Site icon IMLebanon

زيارة الموفد السعودي العلولا ضدّ حزب الله ومعرفة اتجاه الدولة اللبنانيّة 

خلال اسبوعين تم التركيز الاميركي على لبنان من خلال وصول معاون وزير الخارجية الاميركي ديفيد ساترفيلد الى بيروت والبدء بزيارة استمرت اسبوعا وحتى 10 ايام بعدما جاء الى لبنان من اسرائيل، واجتمع مع كل المسؤولين اللبنانيين الرسميين والسياسيين. ومعروف عنه انه منذ ان كان سفيرا لاميركا في بيروت، كان منحازا جدا ضد المقاومة وحزب الله، لكنه كان على علاقة سرية جيدة مع سوريا، ولم يهاجم في اي تصريح له اثناء وجوده في بيروت النظام السوري، انما كان يركز دائما على المقاومة ومحاربة النفوذ الايراني، وبخاصة على سلاح المقاومة كي تعتبره الدولة اللبنانية غير شرعي. واذا كان المسؤول الاميركي السفير ساترفيلد قد بحث مع اسرائيل بكامل الملف المتعلق بالحدود البرية بين لبنان واسرائيل وحدود المياه الاقليمية بين لبنان واسرائيل اي فلسطين المحتلة، فانه مهد لزيارة وزير الخارجية الاميركي تيلرسون، اذ جاء ساترفيلد من اسرائيل الى لبنان وقابل الرؤساء الثلاثة والفاعليات السياسية من 14 اذار وحلفائها. ثم وصل وزير خارجية اميركا الذي استمرت زيارته الى بيروت لمدة ساعات، وبحث مع الدولة اللبنانية كيفية حل مشكلة بناء الجدار الاسمنتي من قبل العدو الاسرائيلي على الخط الازرق. وتحفظ لبنان عن 13 نقطة، لكن هنالك 3 نقاط اساسية في التحفظ اللبناني هي في الناقورة ووسط الحدود وكفرشوبا، كما بحث وزير الخارجية الاميركي في شأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي. وفيما كان وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان يعلن اثناء زيارة معاون وزير الخارجية الاميركية ساترفيلد الى اسرائيل انه لها الحق في جزء كبير من المربع رقم 9، وان لبنان لا يحق له تلزيم هذا المربع الى شركات دولية، وانه اذا لم تحصل على حصتها، فانه لن يحصل لا تنقيب ولا حفر عن الغاز والنفط في المربع رقم 9 اضافة الى تلميح في صحف اسرائيلية الى ان العدو الاسرائيلي ايضا يعتبر انه له الحقوق في المربع رقم 8، ولم ينتقل وزير الخارجية الاميركي تيلرسون بعد زيارته الى اسرائيل، بل انتقل الى تركيا حيث الملف الشائك بشأن الحرب التركية ضد اقامة دولة كردية على حدود تركيا – سوريا على ما تعتبره تركيا ان انشاء جيش حماية الشعب الكردي وتسليحه من القوات الاميركية وانتشاره في كامل شمال سوريا، ثم انتشاره في ريف ادلب، ثم السيطرة على معظم ريف حلب، اضافة الى اكتشاف قبل عشرة ايام ان ثلث مدينة حلب يسيطر عليها جيش حماية الشعب الكردي، وانه ارسل قوات من حلب الى عفرين للقتال ضد الجيش التركي. كذلك هنالك مدينة منبج الاستراتيجية التي كانت عربية وقام الاكراد بطرد 90 بالمئة من سكانها العرب واحتلالها مع وجود 2000 جندي اميركي في مدينة منبج. وهذا ما جعل تركيا تشتعل في توتر كبير وخلاف مع الولايات المتحدة وتعلن ان تركيا لن تقبل الخطة الاميركية في دعمها للاكراد، وانها ستشن حرباً شاملة لانهاء الدولة الكردية في سوريا. وهذه كانت مهمة وزير الخارجية الاميركية تيلرسون في تركيا، لكنه ترك في بيروت مساعده السفير ساترفيلد الذي اكمل بعض الاتصالات ثم ذهب الى اسرائيل وعاد باقتراحات، واهمها قيام مفاوضات مباشرة بين اسرائيل ولبنان لرسم الحدود البرية. فكان رفض كامل من لبنان بشأن المفاوضات المباشرة والتزام لبنان باتفاق الهدنة الموقع سنة 1942 والذي تشرف عليه الامم المتحدة ويضم وفداً من ضباط الجيش اللبناني ووفد من ضباط العدو الاسرائيلي. كذلك اقترح السفير ساترفيلد تعديلات بشأن بناء الجدار الاسمنتي وقبول لبنان التنازل عن بعض المناطق مقابل عدم مس 3 نقاط استراتيحية يعتبر لبنان انه لا يمكن التنازل عنها ابدا. لكن الموقف الرسمي اللبناني كان لا مجال للمفاوضات على اي شبر من الاراضي اللبنانية، وحاول ساترفيلد مقايضة الحائط الاسمنتي على حساب حل لرسم حدود بحرية بين لبنان والعدو الاسرائيلي، لكن لبنان رفض المقايضة، وانتهت مهمة ساترفيلد الى فشل، ولكن على قاعدة ان اسرائيل لن تبني الحائط الاسمنتي في مناطق الخلاف دون ان تعلن ذلك اسرائيل رسميا. كذلك بالنسبة لرسم الحدود البحرية، فالامر سابق لاوانه. واتفقت واشنطن مع اسرائيل على عدم التصعيد وتم فهم ان اسرائيل لا تريد لا الحرب ولا التصعيد، وهي لن تدخل في حرب مع المقاومة في الظرف الراهن. كذلك فان لبنان لن يحصل من قبله اي تصعيد، وعلى هذا الاساس تقريبا انتهت مهمة السفير ساترفيلد معاون وزير الخارجية الاميركية.

