجب ان يكون ملك الدولة اللبنانية، وانه لا يجب السماح لحزب الله بأن يكون له اي حق في بدء اي عملية عسكرية ضد اسرائيل او اثارة حادثة عسكرية على الحدود وان يكون هذا الامر من صلاحية الدولة اللبنانية.
ثم شرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وضع لبنان في شكل عام وكيف ان الجيش اللبناني والسلطات والاجهزة الامنية استطاعت حفظ الامن والاستقرار في لبنان وكيف ينعم لبنان بأهم استقرار بين دول العالم كافة. كما انه اشار الى ان لبنان ضرب الخلايا الارهابية لداعش وجبهة النصرة والقوى التكفيرية وانه في مناطق معينة جبلية، قام حزب الله بضرب تنظيمات تكفيرية. كذلك بالنسبة لما اثاره وزير الخارجية الاميركي تيلرسون عن ذهاب حزب الله الى سوريا والاشتراك في الحرب هناك، قال العماد ميشال عون ان التكفيريين الذين دخلوا الى سوريا بعشرات الالاف لا بل بأكثر من 150 تكفيرياً توجهوا نحو لبنان، وان حزب الله قام بضرب الارهاب التكفيري في سوريا كما تقوم الولايات المتحدة بضرب الارهاب التكفيري في سوريا والعراق. وان حزب الله منع وصول التكفيريين الى لبنان عبر ضربهم في سوريا. وفي حين ان حزب الله تعرض الى عشرات الغارات الاسرائيلية وهو يقاتل التكفيريين في سوريا فانه لم يرد على العدوان الاسرائيلي. وان الدولة اللبنانية يجري بناؤها ويجري بناء الجيش وستأتي مرحلة يكون فيها الجيش اللبناني صاحب القرار الاول والاخير دون ان يضرب الجيش المقاومة او يصطدم بها، انما يتم التوصل الى اتفاق ان يكون قرار الحرب وحفظ الامن في يد الجيش اللبناني وان تكون المقاومة في اطار تنظيمي لا يخرج عن سيادة الدولة اللبنانية، مع بقائها احتياط في الدفاع عن لبنان عند اللزوم.
كما طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من وزير خارجية اميركا تيلرسون دعم لبنان في شأن اللاجئين السوريين والاعباء التي يتحملها لبنان، كذلك دعم الولايات المتحدة للمؤتمرات الدولية التي ستجري لدعم لبنان سواء في باريس – 4 ام في ايطاليا الشهر القادم لدعم الجيش اللبناني، وان تعمل اميركا على اشراك دول الخليج في دعم لبنان عبر هذه المؤتمرات حيث حصل العراق امس على دعم اميركي في مؤتمر دعم العراق في الكويت، بدعم قيمته 30 مليار دولار تم تقسيمه الى منح وقروض واستثمارات واعادة اعمار للعراق رغم ثروته النفطية الهائلة.

ولبنان يحتاج الى دعم دولي وعلى الولايات المتحدة ان تضغط على دول الخليج للاشتراك في دعم لبنان لان الصراع الايراني – السعودي لا يجب ان ينعكس على الساحة اللبنانية وان مؤيدي السعودية ومؤيدي ايران هم تحت مظلة الاستقرار والدولة اللبنانية والتفاهم الكامل على ان يبقى الحوار وحده هو السبيل الوحيد لبحث الصراع الايراني – السعودي دون حصول اي احتكاك عسكري او حوادث بل الحفاظ على كامل الاستقرار، وان قيادة حزب الله وتيار المستقبل تعاونوا الى اقصى حد في هذا المجال، ولذلك فان الساحة اللبنانية مستقرة حتى اكثر من ساحة الولايات المتحدة على صعيد الامن الداخلي وحوادث اطلاق النار وعدم الاستقرار.
لكن شدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على دعم لبنان في المؤتمرات كي يستطيع تحمل وجود اللاجئين السوريين واعادة بناء بنيته التحتية التي تكلف 18 مليار دولار وتؤدّي الى البدء بنهضة اقتصادية في لبنان، وهذا اهم ما يحتاجه لبنان وهو النهضة الاقتصادية في لبنان.

زيارة تيلرسون لبري

وبسرعة انتقل وزير الخارجية الاميركي تيلرسون الى عين التينة بعدما امضى ساعة كاملة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في محادثات ثنائية ثم حصلت محادثات لمدة 10 دقائق بين وزير الخارجية الاميركي والوزير جبران باسيل وزير خارجية لبنان في قصر بعبدا قبل الانتقال الى عين التينة، واجتماع الوفد الاميركي واللبناني في شكل موسّع لمدة دقائق.
