شارل أيوب
فشلت حتى الان الوساطة الاميركية التي بدأها معاون وزير الخارجية الاميركي ساترفيلد بين لبنان واسرائيل والتي اكملها وزير خارجية اميركا تيلرسون بزيارة لبنان من اجل بحث هذه النقاط، سواء بناء الخط الاسمنتي على الحدود البرية ام تحديد حدود المياه الاقليمية بين لبنان وحدود دولة العدو الاسرائيلي.
وكلف من بعدها تيلرسون اثر زيارته لبنان، معاونه السفير ساترفيلد اكمال المهمة حيث قضى ساترفيلد مدة اسبوع في اسرائيل ونقل محادثات وزير خارجية اميركا تيلرسون مع المسؤولين اللبنانيين واقتراحات اميركية للوساطة بين الطرفين، ومحاولة ايجاد صيغة في شأن رسم خط الحدود البري الذي تقيمه اسرائيل عبر الحائط الاسمنتي حيث هنالك 13 تحفظاً لبنانياً حول رسم الخط الازرق الذي تريد اسرائيل اعتماده كخط لبناء الجدار الاسمنتي، فيما يرفض لبنان اقامة الحائط الاسمنتي في نقاط التحفظ اللبناني. وان لبنان مستعد لاستعمال كل الوسائل المشروعة للدفاع عن سيادته على ارضه. وهذا يعني تصدي الجيش اللبناني لاعمال البناء الاسرائيلية وفي طبيعة الحال، هنالك القوة الرادعة التي تملكها المقاومة اللبنانية بخاصة عبر سلاح الصواريخ لمنع العدو الاسرائيلي من ضم ارض لبنانية من سيادة لبنان الى سيادة العدو الاسرائيلي.
كذلك هنالك الخلاف حول المربع رقم 9 وجزء من المياه الاقليمية اللبنانية وكيفية تحديد الحدود بين لبنان واسرائيل اي فلسطين المحتلة.
والموقف المعلن في شكل واضح، هو موقف وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان الذي قال ان لاسرائيل الحق في جزء من المربع رقم 9. ثم اضافت صحيفة هآرتس الاسرائيلية ان ليبرمان ايضا يقول ان اسرائيل لها حق في جزء من المربع رقم 8.
وقد رفض لبنان كلياً شروط وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان، واعتبر ان المربع رقم 9 والمربعات التي تم رسمها كلها تقع ضمن سيادة لبنان البحرية ومياهه الاقليمية. وانه لا يحق لاسرائيل التدخل في التنقيب عن الغاز والنفط في هذه المربعات، لان ذلك يشكل عدوانا اسرائيليا على لبنان.
طوال تاريخ اسرائيل كانت تحصل ازمات بين العدو الاسرائيلي وبلدان عربية، سواء حول رسم حدود او مناطق او اعتبار اسرائيل ان هنالك نقاط خطر في دولة عربية ما. وكانت اسرائيل في النتيجة تفرض شروطها وتقف الولايات المتحدة الى جانبها، وكانت اسرائيل تنتصر في معاركها على الدول العربية وحتى على الثورة الفلسطينية التي شنت اسرائيل حربا ضدها من حدود لبنان مع فلسطين المحتلة الى كامل مناطق لبنان حتى محافظة الشمال في البترون. وقامت بترحيل المقاومة الفلسطينية من كامل الاراضي اللبنانية واحتلال المخيمات ونزع اسلحة المخيمات الفلسطينية، اضافة الى محاصرة العاصمة بيروت واحراقها بالقصف المدفعي والجوي حتى خروج الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مع كامل قياداته الى تونس عبر سفن يونانية قامت سفن فرنسية بحمايتها.
