IMLebanon

من سيملك قرار الحكم في لبنان رئاسة الجمهورية ام رئاسة المجلس النيابي ؟

الخلاف حول مرسوم الاقدمية لضباط دورة 1994 هو سياسي بامتياز وليس دستورياً

شارل أيوب

اصبحت المواجهة واضحة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري، ولم تعد القضية قضية مرسوم منح اقدمية سنة لضباط الدورة الذين تخرجوا سنة 1994 التي قام بدعوة التطويع لها العماد ميشال عون يوم كان رئيساً للحكومة الاستثنائية وضمت 195 ضابطاً نجحوا بالكفاءة ووفق ترتيب علاماتهم تم تطويعهم في الجيش اللبناني فكان بينهم 16 ضابطاً مسلماً والبقية من الطائفة المسيحية.
اثر دخول الجيش السوري الى منطقة الكحالة – بعبدا وازاحة العماد ميشال عون مع الجيش الذي كان يأمره، من رئاسة الحكومة الاستثنائية ومن السيطرة على الارض، كان ضباط دورة 1994 قد بدأوا تدريبهم في المدرسة الحربية قبل اشهر، لكن دخول الجيش السوري ادى الى اقفال المدرسة الحربية ثم تم ارسال الضباط الى منازلهم ووفق المرسوم الذي جرى تطويعهم عبره، كان يتم تسليمهم رواتبهم وبقوا في ملاك الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي، كتلامذة ضباط لكنهم أمضوا سنتين وهم في المنزل لاسباب لم تعرف، رغم ان العماد اميل لحود الذي كان قائد الجيش استلم قيادة الجيش في اليرزة، وبدلا من ان يستدعي الدورة التي تخرجت سنة 1994 ابقى عليها في منازلها لمدة سنتين، دون سبب معين مع ان المدرسة الحربية كان فيها كوادر ضباط وضباط مدربين وكافة رتباء الانضباط والمدرسة الحربية لم تصب بتدمير بل كان كل ما فيها من مواد للتدريب وامكنة للنوم وملاعب ومخازن للذخيرة ومخازن السلاح كاملة كلها ولم يكن يحتاج الامر الا اصدار قرار او امر عسكري باستدعاء التلامذة الضباط من دورة 1994 الى المدرسة الحربية لاكمال تدريبهم.
بعد سنتين تم استدعاء التلامذة الضباط التي تم تسميتها دورة العماد عون، ورغم انهم نجحوا بالكفاءة لكن وضع البلاد لم يكن يسمح للكثير من الشبان اللبنانيين ان يأتوا الى منطقة الفياضية والى وزارة الدفاع او الى المدرسة الحربية ليقدموا طلباتهم، بل كانت الطرقات مقطوعة فجرت الامتحانات عبر الذين استطاعوا تقديم طلباتهم وكانت النتيجة انتساب 195 تلميذاً ضابطاً الى المدرسة الحربية لكن كانت ميولهم كما اعتبرتها الاوساط والاحزاب السياسية في لبنان انها ميول عونية وتدين بالولاء للعماد ميشال عون رئيس الحكومة الاستثنائية هو الذي دعا الى تطويع التلامذة الضباط.
هؤلاء الضباط خدموا في الجيش ومنهم من استشهد وامضوا 23 سنة من حياتهم حتى الان في الجيش اللبناني، وهم اذ تخرجوا سنة 1994 قامت قيادة الجيش بتوزيعهم على الالوية والافواج وخدموا فيها، الا ان اسم الدورة بقي دورة العماد ميشال عون. ومقابل ذلك قام الرئيس العماد اميل لحود بضم دورتين من التلامذة الضباط المنتسبين الى الميليشيات الحزبية والطائفية الى المدرسة الحربية كي يوازن في دمج الجيش ومقابل دورة الضباط الذين تخرجوا سنة 1994.
عادة في الجيش اللبناني يتم اعطاء اقدمية وفق اعمال باهرة عسكرية يقوم بها ضباط او افراد او رتباء في ساحة الشرف او في ساحة الواجب وفي عمليات عسكرية لحفظ الامن، واثر ذلك وفق المادة 47 يتم منحهم اقدمية على هذا الاساس.
اما بالنسبة الى العماد ميشال عون، فقد اعتبر ان الضباط امضوا في منازلهم سنتين، ضاعت عليهم هذه السنتين من حياتهم العسكرية، رغم انهم اجروا تدريبا مكثفا لمدة 16 شهرا وتخرجوا بعدها برتبة ملازم، واختصروا بذلك مدة هامة من فترة التدريب في المدرسة الحربية.
منذ 8 اشهر ارسل العماد ميشال عون رئيس الجمهورية مرسوما بمنح سنة اقدمية لهؤلاء الضباط من دورة 1994 للتعويض عن بقائهم في منازلهم مدة سنتين، وقال ان الحل الوسط هو اعطاء سنة اقدمية وليس سنتين، وهكذا يمر القانون. ولكنه ذهب الى المجلس النيابي واحاله الرئيس نبيه بري الى الهيئة العامة للنقاش، ثم تم احالته الى اللجان النيابية المختصة لدراسة موضوع منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994.

عون لم يرتاح لموقف بري

بقي المرسوم الذي ارسله رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في اللجان النيابية، وهو لم يرتح لموقف الرئيس نبيه بري، وفي نهاية المطاف اجتمع مع الرئيس الحريري وقال له لقد قررت منح سنة اقدمية لدورة 1994 وهم مظلومون وقد امضوا سنتين في منازلهم، وكي لا نعطيهم سنتين سوف نمنحهم اقدمية سنة كاملة. وبذلك ينالوا نصف حقهم وفق رأي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
لكن العماد ميشال عون كان يريد على الرئيس بري الذي ارسل مرسوم ترقية الضباط من دورة 1994 الى اللجان النيابية لدرس الموضوع حيث نام المرسوم هناك.
وباعتبار ان منح اقدمية سواء لاسباب باهرة كما تقول المادة 47 ام لقرار من قائد الجيش اللبناني والمجلس العسكري حيث يستطيعون الاستناد الى مواد تعتبرها القيادة مصلحة وطنية عليا ومصلحة عليا للجيش اللبناني، فقد اجتمع المجلس العسكري بقيادة العماد جوزف عون قائد الجيش، بطلب من الرئيس العماد ميشال عون لتحضير مرسوم منح اقدمية سنة لدورة 1994.
وكي نعود الى ما كنا نسرده، فان الرئيس سعد الحريري الذي طلب منه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توقيعه على مرسوم منح سنة اقدمية وافق على هذا الامر وسأل احد اعضاء المجلس العسكري لقيادة الجيش، فأجاب ان منح اقدمية لا يقوم بترتيب اعباء مالية، وان هنالك مئات المراسيم من اعطاء اقدمية دون ان يقوم وزير المالية بتوقيعها طالما ان منح الاقدمية لا ترتب اعباء مالية. لكن في كل الاحوال كان الرئيس سعد الحريري يريد التعاون والتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ولذلك قال له انا سأوقع المرسوم الذي ترسله قيادة الجيش اللبناني ووزير الدفاع يعقوب الصراف الى رئاسة الحكومة، ثم ارسله للتنفيذ الى وزارة المالية، وذلك بعد ان يوقع فقط على المرسوم وزير الدفاع ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية دون توقيع وزير المالية.