ساترفيلد دفع باتجاه توافق قوى 14 آذار

لكن كان هنالك طابع اخر لزيارة السفير ساترفيلد الى بيروت واجراء محادثات مع احزاب وفاعليات، وبخاصة التي كانت تشكل 14 اذار. ويبدو انه دفع باتجاه توافق هذه القوى كيلا يحصل حزب الله على عدد هام من المقاعد النيابية في المجلس النيابي المقبل وضرورة محاصرته كيلا يحصل على مقاعد من طوائف اخرى غير شيعية ومحاولة اغلاق الابواب امام حزب الله او الثنائي الشيعي، ولكن بخاصة حزب الله كيلا يحصل في كتلته على مقاعد نيابية مسيحية او سنية او درزية او من الطائفة الارثوذكسية معتبرا ان المرحلة المقبلة التي ستكون ما بعد الانتخابات النيابية ستشهد ضغطا اميركيا اقوى على ايران عبر عقوبات متشددة جدا. كذلك سيحصل ضغط كبير على نظام الرئيس بشار الاسد عبر عقوبات ومحاولة محاصرة دولية، رغم الدعم الروسي لنظام الرئيس الاسد، لكن ستعمل الادارة الاميركية على اضعاف ايران اقتصاديا الى اقصى حد واضعاف سوريا اقتصاديا واستمرار الحرب فيها. وان الجيش الاميركي لن ينسحب من سوريا التي يحتل فيها 28 بالمئة من اراضيها، اضافة الى مساحة اضافية في ريف حلب ومنطقة حلب حيث يصل الجيش الاميركي الى احتلال حوالى 35 بالمئة من الاراضي السورية. ولذلك فان سوريا لن تكون قادرة على تأدية دور داخل الساحة اللبنانية، وان واشنطن تعتبر انجازا كبيرا تقوم به قوى 14 اذار، وحتى قال هذا الكلام امام مسؤول كبير انه اذا تم حصر حزب الله انتخابيا وعدم جعله يمتلك قوة نيابية هامة فان ذلك سيساعد بعد اضعاف ايران اقتصاديا واثارة المشاكل الاقتصادية فيها وتظاهرات شعبية وخسارة الخزينة الايرانية لموارد كثيرة لان ساترفيلد قال لقد منعت الولايات المتحدة اي شركة اوروبية من الاستثمار في ايران بعد هجمة اوروبية هامة كانت ستستثمر في ايران اكثر من 1500 مليار دولار. لكن العقوبات الاميركية على اوروبا منعت الشركات الاوروبية من الاستثمار في ايران، ولذلك فواشنطن تعتبر ان ايران مقبلة على ازمة اقتصادية كبيرة لن تستطيع فيها الاستمرار في دعم منظمات ما يسميها المسؤول الاميركي ساترفيلد ارهابية، مثل حزب الله وحماس وقوى في العراق مثل الحشد الشعبي وعصائب اهل الحق وحتى في اليمن ايضا ولذلك فان سنة 2018 وبعد الانتخابات النيابية في لبنان وصولا الى العام 2019، فان ايران ستصاب بشبه انهيار اقتصادي، وفق ما ترى الادارة الاميركية بحسب معلوماتها بالنسبة للاقتصاد الايراني. وهذا ما سيؤدي الى التخلص من النفوذ الايراني، وبخاصة عدم دعم حزب الله بالصواريخ، والاهم عدم الدعم المالي للحزب. وابلغ ساترفيلد عدة قيادات لبنانية ان الولايات المتحدة تقوم بتجفيف وقطع كل مورد مالي صغير ام كبير من اخر نقطة في اميركا اللاتينية الى كل اوروبا والولايات المتحدة وافريقيا ودول العالم، وذلك لإضعاف الحزب اقتصاديا كيلا يستطيع بناء قوة عسكرية هامة وكبيرة ويصبح مضطرا الى تخفيض عديد عناصره نتيجة عدم حصوله على الاموال من ايران الكافية، كذلك من خلال العقوبات الاميركية التي ستلاحقه، واي شخصية قريبة منه قد تساعده ماديا. اضافة الى عقوبات على شخصيات وقوى تؤثر معنويا فيها، وهذا سيؤدي بعد الانتخابات النيابية الى محاصرة الحزب لبنانيا وتقوية الدولة اللبنانية على حساب حزب الله، وفق ما قاله ساترفيلد لرئيس حزب هام في 14 اذار. وانه بمجرد ان يصل حزب الله الى المجلس النيابي بقوة نيابية ضعيفة فسيكون ذلك انتصاراً للبنان وللسياسة الاميركية، وعندئذ سترفع الادارة الاميركية من مساعداتها للبنان وتدعمه في عدة مجالات، وهذه الناحية الانتخابية السياسية ومحاصرة حزب الله وحتى الثنائي الشيعي. لكن لم يركز ساترفيلد على الرئيس بري، واعتبر انه غير قادر على اتخاذ القرار، انما القرار الاساسي في يد الحزب. ولذلك ركز ساترفيلد على محاصرة حزب الله انتخابيا في معظم الدوائر الانتخابية من خلال توافق القوى التي كانت تؤلف 14 اذار سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة بإنشاء تحالف بينها في الدوائر الانتخابية وقطع الطريق على حزب الله .

