لا حرب اسرائيلية… لا تعديل لقواعد «الاشتباك»… وسنرد على اي «اعتداء»
«استنفار» في الخارجية «ورسائل» دبلوماسية مطمئنة… ولا جديد حكوميا
ابراهيم ناصرالدين
فيما استنفرت الدبلوماسية اللبنانية للرد على «مزاعم» رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو، ساد الهدوء على «جبهة» المقاومة التي تعاملت «ببرودة» لافتة مع التهديدات والاكاذيب الاسرائيلية، فلم تعقد قيادة حزب الله على مختلف مستوياتها التنظيمية العسكرية او السياسية اي اجتماعات طارئة خلال الايام القليلة الماضية لبحث التداعيات المحتملة للتصعيد القادم من نيويورك، كما لم تتخذ اي اجراءات استثنانية على الارض لمواجهة احتمالات حصول تصعيد عسكري… هذا ما اكدته مصادر قيادية بارزة في حزب الله لـ«الديار» مستبعدة حصول حرب في المدى المنظور، مؤكدة ان قواعد الاشتباك على الساحة اللبنانية غير قابلة للتغيير، «فالعدو يعرف جيدا ان «معادلة» «نحتفظ بحق الرد» غير موجودة في قاموس المقاومة، واي اعتداء على لبنان، مهما كان حجمه سيتم الرد عليه بالمثل، وفق استراتيجية الردع التي سبق واعلن عنها السيد حسن نصرالله.
ووفقا لتلك الاوساط، يعكس تعامل قيادة الحزب بهدوء وبرودة مع اكاذيب رئيس الحكومة الاسرائيلية، وجود اطمئنان بان ما يحصل مجرد تهويل اعلامي، لن تكون له تداعيات عملية على الارض، كما ان الجهوزية القائمة اصلا، لا تحتاج الى اجتماعات او اجراءات استثنائية… الاوامر واضحة للتعامل مع اي تطور مفاجىء، ومعادلات الردع لا تزال على حالها ضمن «قواعد الاشتباك» المعتادة.
ولفتت الاوساط القيادية في حزب الله، الى ان الاهداف الاسرائيلية من التصعيد واضحة، فنتنياهو يعاني من ضيق شديد نتيجة التطورات المتلاحقة في سوريا حيث تتشكل قواعد اشتباك جديدة لا تخدم المصالح الاستراتيجية الاسرائيلية، وهو حاول استغلال وجوده في الامم المتحدة لتحريض اللبنانيين على حزب الله وايجاد فتنة داخلية من خلال الايحاء بان المقاومة تعرض الاستقرار والامن اللبناني للخطر وتتجاوز سيادة الدولة من خلال تعريض مرافقها الحيوية للخطر… وهذا الامر لم ينطل على احد، واذا كان الداخل الاسرائيلي سخر من «اكاذيبه»، فان القوى الوازنة على الساحة اللبنانية، لم تتجاوب مع هذا التحريض المفضوح، ولم يتجاوز صدى كلماته قاعة الجمعية العامة للامم المتحدة… وهذا الامر جيد».