عون رد الكرة في وجه بري

اراد رئيس الجمهورية رد الكرة في وجه الرئيس نبيه بري وطالما ان الرئيس نبيه بري قام بارسال مرسوم منح اقدمية سنة الى اللجان، فقرر رئيس الجمهورية تجاوز هذا الامر وقيامه بالتوقيع على مرسوم منح سنة اقدمية خاصة وان رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري وافق على ذلك، ووزير الدفاع بطبيعة الحال وقع على المرسوم، لكن المرسوم لم يتم ارساله الى وزير الداخلية حيث ان هنالك ضباطاً من قوى الامن الداخلي يجب ان يوقع على منحهم اقدمية سنة وزير الداخلية نهاد المشنوق، لكن المرسوم بقي محصورا بين توقيع رئيس الجمهورية وتوقيع الوزير المختص وتوقيع رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري.

هل القرار لرئيس الجمهورية أم لرئيس المجلس؟

ولم يكن يعرف الرئيس الحريري ان الامور ستصل الى المواجهة الى هذا الحد بين رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري، وبين رئاسة الجمهورية ورئاسة المجلس، ومن يمتلك القرار، وهل يكون القرار في لبنان قرار رئاسة الجمهورية مع رئاسة السلطة التنفيذية عبر الرئيس سعد الحريري، ام يكون القرار قرار مجلسي اي تحت سلطة مجلس النواب ورئيس السلطة التشريعية الرئيس نبيه بري.
قرر العماد ميشال عون التحدي وقام بالتوقيع على المرسوم مع الحريري والوزير المختص وقبل ذلك اجتمع المجلس العسكري بقيادة قائد الجيش العماد جوزف عون وبحثوا في منح سنة الاقدمية كما قدمها قائد الجيش العماد جوزف عون الذي كان قد تم استدعاؤه الى القصر الجمهوري وابلغه رئيس الجمهورية عون انه يريد منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 وان على قائد الجيش العمل على تنفيذ هذه الخطوة، وفق الاصول والقانون العسكري ودعوة المجلس العسكري الذي يقود الجيش اللبناني برئاسة العماد جوزف عون قائد الجيش، للاجتماع وبحث مرسوم منح سنة اقدمية.

الموضوع طرح داخل المجلس العسكري

داخل المجلس العسكري طرح الموضوع قائد الجيش العماد جوزف عون، وتوقف اعضاء المجلس العسكري امام المفاجأة، لكن اكثريتهم لم تعترض، فيما قام احد اعضاء المجلس العسكري بالقول ان هذا المرسوم يا حضرة العماد جوزف عون سيخلق مشكلة في البلد. لكنه لم يعترض بالتصويت ضد مرسوم منح سنة اقدمية، كما قام احد اعضاء المجلس العسكري بالقول ان منح سنة اقدمية هي سابقة خطيرة ولا بد من ايجاد المستندات القانونية الذي يجب ان يرفعها المجلس العسكري بقيادة قائد الجيش الى السلطة السياسية كي توافق على مرسوم منح سنة اقدمية وان هنالك حججاً عسكرية ومستندات ووقائع يجب تقديمها ووضعها في كتاب مرفوع الى وزير الدفاع يتم الاستناد الى هذه الحجج والمستندات والوقائع والظروف وعلى هذا الاساس يتم طلب منح سنة اقدمية.
وافق المجلس العسكري على هذا الامر، لكن الكتاب الذي تم رفعه الى وزير الدفاع قام بسرد الوقائع والظروف التي حصلت مع دورة ضباط 1994 وكيف انهم امضوا سنتين في منازلهم دون ترقية ودون تدريب ولاسباب كيدية على اساس ان هذه الدورة تم تسميتها دورة العماد ميشال عون، ولذلك يومها تم البحث بالغاء الدورة وتسريح التلامذة الضباط والغاء التعاقد معهم في المدرسة الحربية وقام فريق عسكري كبير من قيادة الجيش باقناع العماد اميل لحود بعدم تسريح الضباط خاصة وانهم تلقوا اشهراً من التدريب وان المرسوم دستوري بتطويعهم في الجيش اللبناني، كون انه وفق الدستور ما قبل الطائف يحق لرئيس الجمهورية تشكيل حكومة وتعيين رئيس الحكومة لها، وعلى هذا الاساس فان المرسوم الذي اصدره الرئيس امين الجميل الذي ترك القصر الجمهوري في ايلول 1988 واصدر مرسوما بتعيين العماد ميشال عون قائدا للجيش، وقام بتسمية اعضاء الحكومة وكانوا كلهم اعضاء المجلس العسكري.

حكومة الرئيس سليم الحص

وفي المقابل، كانت حكومة الرئيس سليم الحص التي كانت تدّعي انها هي الشرعية وليس حكومة الرئيس العماد ميشال عون الذي قام بتأليفها وفق الدستور الرئيس امين الجميل وان المرسوم الذي اصدره الجميل باعتبار حكومة الحص مستقيلة، وان الحكومة الدستورية هي برئاسة العماد ميشال عون، فقد حصل خلاف في هذا الامر، ولم يحضر الضباط الثلاثة اعضاء المجلس العسكري وهو العضو الدرزي والعضو الشيعي والعضو السنّي، للاجتماع في الحكومة التي ترأسها العماد ميشال عون بعد صدور مرسوم الرئيس امين الجميل في ايلول 1988.
لكن الرأي العسكري الاخير تم الاتفاق عليه هو ان مرسوم تطويع التلامذة الضباط دورة 1994 هو دستوري كون الدستور يسمح لرئيس الجمهورية يومها الرئيس امين الجميل باعتبار حكومة الرئيس سليم الحص مستقيلة وان المرسوم الذي صدر بتكليف العماد ميشال عون ترؤس الحكومة وتشكيلها من اعضاء المجلس العسكري،  تكون الحكومة الشرعية وليست حكومة الرئيس سليم الحص، وعندها تم استدعاء بعد سنتين التلامذة الضباط من دورة 1994 والتي تم تسميتها دورة العماد ميشال عون.
ولان الامور جرى اعتبارها دستورية في شأن اصدار الرئيس امين الجميل مرسوم تكليف العماد عون رئاسة الحكومة الانتقالية، فانه بعد ذلك عند كل تكليف لرئيس حكومة جديد تشكيل حكومة كان يقوم بزيارة العماد ميشال عون كرئيس حكومة سابق مستندين بذلك على المرسوم الذي اصدره الرئيس امين الجميل وفقق الدستور اللبناني السابق الذي هو ميثاق 1943.