فشل ساترفيلد ووصول الموفد السعودي العلولا

واذا كان التركيز الاميركي قد تم لمدة 25 يوما منذ ان جاء ساترفيد الى لبنان وزيارته لاسرائيل لمدة اسبوع وعودته الى لبنان وقيامه بنشاط سياسي كبير حضرت له دوائر في السفارة الاميركية مع قوى كثيرة اجتمع اليها ساترفيلد، فان السعودية دخلت على خط لبنان بعد اقل من 4 اشهر على ازمة استدعاء الرئيس سعد الحريري الى السعودية، والزامه هناك بالاستقالة من رئاسة الحكومة اللبنانية ووضعه قيد الاقامة الجبرية، ودون امكانية اجراء اي اتصالات هاتفية سياسية او ابلاغ عن وضعه الحقيقي حتى لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم يستطع التكلم معه ولا الرئيس نبيه بري. وبالتالي، انقطع الخط بين رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب مع رئيس الحكومة هاتفيا وخط الاتصال السياسي، وقام الرئيس العماد عون بشن حملة كبرى لتحرير الرئيس سعد الحريري من السعودية، واتجه رئيس الجمهورية نحو تدويل اجبار الحريري على الاقامة في السعودية. وان هذا الامر هو عدوان على سيادة لبنان، وتوافقت معظم القوى السياسية باستثناء تيار المستقبل الذي كان رئيسه محتجزا في السعودية، في حين بقي نوابه في التيار يدافعون عن السعودية ويرفضون اي انتقاد لها في ما فعلته من عمل عدواني ضد رئيس حكومة لبنان وضد لبنان. ويومذاك، دخلت واشنطن على الخط بقوة وابلغت السعودية ضرورة الافراج عن الرئيس سعد الحريري. كما ان الرئيس الفرنسي ماكرون اجرى اتصالات مع القيادة السعودية، وقام شخصيا بزيارة لمدة ساعتين الى السعودية، وبقي في مطار الرياض حيث اجتمع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبحث معه انهاء ازمة احتجاز الرئيس الحريري. واخيرا تم الاتفاق اميركيا اوروبيا لبنانياً ومن خلال الضغط المتصاعد على اجبار السعودية على الافراج عن الرئيس الحريري وتحميله 4 شروط حيث ذهب بها الى باريس، واقام في ضيافة الرئيس الفرنسي لمدة ايام، ثم عاد الى بيروت لحضور عيد الاستقلال.