لا معلومات امنية مجانية…
وتكشف تلك الاوساط عن اتصالات جرت مع حزب الله للقيام بحملة سياسية وميدانية مضادة لفضح اضاليل نتانياهو، وتنظيم جولات اعلامية على المناطق التي تحدث عنها، وكان الجواب واضحا وشفافا» نحن لا نعمل عند الاسرائيلي، ولسنا في موقع تاكيد او نفي اي معلومة يريد منا جواباً عليها، وحزب الله ليس معنيا بتقديم اي معلومات مجانية لخدمة اهداف استخباراتية اسرائيلية، ولو اقدمت المقاومة على خطوة مماثلة، لكانت وضعت نفسها امام «مسلسل» لا ينتهي من النفي لمعلومات سيعمد العدو الى ضخها عن سابق تصور وتصميم، لاستكشاف ردود فعل الطرف الاخر عليها، وهي «لعبة» مكشوفة ولا تنم عن ذكاء او حرفنة، لن يحصلوا على اي معلومة امنية مجانية، تقول تلك الاوساط، وعندما ترغب المقاومة في الكشف عن ما لديها من معادلات ردعية ستفعل ذلك عن سابق تصور وتصميم ولا يدفعها الى ذلك احد، وهي لن تسمح لاسرائيل بان تحدد توقيت ذلك، وحدها قيادة الحزب هي من تحدد «المصلحة» والاولويات، وستبقى «المفاجآت» هي العامل الحاسم لاي مواجهة مقبلة مع العدو الذي يعرف جيدا ان ما كشف عنه السيد نصرالله مؤخرا من انجاز مهمة الحصول على الصواريخ الدقيقة، ليس جزءا من الحرب النفسية، وانما قد تم فعلا، وهذا ما يفسر «الجنون» الاسرائيلي، وحملة التهويل التي يقودها نتنياهو بنفسه… ومن هنا، تؤكد تلك الاوساط ان حزب الله لم يكن جزءا من خطوة وزارة الخارجية التي قامت بواجباتها الدبلوماسية على اكمل وجه في قصر بسترس، وفي الاوزاعي، لفضح اكاذيب رئيس حكومة العدو.
لا حرب…
ولا ترجح الاوساط القيادية في حزب الله اقدام اسرائيل على شن حرب على لبنان، فالمعطيات لا تؤشر الى وجود مخاطر مماثلة في هذه المرحلة، لاسباب كثيرة اهمها الجهوزية العالية لدى المقاومة التي باتت اقوى باضعاف عما كانت عليه في حرب تموز 2006، في المقابل لا تبدو الجبهة الداخلية الاسرائيلية جاهزة للحرب، وكل المعلومات الموثقة تشير الى وجود حالة انكشاف كبيرة، وثغرات هائلة لا تمنح الاسرائيليين ترف التورط في حرب ستكون اثمانها باهظة جدا… ولذلك لا داع للقلق…
لا «للاحتفاظ بحق الرد»…
اما رغبة العدو باستنساخ قواعد الاشتباك التي كانت سائدة في سوريا خلال السنوات السبع الماضية ومحاولة فرضها كامر واقع على الساحة اللبنانية، فهي مجرد اوهام «واحلام يقظة»، تقول تلك الاوساط، «موقف المقاومة حاسم ولن تقبل بحصول اي تعديل «بقواعد الاشتباك»، وما قاله السيد نصرالله مرارا وتكرارا سيترجم على ارض الواقع، اذا ما اقدمت اسرائيل على محاولة كسر المعادلات القائمة، فقاعدة «الاحتفاظ بحق الرد» ليست موجودة في قاموس المقاومة على الساحة اللبنانية، ولن تسمح بان يفرضها نتنياهو او غيره، فاذا استهدفت منشآتنا السكنية او الحيوية او الاقتصادية سنستهدف منشآتهم، واذا ضربت الضاحية او بيروت سنضرب تل ابيب حتما، لا شيء تغير والمعادلة باتت اكثر ثباتا من اي يوم مضى، ويذكر الجميع عندما استهدفت الطائرات الاسرائيلية قبل نحو اربع سنوات، ما زعمت انه قافلة اسلحة عند الحدود اللبنانية – السورية، جاء الرد على نحو مباشر في مزارع شبعا، وكانت يومها «الرسالة» واضحة ولا تقبل اي التباس، وعندما حاولوا التقدم برا في «اللبونة» شرق الناقورة كانت المقاومة بانتظارهم… واليوم لم يتغير شيئا، والاسرائيلي يعرف ذلك جيدا، ويدرك ان الخطأ في الحسابات سيكون مكلفا هذه المرة… ولذلك على اللبنانيين ان يكونوا مطمئنين، المقاومة جاهزة لكل الاحتمالات، لن تقبل تغيير «قواعد اللعبة»، وكل المؤشرات لا توحي بوجود اي تطورات استثنائية في المدى المنظور».