عون وضع المرسوم وبري ارسله الى اللجان

ارسل المجلس العسكري كتاب منح سنة اقدمية لدورة 1994 الى الوزير يعقوب الصراف فقام بتوقيعه ووقعه رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري ثم وقعه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبذلك تجاوز العماد ميشال عون ما قام به الرئيس نبيه بري من ارسال المرسوم الى لجنة الدفاع والادارة والعدل والمال وغيرها.
واثر توقيع رئيس الجمهورية والرئيس سعد الحريري والوزير المختص يعقوب الصراف، تم ارساله الى وزير المالية الدكتور علي حسن خليل، لكن احد كبار الضباط الشيعة في الجيش اللبناني قام بابلاغ الرئيس نبيه بري ما حصل في المجلس العسكري والمشاورات التي دارت وكل ملابسات مرسوم اعطاء منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994.

صدمة بري من تجاوز المجلس النيابي

وكانت مفاجأة كبرى للرئيس نبيه بري وصدمة له، معتبرا ان رئيس الجمهورية تجاوز صلاحيات المجلس النيابي ذلك ان هذا القانون الذي صدر بمرسوم هو موجود حاليا لدى اللجان النيابية في المجلس النيابي لدراسته، وان اصداره هو تجاوز لصلاحية المجلس النيابي وهو مصدر السلطات ومصدر التشريع ومصدر اقرار مراسيم القوانين.
كذلك قام ضابط كبير من الطائفة السنيّة، وعلى الارجح ان الضابطين هما من اعضاء المجلس العسكري لابلاغ الرئيس سعد الحريري بأن مرسوم منح سنة اقدمية سيخلق مشكلة لكنه ابلغ الحريري انه وافق على المرسوم كما قدمه قائد الجيش العماد جوزف عون.
وصل المرسوم الى الوزير الدكتور علي حسن خليل، وعبر مرسوم منح سنة اقدمية فانه لا يرتب اعباء مالية مباشرة، اذ انه لا يرفع راتب اي ضابط ولا يمنحه مخصصات مالية ولا يقدم له اي اعباء مالية على الدورة، لكن الوزير الدكتور علي حسن خليل اعتبر ان هذا المرسوم كان يجب ان يمر على وزارة المالية قبل توقيعه من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية كي تدرسه وزارة المالية عبر الدائرة القانونية فيها عما اذا كان سيسبب او سيرتب اعباء مالية على خزينة الدولة اللبنانية.

بري اعطى تعليماته لوزير المالية بعدم التوقيع

وتشاور وزير المالية الدكتور علي حسن خليل ممثل حركة امل في الحكومة التي يرأسها الحريري مع الرئيس نبيه بري، وبعد التشاور اعطى الرئيس بري توجيهاته الى وزير المالية بعدم التوقيع على مرسوم منح سنة اقدمية.
في هذا الوقت، تريث رئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري بنشر المرسوم في الجريدة الرسمية، بعدما وقع الخلاف بينه وبين الرئيس نبيه بري، والرئيس نبيه بري قال في مجالسه اذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد قام بجهد كبير سيادي وقرار كبير ضد موقف المملكة العربية السعودية عند احتجازها رئيس مجلس الوزراء اللبناني الرئيس سعد الحريري فان الرئيس نبيه بري قام بالاشتراك مع رئيس الجمهورية في هذا الجهد لا بل انه قام بمشاورات كثيفة خارج اطار مشاورات رئيس الجمهورية العلنية واتصل بالاحزاب والقوى لترتيب التسوية التي صدرت عن مجلس الوزراء بالتنسيق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكن الرئيس نبيه بري قال لنفسه انني لعبت دورا كبيرا في محادثات مع حزب الله للوصول لمبدأ النأي بالنفس، وانني قمت بالتسهيل امام الرئيس سعد الحريري كي يحصل على الشروط التي طلبها، وهذا ما حصل بالفعل في مجلس الوزراء وادى الى عودة الرئيس سعد الحريري عن استقالته.

بري اعتبر ان الحريري طعنه

لكن الرئيس نبيه بري اعتبر ان الرئيس سعد الحريري طعنه مع العماد ميشال عون في ظهره في خنجر كبير وقاما سوية بتوقيع مرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 رغم معرفة العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ان هذا القانون هو قيد الدراسة في اللجان النيابية في المجلس النيابي، ولا يجوز بأي شكل من الاشكال اعتبار ان هذا القانون غير موجود وغير مرسل الى المجلس النيابي وانه قيد الدراسة ولو تأخر الامر، وان يتم وضع مرسوم آخر عبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حتى لو كان قائد الجيش العماد جوزف عون يدين بالولاء المطلق لرئيس الجمهورية. ولذلك قرر الرئيس نبيه بري المواجهة وحصل خلاف بينه وبين الرئيس سعد الحريري، حتى انقطع الاتصال بينهما ، ولم يعد الرئيس بري يتحادث هاتفيا او الاجتماع مع الحريري.
جرت وساطات بين رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة لكن الرئيس نبيه بري كان مصرا على عدم قبول اي اتصال من الرئيس سعد الحريري، ردا على توقيع رئيس الحكومة لمرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994.

القانون اصبح نافذا عندما وضعه رئيس الجمهورية

في المقابل، قام الحريري باعطاء الاوامر الى امانة عامة مجلس الوزراء بالطلب بعدم نشر المرسوم في الجريدة الرسمية معتبرا ان عدم نشره يشكل تجميدا للمشكلة القائمة والخلاف الحاد والعنيف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة ورئيس المجلس النيابي من جهة اخرى. كما يعطي اشارة طيبة من الرئيس  الحريري باتجاه الرئيس نبيه بري مع ابقاء الحريري على تعاونه وتضامنه مع رئيس الجمهورية. لكن صدرت اجواء قصر بعبدا المحيطة برئيس الجمهورية، وذكرت محطة «او. تي. في» التابعة لحزب التيار الوطني الحر واعلنت انه سواء تم نشر المرسوم في الجريدة الرسمية القاضي بمنح سنة اقدمية لضباط سنة 1994 ام لم يتم نشره فان المرسوم اصبح نافذا بمجرد توقيع رئيس الجمهورية عليه.
كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يحضر قداس اعياد رأس السنة والميلاد في بكركي، ولدى سؤاله عن الضجة الحاصلة في شأن مرسوم سنة اقدمية لضباط دورة 1994 اجاب ان المرسوم دستوري وقانوني، ومن لديه اعتراض عليه فليذهب الى القضاء اللبناني، والقضاء هو الحكم، وانا كرئيس للجمهورية سأخضع لحكم القضاء.
بعد الظهر، توجه الصحافيون الى عين التينة، وقاموا بتوجيه السؤال الى رئيس المجلس النيابي ورئيس حركة امل نبيه بري، حول مرسوم منح سنة اقدمية لضباط سنة 1994 وخاصة ما صرح به رئيس الجمهورية في بكركي، من ان المرسوم دستوري وقانوني ومن لديه اعتراض عليه فليذهب الى القضاء والقضاء يقرر، فرد بري بالقول «اليوم عيد وغدا نتكلم».