واما في عين التينة، فقد ابلغ الرئيس نبيه بري وزير خارجية الولايات المتحدة تأكيد لبنان على الحفاظ على حقوقه في الارض اللبنانية على الصعيد البري، كذلك على ثروته النفطية في مياهه الاقليمية. وان الولايات المتحدة مطالبة بأن تحفظ حق لبنان في هذا المجال، اذا كانت ترغب في حصول الاستقرار في المنطقة، لان لبنان لا يمكنه التنازل عن شبر واحد من الارض البرية ولا التنازل عن نقطة ماء من المياه الاقليمية اللبنانية.
كما اثار الرئيس نبيه بري موضوع العقوبات الاميركية المالية ضد لبنان وخاصة الموجهة ضد الطائفة الشيعية في شكل عام في العالم، من الولايات المتحدة الى اميركا اللاتينية الى افريقيا وصولا الى المصارف اللبنانية، خاصة وانه لم يعد ضمن لائحة 62 مصرفاً لبنانياً سوى مصرف شيعي واحد هو مصرف آل حجيج، وكان تم وضعه على اللائحة السوداء، والولايات المتحدة تريد اقفاله، الا ان حاكم مصرف لبنان استطاع بمفاوضات مع وزارة الخزانة الاميركية عدم اغلاق مصرف آل حجيج اي مصرف لبنان وافريقيا بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري وابدال رئيس مجلس الادارة السيد محسن حجيج بنجله الذي اصبح رئيس مجلس ادارة المصرف وتم تطبيق المعايير الاميركية في شأن حركة المصرف وعدم حصول اي مخالفة.
واشار الرئيس نبيه بري الى ان لبنان ملتزم بالقرارات الدولية المالية وانه يكفي عقوبات اميركية في هذا المجال.
واذ كرر الرئيس بري التأكيد على حقوق لبنان براً وبحراً اشار الى ان لبنان يرغب في تحسين علاقته مع الولايات المتحدة كما شرح في اختصار وضع المقاومة وحزب الله وكم عانى اهل الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي ثم من حرب 2006. وان لبنان كان في موقع الدفاع الدائم ضد العدوان الاسرائيلي ولم يقم بأي عدوان على اسرائيل.

اجتماع الحريري والغداء عنده

وفورا انتقل وزير الخارجية الاميركي الى السراي حيث اجتمع مع الرئيس سعد الحريري الذي يلتقي معه في اكثرية المواقف اميركيا وعربيا ذلك ان الرئيس الحريري ينتمي الى السياسة السعودية المعادية الى ايران رغم قول الرئيس سعد الحريري منذ مدة انه يريد ابعاد لبنان عن الصراع الايراني – السعودي.
والرئيس سعد الحريري دفع ثمنا غاليا في السعودية نتيجة هذا الموقف المعتدل.
لكن بالنسبة الى حزب الله والموقف في المنطقة فان الرئيس الحريري كان على تطابق كامل مع وجهات نظر وزير الخارجية الاميركي تيلرسون في شأن ضرورة ان يكون الجيش اللبناني هو القوة الوحيدة التي تحمل السلاح على الارض اللبنانية. وان موقفه ليس مع سلاح حزب الله خارج اطار الدولة، وان يعمل باعتدال مع الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري والقوى السياسية على ارساء الاستقرار الامني والسياسي في لبنان وان سياسته هي الاعتدال وان لبنان يرغب جدا في التعاون مع الولايات المتحدة.
وهنا اثار الرئيس سعد الحريري موضوع دعم الولايات المتحدة لمؤتمر ايطاليا لدعم الجيش كذلك مؤتمر باريس – 4، وابلغ الرئيس الحريري وزير خارجية اميركا تيلرسون ان معلوماته تقول ان دول الخليج ستقاطع مؤتمر باريس – 4 مما يشكل اضعافا لدعم لبنان مع العلم ان الاتحاد الاوروبي كـ 27 دولة، اضافة الى حوالى 650 منظمة غير حكومية تقدم مساعدات ستشترك في مؤتمر باريس – 4 وتقوم بتقديم القروض والمنح لدعم لبنان نتيجة استقباله مليون ونصف مليون لاجىء سوري، اضافة الى وجود دائم الى حوالى 500 الف لاجىء فلسطيني على ارضه منذ 70 سنة، خصوصا في ضوء تخفيض الولايات المتحدة مساهمتها في منظمة اونروا التي تقدم مساعدات الى اللاجئين الفلسطينيين.
