ابراهيم ناصرالدين
على وقع اشتداد «الكباش» الاقليمي والدولي من «بوابة» الحرب في سوريا، ومع تكشف المزيد من «كواليس» العدوان الثلاثي الاخير وما سبقه من غارات اسرائيلية على مطار «تيفور» العسكري في ريف حمص، ترتفع حدة الحماوة الانتخابية في لبنان مع اقتراب «اليوم الكبير» في السادس من ايار المقبل، لكن المفارقة خلال الايام القليلة الماضية كانت في خروج بعض انصار تيار المستقبل عن «السيطرة» في بيروت لمحاولة ترهيب مرشحي اللوائح الاخرى، فهل صحيح ان «بيروت» ستكون «ام المعارك»؟ ولماذا هذا «القلق» المستقبلي»؟ اما الاهم اقليميا، فيبقى السؤال عن المهمة التي كلف بها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني في دمشق؟ وما هي المعادلات التي رسمتها طهران قبل «العدوان؟
وفقا لاوساط معنية بالتطورات الميدانية في سوريا، حضر الجنرال قاسم سليماني الى دمشق بعد ساعات قليلة من استهداف الطائرات الاسرائيلية لمطار «تيفور» العسكري، حيث قتل 7 من ضباط وعناصر الحرس الثوري الايراني، وكان لافتا حضور «الجنرال» الميداني الى القاعدة الجوية التي يتشارك فيه الايرانيون مع الجيش السوري، وقد عقد سلسلة اجتماعات مع حامية المطار، وتفقد الاضرار واطلع من القادة الميدانيين على تفاصيل الاعتداء الصاروخي، وبحث في خطط انتشار عملانية لتجنب حصول خسائر في حال حصول ضربات مماثلة في المستقبل…
«الخطوط الحمراء» الايرانية…
وبحسب تلك المعلومات، فان سليماني لم يغادر الاراضي السورية، وبقي يتابع مع قيادات الجيش السوري، وقيادات ميدانية في حزب الله، ارتفاع حدة التهديدات الاميركية بشن عدوان على سوريا، وكان حريصا على متابعة تفصيلية لعملية اعادة الانتشار التي حصلت في القواعد العسكرية التي كانت مرشحة للقصف الاميركي… لكن الجزء الاهم من هذه الزيارة كان يرتبط بالرسالة الحاسمة التي كان يحملها سليماني من طهران الى القيادة العسكرية الروسية في سوريا، ففي الشكل كان حضوره شخصيا دليلاً على جدية القرار الايراني بالمواجهة اذا ما توسع نطاق العدوان الاميركي ليشمل «العصب» السياسي او العسكري للدولة السورية، وليس فقط القوات الايرانية في سوريا، وقد ابلغ سليماني غرفة عمليات حميميم، بأن تعليماته واضحة بالرد بقوة على اي تجاوز «للخطوط الحمراء» بمعزل عن قرار القوات الروسية في سوريا، واذا كان الاميركيون ومن معهم يريدون تغيير «قواعد اللعبة» فان طهران جاهزة لـ«قلب الطاولة» وفق معادلتين: الاولى، دمشق، برمزيتها السياسية، مقابل تل ابيب، والمعادلة الثانية،ان استهداف الجيش السوري، سيعني حكما استهداف القواعد الاميركية في شرق سوريا، وعندئذ ليتحمل الجميع مسؤولياتهم…
«رسالة» سليماني «الحاسمة»
وتعتقد تلك الاوساط، التي لم تؤكد ولم تنف زيارة سليماني الى بيروت، ان «الرسالة» الايرانية الحاسمة كان لها الدور الاكثر تأثيرا في تأخير الضربة لايام قليلة، حصلت بعدها تلك «التخريجية» التي جعلت الاسرائيليين يقرون ان «اللعبة» كانت «مباعة»، خصوصا مع اقرار الفرنسيين لاحقا بأن الروس تلقوا بلاغا مسبقا بالهجوم، وهم ابلغوا بدوره دمشق وطهران، وكل من يوجد في سوريا اطلع بشكل مباشر أو غير مباشر على حدود الضربة. الصواريخ الأميركية لم تدخل المجال الجوي للمنظومات الروسية، كان الأميركيون حذرين جداً، والنتيجة هي مستوى متدن جداً لأي عملية محدودة يمكن تصورها. وزارة الدفاع الأميركية نشرت بيانا تحدثت فيه عن هجوم لمرة واحدة. والمعنى هو أنه حتى إذا لم تكن الاهداف قد دمرت ـ وقسم لا بأس به من الصواريخ الجوالة، اعترضت ـ ليس للأميركيين نية للعودة لمهاجمة هذه المواقع. النتائج لا تعنيهم. هذا كان هجوما لرفع العتب.
ووفقا لتلك الاوساط، الإيرانيون ابلغوا الجميع بمن فيهم الروس انهم لا يقبلون تعديل» قواعد اللعب» في سوريا، اما الرد على غارة «التيفور» فهو حساب آخر ستدفعه اسرائيل، وهو خارج سياق نتائج العدوان الاخير، ويدرك الاسرائيليون جيدا ان طهران سترد عليه حكما، ولعل «الرسالة» الابلغ التي تشغل بالهم الان تلك «السطور» التي تقصّد السيد حسن نصرالله قراءتها بعناية عن ورقة بين يديه، في خطابه قبل الاخير.