بري : الضعيف يذهب الى القضاء

وفي اليوم الثاني تكلم رئيس مجلس النواب نبيه بري وقال «المرسوم خارج الاصول وغير مطابق للدستور، لا بل هو تجاوز على الدستور»، اما في شأن الذهاب الى القضاء فرد بري «الضعيف يذهب الى القضاء». وكانت كلمة قوية تقال من رئيس المجلس النيابي في وجه رئاسة الجمهورية عن ان الضعيف يذهب الى القضاء.
لكن اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان المرسوم اصبح نافذا وارسله عبر رئاسة الحكومة الى وزارة الدفاع الذي ارسلته الى قيادة الجيش.
وكمثل كل سنة تضع قيادة الجيش اللائحة النهائية للترقيات وترسلها في 1 – 1-2018  وطالما ان قيادة الجيش اعتبرت ان المرسوم اصبح نافذا من خلال توقيع رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الجمهورية على المرسوم، فاصدرت الترقيات وارسلت مرسوم الترقية عبر مرسومين، مرسوم اول يقول بترقية 19 ضابطاً من دورة 1994 من رتبة عقيد الى رتبة عميد، وبترقية 5 ضباط من دورة 1994 من رتبة مقدم الى عقيد، وتم ارساله الى وزير المالية، الذي قام بدوره بارساله الى الدائرة القانونية في وزارة المالية، وتكونت قناعة لدى وزير المالية انه لولا منح سنة اقدمية لدورة 1994 لما كان 19 عقيدا تم ترقيتهم الى رتبة عميد، ولما كان تم ترقية 5 ضباط من دورة 1994 من رتبة مقدم الى عقيد.
وهنا قال الوزير الدكتور علي حسن خليل ان مرسوم منح اقدمية سنة يؤدي الى اعباء مالية على الدولة ولذلك كان يحتاج مرسوم سنة اقدمية الى توقيع وزير المالية لان الـ 19 ضابطاً الذين تم ترقيتهم الى رتبة عميد و5 ضباط الذين تم ترقيتهم الى رتبة عقيد وكلهم من دورة 1994 الذين نالوا سنة اقدمية على رفاقهم الضباط قد رتب اعباء مالية لان راتب العميد هو اعلى من راتب عقيد وراتب عقيد هو اعلى من راتب مقدم.
واصبح الموضوع العسكري ودورة 1994 على صفحات الاعلام وعلى شاشات التلفزيون وفي المواقع الالكترونية اضافة الى التصريحات السياسية خاصة ان اجواء قصر بعبدا كانت تصرّح يوميا في هذا المجال كذلك اجواء عين التينة وكلام الرئيس نبيه بري كان مستمراً حول هذا الموضوع.

اتصالات اللواء ابراهيم بناء على طلب رئيس الجمهورية

وفي محاولة لايجاد تسوية للمشكلة، استدعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم، وطلب منه القيام بالاتصالات اللازمة لايجاد حل لمشكلة مرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994. لكن بعد 5 ايام من اتصالات اللواء عباس ابراهيم عاد الى القصر الجمهوري في بعبدا وابلغ رئيس الجمهورية استحالة الوصول الى تسوية نتيجة تشدد كل طرف على موقفه.
وانسحب اللواء عباس ابراهيم بعدما اعطى الجواب الى رئيس الجمهورية الذي كلفه بمهمة ايجاد التسوية.
ولاحقاً ظهر في الاعلام ان قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون زار عين التينة، وطبعا بحث مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمرسوم سنة اقدمية، لكن المعلومات بقيت سرية، انما الواضح ان العماد جوزف عون لم يستطع اقناع  بري بأن يوقع وزير المالية على مرسوم ترقية الضباط المتوقف في وزارة المالية على مستوى رتبة عميد ورتبة عقيد. اما بقية الترقيات فقد صدرت لرتبة ملازم اول ورقيب ورائد، اما رتبة عقيد وعميد فتم تجميد مرسوم ترقيتهم، على اساس ان هنالك 24 ضابطاً استفادوا من منحهم سنة اقدمية وتم ترقيتهم الى رتبة اعلى مما ادى الى ترتيب اعباء مالية على وزارة المالية والموازنة العامة، ولذلك فالوزير الدكتور علي حسن خليل لن يوقع.
ثم اكمل قائد الجيش العماد جوزف عون زيارته فاجتمع برئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري وشرح له وضع المؤسسة العسكرية وانعكاس الخلاف السياسي على ترقية الضباط ومعنويات الجيش اللبناني، لكن الحريري لم يكن يملك الحل فالمشكلة كبيرة، ورئيس الجمهورية لن يتراجع عن موقفه ورئيس المجلس النيابي لن يتراجع عن موقفه وبالتالي بات الصراع بين قطب موقع رئاسة الجمهورية وقطب موقع رئاسة المجلس النيابي.
وكان نتيجة الامر ان اوقف وزير المالية مراسيم ترقية الضباط من رتبة عقيد الى عميد ولم يوقع عليها كما اوقف مرسوم ترقية ضباط من رتبة مقدم الى عقيد ولم يوقع على الترقية.

الطبقة السياسية تعتبر ان الضرر ليس كبيراً

عاد قائد الجيش العماد جوزف عون الى اليرزة حيث قيادة الجيش اللبناني، وكان الجو قد بدأ يسري بين ضباط الجيش والرتباء والافراد والجنود، واصبحت المؤسسة العسكرية في ظل الاعلام التلفزيوني والمواقع الالكترونية والصحافة المكتوبة والاذاعات تنشر اخبار الصراع حول مرسوم منح سنة اقدمية اضافة الى تجميد ترقية ضباط من رتبة عقيد الى عميد ومن رتبة مقدم الى عقيد طالما ان هنالك 24 ضابطاً من الدورة الذين تخرجوا سنة 1994 استفادوا من منحهم سنة اقدمية، وعلى هذا الاساس تم ترقيتهم، وبالتالي فان ترقيتهم تعطيهم زيادة في الراتب واعباء مالية اضافية وهنا رفض وزير المالية بشكل كامل توقيع المرسوم وهكذا انعكس الجو داخل الجيش اللبناني الذي اصبح الحديث يدور في مكاتب وزارة الدفاع وفي الثكنات العسكرية للجيش اللبناني حول الخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وفي العلن، سواء من خلال تصريح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وتصريحات رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
واصبحت القضية المشكلة امام قائد الجيش العماد جوزف عون، لكن في المقابل وفي جو هذا الصراع حول مرسوم منح سنة اقدمية، بدأت الطبقة السياسية في لبنان تشعر ان الضرر ليس كبيرا اذا توقفت تغطية ضباط من رتبة عقيد الى عميد ومن رتبة مقدم الى عقيد، واقنعوا انفسهم على كل المستويات انه ليس في البلاد مشكلة ولا ضرر كبير ويمكن تأجيل الترقيات 6 اشهر وسنة واكثر. وقد حصل هذا الامر اثناء الحروب اللبنانية التي مر فيها لبنان وتأجلت دورات عن الترقيات لمدة سنة وسنتين.

