مُواجهة حاسمة بين الحاج والمقرصن ومُديريّة المخابرات ستفصل خلاف أمن الدولة وشعبة المعلومات
ابراهيم ناصرالدين
دخلت البلاد مرحلة من الانتظار على اكثر من صعيد، ساعات قليلة وتحصل المواجهة بين المقدم سوزان الحاج «والمقرصن» المفترض ايلي غبش، في قضية، «فضيحة»، لا ينتظر اللبنانيون ان يحصلوا من خلالها على الخبر اليقين حول من هو الجاني والبريء بعد ان تحولت الحقيقة الى «وجهة نظر».. وفي الانتظار ايضا ساعات قليلة على اقفال باب «الترشيحات» والكل ينتظر اخبار التحالفات وتشكيل اللوائح التي سترسم بشكل كبير خريطة المجلس المقبل… ويبقى الانتظار ايضا سيد الموقف لمعرفة ما الذي حمله معه الرئيس سعد الحريري من السعودية. وهنا تكثر الاسئلة وتنقسم الاراء بين من يدعو الى عدم المبالغة في التعويل على نتائجها داخليا، وبين من يحذر من بعض الملفات التي بحثت وهي تتجاوز الشق الداخلي اللبناني الى ما هو اخطر من ذلك…
وفي هذا الاطار، تحدثت اوساط ديبلوماسية «نافذة» في بيروت في دوائر «ضيقة» عن تقاطع واضح بين الاندفاعة السعودية في اتجاه الساحة اللبنانية وجولة ولي العهد محمد بن سلمان الخارجية التي بدأت في مصر مرورا ببريطانيا وصولا الى زيارته المرتقبة الى واشنطن، وهو استعجل «استدعاء» الرئيس الحريري، لانه بحاجة الى الحضور مجددا على الساحة اللبنانية، فملف حزب الله سيكون حاضرا على «الطاولة» خلال جولته، وتحتاج الرياض ان تكون حاضرة بقوة في لبنان، وليس كطرف منبوذ حتى ضمن البيئة السنية التي شعرت بالاهانة بفعل ما تعرض له زعيمها.
تنسيق اميركي ـ سعودي
ووفقا لتلك الاوساط، فان الجديد الذي سمعه الحريري في المملكة، يرتبط بملف النزاع البحري مع اسرائيل، ويتضح من الكلام السعودي وجود تنسيق عالي المستوى بين الرياض وواشنطن للضغط على لبنان للقبول بالتسوية الاميركية المعروضة لجهة حل الخلاف حول البلوك رقم 9. وبحسب المعلومات، فان الامير محمد بن سلمان حذر الحريري من مغبة «التعنت» وخسارة «الوساطة» الاميركية، والانجرار وراء حزب الله في معالجة هذا الملف الشائك «والخطير»، وفي «رسالة» بالغة الخطورة قال له صراحة، «اذا اندلعت الحرب هذه المرة لن تجدوا من يعيد اعمار لبنان»، «نحن في دول الخليج موقفنا موحد ولن نعيد تجربة عام 2006، وعليكم من الان ان تدركوا انكم لن تجدوا من يعوض خسائركم في العالم».
هذا ما سيحمله الجبير ؟
وفي هذا الاطار، اكدت تلك الاوساط، ان الحريري ابلغ بن سلمان انه ورئيس الجمهورية ميشال عون مقتنعان بضرورة التعاون مع الاميركيين في هذا الملف، ومستعدان لقبول «التحكيم» الدولي، لكن رئيس مجلس النواب نبيه بري متاثر بموقف حزب الله، وهو لن يقبل هذا الامر على «ابواب» الانتخابات النيابية! كما ان الرئيس عون لا يمكنه المضي في طرحه الى النهاية اذا ما اعترض حزب الله على هذا الحل، وقال صراحة انه لا يمكنه ان يتحمل مسؤولية «تسويقه» وحده لان تداعياته قد تكون سلبية اذا ما كانت النتائج في غير مصلحة لبنان، وهو لا يريد تحمل وزر اتهامه بالتفريط بالثروة الوطنية. ومن هنا تقول تلك الاوساط، ولدت فكرة رفع مستوى الحراك الديبلوماسي تجاه بيروت، حيث من المقرر ان يحضر وزير الخارجية السعودي عادل الجبير قريبا، وسيكون هذا الملف على رأس اولوياته، وتحت عنوان الحرص على لبنان، سيحمل معه التحذيرات الاميركية، المصحوبة بقرار خليجي حاسم بعدم تقديم اي مساعدة عينية او مالية في حال دخول لبنان في حرب جديدة مع اسرائيل.