الصراع بين العدو الاسرائيلي ولبنان
هذه المرة هنالك صراع حقيقي بين العدو الاسرائيلي ولبنان. واسرائيل التي قلنا انها اعتادت دائما عدم التراجع عن شروطها وفرض شروطها على الدول العربية، سواء في منطقة فصل القوات في الجولان وبقاء جيشها على قمم هضبة الجولان بدل التراجع، كما تمت المطالبة يومذاك في مجلس الامن، الى حدود بحيرة طبريا. لكن الحرب انتهت بانسحاب اسرائيل من مدينة القنيطرة بعد تدميرها تدميرا شاملا، انما بقي جيشها على كافة تلال هضبة الجولان وتلة الحمة وقمم في جبل الشيخ والجولان. وحصلت على اتفاق فصل القوات بين جيش العدو الاسرائيلي والجيش السوري الذي شن حربا كادت تطيالجيش الاسرائيلي في الجولان حتى سهل الحولا. وكان يومذاك العماد علي اصلان قائد القوة التي دخلت سهل الحولا بعد اجتياز الجولان، لكن الانذار النووي الاميركي اضافة الى الجسر جوي الاميركي الذي اقامه الجيش الاميركي من المانيا الى اسرائيل وقدم لها مئات الدبابات الحديثة والمستعملة في الجيش الاسرائيلي، كذلك الاف القطع المدفعية اضافة الى صواريخ ارض – ارض، اضافة الى طائرات حربية مقاتلة من طراز حديث كانت يومذاك طائرات اف – 15واف -16 وكان الجيش الاسرائيلي بسبب حرب 73 قد تم اسقاط له اكثر من 48 طائرة حربية فقامت اميركا بالتعويض عنها واضافت 100 طائرة اخرى الى سلاح الجو الاسرائيلي.
وهكذا اعتادت اسرائيل في حربها سنة 1967 قيادة حرب شوارع ضد الجيش الاردني البطل في شوارع القدس من شارع الى شارع، ولم تستطع القوات الاسرائيلية التقدم الى ان جاءت بكامل تعزيزاتها بعد انهيار جبهة سيناء وانهيار جبهة الجولان سنة 1967 وقيامها باحتلال مدينة القدس المقدسة واحتلتها.
اسرائيل تدرك ان الامور ليست سهلة حالياً
وكانت اسرائيل تفرض شروطها على كافة الدول العربية والتنظيمات المقاومة. اما اليوم فالصراع بين العدو الاسرائيلي ولبنان واضح، وهنالك منتصر ومهزوم، وليس من حل وسط في الوضع، وتعرف اسرائيل هذه المرة ان الامر ليس سهلا، وانه ليس مثل حرب 1967 وانه ليس مثل اجتياح الجيش الاسرائيلي واحتلاله للبنان سنة 1982، وليس كما حرب 1973 عبر الدعم الاميركي الكبير للجيش الاسرائيلي بكامل انواع الاسلحة الحربية، اضافة الى اعطاء الرئيس السادات الاوامر الى الجيش المصري بالتوقف عند ممرات متلا في سيناء وترك الجيش الاسرائيلي في حرب 73 يتفرغ الى الجبهة السورية والجولان بعد ان اوقف الجيش المصري هجومه على الجيش الاسرائيلي. ولذلك استطاعت اسرائيل عبر الجسر الجوي الاميركي تعزيزها بكامل انواع الاسلحة والذخيرة واعلان استنفار نووي على لسان وزير خارجية اميركا يومذاك كيسنجر، استطاعت رد الجيش السوري من سهل الحولا والجولان من خلال قصف جوي رهيب وفرض منطقة عازلة بين الجيش الاسرائيلي الذي بقي على قمم وهضبة الجولان وبين الجيش السوري الذي تراجع ضمن هضبة الجولان وقامت يومذاك اسرائيل بالانسحاب من مدينة القنيطرة السورية بعد تدميرها تدميرا شاملا. وامر الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد بترك الدمار في مدينة القنيطرة كما هو كي تكون شاهدا على البربرية الاسرائيلية. فيما تم بناء مناطق جديدة قرب القنيطرة اسمها القنيطرة الجديدة. اما مدينة القنيطرة الاصيلة فتم تركها مدمرة كشاهدة على بربرية اسرائيل.
واليوم اسرائيل تريد فرض شروطها على لبنان بالقوة، ولبنان يرفض فرض الشروط الاسرائيلية عليه، واسرائيل تعلن ان لها حقوقاً في ارض لبنانية وضع لبنان نقاط تحفظ عليها واعتبرها جزءا من اراضيه على الخط الازرق. كذلك اسرائيل تعتبر ان لها حقوقاً في المربع رقم 9 في المياه الاقليمية اللبنانية، وقالت ذلك عبر وزير دفاعها ليبرمان فيما رد لبنان انه لن يتنازل عن نقطة مياه واحدة في البحر وسيحافظ على سيادته البحرية في مياهه الاقليمية.