«رسائل» دبلوماسية»
وفي السياق نفسه اكدت اوساط وزارية بارزة، ان لبنان تلقى «تطمينات» دبلوماسية في الساعات القليلة الماضية حيال التهديدات الاسرائيلية، وتولى اكثر من دبلوماسي غربي نقل «رسائل» غير مباشرة تفيد بان لا نية لدى الاسرائيليين «بتغيير قواعد» الاشتباك على الساحة اللبنانية على الاقل في الوقت الراهن، وما حصل في نيويورك لن يجد اي ترجمة عملية على الارض وكان جزءا من «حق الرد» الاسرائيلي على كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي اعلن امتلاك الحزب صواريخ دقيقة وغير دقيقة على الاراضي اللبنانية، وبرأيهم لم يكن بامكان رئيس الحكومة الاسرائيلية تجاوز هذا الاعلان، ووجد نفسه معنيا امام الرأي العام الاسرائيلي «القلق»، بأن يقول بأن جيشه يعرف جيدا اين يخبىء حزب الله هذه الصواريخ…؟!
ووفقا للمعلومات، طمأن هؤلاء الدبلوماسيون المسؤولون اللبنانيين حيال «النوايا» الاسرائيلية، لكن هذا لم يمنع ايصال «رسائل» «عتب» من قبل هؤلاء حيال تماهي مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون مع المقاومة في هذه «الظروف» الدقيقة معتبرين «ان «الهدوء» الدبلوماسي مطلوب من قبل كل الجهات، وكان يفضل ابقاء هامش معين بين الموقف الرسمي اللبناني وحزب الله»…
في المقابل، جددت اوساط بعبدا التأكيد على ان ما قاله رئيس الجمهورية في نيويورك هو جزء لا يتجزأ من قناعاته الوطنية التي لا يمكن ان يساوم عليها، والرئيس متمسك اكثر من اي يوم مضى بمعادلة الردع التي ارستها المقاومة في لبنان، باعتبارها مصدر القوة الوحيد القادرة على مواجهة «العربدة» الاسرائيلية التي تستبيح المنطقة…
اسرائيل «مأزومة» وهذا ما تخشاه؟
ووفقا لاوساط مطلعة على تطورات المنطقة، فان اسرائيل مشغولة باشياء اخرى بعيدا عن لبنان، فبالرغم من سخونة هذا الملف، تبقى غزة هي المشكلة الأكثر الحاحا التي تواجه إسرائيل، ففرص المواجهة العسكرية في القطاع زادت في الأسابيع الأخيرة لا سيما مع ارتفاع وتيرة التصعيد فيما تتوعد حركة حماس بـ«الانفجار» إن لم يرفع الحصار… وكذلك يكمن القلق الحقيقي في اسرائيل من استعادة سوريا لاستقرارها واعادة بناء الجيش السوري بطرق حديثة، بعدما راكم الخبرات طوال السنوات الماضية، وتخشى حصوله على أسلحة متطورة ونوعية جديدة بعد وصول منظومة الدفاع الجوي الروسية «اس 300»، ووفقا للمعلومات، يسعى الاسرائيليون لاقناع الروس بعدم شمول تغطية منظومة الصواريخ الاجواء اللبنانية، وقد تم الاتصال بالاميركيين للضغط على موسكو بعدما رفض الكرملين اعطاء اجابات واضحة بهذا الخصوص… وقد زادت الصواريخ الباليستية الايرانية التي اطلقت في الساعات الماضية على مواقع «لداعش» في سوريا من القلق الاسرائيلي، وثمة امران اساسيان تسعى مع الاميركيين الى استكشافهما الاول، مدة دقة اصابة تلك الصواريخ، وثانيا، قوتها التدميرية، وتشير المعلومات الاولية الى نجاح كبير لهذه المنظومة التي من شأنها ان تغيير معادلات التوازن في المنطقة.