عودة مخصصات الضباط الذين كانوا مع العماد عون منذ 1991

كما ان ضباط رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذين كانوا معه في وزارة الدفاع، وتم سجنهم في دمشق او تسريحهم من الجيش دون تقاعد وتعويض حصل انه لدى عودة العماد ميشال عون سنة 2005 في 7 ايار الى بيروت، كان من شروط العماد ميشال عون اعادة كل تعويضات ورواتب الضباط الذين كانوا معه منذ سنة 1991 وتم تسريحهم او سجنهم او سفرهم الى الخارج، وعبر مرسوم وقّعه العماد الرئيس اميل لحود، عادت كل مخصصات الضباط الذين كانوا مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورواتبهم وتقاعدهم من سنة 1991 وحتى سنة 2005 ومن كان برتبة رائد اصبح برتبة عميد ونتيجة تجاوز سنه السنّ القانوني ذهب الى التقاعد مع تعويض وراتب.

دورة 1976 نالت حقوقها

كما ان دورة 1976 واثر انشقاق الجيش اللبناني نتيجة تدخل فتح وما قام يومها من جيش اسمه جيش لبنان العربي بقيادة المرحوم الملازم اول احمد الخطيب عادوا والتحقوا بالمدرسة الحربية وتخرجوا ونالوا حقوقهم بمراسيم دستورية وقانونية. والان تفكر الطبقة السياسية ما هي المشكلة اذا لم تصدر ترقيات الى رتبة عميد وعقيد في 1 1 2001- 2018 وماذا لو صدرت بعد الانتخابات النيابية او تم تأخيرها شهرين، واعتبرت الطبقة السياسية انه يمكن تجاوز الامر وعدم البقاء في دائرة هذا الصراع.
لكن يوم امس صرّح النائب روبير غانم بأنه وفق المادة 47 من قانون الدفاع لا يجوز منح سنة اقدمية لاي ضابط او رتيب او جندي في الجيش اللبناني الا بسبب اعمال باهرة قام بها في العمليات العسكرية والحربية.
وجاء موقف النائب روبير غانم مؤيدا لموقف الرئيس نبيه بري، كذلك فعل النائب نقولا فتوش الذي استند الى المادة ذاتها وأيد موقف الرئيس نبيه بري.
لكن في ذات الوقت، صدر عبر الوكالة الوطنية للانباء ما يأتي: اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، التزامه «الموافقة على الرأي الذي تصدره الجهات القضائية المختصة في شأن قانونية المرسوم الذي اصدره، ويقضي بمنح اقدمية للترقية لضباط 1994، لا سيما وان القضاء هو المرجع الصالح للبت في الخلافات الناشئة حول قانونية المراسيم والاجراءات الصادرة عن السلطة التنفيذية».
واعرب الرئيس عون عن رغبته في ان يضع هذا الموقف «حدا للجدل القائم حول المرسوم وتكون للجهات القضائية المختصة الكلمة الفصل»، مشيرا الى ان «الجدل حول المرسوم اخذ في احيان كثيرة منحى مغايرا للأصول لما يخدم المصلحة الوطنية».

بيان رئاسة الجمهورية

مواقف الرئيس عون جاءت في بيان صدر قبل ظهر امس عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، هنا نصه:
«بعدما كثرت التصاريح والشروحات والتعليقات حول المرسوم الذي قضى بمنح اقدمية للترقية لضباط دورة 1994، ما اثار جدلا حول الموضوع، وبصرف النظر عن الاسلوب الذي يتم فيه تناول هذه المسألة في وسائل الاعلام وغيرها، والذي يتجاوز احيانا الاصول والقواعد والاعراف المعتمدة، يهم مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، وضعا للأمور في نصابها الصحيح وعدم المضي في استثمار هذا الملف، ان يؤكد على الاتي:
منذ ان نشأ الجدل حول المرسوم المشار اليه، قدم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اقتراحا دعا فيه المعترضين على صدور المرسوم، الى مراجعة الجهات القضائية المختصة التي تتولى النظر في الخلافات التي تنشأ نتيجة صدور مراسيم عن السلطة التنفيذية، وعبر الرئيس عون عن قبوله سلفا بنتيجة القرار القضائي، حتى ولو كان مبطلا للمرسوم ولاغيا له ولمفاعيله، وذلك انطلاقا من اقتناعه بأن كل تباين في الرأي حول تدبير ما للسلطة التنفيذية ثمة جهات قضائية معنية ببت اي نزاع ينشأ حوله.
الا انه، وعلى رغم موقف رئيس الجمهورية الواضح والحاسم في هذا المجال، استمر الجدل حول المرسوم واخذ في احيان كثيرة منحى مغايرا للاصول ولما يخدم المصلحة الوطنية.
حيال ذلك، يهم رئيس الجمهورية ان يؤكد مرة اخيرة، التزامه الموافقة على الرأي الذي تصدره الجهات القضائية المختصة في شأن المرسوم المشار اليه، والذي يفترض ان يلقى موافقة والتزاما من الجميع، لا سيما وان القضاء هو المرجع الصالح للبت في الخلافات الناشئة حول قانونية المراسيم والاجراءات الصادرة عن الجهات الرسمية المختصة سواء كانت الخلافات داخل المؤسسات او في ما بينها.
ان رئيس الجمهورية يرغب في ان يضع هذا التوضيح حدا للجدل القائم حول مرسوم منح اقدمية للترقية لضباط دورة 1994، ويترك للجهات القضائية ان تقول كلمتها الفصل».