ريتشارد «والتهديد المبطن»
ووفقا لاوساط وزارية بارزة، لم يأت الحراك السعودي من «فراغ»، فقبل ايام حرصت السفيرة الاميركية في بيروت اليزابيت ريتشارد على ابلاغ القيادات العسكرية والسياسية، وبدون «قفازات» ديبلوماسية، بأن بلادها لا تضمن بقاء اسرائيل على الحياد في الحرب الدائرة في المنطقة خصوصا ان حدودها الشمالية تتعرض لتغييرات «دراماتيكية» متسارعة تزيد من حدة «التوتر»، كما ان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو الذي كان يتحضر لزيارة واشنطن، يواجه مأزقا داخليا قد يدفعه «للهروب» الى الامام، وبلغة واضحة وجازمة استخدمت تعابير منتقاة لدى كل من التقته من المسؤولين، وكررت على مسامعهم جملة محددة مفادها «لا مؤشرات لدينا على ان اسرائيل تريد الان الذهاب الى الحرب… ولكن لا ضمانات لدينا بانها لن تفعل ذلك غدا، وعليكم التعامل بحذر مع الملف النفطي». اما التقاطع «الفج» بين الكلام السعودي والاميركي فكان عند محاولة أحد المسؤولين البارزين التأكيد للسفيرة الاميركية ان لبنان لن يكون وحده المتضرر من اي «مغامرة «اسرائيلية جديدة، ولن تكون بنياه التحتية بعيدة عن التعرض لاضرار كبيرة، فكان جواب ريتشار،» حسنا اذا سلمنا بهذا الامر، فإن اسرائيل قادرة على اعادة اعمار ما سيتهدم، ولكن انتم ماذا ستفعلون»؟…
ملف المقدم سوزان الحاج
في ملف المقدم سوزان الحاج والممثل زياد عيتاني، اكدت اوساط سياسية مطلعة ان رئيس الجمهورية ميشال عون غير راض تماما على التزام المعنيين كافة بوقف الترسيبات حول القضية واوعز الى وزير العدل سليم جريصاتي بالتشدد في هذ الامر، واتخاذ الاجراءات القانونية المناسبة ازاء استمرار «الخروقات» المبرمجة من كافة الاجهزة التي تحاول الدفاع عن نفسها عبر التسريبات الاعلامية.
ووفقا للمعطيات، لم تحصل المواجهة بعد بين المقدم سوزان الحاج «والمقرصن» المفترض ايلي غبش، وهو ما سيحصل خلال الساعات القليلة المقبلة بعد اصرار المقدم الحاج على انكار التهم الموجهة اليها، وهي حتى الان تنكر كل «ادعاءات» غبش الذي اتهمها بالامس بمحاولة تقديم «رشوى» مالية له كي يبقيها خارج دائرة الاتهام لكنه رفض ذلك. ومن المقرر ان تنتهي التحقيقات مع المقدم الحاج عند فرع المعلومات منتصف ليل الثلاثاء لتحال بعدها الى قاضي التحقيق الاول رياض ابو غيدا.
وسيلجأ القاضي العسكري الاول رياض ابو غيدا الى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وبالتحديد الى جهاز المعلوماتية للفصل تقنياً في التقرير التقني لجهاز امن الدولة والاعترافات والتقرير التقني لشعبة المعلومات والتحقيقات، وهكذا يتم حسم الخلاف بين جهازي شعبة المعلومات وامن الدولة، حيث ان اتهامات متبادلة من اطراف سياسية اصبحت منتشرة وتستخدم الاجهزة الامنية لاغراض انتخابية وسياسية من باب هذا الملف.