استنفار في الخارجية
وكان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، اعلن حالة «الاستنفار» الدبلوماسي للرد على ادعاءات إسرائيل عن وجود مخازن صواريخ متاخمة لمطار بيروت، وهو جمع السفراء المعتمدين في لبنان، بغياب السفيرة الاميركية اليزابت ريتشارد الموجودة في اجازة! واكد امامهم إن إسرائيل لا تحترم المنظمة الدولية ولا تطبق قراراتها وفي لبنان لم تحترم القرار 1701، معتبرا أن نتنياهو يستخدم منبر الأمم المتحدة لتبرير خرق اسرائيل للقرارات الدولية. وإذ لفت إلى أن إسرائيل انتهكت أرضنا وجوّنا وبحرنا ما يقارب الـ1500 مرة خلال الاشهر الثمانية الاخيرة، قال إن نتنياهو من ودون أيّة براهين قال إن هناك 3 مخازن صواريخ قرب مطار بيروت. ورأى أن إسرائيل تسعى لتبرير عدوان آخر على لبنان بمزاعم عن مواقع صواريخ حزب الله…موضحا أن الجيش اللبناني هو من يتولى الرد على رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ولكنه أكد أن إسرائيل لن تخيفنا.
جولة في الاوزاعي
ونظمت الخارجية جولة في نادي العهد الرياضي وفي منطقة الاوزاعي، مع سفراء الدول المعتمدين في لبنان، وقال باسيل خلال الجولة « زرنا 3 اماكن من التي حددها العدو الاسرائيلي وزعم ان فيها صواريخ ومنها نادي العهد الرياضي، وهذا النادي مفتوح امام الجميع للرياضة، ويمكن لاي شخص بحسه النقدي ان يعرف ما اذا كانت تصنع في هذا المكان صواريخ لاطلاقها».
«مراوحة» حكومية
لم تشهد الساعات القليلة الماضية اي تطورات جدية توحي بتذليل العقبات امام تشكيل الحكومة، لكن ما تم تثبيته حتى الان هو «تجاوز» طرح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتشكيل حكومة أكثرية، والعودة الى مربع البحث عن خيار حكومة وحدة وطنية، بعد أن تبين ان لا حماسة لهذا الطرح عن غالبية القوى السياسية الوازنة، ووفقا لاوساط سياسية مطلعة توافق الرئيس الحريري ومعه القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي على رفض هذا الخيار، وتم ابلاغ بعبدا بهذا الامر من خلال اتصال هاتفي بين الوزير غطاس خوري والنائب الياس بو صعب… اما رئيس مجلس النواب نبيه بري فنقل عنه زواره ضرورة تأليف حكومة وحدة وطنية يتمثّل فيها الجميع وتشهد تنازلات من الاطراف المعنية لمصلحة البلد، ومواجهة التحديات الخارجية الداهمة، ولا يبدو حزب الله بعيداً عن هذه المقاربة وهو ما يزال يؤيد تشكيل حكومة جامعة وهو لا يؤيد عزل اي فريق سياسي…
وتوقعت تلك الاوساط، ان يحصل لقاء بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف هذا الاسبوع بعد ان ينتهي الحريري من «جوجلة» افكار جديدة يجري العمل على بلورتها مع «القوات» و«الاشتراكي»، ومن المرتقب ان يلتقي الوزير باسيل في الساعات القليلة المقبلة بعد ان تعذر ذلك منذ عودته من نيويورك بسبب انشغاله بملف الرد على التهديدات الاسرائيلية…لكن حتى الان يمكن القول انه
لم تتضح بعد معالم جدية للخروج من الازمة، المراوحة مستمرة، وحتى الان لم يتخذ الرئيس الحريري قرارا بشان عقد جلسات حكومة «الضرورة» وهو ينتظر ان تتبلور الافكار الجديدة، وعندها سيبني على الشيء مقتضاه.
«القوات» تنتظر…
في هذا الوقت تنتظر القوات اللبنانية خطوة ايجابية من التيار الوطني الحر على مبادرة الدكتور سمير جعجع الذي دعا مناصريه ومحازبيه الى وقف السجالات مع «التيار»، ووفقا لاوساط «القوات» لا يريد «الحكيم» ان تنتقل الاجواء السياسية السلبية الى الجامعات ويرغب في «تبريد» الاجواء علّ هذه الخطوة تفتح الطريق امام اعادة التواصل لاعادة ترميم التفاهم على اسس متينة هذه المرة، وبعيداً عن التشنج وأجواء التحدي، «والكرة» الان في «ملعب» «التيار» المطالب بخطوات جدية تساعد على تنفيس الاحتقان…