«المستقبل» قلق في بيروت ؟
في الشان الانتخابي، تثير اعمال «الشغب» في دائرة بيروت الثانية الكثير من التساؤلات، فأربعة «اشكالات» في الساعات القليلة الماضية تبدو كافية لتأكيد حجم «القلق» لدى «التيار الازرق»، فما هي اسباب هذا «التوتر» المقصود في الشارع؟ اوساط مطلعة على تفاصيل المعركة الانتخابية في هذه الدائرة تؤكد انه كان يفترض ان يكون «التيار الازرق» مرتاحا لضمانه الحصول على 6 مقاعد من اصل 11 مقعدا في الدائرة: 4سنة، مقعد درزي، وآخر ارثوذكسي. في المقابل تشير الاحصاءات الى ان المرشح فؤاد مخزومي قادر على نيل حاصل انتخابي يخوله دخول الندوة البرلمانية، اما لائحة تحالف حزب الله ـ امل ـ جمعية المشاريع ـ التيار الوطني الحر، فمن المرجح ان تحصل على 3 حواصل انتخابية تخولها نيل، ثلاثة مقاعد: اثنان للشيعة، وواحد لمرشح «المشاريع» عدنان طرابلسي، ويبقى الصراع على نحو جاد على مقعد لا يزال غير محسوم، فيما اللوائح الاخرى المنافسة من المرجح ان لا تحصل على اي حاصل الا اذا حصلت مفاجأة من العيار الثقيل، وتمكن المرشح عمر واكيم من احداث خرق غير متوقع…
«مفاجأة» غير متوقعة «للمستقبل»؟
لكن ازمة «المستقبل» ليست في المقعد «المتأرجح»، فوفقاً لآخر دراسة احصائية اجرتها ماكينة تيار المستقبل، تبين وجود خلل كبير في حجم المشاركة التي لم تصل بعد الى ما يصبو اليه «التيار الازرق»، وهذا ما يعرضه لخسارة احد المقاعد التي كان يعتبرها مضمونة، فحتى الان لم يستطع رفع منسوب الاقبال السني المفترض الى ما يتجاوز 45 بالمئة في مقابل معلومات عن انطلاق ماكينة امل- حزب الله بمشاركة شيعية تتجاوز 50 بالمئة، اي بزيادة 7 آلاف صوت عن الانتخابات الماضية. في المقابل ما يشغل بال «التيار الازرق» تسرب الاصوات السنية الى لوائح من يصنفهم «بالأخصام» الذين يخوضون الانتخابات دون امل في النجاح ولكنهم يؤثرون سلبا من الحاصل الانتخابي بعد حسم ارقامهم على اثر خروجهم من السباق الانتخابي، وتقدر ماكينة المستقبل حجم التأثير في الحاصل بين 1500صوت و2500صوت، وهو ما سيؤدي حكما الى نجاح مرشح رابع من لائحة «التحالف» ومن المرجح ان يكون المقعد الانجيلي…
«الضغوط» على «الخوارج»
هذا الامر يفسر ارتفاع الضغوط السياسية على المرشحين السنة المصنفين «بالاخصام»، وبعد فشل الاتصالات التي قام بها شخصيا وزير الداخلية نهاد المشنوق والرئيس سعد الحريري، بالمرشح صلاح سلام، ونبيل بدر، اثر فشل نادر الحريري والنائب عقاب صقر في اقناعهما بالعدول عن الاستمرار في المنافسة، انتقلت «الهستيريا» الى الشارع، وبحسب تلك الاوساط، فان «الشغب» منظم وليس عفويا سواء ما حصل في البربير او كراكاس، والبيال، والهدف هو ترهيب هؤلاء المرشحين لاخراجهم من «السباق الانتخابي»، وكذلك ارهاب ناخبيهم لمنعهم من التوجه الى صناديق الاقتراع في السادس من ايار.
«المستقبل» الربح في المقاعد مضمون
من جهتها تنفي، مصادر تيار المستقبل وجود قرار مركزي باثارة «الشغب»، وتنفي ترهيب اي مرشح، لكنها تتهم هؤلاء باستفزاز «الشارع» البيروتي، من خلال تقديم خدمة مجانية لحزب الله في معركته، وهو الامر الذي يترجم ردات فعل غير «منضبطة»…وتلفت تلك الاوساط الى ان الحديث عن الارقام والمقاعد «مفتعل» وغير دقيق، ولا يوجد «قلق» لدى الرئيس الحريري على «حصة» تيار المستقبل النيابية، وستكون المفاجأة لدى الطرف الاخر الذي يبني حساباته على ارقام غير «صحيحة» ويحاول التأثير سلبا بالرأي العام «البيروتي» الذي سيظل وفيا للرئيس الشهيد رفيق الحريري وتياره السياسي.