ووفقا لمصادر مطلعة، يملك فرع المعلومات ادلة دامغة على تورط الحاج في القضية، ولديه ما يكفي من «داتا» الاتصالات لادانتها، خصوصا نصوص «واتس آب» بينها وبين غبش الذي بات معروفا انه كان يتعاون مع اكثر من جهاز امني، وكلف مهاماً تتعلق بملاحقة حسابات «ارهابيين» مفترضين وعملاء لاسرائيل.
من يضمن عدم «التلفيق»؟
وفي رأي اوساط وزارية، تبقى الكثير من الاسئلة بحاجة الى اجابات حول من يضمن ان لا يكون ما تقوم به الاجهزة الامنية «تلفيق» للمقدم الحاج؟ ومن يمكنه ان يقنع اللبنانيين بالحقيقة بعد ان اهتزت ثقتهم بكامل اجهزة الدولة القضائية والامنية والسياسية؟ وكيف يمكن تفسير انجرار عيتاني وراء الحساب الوهمي الذي يقال ان غبش انشأه باسم «نيللي» الاسرائيلية؟ واذا كان عيتاني قد اضطر «تحت الضغط» للاعتراف لدى جهاز امن الدولة في تسجيلات تصل الى حدود 3 ساعات، فلماذا لم يتراجع عن افاداته امام قاضي التحقيق العسكري؟ والاهم من كل ذلك، ماذا عن كل الملفات السابقة التي تعاملت معها هذه الاجهزة؟ ومن يقنع اللبنانيين انها تعاملت معها بمهنية ومناقبية؟ ومن بينها تحقيقات لجنة التحقيق الدولية، والمحكمة الدولية التي قامت على «قرينة» الاتصالات؟
قد عقد بعد ظهر امس في مكتب المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان في ثكنة المقر العام، الاجتماع الدوري لقادة الأجهزة الأمنية لمتابعة التنسيق بين الأجهزة. وعرض المجتمعون ملف حبيش- عيتاني، كما تم التباحث في الاوضاع الأمنية العامة في البلاد، ومتابعة التحضيرات الامنية التي ستواكب الانتخابات النيابية.
«انهيار» الهدنة هل ينعكس في «صيدا ـ جزين» ؟
انتخابيا، بلغ عدد المرشحين قبل ساعات على اقفال باب الترشيحات 706 طلبات في مختلف الدوائر. في هذا الوقت، خرق وزير الخارجية جبران باسيل «الهدنة» مع حركة امل، واعاد الى الاذهان مجددا تسريب شريط البلطجة» من خلال اتهام وزير المال علي حسن خليل بعدم دفع الاموال لتنفيذ خطة «التيار» لتزويد لبنان بالكهرباء عام 2015، فرد عليه وزير المال باتهامه «بالسرقة» في ملف معمل دير عمار، ليدخل وزير الطاقة سيزار أبي خليل على الخط بتغريدة قال فيها : «ما أبلغ علي حسن خليل عندما يزوّر الحقائق ويحاضر بالعفة، ولم يتأخر رد وزير المال الذي غرد قائلا: « لن أرد على الوكيل لأنه يعرف ويحرف كما يطلب منه والحكم هو القانون. عودة «التوتر» العالي بين الطرفين يهدد في رأي اوساط سياسية عاملة على خط الانتخابات، بضرب المساعي التي يقوم بها حزب الله لايجاد ارضية مشتركة تجمع بين حليفيه في بعض الدوائر، خصوصا في دائرة جزين – صيدا… وكانت الاتصالات في هذا السياق متواصلة لتشكيل لائحة واحدة تضم المرشحين اسامة سعد، وابراهيم عازار الى لائحة مشتركة مع التيار الوطني الحر، بصفتهما مرشحين مستقلين، لكن الامور تعقدت بعد عودة السجالات بين «التيار» وحركة امل.