واكد الرئيس سعد الحريري ان حكومته تضمن عدم قيام لبنان بأي عمل عسكري على الحدود مع اسرائيل، وبالتالي فان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة الحريري قدموا الضمانة الى وزير خارجية اميركا بأن لبنان لن يمس حدود اسرائيل، دون الحصول على ضمانة اميركية بأن اسرائيل ستتوقف عن خرق الاجواء اللبنانية وخرق القرار 1701 كذلك دون اي ضمانة بأن اسرائيل لن تشن اي غارة على لبنان بل ربحت اسرائيل عبر محادثات تيلرسون ضمانة حدودها مع لبنان فيما لم يحصل لبنان على اي ضمانة اميركية من ضبط الولايات المتحدة لاسرائيل بعدم شنّ اي غارات على لبنان او على مواقع الى حزب الله، فيما الطيران الاسرائيلي يشنّ منذ سنوات غارات مستمرة على حزب الله في سوريا رغم ان حزب الله يقاتل هناك الارهاب ولا يشكل اي خطر على اسرائيل، الا اذا كانت اسرائيل تريد دعم الارهاب في سوريا، وهي سياسة تعلن الولايات المتحدة ان التحالف الدولي بقيادتها قام على اساس قاعدة محاربة الارهاب التكفيري.
ثم تناول وزير خارجية اميركا تيلرسون الغداء مع الرئيس سعد الحريري وكان الجو متفاهما جدا خصوصا ان وجهات النظر السياسية لدى الرئيس سعد الحريري هي اميركية بامتياز، ورغم علاقته مع موسكو لكن الرئيس سعد الحريري ميوله اميركية – فرنسية ويتناسق جدا مع السياسة الفرنسية والسياسة الاميركية، وان موقف الرئيس سعد الحريري وموقف وزير الخارجية الاميركي توافقا سوية على العداء لنظام الرئيس السوري بشار الاسد وان النظام السوري مع النفوذ الايراني امتدادا الى حزب الله في لبنان يشكل خطرا على استقرار المنطقة، اضافة الى ان الرئيس سعد الحريري شرح مبدأ النأي في النفس وانه حصل عبر الحكومة التي يتمثل فيها حزب الله باقرار مبدأ النأي في النفس وعدم تدخل حزب الله في الشؤون الداخلية للدول العربية، خاصة دول الخليج.

ماذا تعني زيارة تيلرسون

ان زيارة وزير الخارجية الاميركي تيلرسون جاءت لتغطي قيام اسرائيل ببناء جدار على الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، وبذلك تكون اسرائيل ترسم حدودها مع لبنان، مع العلم ان رسم الحدود واعتراف لبنان بأن الجدار لم يضم اراضي لبنانية، فمعنى ذلك ان لبنان يعترف بصورة مباشرة او غير مباشرة بحدود اسرائيل، ولبنان لا يعترف باسرائيل ودولة اسرائيل ولا بحدود اسرائيل، وهو ما زال في حالة الهدنة منذ عام 1948 ويعتبر اسرائيل دولة عدوة وانها اغتصبت ارض فلسطين ولم يقم في اي اتفاق سلام معها، بل عندما وصل البعض الى محاولة تمرير اتفاق 17 ايار في شأن معاهدة التسوية مع اسرائيل اسقط الشعب اللبناني لاتفاق 17 ايار والغى اي اعترافاً بدولة العدو الاسرائيلي. ولذلك فان اعطاء ضمانات من المسؤولين اللبنانيين لوزير خارجية اميركا تيلرسون في عدم مس الحدود مع اسرائيل يعني اعطاء ضمانة لحدود اسرائيل، وهذا يعني اعتراف بدولة اسرائيل وحدودها، وهو امر مخالف لطبيعة الوضع القائم بين لبنان واسرائيل الذي تحكمه اتفاقية الهدنة ولا نعترف بأي حدود مع دولة اسرائيل ولا نعترف باسرائيل، وفق اتفاقية الهدنة.