4 اشهر والعلاقة مجمّدة مع السعودية

وبعدها انعقد مجلس الوزراء اللبناني، وقدم الرئيس الحريري الشروط التي قد يقبل التراجع عن الاستقالة من رئاسة الحكومة اذا وافق مجلس الوزراء عليها، وقد وافق مجلس الورزاء عليها. واهم بند هو النأي بالنفس، اي عدم التهجم والتدخل في شؤون الخليج، بخاصة من قبل حزب الله حيث تعتبر دول الخليج ان حزب الله هو نفوذ ايراني في لبنان وضد مصالحها في لبنان. وقد اقر مجلس الوزراء شروط الرئيس الحريري وعاد عن الاستقالة وبدأ تنسيق هام بينه وبين الرئيس عون، كذلك تعاون مع الرئيس بري،  لكن بنسبة اقل من تعاونه مع الرئيس اللبناني او تفاهمه ومحبته للرئيس ميشال عون.
مرت الاربعة اشهر والعلاقة مجمدة بين لبنان والسعودية وكانت فرنسا تؤدي دورا في تقريب وجهات النظر بين لبنان والسعودية وانهاء غضب السعودية من الرئيس سعد الحريري. واخيرا قدم سفير لبنان اوراقه في السعودية، كذلك قدم السفير السعودي اوراقه في بيروت. كما تم ابعاد الوزير ثامر السبهان الذي كان يغرد على التويتر لمدة شهرين معلنا الانذار تلو الانذار ضد الشعب اللبناني ومطالبا اياه بالانتفاضة ضد المقاومة ورفض المقاومة، سلاحها والنفوذ الايراني ومهددا ان الاتي اعظم الى ان حصلت ازمة الحريري. لكن الان تم استبدال الوزير ثامر السبهان بالموفد السعودي الذي هو نزار العلولا الذي سيصل الى العاصمة اللبنانية اليوم الاثنين حاملا رسالة من الملك سلمان بن عبد العزيز الى الرئيس ميشال عون الذي ينتظر ان يلتقيه بعد ظهر غد. وضمن برنامج الموفد السعودي لقاء مع الرئيس الحريري في يوم وصوله يوم الاثنين على ان يلتقي يوم الثلاثاء الرئيس عون ورئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري. كذلك يشمل برنامج الموفد السعودي العلولا لقاءات مع وزراء وقيادات سياسية لبنانية لان الموفد العلولا سيمكث بضعة ايام في لبنان.

السعودية كلفت العلولا لاعادة الحرارة بينها وبين لبنان

العلاقة السعودية – اللبنانية كانت سيئة وهي ليست محصورة بين السعودية والرئيس الحريري، بل بين المملكة والعماد ميشال عون. ويبدو ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قرر تسليم ملف لبنان والعلاقة اللبنانية – السعودية الى الموفد نزار العلولا لاعادة الحرارة الى خطوط العلاقات اللبنانية – السعودية. كذلك سيعمل الموفد السعودي العلولا على تحسين الاجواء مع الرئيس الحريري ونزع الالغام السابقة وازالة اثار الماضي واقامة ارتباط جديد مع الرئيس سعد الحريري على مواصفات تناسب المرحلة المقبلة شرط ان يتقيد الرئيس الحريري بتعليمات القيادة السعودية في موقعه كرئيس للحكومة. وان لم يفعل الحريري ذلك، فان السعودية لن تضايقه، لكن العلاقة ستبقى باردة وفاترة وغير قابلة التقدم بين المملكة والرئيس الحريري وستتم معاملته كمواطن سعودي ولا علاقة سياسية او مالية معه. اما اذا خضع الرئيس الحريري لقرار ولي العهد السعودي بالتنسيق مع السعودية بشأن ادارة الامور، فان ولي العهد سيفتح الابواب مجددا معه، ولكن تدريجبا في المرحلة المقبلة. ولدى الموفد السعودي نزار العلولا الصلاحية بالتدخل مع الحريري ومعارضيه على مسافة اسابيع من الانتخابات النيابية، وبالتالي محاولة التوفيق بين تيار المستقبل وقوى سنية انشقت عنه او كانت قريبة منه وابتعدت عنه. ولذلك سيسعى بكل طاقته الموفد السعودي لولي العهد محمد بن سلمان الى دعم الحريري والطائفة السنية بحيث لا يسمح لحزب الله بالحصول على 5 نواب سنة في لائحته النيابية اي الحصول على 5 مقاعد نواب من الطائفة السنية في تحالف ضمن الكتلة النيابية لحزب الله.