لبنان أعلن بوضوح رفضه للشروط الاسرائيلية
وعمل وزير خارجية اميركا على محاولة ايجاد حل، لكن كون زيارته سريعة اطلع من المسؤولين اللبنانيين على المواضيع واطلعهم على موقف الولايات المتحدة تجاه ما يجري من صراع على الحدود بين لبنان والعدو الاسرائيلي. كما ان القيادات اللبنانية اعلنت موقفها بوضوح، وهو انها ضد الشروط الاسرائيلية على لبنان وتعتبر ذلك عدوانا. وكان الموقف اللبناني موحدا على مستوى الرؤساء، الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، اضافة الى وحدة الشعب اللبناني ضد اطماع العدو الاسرائيلي. والاهم ان المقاومة لم تتدخل في المفاوضات لا من قريب ولا من بعيد وتركت الدولة اللبنانية هي واجهة المحادثات والنقاش والتفاوض مع الوساطة الاميركية في شأن حدود لبنان البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة.
لكن المقاومة اعلنت ان الدولة اللبنانية يمكنها الطلب من المقاومة عند اي ساعة او لحظة تشعر فيها الدولة ان العدو الاسرائيلي يريد فرض شروطه في أخذ جزء من اراضي لبنان، كذلك في فرض شروطه على المياه الاقليمية في البحر فان المقاومة ستكون القوة الرادعة لجيش العدو الاسرائيلي.
ساترفيلد سافر الى اسرائيل لمدة اسبوع ولم يستطع التوصل الا الى حل بعض النقاط في مناطق تحفظ لبنان على الحدود البرية بين لبنان واسرائيل. اما على صعيد المياه الاقليمية والبئر رقم 9، فلم يستطع ساترفيلد تحقيق اي تقدم او تنازل من العدو الاسرائيلي، فأبلغ وزير خارجيته تيلرسون بنتائج محادثاته مع المسؤولين الاسرائيليين في اسرائيل وعاد الى بيروت واجتمع بوزير خارجية لبنان وابلغه نتائج محادثاته مع المسؤولين الاسرائيليين.
ساترفيلد عند بري
وامس قام السفير ساترفيلد بزيارة رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري الذي تبلغ من السفير ساترفيلد شروط العدو الاسرائيلي في شأن الحدود البرية والحدود البحرية في المياه الاقليمية ما بين لبنان وفلسطين المحتلة.
ويبدو من المعلومات المنتشرة في شكل سري جدا، ان اسرائيل وافقت على المفاوضة في خصوص 5 نقاط تحفظ لبنانية على الخط الازرق واعادة البحث في بناء الخط الاسمنتي مع مراعاة التحفظ اللبناني، اما نقاط التحفظ الـ 8 اللبنانية على الخط البري فترفضها اسرائيل وتريد اقامة الجدار الاسمنتي عليها. وتعتبر ان تحفظ لبنان بأن هنالك مساحات ارض هي تحت السيادة اللبنانية وجزء من مطالب لبنان مرفوض من قبل العدو الاسرائيلي، وانها ستبني الحائط الاسمنتي على هذه النقاط.
وهنا تجدر الاشارة الى ان واشنطن وضعت كل ثقلها في منع حسم الامور وانهاء المفاوضات والتفاوض، ولذلك ابقى وزير الخارجية الاميركي مساعده السفير ساترفيلد لاكمال التفاوض بين لبنان و العدو الاسرائيلي في شأن الحدود البرية والحدود البحرية.
اسرائيل تتمسك بالمربع 9
اما في شأن المربع رقم 9 فرفضت الحكومة الاسرائيلية التنازل عما تعتبره حقوقاً لاسرائيل في المربع رقم 9 وانه اذا لم يوافق لبنان على اعطاء اسرائيل النسبة التي تطالب بها في المربع رقم 9 فان اسرائيل لن تسمح لا بالتنقيب ولا بالحفر في المربع رقم 9 الى اي شركة دولية قام لبنان بتلزيمها، وبخاصة ان لبنان قام بتلزيم 3 شركات دولية هي الفرنسية توتال، والايطالية ايني، والروسية احدى اكبر شركات النفط في روسيا.
وقد رفض رئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري الشروط الاسرائيلية وابلغ السفير ساترفيلد رفض لبنان لذلك.
