ابراهيم ناصرالدين
مع بدء العد التنازلي لاعلان اللوائح الانتخابية، يفترض ان تتظهر في الساعات القليلة المقبلة طبيعة بعض التحالفات التي باتت سمتها الرئيسية انها على «القطعة» وتتحكم فيها المصالح الانتخابية لا السياسية، وفيما تنتظر القوات اللبنانية رد تيار المستقبل اليوم على مقترحاتها المكتوبة حول خارطة التحالف المفترضة بينهما، برز في اوساط حزب الله «استياء» واضح من الادارة الانتخابية «المستفزة» لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، والتي لامس بعضها عناوين سياسية كان يظن الحزب انه تم تجاوزها.
في هذا الوقت، وفيما تنجز اللجنة الوزارية موازنة العام 2018 يوم الاحد المقبل، لاقرارها في جلسة للحكومة تعقد يوم الاثنين، في ظل تخفيضات في العجز «لارضاء» الدول المشاركة في مؤتمرات دعم لبنان المفترضة، نقلت اوساط ديبلوماسية اوروبية الى بيروت اخبارا مقلقة ازاء خطوة اميركية مرتقبة لفرض «توطين» اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وتبلغ اكثر من مسؤول لبناني معلومات جدية للغاية عن اتفاق حصل بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو خلال زيارته قبل ايام الى واشنطن لاعلان خطة لـ«توطين» الفلسطينيين في اماكن وجودهم قبل نقل السفارة الاميركية الى القدس في منتصف ايار المقبل، ومن المرجح ان يحصل ذلك نهاية الشهر الجاري او في مطلع نيسان المقبل. وما تؤكد عليه الاوساط الاوروبية ان التوطين المطروح اميركيا سيكون مجانياً ودون مقابل، بعد ان حاول الاميركيون اغراء لبنان اقتصاديا في مراحل سابقة، فان الامر في خطة ترامب لا يشمل اي تقديمات اقتصادية، وسيكون التوطين امرا واقعا في لبنان والاردن.
«قنبلة موقوتة»
ووفقا لمصدر فلسطيني مسؤول، لا يتعامل الجانب اللبناني مع المخاطر المحدقة بالجدية المطلوبة، وقد سبق وابلغ الجانب الفلسطيني المسؤولين اللبنانيين بأن ما يحصل من حصار للرئاسة الفلسطينية ماليا، يتكامل مع الحصار المالي لوكالة غوث اللاجئين «الانروا» المقبلة على مزيد من التخفيضات المالية والتي ستترك اثارا «كارثية» على اوضاع المخيمات واللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقد وضع الجانب اللبناني في اجواء كلام قيل في واشنطن للرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأن على الدول المستضيفة لهؤلاء ان تدبر نفسها، وايجاد حلول في التعامل مع الامر الواقع، لان لا وجود لحق العودة في التسوية التي يعد لها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، الذي اخرج مسألتين من دائرة النقاش، مدينة القدس، وحق «العودة».
ولفتت تلك الاوساط الى ان تخفيض تمويل الانروا مقدمة لالغائها، والخطر الداهم خلال اشهر سيكون وقف الموازنة الخاصة بتعليم اللاجئين، ما سيؤدي الى اقفال المدارس التي تديرها المنظمة الدولية، كما ستتوقف المعونات المقدمة في هذا الاطار، وهذا التطور بمثابة «قنبلة» موقوتة ستنفجر في وجه الحكومة اللبنانية التي سيحاول المجتمع الدولي وضعها امام خيارين احلاهما مر، فاما تحمل عبء هؤلاء ماليا، او تركهم لمصيرهم، ما يعني التسبب بـ«فوضى» سيدفع ثمنها الشعبين اللبناني والفلسطيني.
«تمنّع» سعودي عن مواجهة «التوطين»
وبحسب اوساط وزارية لبنانية، يدرك لبنان خطورة ما يجري ويحاول التحرك عربيا ودوليا، لكنه لم ينجح حتى الان في فرض هذا الملف الخطير على جدول اعمال القمة العربية المزمع عقدها الشهر المقبل، بما يتناسب مع الخطة الجديدة، نتيجة تمنع سعودي عن اتخاذ اجراءات جدية وجذرية لمنع فرض الخطة الاميركية، وبات محسوما ان اي قرار سيكون بسقف أدنى من قرار الرئيس الاميركي. وذّكرت تلك المصادر بكلام الرئيس الفلسطيني محمود عباس في آخر لقاء عقده مع مدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم في الاردن، ان «السيناريو» الوحيد امام السلطة الفلسطينية لمواجهة خطة ترامب هو «الحد من الأضرار» لانه تبلغ من الدول العربية موقفا صريحا بأنهم ليسوا في صدد الدخول في مواجهة مفتوحة مع واشنطن من اجل القضية الفلسطينية.
استياء حزب الله من باسيل
انتخابيا، ومع انتهاء جولة التفاوض «المضنية» التي تمت «بالمراسلة» بين حزب الله والتيار الوطني الحر، يبدو ان بعض «الندوب» تحتاج الى معالجة جدية في المرحلة المقبلة خصوصا بعد ارتفاع منسوب «الاستياء» في اوساط حزب الله من اداء وزير الخارجية جبران باسيل الانتخابي بعد ان تحولت جولة التفاوض الاخيرة الى عملية «ابتزاز» انتهت بالتوافق على التحالف في بيروت الثانية والشوف – عاليه، والبقاع الغربي، وبعبدا، و«الافتراق» في الدوائر الاخرى لحسابات انتخابية لا سياسية.