ثم ان العجيب في الامر ان كافة المسؤولين اللبنانيين لم يذكروا القدس وقرار الرئيس الاميركي ترامب باعلان مدينة القدس المحتلة عاصمة لاسرائيل ولم يستنكروا هذا الامر امام وزير الخارجية الاميركي ولم يعلن لا القصر الجمهوري ولا عين التينة ولا في المؤتمر الصحافي الذي اقامه الرئيس الحريري مع وزير خارجية اميركا الاعتراض على اعلان القدس عاصمة لاسرائيل، وكأنهم تجاهلوا قرار الرئيس ترامب وقرروا مسايرة السعودية واسرائيل وقرار الرئيس الاميركي في هذا الشأن. لذلك لم يحصل اي ذكر لاستنكار اعلان الرئيس الاميركي ترامب ان القدس المحتلة هي عاصمة اسرائيل.
كذلك فان اجتماع مجلس الوزراء بعد سفر وزير خارجية اميركا من لبنان الذي اعلن فيه ان حزب الله هو حزب ارهابي في شقه السياسي والعسكري لم يقم مجلس الوزراء بالدفاع عن حزب الله والاعلان انه ليس حزباً ارهابياً رغم ان على طاولة مجلس الوزراء هنالك وزراء ممثلون لحزب الله، واحتراما لمشاركة حزب الله في الحكومة واحتراما لجمهوره الواسع المؤيد له، شعبيا في مناطق منتشرة على كامل الاراضي اللبنانية، كان على مجلس الوزراء ان يرفض كلام الوزير تيلرسون باعلانه ان حزب الله في شقه السياسي والعسكري ارهابي، وان يعلن ان حزب الله حزب لبناني وطني يدافع عن لبنان وقدم الاف الشهداء والحق الهزيمة بعدوان اسرائيلي سنة 2006 وقام بتحرير الشريط الحدودي والجنوب سنة 2000. ومع ذلك تجاهل المسؤولون الرسميون ومجلس الوزراء الذي انعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا، وحتى لم يصدر عن عين التينة رد، لا من مجلس الوزراء ولا من عين التينة يعلن ان حزب الله ليس حزباً ارهابياً وان لبنان يرفض اتهام وزير خارجية اميركا بأن حزب الله حزب ارهابي بل يعلن لبنان ان حزب الله حزب لبناني وطني يمثل فئة كبيرة من الشعب اللبناني ولديه كتلة نيابية كبيرة ووزراء ممثلون في الحكومة وان حزب الله لم يقم الا باعمال دفاعية عن ارض لبنان ولم يقم الا بردع المؤامرة التكفيرية لاسقاط نظام سوريا واقامة نظام تكفيري، وانه لولا ضرب حزب الله مع القوى الاخرى للتكفيريين في سوريا وقام نظام تكفيري في دولة سوريا فماذا كان سيكون وضع لبنان في ظل دولة تكفيرية على حدوده وكيف يحصل الاستقرار والامان في لبنان. وانه يجب تكريم حزب الله لمكافحته التكفيريين الذين منعهم من الانتصار في مؤامرتهم او الدخول الى لبنان، اضافة الى قيام الجيش اللبناني والاجهزة الامنية واجهزة المقاومة بضرب خلايا داعش وجبهة النصرة وغيرها في تفجير سيارات في بيروت وفي الضاحية وقرب السفارة الايرانية وعلى حاجز الجيش في الهرمل اضافة الى قيام التكفيريين باطلاق صواريخ من السلسلة الشرقية نحو قرى البقاع وان الجيش اللبناني كان يتصدى بقوة لهم الا ان المقاومة قامت باقتلاع جذور التكفيريين من كافة مدينة عرسال اضافة الى جرودها ثم الدخول الى الكسارات ومواقع المزارع البعيدة في جرود عرسال حتى الانتهاء من وجود داعش نهائيا وجبهة النصرة في تلك المنطقة وهما اخطر تنظيمين تكفيريين ضمن المنظمات التكفيرية التي تحارب لفرض نظام اسلامي تكفيري هو بعيد كليا عن عمق جوهر الاسلام الذي هو دين التسامح والمحبة والبساطة والتواضع والعطاء وخوف الله، وليس حزب اعتقال مدنيين وتصويرهم وهم يتم ذبحهم على يد التكفيريين على شاشات التلفزة ونشرها في العالم كله تحت عنوان الخلافة الاسلامية وهو اكبر تشويه للدين الاسلامي الحنيف وهو اسلوب تكفيري متوحش بعيد كل البعد عن قيم الدين الاسلامي وقيم الدين المسيحي بطبيعة الحال.