التطورات الانتخابية بين «التيار» وحزب الله
لم يعقد اللقاء المرتقب بين الشيخ نعيم قاسم ووزير الخارجية جبران باسيل، لكن التفاهم حصل «بالمراسلة» بين الجانبين على «الافتراق» التقني لا السياسي في بعض الدوائر، والالتقاء حيث يمكن ذلك، وما حسم حتى الان هو تشكيل لوائح مشتركة في دائرة بعبدا، وذلك نزولا عن رغبة باسيل، مع العلم ان هذه الخطوة تعقد الامور، ولا تسهلها على المرشح الشيعي الثاني! فيما تم الاتفاق على عدم ضم مرشح حزب الله في جبيل الى لائحة التيار الوطني الحر، ما يعزز فرصه بالنجاح.
الحريري واستراتيجية «تحالف» القطعة»
وبعد ساعات من عزوف الرئيس فؤاد السنيورة غير المفاجىء عن الترشح بسبب خسارته المحتمة لمقعده في صيدا، شهد «بيت الوسط» اجتماعين غير حاسمين الاول بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووفد من الحزب الاشتراكي ضم اللقاء بين الحريري وجنبلاط تيمور جنبلاط، النائب غازي العريضي، والوزيرين اكرم شهيب، ووائل ابو فاعور، ووزير الثقافة غطاس خوري. والاجتماع الثاني بين الحريري ووزير الاعلام ملحم رياشي.
وبعد ذلك، اكد الحريري انه حيث يمكن «ان نعطي «القوات» سنعطيهم، واين يمكن ان يعطونا هم سوف يعطونا، وسنكون في مناطق مع «التيار» وفي مناطق اخرى مع «القوات» وقد نجتمع مع «القوات» «والتيار» والتحالفات لا تزال موضع بحث».
واشار الحريري من جهة اخرى الى انه والحزب التقدمي الاشتراكي حلف دائم والعلاقة مع «القوات» استراتيجية، وهناك اتفاق تام، اما التحالفات والانتخابات فالقانون الجديد يتحكم بها. وفيما رفض جنبلاط الادلاء بأي تصريح، اكد الرياشي من بيت الوسط ردا على سؤال عن موقف الحريري، انه لم يفاجأ وهذا هو الجو «وكله خير».
ووفقا لاوساط مقربة من «بيت الوسط»، فان الحريري ابلغ الطرفين بأنه لم يعد من الرياض بأي جديد على المستوى الانتخابي، وليس بصدد الخروج من تفاهماته الانتخابية مع اي طرف يخدم مصلحة تيار المستقبل، وما تم التفاهم عليه مع الاشتراكي يرتبط بالمرشح الدرزي في بيروت الثانية، والاتصالات حول الدوائر الاخرى تحتاج الى المزيد من البحث لانه يرتبط باطراف اخرى، وهو كلام اكده ايضا على مسامع الرياشي، مع التشديد على الرغبة بإعادة ما «انقطع» سياسيا مع «القوات».
«خريطة طريق» الحريري «للتوازن»؟
ووفقا لتلك الاوساط، فان الرياض ابلغت الحريري انها لا تريد ان يسيطر حزب الله، على المجلس النيابي اللبناني، لكن رئيس الحكومة المتفهم لهذا الأمر، شرح للسعوديين طبيعة القانون الحالي الذي يمنع احداث اختراق في بيئة الحزب، ولكنه جدد التأكيد على ضرورة الاستثمار في العلاقة مع التيار الوطني الحر الذي سيكون في رأيه «بيضة القبان» في المجلس النيابي، والخلاف «البنيوي» مع حركة امل يجعله بعيدا عن الدخول في تحالفات مع «الثنائي الشيعي»، وهذا ما يحفز على الابقاء على العلاقة مع رئيس الجمهورية وتياره السياسي… وفي المقلب الاخر يأتي تعزيز وضع القوات اللبنانية انتخابيا عاملا ضاغطا على «التيار» يساعد في خلق التوازن في المجلس المقبل.