«رسائل» خاطئة
لكن مصادر مقربة من الحزب تؤكد ان الادارة السياسية من قبل رئيس «التيار» عكست اصرارا منه على «استفزاز» جمهور الحزب من جهة وارسال «رسائل» خاطئة الى قيادة حزب الله من جهة اخرى، فخطابه الاخير في لاسا وتذكيره الناخبين الشيعة بأنهم «اقليات» في المنطقة وعليهم احترام خيارات الاكثريات، لم ينزل «بردا وسلاما» على مسامع حليفه الذي هاله عودة باسيل الى خطاب ظن الجميع اننا تجاوزناه، وهو يضر اولا واخيرا بالمسيحيين قبل غيرهم… اما اعتراضه على ترشيح الشيخ حسين زعيتر ووصفه خلال التفاوض، بأنه مستفز لاهالي المنطقة، فيبدو انه ترك اثرا سلبيا في «حارة حريك»، خصوصا ان زعيتر موجود هناك منذ سنوات طويلة كمسؤول تنظيمي للحزب، وهو قاد بنفسه الحملة الانتخابية للتيار الوطني الحر في عام 2009، وكان يومذاك جزءا من الماكينة الانتخابية المشتركة مع «التيار» فهل كان يومذاك مقبولا وتحول اليوم الى شخص «مستفز»؟!
الاستفزاز في بعلبك ـ الهرمل
اما اكثر الامور «استفزازا» فتطل «براسها» من دائرة بعلبك – الهرمل حيث دخل باسيل على خط التفاوض مع الرئيس حسين الحسيني لنسج تحالف انتخابي للانضمام الى لائحته في وجه لائحة «الثنائي الشيعي»، دون الاخذ بعين الاعتبار «حساسية» الموقف في هذه الدائرة التي اعتبرها السيد حسن نصرالله انها محط اهتمام لدى كل «خصوم» و«اعداء» حزب الله في الداخل والخارج، بهدف تحقيق خرق في احد المقاعد الشيعية… ودخول «التيار الوطني الحر» في سياق هذه «اللعبة» سيزيد من احتمال تحقيق هذا الخرق دون ان يستفيد مسيحيا بشيء لان احتمالات ربح المقعد الماروني دونها صعوبات… فلماذا يخوض «التيار» هذه «المغامرة» في وجه حليفه؟
تسأل تلك الاوساط التي تؤكد ان حزب الله حريص على متانة التحالف السياسي مع التيار الوطني الحر، ولكن قيادة الحزب تبذل جهودا مضنية لتظهير هذا التفاهم في ظل اصرار الوزير باسيل على ارتكاب «الاخطاء» الواحد تلو الاخر، وآخرها ما نقل عنه قوله ردا على سؤال للنائب الاميركي اليوت انخل حيال علاقته مع حزب الله، بأنها علاقة «قصيرة الاجل»؟
«القوات» تنتظر» رد «المستقبل»
ومن المقرر اليوم ان يبلغ تيار المستقبل القوات اللبنانية ما يناسبه من «تحالفات» على «القطعة» وفق تقرير تسلمه مساء امس رئيس الحكومة سعد الحريري من الماكينة الانتخابية «للتيار»، ومن المفترض ان يزور وزير الثقافة غطاس خوري معراب اليوم لابلاغ الدكتور سمير جعجع برده على العرض «القواتي»، ومن الثابت حتى الان ان الطرفين متوافقان على التحالف في دائرة بعلبك – الهرمل لمواجهة لائحة «الثنائي الشيعي»، وفي دائرة بعبدا، وبيروت الاولى، والبقاع الغربي، ومن المرتقب ان يتم تثبيت التحالف مع الحزب التقدمي الاشتراكي في دائرة الشوف – عاليه، فيما كان متعذرا حتى مساء امس التفاهم على التحالف في زحلة في ظل اتجاه لدى «المستقبل» للتحالف مع المرشحة سكاف.
«حسابات معقدة»
وينتظر الجميع ايضا قرار «المستقبل» في دائرة البترون – الكورة – زغرتا – بشري، وحتى الان برز تحالف الكتائب مع المجتمع المدني، ولائحة «للقوات» واخرى «للتيار»، ورابعة تجمع «المردة» مع «القومي» والنائب بطرس حرب، وفيما «يضغط» الوزير جبران باسيل على الرئيس الحريري لعدم التخلي عن دعمه في هذه الدائرة، يبحث «المستقبل» عن المقايضة الاكثر ربحا له في هذه الدائرة، وان لم تحصل سيعمل على توزيع اصواته بين «المردة» و«القوات» و«التيار». وفي دائرة جزين ـ صيدا تنتظر القوات اللبنانية ايضا رد تيار المستقبل على عرض التحالف في هذه الدائرة، وسط حسابات معقدة قد تدفع تيار المستقبل الى خوض غمار الاستحقاق في هذه الدائرة وحيدا لانه يضمن بذلك تعويض خسارته للمقعد السني في صيدا بالفوز بالمقعد الكاثوليكي في جزين والذي ترفض «القوات» التخلي عنه. في المقابل لم يحسم التيار الوطني الحر بعد مصير المرشح الكاثولكي جاد صوايا بانتظار تحالفات الاخرين، وتفضل الماكينة الانتخابية «للتيار» ابقاء المقعد شاغرا على اللائحة لانها قد تؤدي الى خسارة محتملة للمقعد الماروني دون ضمانات بالفوز بهذا المقعد، خصوصا ان الاصوات الشيعية في قرى جبل الريحان ستكون حاسمة مهما حاول «التيار» رفع نسبة الاقتراع في القرى والبلدات المسيحية.