واذا لم يسجل لبنان الاعتراض على قرار الرئيس الاميركي ترامب في شأن اعلانه مدينة القدس المحتلة عاصمة لاسرائيل واذا لم يقم مجلس الوزراء في الدفاع عن حزب لبناني له كتلة نيابية ويشترك في الحكومة ويرفض تصنيفه حزباً ارهابياً ويقوم المسؤولون اللبنانيون باعطاء الضمانة في عدم مس الحدود مع اسرائيل فان لبنان خسر مواقف هامة جدا من خلال زيارة وزير الخارجية الاميركي تيلرسون اذ بدا لبنان المقاوم والقوي كأنه يفتش عن رضى اميركا والدخول مجددا تحت غطاء الولايات المتحدة المتحالفة مع الصهيونية العالمية والتي تقدم المصالح الاسرائيلية دائما على حساب مصالح الدول العربية وخاصة الشعب الفلسطيني المظلوم المسكين المشرد من ارضه وبلاده اضافة الى 5 ملايين فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال الاسرائيلي في كامل فلسطين في ظل قهر وظلم واضطهاد وعدم اعتراف بحقوقهم مع وجود 32 الف اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية من دون محاكمة عادلة، وعدم السماح لمكاتب دولية من مكاتب المحامين والقانونيين بالحضور الى اسرائيل للدفاع عن الاسرى الفلسطينيين بل حصر الامر بمحامين فلسطينيين فقط للدفاع عن الاسرى الفلسطينيين في ظل محاكم اسرائيلية اكثريتها عسكرية تستند الى القانون العسكري الاسرائيلي ولا تستند الى القانون المدني رغم ادعاء اسرائيل انها دولة ديموقراطية ولذلك هنالك 32 الف اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية بينهم 6 الاف من الموقوفين اعمارهم تحت سن الـ 15 سنة وتمنع اسرائيل المنظمات الدولية من زيارتهم، كما ان 32 الف اسير فلسطيني في السجون الاسرائيلية ممنوع على اهلهم زيارتهم من اهالي الضفة الغربية الا مرة واحدة كل 10 ايام، اما الاسرى الفلسطينيون من قطاع غزة والموجودون في سجون الضفة الغربية في اسرائيل فمسموح فقط مرة في الشهر ان يقوم اهالي الاسرى بزيارتهم اضافة الى تعرض حافلات اهل الاسرى وهم ينتقلون من غزة الى الضفة الغربية لزيارة ابنائهم في السجون الاسرائيلية الى كامل الاهانات وضرب الحجارة من المستوطنين الاسرائيليين على حافلات اهل الاسرى الفلسطينيين وهو ابشع انواع الوحشية والقهر والظلم ضد اهالي جاؤوا ليزوروا اولادهم المسجونين بأحكام تزيد عن 15 سنة وتصل الى المؤبّد. اضافة الى منع السلطات الاسرائيلية اقامة اي مكان للصلاة للمسلمين وهم يشكلون 95 في المئة من الاسرى الفلسطينيين عبر عدم السماح باقامة اي مسجد ولو كان صغيرا قرب مواقع السجون الاسرائيلية كي يقوم السجناء الفلسطينيون من الطائفة الاسلامية بالصلاة، وهو حرمان غير اخلاقي وغير انساني وغير ديني في منع الاسير من الصلاة الى ربه رغم انه اسير خلف شباك حديدية وجدران مغلقة.
خسر لبنان موقعه المقاوم ضد اسرائيل عبر اعطاء المسؤولين اللبنانيين ضمانات في عدم مس الحدود مع اسرائيل مقابل عدم تقديم الولايات المتحدة ولا اسرائيل اية ضمانة الى لبنان، واستمرار خرق الطائرات الاسرائيلية يوميا الاجواء اللبنانية رغم القرار الدولي 1701 الذي يمنع اختراق السيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا.
ونال وزير خارجية اميركا تيلرسون ضمانة المسؤولين اللبنانيين بحفظ الحدود مع العدو الاسرائيلي دون الحصول على اي مقابل بعد اعطاء هذه الضمانة والاعلان عنها، سواء في المؤتمر الصحافي في السراي ام بعد كل ما ظهر في الاعلام من اجتماع قصر بعبدا الى اجتماع قصر عين التينة.