الموفد السعودي يريد معرفة مسيرة العهد

ومن هنا، فان الموفد السعودي لديه صلاحية من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ببحث الامور بالعمق مع الرئيس الحريري، واذا تجاوب فالسعودية ستعمل على ان يكون الرئيس سعد الحريري رئيس اقوى كتلة سنية نيابية بعد اجراء تفاهمات تحت رعاية السعودية بين تيار المستقبل والرئيس الحريري وكل القوى السنية التي على خلاف معه او على بعد مسافة منه. وفي كل الاحوال سيعمل الموفد نزار العلولا على عدم تقليص الحصة السنية في المجلس النيابي التي سيرأسها سعد الحريري ومنع انتقال النواب من الكتلة السنية الى ضفة حزب الله، بل الى اعادتهم الى ضفة الرئيس الحريري ضمن الشروط السعودية التي سيبلغها الموفد السعودي الى الحريري باسم محمد بن سلمان ولي العهد. ومن الناحية المبدئية، يمكن اعتبار ان الرئيس الحريري سيعلن موافقته للموفد السعودي على شروط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وعندئذ سينطلق الموفد السعودي العلولا الى جمع اهم تكتل سني حول الرئيس سعد الحريري على قدر ما يستطيع. ووفق سياسة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فانه يرى ان الامور ستتوتر ويتفاقم الوضع بين ايران والسعودية، وانها لن تكون بعيدة عن اسرائيل ضمن التحولات والتبدلات في قواعد الصراع واللعبة، سواء من اليمن الى جبهة العراق الى الجبهة السورية والساحة اللبنانية. وهنا حصل اتفاق سعودي – اسرائيلي – اميركي على عدم حصول اي تصعيد بخاصة من الجانب الاسرائيلي كي تمر الانتخابات اللبنانية، وبعدها تظهر الصورة السياسية اوضح واكبر. ويريد الموفد السعودي فهم موقف رئيس الجمهورية العماد عون ومسيرة عهده وما هو موقف رئيس الجمهورية بعد الانتخابات النيابية وما معنى قوله ان لبنان بحاجة الى سلاح حزب الله والى اي مدى يلتزم الرئيس عون بالتحالف مع حزب الله. ذلك ان الموفد السعودي العلولا يحمل رسالة اكثر من صريحة اذ سيبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان السعودية لن تساعد لبنان لا اقتصاديا ولا سياسيا ولا تقيم علاقات جيدة معه، بل تذهب الى تصعيد اكثر ما لم يقم رئيس الجمهورية بخطوة تصعيدية، وهذا الامر مطلوب منه، اي من الرئيس العماد عون وفق مصادر سعوية وليس من الرئيس بري او الحريري ان يعلن العماد عون ان لبنان سيكون في مرحلة تخفيف النفوذ الايراني في لبنان واقامة التوازن الاساسي، بخاصة من خلال تركيبة مجلس النواب المقبلة ام من خلال تأليف الحكومة ام من خلال الخطاب السياسي لرئيس الجمهورية كي يكون لبنان لديه اولوية عربية وتخفيض للنفوذ الايراني في لبنان من خلال تخفيض تأثير حزب الله حتى على موقع رئاسة الجمهورية، بل سيسمع عون هذا الكلام بصورة رسمية، اي انهم يريدون تخفيض حجم العلاقة بين الرئيس وحزب الله.