الوساطة الأميركية فشلت
وقد عاد ليلة امس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من زيارته للعراق وارمينيا، وغدا سيبدأ المسؤولون اللبنانيون في بحث شروط العدو الاسرائيلي والنتائج التي توصل اليها السفير ساترفيلد.
وعلمت الديار ان الوساطة الاميركية فشلت، وان الامور سائرة الى الخلاف اكثر منه الى التسوية. ولاول مرة كما قلنا في تاريخ المنطقة ستحصل مواجهة بين العدو الاسرائيلي الذي اعتاد دائما فرض شروطه على الدول العربية والتنظيمات المقاومة وبالتالي، سيظهر امام الرأي العام العربي والدولي من سينتصر في معركة الحقوق على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة برا وبحرا.
فاسرائيل اعلنت تمسكها بشروطها العدوانية، وبإعلان ان مساحات الارض البرية تابعة لها وجزءاً من المياه الاقليمية اللبنانية تابعاً لها، فيما لبنان يرفض ذلك، واذا كانت اسرائيل فرضت شروطها على مصر والاردن وحتى سوريا في فصل القوات، وعلى قوات المنظمات الفلسطينية من فتح الى كامل المنظمات، كما فرضت شروط التطبيع مع الخليج العربي واقامت علاقات ديبلوماسية مع الاردن والاعتراف باسرائيل، كذلك فرضت شروط الاعتراف الديبلوماسي الكامل بين اسرائيل ومصر وفي عمان والقاهرة سفارتان اسرائيليتان، اضافة الى التطبيع الكامل بين اسرائيل والاردن ومصر.
واذا كانت اسرائيل استطاعت فرض حصار على قطاع غزة وتجويع شعب غزة، واستطاعت فرض الاستيطان في الضفة الغربية بالقوة، وعدم الرد على السلطة الفلسطينية ولا على الانتفاضات الفلسطينية كلها من الشعب الواقع تحت احتلال العدو الاسرائيلي، فان هذه المرة الامور مختلفة، وهي على الصورة الآتية:
1 – اسرائيل تعلن عن شروطها لرسم الحدود البرية بين لبنان وفلسطين المحتلة وفق النظرة الاسرائيلية الى اعتبار ان اجزاء من الاراضي اللبنانية على الخط الازرق هي اراض يجب ان تكون تحت السيادة الاسرائيلية.
2 – تعلن اسرائيل ان لها حقوق في المياه الاقليمية اللبنانية وبالتحديد في المربع رقم 9 وانها لا تقبل التنيقب والحفر في هذا المربع ما لم يعترف لها لبنان بحقها في حصتها من النفط والغاز في المربع رقم 9.
3 – تحدي لبنان للعدو الاسرائيلي ورفض مطالبه وشروطه واعلان لبنان انه سيستعمل على لسان رئيس الجمهورية كافة الوسائل المشروعة للدفاع عن حقوق لبنان برا وبحرا.
4 – قوة الجيش اللبناني في الدفاع عن مناطق الجنوب ضد العدو الاسرائيلي رغم ان الجيش اللبناني مكشوف جوا ازاء القصف الجوي الاسرائيلي في حال حصوله لان ليس لدى الجيش صواريخ دفاعية ارض – جو تمنع الطائرات الاسرائيلية من قصف الجيش اللبناني، في حين ان حزب الله، الذي ينتشر في كامل الجنوب والبقاع واراض لبنانية ليس مكشوفا لان ليس لديه لا مقر قيادة ولا مركز عمليات معروف ولا ثكنات عسكرية ولا تُعرف مراكز توزيع صواريخه البعيدة المدى ولا احد يعرف شيئاً، حتى اسرائيل، عن تفاصيل الخطة العسكرية للمقاومة وحزب الله.
5 – ان الوساطة الاميركية تسعى الى منع التصعيد، لكن منع التصعيد لن يجري على حساب لبنان، وهذه المرة هنالك قوة اسرائيل وقوة لبنان بجيشه وشعبه والمقاومة.
