ابراهيم ناصرالدين
حرص على «الاستقرار» تشكيك بالاستراتيجية الدفاعية و«النأي بالنفس»
ساترفيلد يجمد «النزاع النفطي»… و«ارباك» انتخابي يؤخر تشكيل اللوائح
على بعد عشرة ايام من مهلة الإعداد الإلزامي للوائح الانتخابية، التي تنتهي في السادس والعشرين من الشهر الجاري، تعقيدات كثيرة لا تزال تعيق تشكيل اللوائح، وفيما سيجري تزخيم الحركة الانتخابية في الساعات القليلة المقبلة على خط «تيار المستقبل» والتيار الوطني الحر، انتهى مؤتمر «روما 2» لدعم الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية، باجماع دولي على ضرورة الاستقرار على الساحة اللبنانية، دون ان تتجاوز النتائج سقف طموحات ما كان متوقعا مسبقا لجهة مراعاة تلك الدول للمصلحة الاسرائيلية اولا، ما ينعكس حكما على نوعية الاسلحة التي ستمنح الى الجيش. «طيف» حزب الله كان حاضرا في المناقشات، والتشكيك في قدرة لبنان على التوصل الى «استراتيجية» دفاعية.. اما على هامش المؤتمر فقد ابلغ الاميركيون الوفد اللبناني تجميد ملف النزاع البحري والبري بين لبنان واسرائيل الى ما بعد استلام وزير الخارجية الجديد لمهماته، فيما شكلت «مقاربة» وزير الخارجية جبران باسيل لمسألة اللجوء الفلسطيني وملف «الانروا» «عاصفة» انتقادات فلسطينية.
ووفقا لاوساط مشاركة في مؤتمر روما، لمس الوفد اللبناني اجواء ايجابية في ظل التأكيدات التي تلقاها رئيس الحكومة سعد الحريري وكذلك المراجع العسكرية والامنية بوجود توجه جدي لتقديم الدعم الملموس للجيش والمؤسسات الأمنية، للحفاظ على الاستقرار، دون ان يتم تحديد حجم تلك المساعدات التي سيتم بحثها خلال لقاءات ثنائية مع الدول الراغبة بمساعدة الاجهزة الامنية اللبنانية.
وبحسب تلك الاوساط، كان «طيف» حزب الله موجودا في تلك الاجتماعات من خلال نقاشات جرت مع الوفد اللبناني عن كيفية التعامل مع السلاح «غيرالشرعي»، والاشكالية الاساسية في النقاشات كانت بالنسبة الى الوفد السياسي اللبناني في طرحه مع المؤتمرين «انه اذا لم يتم تعزيز قدرات الجيش، كيف سيتم معالجة سلاح حزب الله، وهنا حسم الاميركيون الذين كانوا ممثلين فعليين للجانب الاسرائيلي، النقاش بالتأكيد على ان الموقف الواضح والحاسم هو عدم تقديم اي اسلحة نوعية يمكن ان تقع في يد حزب الله، ومهمة الدولة اللبنانية معالجة هذه المعضلة في اقرب وقت متاح.
وكذلك لم تغب اسرائيل في حضورها الثقيل على المؤتمر لجهة حرص الدول المشاركة في المؤتمر على تخفيض سقف الطموحات اللبنانية في الحصول على اسلحة «نوعية» قد تشكل خلالا في التوازن القائم حاليا. ولان «المصلحة» الاسرائيلية كانت حاضرة في المؤتمر من المتوقع فقط ان تحصل القوى الامنية اللبنانية على معدات نوعية لمكافحة «الارهاب»، دون توقع حصول الجيش على معدات تتجاوز حدود ما حصل عليه في السنوات القليلة الماضية من مساعدات تتأرجح بين أسلحة أو ذخائر أو تدريب وتجهيز وعتاد.
المساعدات
ووفقا للمعلومات سيستكمل الجانب الأميركي تنفيذ برامج التسليح التي تقوم بها قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي بما تتضمّنه من دعم لكل اسلحة الجيش البرية والجوية بما فيها الدبابات والمدرعات والمدفعية والسيارات العسكرية وآليات النقل الثقيلة والصواريخ وطائرات الرصد والمراقبة.فيما تعهّدت بريطانيا أن تستمرّ في مساعداتها المتخصّصة امتداداً للهبات السابقة لقوى الأمن الداخلي والجيش التي تقدّمها منذ سنوات وحتى الآن لتعزيز مراكز المراقبة والرصد على الحدود البرية مع سوريا. والتزمت فرنسا وايطاليا واسبانبا بدعم سلاح المدفعية وتقديم الصواريخ المضادة للدروع وتلك التي يتمّ تجهيز المروحيّات الفرنسية بها.