بيان رئاسة المجلس

وبعد صدور البيان عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية صدر في الوكالة الوطنية اللبنانية للانباء بيان من قبل رئيس المجلس النيابي الاستاذ نبيه بري جاء فيه: مع مشاركتنا الرغبة والشديدة ايضاً في وضع حد للجدل القائم حول دستورية المرسوم المتعلق بدورة 1994، غير أن الذي حصل ليس مجرد إشكالية قانونية في مرسوم يطعن به امام مجلس الشورى. وانما مخالفة صارخة لقاعدة دستورية تسمى «مداورة الأصول» بالالتفاف على اختصاص سلطة دستورية ومواد في منتهى الصراحة والوضوح في الدستور ليس أقلها المادتان 54 و 56 واذا كان الأمر يتعلق بتفسير ما فإنما الاختصاص فيه يعود للمجلس النيابي دون سواه والذي تمت المداورة في الأصول اصلاً على اختصاصه وبعد وضع يده على الموضوع وقول كلمته فيه. واخيراً احدى الفضائل كما تعلم رئاسة الجمهورية المكرمة هي تصحيح الخطأ اذا لم يكن في الإمكان العودة عنه.
وهكذا بعد صدور البيان الرئاسي عن قصر بعبدا باسم مكتب الاعلام لرئاسة الجمهورية، وبعد صدور البيان الاعلامي الصادر عن مكتب رئيس المجلس النيابي، طالبين وضع حد للجدل العلني للموضوع لكن واقع الامر ان البيانين زادا من حدة الخلاف بين موقع رئاسة الجمهورية وموقع رئاسة المجلس النيابي، وبالتالي اصبحت المادة في شأن الخلاف بين الرئيس عون والرئيس بري وحول مرسوم اعطاء اقدمية سنة لدورة 1994 كذلك القرار من قبل وزير المالية الدكتور علي حسن خليل بعدم توقيع مرسوم الترقيات الى رتبة عميد وعقيد فان وزير المالية طالب بأن يتم ارسال مرسوم منح الاقدمية له كي يتم توقيعه لانه اصبح مؤكدا ان هذا المرسوم قام بترتيب اعباء مالية على الموازنة اللبنانية، وبالتالي فمرسوم اعطاء سنة اقدمية يجب ان يوقعه وزير المالية قبل توقيع الترقيات. ومن هنا اصبحت المراسيم موجودة وجامدة في مكتب وزير المالية.

لا يمكن لعهد عون ان ينكسر

اما في شأن البحث عن حلول، فان اجواء قصر بعبدا تقول انه لا يمكن ولا بشكل من الاشكال ان ينكسر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويعيد الى مجلس الوزراء طرح موضوع منح سنة اقدمية واقراره في مجلس الوزراء ثم ارساله الى المجلس النيابي، ويوقع عليه وزير المال، وان رئيس الجمهورية وقّع في السابق حاليا مئات منح اقدميات لضباط في الجيش اللبناني دون توقيع وزير المالية، وهنالك ملف كامل عن هذا الشأن. كما انه لا يمكن لعهد الرئيس العماد ميشال عون ان ينكسر ويتراجع عن مرسوم وقعه، وهذا ما يعتبره ضربة كبيرة لهيبة موقع رئاسة الجمهورية ولن يفعل ذلك، ولن يتراجع عن توقيع مرسوم منح سنة اقدمية مهما كلف الامر، ذلك ان الموضوع ليس شخصياً بل موضوع يتعلق بتراتبية الدولة ويتعلق بهيبة رئاسة الجمهورية ويتعلق بمرسوم وقعه رئيس الجمهورية ولا يمكن لاحد ان يخلق من هذا التوقيع مشكلة ويطرح حلولا يطالب فيها رئيس الجمهورية بالتراجع والانكسار والغاء توقيعه عن المرسوم كي يرضى فريق آخر.

لا يمكن كسر هيبة قيادة الجيش

ولذلك لا مجال للبحث مع رئيس الجمهورية العماد يمشال عون في التراجع عن توقيعه المرسوم وان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اعتبر ان مرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 اصبح نافذا والدليل على ذلك ان قيادة الجيش استندت الى مرسوم منح اقدمية سنة وقامت بترقية الضباط على اساسه، وبالتالي، فمرسوم منح سنة اقدمية هو نافذ وقيادة الجيش ووزارة الدفاع قامت بتطبيقه، واصدرت الترقيات وهذه الترقيات لن يتم التراجع عنها ولو قام وزير المالية بحفظها في مكتبه في وزارة المالية، لكن رئيس الجمهورية لن يتراجع لا عن منح سنة اقدمية لدورة 1994 ولا عن مراسيم ترقية الضباط التي اصدرتها قيادة الجيش، ذلك ان قيادة الجيش ليست ملعب كرة قدم عند احد لرمي الكرة امامها، وكسر هيبة قيادة الجيش والغاء مراسيم ترقية الضباط في الجيش اللبناني، وهو امر يخصها كونها القيادة المؤتمنة على 76 الف ضابط ورتيب وجندي، وان هنالك مجلسا عسكريا وافق على الترقيات وان السلطة المختصة بوضع مراسيم الترقيات هو المجلس العسكري برئاسة قائد الجيش. وطالما ان اعضاء المجلس العسكري وافقوا على ترقية الضباط من رتبة عقيد الى عميد ومن رتبة مقدم الى رتبة عقيد فان قرارات المجلس السعكري تصبح نافذة ولو تأخرت وقد وقعها وزير الدفاع وارسلها الى وزير المالية للتنفيذ، ولكن رئيس الجمهورية لن يتراجع ولا المجلس العسكري سيتراجع وفق اجواء وزارة الدفاع. وان الموضوع قد يبقى للانتخابات النيابية القادمة، وان عبر تشكيل حكومة جديدة، او عبر تراجع الرئيس نبيه بري رئيس مجلس النواب عن موقفه واعطائه توجيهاته لوزير المالية يكون الحل وفق اجواء قصر بعبدا.

الخلاف الى مستويات اعلى

ان الامور ذاهبة الى مستوى اعلى من الخلاف ذلك ان رئيس الجمهورية بعد الانتخابات النيابية واستقالة الحكومة الحالية وتكليف رئيس حكومة جديدة لن يقوم بالتوقيع على مرسوم تشكيل الحكومة قبل صدور مراسيم ترقية الضباط التي تم تجميدها في وزارة المالية من قبل وزير المال الدكتور علي حسن خليل.
ووفق اجواء بعبدا فان على رئيس المجلس النيابي احترام موقع رئاسة الجمهورية ويكفي ان دستور الطائف قام بتجريد رئاسة الجمهورية من صلاحيات كثيرة، فكيف يمكن وفق اجواء بعبدا السماح بأن لا يكون باستطاعة رئيس الجمهورية منح سنة اقدمية لضباط في الجيش اللبناني اصابهم الظلم والامور واضحة وقام بالتوقيع على المرسوم رئيس الحكومة ووزير الدفاع ومرسوم منح اقدمية سنة لا يحتاج الى توقيع وزير المال، وبالتالي فان على الرئيس نبيه بري الطلب من وزير المال التراجع وتوقيع مراسيم الترقية، والا فان الخلاف سيبقى بين بعبدا وعين التينة ولا اتصالات بين الرئيس ميشال عون ولا الرئيس نبيه بري طالما ان رئيس مجلس النواب يعمل على كسر كلمة رئيس الجمهورية والطلب اليه بالتراجع عن مرسوم سنة الاقدمية وهذا امر لن يحصل وفق اجواء بعبدا.