السعودية تريد اضعاف موقف حزب الله

كما ان الموفد السعودي العلولا لديه ملف ان السعودية هي التي نسقت مع الولايات المتحدة ومع اسرائيل كيلا تقوم اسرائيل بأي تصعيد في اقامة الجدار الاسمنتي في نقاط الخلاف على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة. كذلك عدم القيام بخطوات استفزازية في المياه الاقليمية اللبنانية، وان السعودية أدت هذا الدور في لجم اي تصعيد اسرائيلي كي يظهر موقف الدولة اللبنانية قوياً وبالتالي تعود الدولة اللبنانية الى تأدية الدور البارز والاول، ولا يكون حزب الله هو المواجه والمقرر بشأن القرارات السيادية اللبنانية او قرار الحرب مع اسرائيل او غير ذلك، لان السعودية عندما نسقت مع واشنطن واسرائيل ارادت اعطاء لبنان قوة لجهة تمسكه بالحقوق واعلانه ان هذه الحقوق غير قابلة النقاش، وان لبنان غير قادر على الرد على اي اعتداء اسرائيلي. وهذا ما ارادته السعودية لتقوية موقف الدولة اللبنانية واضعاف موقف حزب الله في المواجهة. ولذلك سيتم الطلب من الرئيس عون بصورة مباشرة او لاحقا ملاقات السعودية في منتصف الطريق والموفد السعودي سيناقش مع الرئيس الامور بشكل دون التعمق لانه لا يريد احراج الرئيس بري. كذلك يعرف قناعة رئىس مجلس النواب، لكنه سيركز على رئيس الحكومة سعد الحريري كي يعمل على تنفيذ الخطة التي وضعها ولي العهد السعودي بالنسبة الى لبنان والتنسيق مع واشنطن حيث السعودية وواشنطن ستمنعان اسرائيل بالاتفاق معها على عدم التصعيد ضد لبنان، وان الرئيس سعد الحريري مطالب باتخاذ مواقف سيادية قوية تظهر الدولة اللبنانية قادرة، وعندئذ تعود العلاقة الجيدة وفق ما وعد ولي العهد السعودي مع الرئيس الحريري، كذلك تبدأ المملكة العربية السعودية بدعم جدي للبنان سياسيا ومعنويا واقتصاديا وماليا.