لبنان سيواجه التحدي الاسرائيلي
ازاء هذه الصورة التي رسمناها يبدو مواجهة التحدي الاسرائيلي بمواجهة التحدي اللبناني. وفي هذا المجال لن تكون هنالك مساومة من قبل لبنان على ارضه ومياهه الاقليمية، كما ان العدو الاسرائيلي اعتاد الكسر والانتصار على الدول العربية وفرض شروطه، لذلك فلا مساومة في الموضوع ولا تسويات، إما لبنان مهزوم واسرائيل منتصرة، واما اسرائيل مهزومة ولبنان منتصر، وإما حرب يتم فيها تدمير قسم كبير من الكيان الصهيوني ونزوح ملايين من الاسرائيليين داخل فلسطين المحتلة من مناطق الى مناطق اخرى بحدود 3 ملايين اسرائيلي، كذلك حصول قصف جوي اسرائيلي على لبنان وتدمير بنيته التحتية ومعامله ومولدات الكهرباء ومضخات المياه والاوتوسترادات وغير ذلك. اضافة، في طبيعة الحال، الى قصف الضاحية الجنوبية حيث مقر قيادات حزب الله، لكنها غير ظاهرة وهي تحت الارض في انفاق لا تستطيع القنابل والصواريخ الاسرائيلية الوصول اليها، وهناك غرف العمليات، اضافة الى ان الطريقة التي وضعتها المقاومة للاتصال بين غرف عملياتها ومراكز اطلاق الصواريخ ووحدات القتال البري، اضافة الى وحدات الصواريخ المضادة للدروع لا احد يعرف شيئا عن الخطة التي صنعتها ووضعتها المقاومة في مواجهة العدو الاسرائيلي.
القوة الردعية للمقاومة
لا يهم الان التفاصيل التي ينقلها السفير ساترفيلد ولا يهم ما تقوله واشنطن او احاديث السياسيين في لبنان او تصريحات المسؤولين الاسرائيليين، بل هنالك مواجهة حقيقية بين لبنان والعدو الاسرائيلي. وكما قلنا بطبيعة الحال سيشارك الجيش اللبناني في الدفاع عن جنوب لبنان وسيواجه اي اجتياح اسرائيلي، لكن القوة الرادعة والضاربة ستكون للمقاومة عبر وجود اكثر من 100 الف صاروخ لديها اضافة الى حوالى اكثر من 40 الف الى 60 الف مقاتل على طول الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وهم مزودون بصواريخ كورنت اس المضادة للدروع، وهي حديثة ومتطورة، وقامت في حرب 2006 صواريخ كورنت العادية من دون صواريخ كورنت اس بتدمير عشرات الدبابات الاسرائيلية من طراز ميركافا، اضافة الى اسقاط طوافتين اسرائيليتين، واصابة بارجة اسرائيلية قبالة صور كادت تغرق وفي كل الاحوال اصبحت معطلة عن العمل.
والان من الذي سيربح، ومن الذي سيخسر، من الذي سينتصر ومن الذي سينهزم؟
ان هذا الواقع يحصل للمرة الاولى منذ عام 1948 يوم سقط جيش الانقاذ العربي امام منظمات صهيونية والجيش الاسرائيلي. ولذلك فان اسرائيل التي اعتادت فرض تحدٍ والانتصار به لن تستطيع هذه المرة الانتصار، وكل مفاوضات واشنطن من وزير خارجية اميركا تيلرسون الى مفاوضات السفير ساترفيلد هي مفاوضات ديبلوماسية لا تلغي عمق الصراع على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة وعمق الصراع على الحدود البحرية بين لبنان والبحر الفلسطيني. ولذلك في نهاية المطاف مهما فعلوا اما ستنكسر اسرائيل وترضخ للشروط اللبنانية واما تحصل الحرب والحرب لن تكون لمصلحة الكيان الصهيوني بل سيصاب بدمار كبير كما سيصاب لبنان بدمار كبير. انما لبنان عاش 40 سنة من الحروب وسقطت على ارضه اكثر من 10 ملايين طلقة مدفعية وصاروخية، اما الكيان الصهيوني فقصفه بـ 100 الف صاروخ، واذا كانت اسرائيل تقول انها باستطاعتها منع 70 في المئة من الصواريخ من الوصول فان 30 الف صاروخ ستصيب اهدافا اسرائيلية، واما اصابة الكيان الصهيوني بـ 30 الف صاروخ من نوع الفاتح 100 او صواريخ بعيدة المدى فيعني ذلك زلزلة وجود الكيان الصهيوني في المنطقة بكاملها، ولاول مرة ستصاب تل ابيب بهذه الكمية من الصواريخ وهي مدينة تجارية حيث سنرى ابراجا تحترق وشوارع اقتصادية تدمر ثم ان مطار بن غوريون الدولي سيصاب بالصواريخ وتصاب طائرات اسرائيلية ويتم اغلاقه كليا بعد اصابته بأكثر من 25 الى 30 صاروخا على الاقل وتقع الحرائق فيه.