أجواء عين التينة : بري لن يتراجع

في المقابل، فان اجواء عين التينة تقول ان مرسوم منح سنة اقدمية وتوقيعه من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هو مخالفة قاعدة مداورة الاصول، وان عين التينة اذ تلبي طلب رئيس الجمهورية في وضع حد للجدل القائم حول دستورية المرسوم المتعلق بدورة 1994 غير انه وفق مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري ان الذي حصل ليس مجرد اشكالية قانونية في مرسوم يطعن فيه امام مجلس الشورى، انما مخالفة صارخة لقاعدة دستورية تسمى مداورة الاصول بالالتفاف على السلطة الدستورية ومواد بمنتهى الصراحة، والوضوح في الدستور ليس اقلها في المادتين 54 و 56.
كذلك فان اجواء عين التينة تقول ان صاحب الاختصاص في تفسير القوانين ليس مجلس الشورى او غيره، انما الاختصاص يعود فيه للمجلس النيابي دون سواه، والذي تمت المداورة في الاصول اصلا على اختصاصه وبعد وضع يده على الموضوع وقول كلمته فيه. واجواء عين التينة تقول ان احدى الفضائل كما تعلم رئاسة الجمهورية المكرمة هي تصحيح الخطأ اذا لم يكن بالامكان العودة عنه. وهكذا فان الرئيس نبيه بري لن يتراجع عن قراره ولن يعطي توجيهات لوزير المالية ممثل حركة امل الدكتور علي حسن خليل بالتوقيع على مرسوم منح سنة اقدمية رغم ان رئاسة الجمهورية تجاوزت الموضوع، واعتبرت ان مرسوم منح سنة اقدمية اصبح نافذا والدليل على ذلك صدور ترقيات ضباط الجيش كلهم على اساس الاصول والقوانين العسكرية، ومن ضمنها الاخذ في عين الاعتبار منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994 الذين تمت ترقية 24 ضابطاً منهم، وفق قرار موقع من المجلس العسكري الذي هو صاحب الاختصاص والصلاحية في ترقية الضباط وان المجلس العسكري اعتبر مرسوم منح سنة اقدمية مرسوما دستوريا قانونيا نافذا.

الخلاف يعود الى معركة رئاسة الجمهورية

الخلاف الحاصل بين رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري يعود الى سابق زمان، لكن بري لم يكن يريد ان يصل العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية، وقام بتأييد ترشيح الوزير سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية في وجه العماد ميشال عون، رغم تبني حزب الله الحليف الاساسي والاستراتيجي لحركة امل لترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، بل على العكس خطى الرئيس نبيه بري خطوات متقدمة باتجاه تأييد ودعم الوزير فرنجية للوصول الى رئاسة الجمهورية، لا بل ان بعضهم يقول ان صاحب فكرة الورقة البيضاء وعدم كتابة اسم الوزير سليمان فرنجية كمرشح لرئاسة الجمهورية هو الرئيس نبيه بري. كذلك قام بري الذي يتحالف مع الوزير وليد جنبلاط بالتشاور والتعاون لدعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في وجه الرئيس العماد ميشال عون الذي وصل الى رئاسة الجمهورية، ولم يصل الوزير فرنجية وخسر معركة الرئاسة.
كما ان هنالك تحضيرا لتكتل يجمع الرئيس نبيه بري مع الوزير وليد جنبلاط مع فرنجية مع قيادات اخرى، تكون معارضة لعهد الرئيس العماد ميشال عون. واضافة الى وقوف الرئيس نبيه بري مع الوزير وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجية قبل عودة الحريري الى تأييد العماد ميشال عون، فان الرئيس نبيه بري عانى بعد وصول الرئيس العماد عون الى رئاسة الجمهورية من خلاف مع الوزير جبران باسيل حيث شعر انه بدل التفاوض مباشرة بينه وبين رئيس الجمهورية اصبح التفاوض بينه وبين الوزير جبران باسيل على اساس ان الرئيس نبيه بري هو رئيس حركة امل والوزير جبران باسيل هو رئيس حزب التيار الوطني الحر.
وبسرعة اخذ قراره بري بعدم الاجتماع وعقد لقاءات مع باسيل، وبترك الامر لحصول اجتماعات بين المعاون السياسي للرئيس بري وزير المالية الدكتور علي حسن خليل مع وزير الخارجية المهندس جبران باسيل.

الخلاف على النفط ودعم بري لفرنجية لرئاسة الجمهورية

كما ان خلافا كبيرا حصل بين موقف رئيس الجمهورية في شأن قطع آبار الغاز والنفط في البحر مع الوزير جبران باسيل، وكانت وجهات النظر متصادمة، فرئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري كان يريد البدء عبر حفر آبار ذات ارقام قريبة من الحدود الجنوبية، فيما كان الوزير جبران باسيل يريد حفر آبار في قطع قبالة الشاطىء الشمالي في لبنان.
وازداد الخلاف في وجهات النظر بين رئيس الجمهورية والرئيس نبيه بري ولولا احتجاز الرئيس سعد الحريري لكان الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري على انفصال مع بعضهما بعضاً ودون تنسيق سياسي بينهما والزيارت مقطوعة والرئيس نبيه بري يكتفي بعقد لقاء نبايب يوم الاربعاء في عين التينة، والغى العرف بان يقوم رئيس المجلس النيابي بزيارة رئيس الجمهورية كل يوم اربعاء.
اما بالنسبة الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فشعر بأن موقف الرئيس نبيه بري في دعم وترشيح الوزير سليمان فرنجية كان عدائيا ضده كليا، وان الصداقة التي تربط الوزير فرنجية بالرئيس بري والملياردير من مزيارة السيد جيلبير شاغوري سفير نيجيريا في الاونيسكو في باريس كانت الحركة كلها موجهة ضد ترشيح العماد ميشال عون، حتى ان احد الضباط المقربين من العماد عون والذين تركوه واصبحوا يعملون مع الملياردير جيلبير شاغوري حيث عرض مليار دولار على عون كي ينسحب من رئاسة الجمهورية لمصلحة فرنجية، لكن العماد ميشال عون قال للضابط الذي كان معه اذهب انت والمليار دولار، وهل انت اصبحت مع الملياردير جيلبير شاغوري ضدّي، فأجابه الضابط ألست انت من ارسلني الى نيجيريا لاعمل معه وقام بتعليم اولادي في اميركا وبتوظيفي وتقديم لي مرتبات مالية كي استمر في تأمين عائلتي وأولادي، وكيف الان اخرج من الملياردير جيلبير شاغوري بعدما قضيت معه 20 سنة وانت لمَ ارسلتني كي اعمل معه.