فيما تعهدت المانيا بتعزيز وحدات سلاح البحرية في الجيش اللبناني، لوحظ ان المساعدات والهبات الألمانية تقتصر على تعزيز قدرات الوحدات والألوية اللوجستية والطبية ووسائط النقل واجهزة الإتصال والرادارات البرية والبحرية والتنصّت والمراقبة البرية والبحرية والجوية بالإضافة الى المعدّات التي تعزّز الامن في المطارات والمعابر البرية الحدودية…
الاستراتيجية الدفاعية
وبحسب تلك الاوساط ما أبلغه رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان بيرنيل داهلر كاردل، بأن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية ستكون موضع بحث بعد الانتخابات النيابية، وتكرار رئيس الحكومة لهذا الموقف في كلمته الافتتاحية لاقى تشكيكا من بعض الوفود الغربية، وكذلك الوفد السعودي، الذين لم تظهر لديهم قناعة بقدرة الدولة اللبنانية على التوصل الى استراتيجية دفاعية في وقت قريب بفعل التعقيدات الاقليمية والدولية الراهنة، خصوصا انها طرحت في وقت سابق ولم تصل إلى نتيجة، والآن لا تبدو المناخات مؤاتية للتفاهم عليها… وعلى الرغم من ذلك فان الوفد اللبناني كان حريصا على تقديم شروحات تفصيلية حيال هذه الخطوة وابلغ المستفسرين في روما ان شكل اللقاء لبحث الاستراتيجية الدفاعية، فسيكون اما من خلال حكومة ما بعد الانتخابات اذا ما ضمت كل القوى السياسية، او من خلال اعادة الاعتبار الى «طاولة الحوار» واذا تعذر ذلك فعبر لقاءات ثنائية أو ثلاثية…
تشكيك «بالنأي بالنفس»
وفيما اكد الرئيس الحريري الالتزام بالنأي بالنفس، وتأكيده ان الفرقاء في لبنان يطبّقونه، لاحظ المصدر وجود «تفهم» دولي واقليمي لوضع لبنان الصعب، على الرغم في تأكيدهم استمرار «تدخلات» حزب الله الخارجية، لكن الهم الاول لدى الجميع كان استمرار الحفاظ على استقرار لبنان، ولا يبدو ان احدا اراد تحميل الحكومة اللبنانية اكثر من قدراتها على التحمل في هذه المرحلة. ولذلك لا أحد ينتظر مردوداً مباشراً للمؤتمر، فالخطط ستناقش مع الجهات المعنية وتحتاج الى وقت، والنتائج العملية مرهونة بثلاثة عوامل «الخطوط الحمراء» الاسرائيلية، والتطورات السياسية الداخلية، وقدرة اللبنانيين على الحفاظ على الاستقرار، والتطورات الاقليمية والدولية المتسارعة.
ساترفيلد و«تجميد» ملف النفط
تجدر الاشارة الى ان نائب وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى دايفد ساترفيلد التقى بعد ظهر امس وزير الخارجية جبران باسيل، وبحث معه في النزاع البحري والبري مع اسرائيل، ووفقا لمصادر سياسية مطلعة على اجواء اللقاء، كرر ساترفيلد كلام قاله لرئيس الحكومة سعد الحريري عندما التقاه في روما، بان هذا الملف بحكم «المجمد» الان بانتظار تسلم وزير الخارجية الاميركي الجديد لمنصبه، لان ملفاً على درجة كبيرة من الحساسية قد تتغير مقاربته مع الوافد الجديد على وزارة الخارجية، ونصح بابقاء الوضع القائم وعدم التصعيد في هذه الفترة الانتقالية.
لقاءات الحريري
وألقى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد ظهر امس، كلمة خلال افتتاح اعمال المؤتمر مؤكدا إن الحكومة اللبنانية تدرك أنها تتمتع بلحظة استثنائية من الإجماع والدعم الدوليين، مشددا على بحث الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات كما وعد رئيس الجمهورية، مجددا الالتزام بالاستثمار بالجيش والقوى الأمنية، مجددا التزام الحكومة اللبنانية بكل مكوناتها سياسة النأي بالنفس، واستقبل الحريري صباح امس في مقر اقامته في روما الممثل الشخصي للرئيس الروسي للشرق الاوسط ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وعرض معه المساهمة الروسية في مؤتمر روما- 2 والعلاقات الثنائية بين البلدين،كما استقبل الحريري مساعد وزير الدفاع السعودي محمد بن عبد الله العايش وتناول الغذاء مع وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان.