المقاومة قادرة على إغلاق مرفأ حيفا
اما بالنسبة الى ميناء حيفا فسهل جدا على المقاومة اغلاق المرفأ وضربه وتحطيمه، وهي فعلت جزءا كبيرا من ذلك في عدوان 2006 الاسرائيلي ضد لبنان. ثم ان مدينة نهاريا القريبة من الحدود اللبنانية – الفلسطينية ستصاب بصواريخ من طراز كاتيوشيا البعيدة المدى بتدمير شامل، اضافة الى ان الصواريخ لدى المقاومة قد تنطلق هذه المرة من جنوب سوريا على سطح الجولان قرب حدود الاردن الى كامل سهول درعا الى كامل المناطق من الغوطة الغربية الملاصقة بالجولان، وصولا الى مزارع شبعا وكامل الحدود اللبنانية – الاسرائيلية. كما ان من غير المستبعد ان يكون حزب الله قد نصب صواريخ في مناطق تدمر وريف حمص وريف حماه والبادية السورية والجبال الشرقية ما بعد مدينة دمشق، ومن هناك سيقوم بقصف الكيان الصهيوني والعدو الاسرائيلي، وفي طبيعة الحال سترد اسرائيل بقصف العاصمة السورية وقصف سوريا بكامل بنيتها التحتية. وتعرف اسرائيل ان لدى سوريا صواريخ سكود الاستراتيجية التي اشتراها الرئيس الراحل حافظ الاسد من روسيا ووضعها احتياطاً استراتيجياً ضد اسرائيل وهذه الصواريخ تقع على مسافة 75 كلم فقط من تل ابيب ولا يمكن لصواريخ باتريوت او القبة الصاروخية اعتراضها لان المسافة قريبة. وعندئذ سيطلق الجيش السوري صواريخ سكود وصواريخ فروغ على اسرائيل، وسترد اسرائيل بمحاولة تحطيم كامل سلاح الجو السوري، لكن هذا الامر لم يعد يخيف سوريا لانها قادرة على تعويض جزء كبير من سلاحها الجوي عبر استلام حوالى 50 الى 100 طائرة روسية جديدة من طراز ميغ 29 او ميغ 31.
لكن اسرائيل ستصاب اصابات مدمرة، واثر ذلك ستعرف واشنطن ان الشرق الاوسط تغير، وان الهيمنة الاسرائيلية الكاملة على المنطقة انتهت، وكل الحديث يمكن اختصاره سواء صرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ام رئيس المجلس النيابي الرئيس نبيه بري ام رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري ام وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان ام وزارة الخارجية الاميركية فان هنالك صراعا للتحدي، اما قوة اسرائيل واما قوة لبنان بجيشه ومقاومته وشعبه، ولا تراجع عن هذا المبدأ وحتى لو تراجع السياسيون اللبنانيون او في اسرائيل فالتحدي واضح، بدأ في حرب 2006 اثر العدوان الاسرائيلي على لبنان واصاب الجيش الاسرائيلي هزيمة كبرى لحقت به. اما حرب 2018 او 2019 اذا وقعت، فسيتم الحاق هزائم فادحة بالجيش الاسرائيلي، اضافة الى مدن اسرائيل والكيان الصهيوني واهم مراكز المعامل والمطارات والمدن والبنية التحتية والمستوطنات في اسرائيل.
لا تنظروا لا شرقا ولا غربا لا شمالا ولا جنوبا، بل ضعوا امامكم وجود تحدٍ اسرائيلي وتحدٍ لبناني، واسرائيل التي اعتادت دائما ان تربح التحدي وتضرب الدول العربية ودول المقاومة وتربح عليها هذه المرة هي امام التحدي الاكبر فمن ينتصر التحدي اللبناني ام الاسرائيلي؟
نحن مؤمنون ان هذه المرة هي بداية زعزعة وجود الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة من خلال انتصار التحدي اللبناني على تحدي العدو الاسرائيلي.