الدعم الفعلي السعودي للبنان وشروطه

قد يعقد 3 من مرافقي الموفد السعودي نزار العلولا وهم اختصاصهم اقتصادي مالي ولم يعلن عن اسمائهم في اجتماعات مع مسؤولين لبنانيين حيث ستطلب السعودية معرفة كيفية صرف الاموال التي قدمتها المملكة الى لبنان منذ 15 سنة وحتى الان، ولماذا وضع الاقتصاد اللبناني بهذا الشكل، ولماذا لم تجر اصلاحات، ولماذا يزداد العجز والدين الخارجي، خصوصا انها تعتبر انها قدمت مليارات كثيرة الى لبنان وهي بعدما تلقت الطلب من الرئيس الفرنسي ماكرون بحضور مؤتمر ايطاليا لدعم الجيش اللبناني ومؤتمر باريس 4 الذي تمت تسميته مؤتمر سيدر لتأمين قروض الى لبنان من دول الخليج واوروبا والعالم ومصارف وشركات كبرى، فان السعودية تريد التأكد من ان لبنان قد قرر فعليا اعادة مركزه المالي القوي والاقتصادي وتهتم السعودية بانجاز موازنة 2018 دون اي تأخير والاهم تنفيذ بند ما ابلغه الرئيس الحريري للسعودية انه طلب تخفيض 20 بالمئة من مصاريف الوزارات في حين ترى السعودية مع مؤسسات مالية ان التخفيض يجب ان يكون 30 بالمئة. ولذلك اذا قامت السعودية ودول الخليج بالاتفاق مع اميركا واوروبا وشركات كبرى ومصارف بضغط من الرئيس ماكرون وحتى دول اوروبية بدعم مؤتمر ايطاليا وباريس 4 لدعم الاقتصاد اللبناني فهي تقوم بتحذير لبنان الذي تلقاه من صندوق النقد الدولي مفاده ان ذهاب لبنان الى دول الدعم هو اشارة سلبية في جو تغيب الاصلاحات كليا. ويزداد العجز وهنالك استفحال للفساد وضعف الاجهزة الرقابية في لبنان وغياب الخطط الاستشرافية. ولذلك فان الخبراء الثلاثة من السعودية سيدرسون كيف تم صرف الاموال التي قدمتها المملكة في الماضي للبنان وانه اذا كان المطلوب من دول الخليج كما ابلغها الرئيس الفرنسي ماكرون تقديم حوالى 6 مليارات دولار، فان السعودية لن تقدم دولارا واحدا دون معرفة كيف تم صرف الاموال في السابق. وتريد موازنة لبنانية واضحة وخطة اصلاحات وضرب الفساد والغاء هدر المال العام وتفعيل المؤسسات الرقابية لان السعودية لن تشارك في المؤتمرات المقبلة، الا اذا حصلت على ضمانات بوقف الفساد وهدر المال العام. وان الدولة ستقيم الاصلاحات اللازمة وتقوم بتخفيض المصاريف لتخفيض العجز ووضع خطة اقتصادية واضحة كي تدعمها دول الخليج وعلى رأسها السعودية. وسيبلغ الموفد السعودي نزار العلولا رئيس الجمهورية ان دول الخليج غير متحمسة للمشاركة في مؤتمرات لدعم لبنان سواء في ايطاليا ام في فرنسا بسبب موقف دول الخليج من ايران وحزب الله ولان الدولة اللبنانية تراها الدول الخليجية في حضن حزب الله. ولذلك فان السعودية بالنسبة لمؤتمر دعم الجيش اللبناني في ايطاليا، كذلك اجتماع مؤتمر باريس 4 المقبل لدعم الاقتصاد اللبناني، ستدرس مستوى المشاركة فيه وفق نتيجة زيارة الموفد السعودي الذي قد يزور بيروت زيارة ثانية او يذهب الرئيس الحريري مع كل الملف اللبناني وبرسالة واضحة من الرئيس عون والتنسيق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري لاطلاع القيادة السعودية على الاسئلة وطروحات المملكة التي طرحتها على رئيس الجمهورية ومسؤولين لبنانيين، وعندئذ اما ان تشارك السعودية على مستوى سفير او على مستوى وزاري، بخاصة ان مؤتمر باريس سيكون في حضور الرئيس الحريري، كذلك وزير الخارجية جان اي لوفريان. وبالنسبة لمؤتمر ايطاليا لدعم الجيش ستشارك فرنسا بمستوى وزاري قد تكون وزيرة الدفاع لورانس بارلي هي ممثلة فرنسا. وعندئذ سترفع السعودية مستوى تمثيلها في روما او الدعم الاقتصادي في باريس، لكن السعودية لها طلب واضح من لبنان، فاذا لم تحصل عليه فانها لن تشارك او لن تعيد العلاقات بحرارة الى لبنان، مع ان رغبتها الحالية هي اقامة علاقة جيدة مع لبنان. لكنها تطلب بالتحديد من رئيس الجمهورية العماد عون ان لا مشكلة مع الرئيس بري كبيرة والرئيس سعد الحريري يعرف السعودية ورؤيتها وسياستها، وهو ارسل عدة رسائل الى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل مجيء الموفد السعودي نزار العلولا انه جاهز للتنسيق مع القيادة السعودية وتنفيذ مطالبها باكثر ما يستطيع دون حصول حرب اهلية او مذهبية في لبنان، مع ان السعودية لا تدعو الى حرب سنية – شيعية في لبنان، بل تريد امرا واضحا هو تخفيض دور حزب الله في الحكم اللبناني، ومن خلال ذلك تخفيض النفوذ الايراني في لبنان. واذا حصلت على ذلك بوعد من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعدم ممانعة او ماذا سيكون موقف الرئيس بري فلا نعرف، فان السعودية اذا اعطى رئيس الجمهورية اشارات باتجاه اعطاء الاولوية للعروبة وتخفيض النفوذ الايراني عبر تخفيض دور حزب الله فان العلاقات عائدة حتما الى اقوى ما يكون بين السعودية ولبنان.