«الاونروا» وملف اللاجئين
في غضون ذلك اثارت دعوة وزير الخارجية جبران باسيل الى شطب اي لاجيء فلسطيني يغادر لبنان من سجلات الاونروا، وذلك امام مؤتمر دولي تستضيفه العاصمة الإيطالية روما لمواجهة أزمة التمويل الحادة التي تعيشها «الأونروا» بعدما أعلنت الولايات المتحدة عزمها خفض التمويل الذي تقدمه للوكالة، «استياء» في الاوساط الفلسطينية، وجاء الرد الاعنف من حركة حماس على لسان رئيس الدائرة الإعلامية في منطقة الخارج رأفت مرة الذي اكد ان موقف باسيل مخالف للقوانين الدولية ولميثاق الامم المتحدة ولشرعة حقوق الانسان ولقرارات القمم العربية التي تجمع على صفة اللاجئ وحقه في الحصول على كافة الحقوق. واسف مرة لان هذه التصريحات تتزامن مع خطط الادارة الاميركية في تصفية القضية الفلسطينية وبالاخص القدس واللاجئين..وبحسب مصادر فلسطينية فان تصريحات باسيل تضر بمصالح الفلسطينيين وتهدد قضية اللاجئين، لانه يعطي ذريعة مجانية للمنظمة الدولية بفتح باب «الاستنثابية» في التعامل مع هذا الملف، وهو بطرحه يقدم خدمة مجانية لمن يريد وقف عمل هذه المؤسسة الدولية من خلال الدخول في تصنيفات ستؤدي في نهاية المطاف الى نزع صفة «اللجوء» عن الشتات الفلسطيني ما يكرس التوطين؟.
وكان باسيل قد دعا «الأونروا الى شطب كل لاجىء فلسطيني من قيودها في حال تغيبه عن الأراضي اللبنانية أو في حال إستحصاله على جنسية بلد آخر»، ودعا أيضاً «المجتمع الدولي الى تنظيم حملة العودة الطوعية للاجئين الفلسطينيين، كما حذر أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة من أن أموال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» ستنفد قريباً.
الانتخابات: تعقيدات «وانهيارات»
إنتخابياً، عشرة ايام هي الفترة المتبقّية من مهلة الإعداد الإلزامي للّوائح الانتخابية، التي تنتهي في السادس والعشرين من الشهر الجاري، وحتى الان لم يتم الاعلان الا عن خمس لوائح انتخابية في كافة الدوائر، وهذا يدل على التعثّر الواضح في صَوغ التحالفات في انتخابات معقدة سمتها الاساسية «الطعن بالخناجر» ضمن اللائحة الواحدة «طمعا» في «الصوت التفضيلي».
وتوقعت اوساط متابعة لهذا الملف، حصول مفاجآت في الساعات القليلة المقبلة لجهة انهيار بعض اللوائح التي اعلن عنها في ظل تفاقم الخلافات الداخلية بين اعضائها، فثمة خلط اوراق في بعلبك – الهرمل، ودائرة بيروت الأولى، وزحلة، والمنية حيث يعاني تيار المستقبل من ازمة حقيقية بعد التخلي عن ترشيح النائب كاظم الخير،اما لائحة التيار الوطني الحر في كسروان فقد تكون اولى الضحايا، اذا لم يتم تدارك الامور سريعا.
في هذا الوقت تنتظر مختلف القوى عودة الرئيس الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل من روما، كونهما الطرفان الاكثر «مراوغة» في حسم تحالفاتهما،فالتيارالوطني الحر الوحيد الذي لم يعلن أسماء مرشحيه، فيما يتقاسم مع تيار المستقبل التأخير في إعلان التحالفات، وبحسب اوساط التيار الوطني الحر، «يبرع» باسيل في مفاوضات اللحظات الاخيرة، وهو يسعى الى تعزيز حظوظ الفوز لدى مرشحي التيار في دوائر معينة، والايام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في هذا الاطار بعد ان وصلت الامور الى خواتيمها مع الرئيس الحريري.
وعلى خط مواز، نجح حزب الله حتى الان في جمع حليفيه حركة امل والتيار ضمن لائحة واحدة في بعبدا، ويقترب من تحقيق ذلك في دائرة بيروت الثانية، فيما يبدو متعذرا ان تبادر «الحركة» في ضوء عودة التوتر الى العلاقة مع «التيار»، الى تقديم تنازلات انتخابية جديدة خصوصا في البقاع الغربي حيث يصر باسيل على الحصول على مقعدين (أرثوذكسي وماروني). وقد قسم الحزب اصوات ناخبيه في الشمال فوعد باعطاء «المردة» اصواته في الكورة، اما في البترون فستذهب اصواته الى التيار الوطني الحر.
مجلس القضاء
في هذا الوقت اصدرمجلس القضاء الاعلى بيانا علق فيه على تداول بعض وسائل الاعلام اخبار مفادها أنَّ السلطة القضائية إتخذت قراراً بالاعتكاف وتتجّه الى مقاطعة ترؤس لجان القيد الانتخابية، موضحا ان السلطة القضائية لم تتخذ بعد أيّ موقف تجاه النتيجة التي لقيتها مطالبها الرامية الى تحصين القضاء معنوياً ومادياً والعمل القضائي يسير حتى حينه وفقاً للمجرى الطبيعي وسوف يبقى على هذا النحو إلى حين صدور قرار مغاير عن المجلس.