الرياض تريد تحالف عون وحزبه مع المستقبل

اخيرا يبقى ان السعودية تريد تحالف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحزبه مع حزب تيار المستقبل، وانها ستدعو الوزير جنبلاط الى عدم الدخول في محور بل التنسيق معها في هذا الاتجاه. اما بالنسبة لحزب القوات والكتائب فلا مشكلة. وحتى مع الوزير فرنجية الذي رشحته السعودية لرئاسة الجمهورية، فانها تتلقى دائما اشارات ايجابية منه باتجاه السعودية. كذلك فهي تعتبر ان سكوت وصمت الوزير فرنجية اثناء احتجاز الحريري في السعودية وعدم انتقادها بأي كلمة هو اكبر اشارة ايجابية قام بها الوزير فرنجية، رغم انه على تحالف مع حزب الله، واكثر على تحالف وصداقة مع الرئيس السوري بشار الاسد. لكنه منذ ان رشحته السعودية وحتى الان يقيم افضل علاقة معها ويريد مصالحها في لبنان ولا يهاجمها بأي كلمة او ينتقد اي موقف، بل على العكس تتلقى السعودية اشارات ايجابية تنقلها اوساط الى الرياض عاصمة السعودية. ولذلك فان السعودية ستكون مستعدة هذه المرة لخوض المعركة سياسيا، اضافة الى خوض المعركة ماليا ومستعدة لصرف موازنة. وهذا الامر اكيد لان مصدراً قوياً جدا في الرياض وعلى اتصال مع رجال اعمال لبنانيين مهمين يقومون بتنفيذ السياسة السعودية كل الوقت منذ اربعين سنة وحتى اليوم ولهم مصالح كبرى في السعودية، سمعوا من ولي العهد السعودي انها مستعدة لوضع موازنة هامة وكبيرة في الانتخابات النيابية القادمة لمحاصرة حزب الله ومنعه من امتلاك كتلة نيابية، بخاصة محاولة الحزب الحصول على اربعة او خمسة مقاعد سنية، اضافة الى مقاعد مارونية وارثوذكسية وتحالفات اخرى لا تقبلها السعودية. فاذا سارت الامور وفق ما ترغب السعودية، فانها ستصلح الامور بسرعة من خلال حالة طوارئ لدى دار الفتوى والقيادات السنية في لبنان لجمع اكبر كتلة سنية لا تسمح لحزب الله باختراق نائب من الطائفة السنية.

السعودية تعتبر فرنجية حليفا لها

كذلك فان لوائح تيار المستقبل والوزير جنبلاط والقوات والكتائب وحتى فرنجية الذي تعتبره حليفا لها، فانها ستقدم موازنة هامة للانتخابات للحصول على اكثرية نيابية في المجلس المقبل ومحاصرة حزب الله وابقاء حجم النفوذ الايراني في كتلة نيابية ضعيفة للحزب، على ان تبقى كل القوة ضمن الثنائي الشيعي، فيما تمتلك الاكثرية التي ستؤيد اطلاق حملة اعلامية وسياسية في لبنان اعطاء الاولوية للعروبة على حساب النفوذ الايراني وتدخل ايران في اليمن والخليج والعراق وسوريا، كما تقول السعودية، وسيقول الموفد السعودي ذلك. فان الاكثرية النيابية المقبلة ستدعم رئيس الجمهورية كي يكون قادرا على اخذ موقف عربي قوي. كما ان السعودية، وفق مصادر الموفد السعودي نزار العلولا، لم تعد مهتمة بالنفوذ الايراني في سوريا لانها تعتبر ان النفوذ الروسي هو الاساس، ومع احتلال الجيش الاميركي لـ 28 بالمئة من الاراضي السورية فلم تعد السعودية خائفة من النفوذ الايراني في سوريا، ويبقى الهم الاول عندها تدخل ايران في الخليج. وهي وضعت قواعد تمنع ايران من التدخل، ولدى السعودية اهمية كبيرة للساحة اللبنانية التي تريد عودتها الى الساحة العربية بقوة، وتركز على موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. كما ان رجل اعمال لبناني كبير يجتمع بولي العهد السعودي محمد بن سلمان قال ان ولي العهد السعودي اشاد برئيس الجمهورية العماد عون لانه حتى الان لم يقم بزيارة ايران ولا اجتمع بالرئيس بشار، وهذه اشارة جيدة تراها السعودية ايجابية للعلاقة بين المملكة العربية السعودية ولبنان.