اجواء بعبدا

وتقول اجواء بعبدا ان الرئيس بري كان على علم بأن جيلبير شاغوري سيعرض مبلغ مليار دولار على الرئيس العماد ميشال عون. كذلك الوزير سليمان فرنجية كان على علم بالموضوع، اما الوزير وليد جنبلاط فوصل اليه الخبر، وعمل الجميع على استقبال الوزير سليمان فرنجية كمرشح جدي وقوي لرئاسة الجمهورية وانه على قاب قوسين من الوصول الى قصر بعبدا، وان اتصال الرئيس الفرنسي هولاند بالوزير فرنجية هو شبه تهنئة على تأكيد وصوله لرئاسة الجمهورية. لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي لم ينسحب من معركة رئاسة الجمهورية والتزم تأييده حزب الله، والتزم الرئيس الدكتور بشار الاسد موقف حزب الله بدعم الرئيس العماد ميشال عون رغم الصداقة الكبيرة التي تربطه بالوزير سليمان فرنجية. ولكن الذي قلب الطاولة على الساحة المسيحية كان موقف الدكتور سمير جعجع قائد حزب القوات اللبنانية، الذي اجتمع مع الرئيس العماد ميشال عون ورفض الذهاب الى باريس لمقابلة الرئيس سعد الحريري هناك، ذلك ان الرئيس سعد الحريري حضّر على مدى سنة لقاءات بينه وبين الوزير فرنجية حتى توصلوا معا الى اتفاق على ان يكون الوزير فرنجية رئيسا للجمهورية والرئيس سعد الحريري رئيسا للحكومة وعلى ان يتعاونا معاً.

جعجع رفض ملاقاة الحريري بدعم فرنجية

وبعدما رفض الدكتور سمير جعجع ملاقاة الرئيس سعد الحريري الى باريس وعدم الرد عليه هاتفيا وعدم التكلم معه، قام بخطوة هي الاجتماع بالعماد ميشال عون المرشح لرئاسة الجمهورية وابلغه تأييد القوات اللبنانية له، وان الجبهة المسيحية الكبرى وهي حزب العونيين وحزب القوات اللبنانية ستقف في وجه الوزير سليمان فرنجية، ومن خلال قوة العونيين التي هي اقوى من قوة حزب التيار الوطني الحر الذي يقوده الوزير جبران باسيل، لان هنالك حزب التيار الوطني الحر وهنالك الجمهور المؤيد شخصيا للرئيس العماد ميشال عون.
وعبر الاتفاق بين العونيين وحزب القوات اللبنانية الذي يمثل القوة المسيحية الكبرى هي الاولى او الثانية، اذ لا يعرف اذا كان العونيون هم الاكثر شعبية ام حزب القوات هو الاكثر شعبية على الصعيد المسيحي، لكن من المؤكد ان حزب القوات اللبنانية هو اقوى مارونيا من بقية الاحزاب المسيحية.

لعبة الاوراق البيضاء

ووقفت جبهة مسيحية قوية هي جبهة العونيين والقوات اللبنانية في وجه وصول الوزير فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وعندما شعر الرئيس سعد الحريري ان خياره بترشيح الوزير سليمان فرنجية اصبح مستحيلا ولم يعد بامكانه خوض المعركة مع الوزير فرنجية لرئاسة الجمهورية، قام وزار العماد ميشال عون واعلن تأييده لترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وهكذا حصلت معركة في المجلس النيابي وتم لعب لعبة الاوراق البيضاء، وبالنتيجة فاز العماد ميشال عون برئاسة الجمهورية. ومنذ ذلك الوقت والرئيس نبيه بري ينظر الى خطوات العماد عون على قاعدة ان العماد عون، عبر احتضانه الرئيس سعد الحريري بهذا الشكل سيجعل التعاون بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة على حساب رئاسة المجلس النيابي، وحتى على حساب دستور الطائف.

اتفاق كامل بين عون وبري

لكن التعاون القوي بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري لم يعد يضع دستور الطائف في الواجهة، بل اصبح الاتفاق السياسي والفكري بينهما كاملا بحيث لم يعد الحريري يشعر باللجوء الى صلاحياته عبر دستور الطائف كما كان يحصل مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري في زمن رئاسة العماد اميل لحود، بل شعر الحريري انه مرتاح جدا الى الرئيس ميشال عون، والدستور اصبح امراً اساسياً ولكن ليس قاعدة للعلاقة مع رئيس الجمهورية. اما رئيس الجمهورية العماد عون فاتخذ الموقف ذاته وقام التنسيق ذاته واعطاء الحرية الى الرئيس سعد الحريري كي يرأس مجلس الوزراء اغلب الاوقاف في السراي ويمارس دوره كاملا كرئيس للحكومة، فيما وقف الوزير وليد جنبلاط على الحياد، انما كان ينتابه شعور بأنه غير مرتاح كثيرا لكيفية احتضان العماد ميشال عون للرئيس سعد الحريري، والى اين سيصل هذا الامر.
اما بالنسبة الى الرئيس نبيه بري فكان يعتبر أن لا شيء تغير معه وانه رئيس المجلس النيابي وانه رئيس السلطة التشريعية وان كل المراسيم والقوانين وفق الدستور ستمر على المجلس النيابي وانه اثناء ولاياته المتعددة اقر مئات المشاريع والمراسيم والقوانين في المجلس النيابي وكان دائما يحافظ على هيبة وسلطة رئاسة المجلس النيابي.
ووقف في وجه رؤساء جمهوريات، وادار رئاسة المجلس النيابي بقوة، حتى ان احدا لم يكن يشعر ان هنالك نائبا لرئيس المجلس النيابي، ولا يشعر بوجود مكتب رئاسة المجلس النيابي بل ان كل الامور كان مرجعها الرئيس نبيه بري.

موقف جنبلاط الداعم لبري

وفي هذه الاجواء المشحونة بين رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي بدا ان حزب الله لا يريد مخاصمة الرئيس العماد ميشال عون، لكنه يؤيد موقف الرئيس نبيه بري. كما ان الوزير وليد جنبلاط يؤيد موقف الرئيس نبيه بري، لكنه لا يريد ان يخاصم رئيس الجمهورية، بخاصة ان الوزير جنبلاط يتجه الى ترشيح الوزير السابق ناجي بستاني على لائحته، في المقعد الماروني في الشوف، والمعروف ان الوزير السابق ناجي بستاني سيشكل عضواً في اللقاء الديموقراطي، ولكن في كل الاحوال سيكون ضابط الارتباط والتواصل واتصال بين زعيم المختارة وليد بك جنبلاط وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وهذا ما اراح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عندما علم ان الوزير وليد جنبلاط سيأخذ على لائحته عن المقعد الماروني الوزيرالسابق ناجي بستاني.
لكن موقف الوزير وليد جنبلاط ضمنيا مع الرئيس نبيه بري في شأن مرسوم منح سنة اقدمية لضباط دورة 1994.

شبه انقلاب

اما في مجال آخر، فقد وصلت فاعليات سياسية، ليست مع عهد الرئيس ميشال عون الى القول أن دورة 1994 هم 180 ضابطاً ذوي ولاء مباشر للرئيس العماد ميشال عون والعماد ميشال عون المبدأ الاساسي عنده انه لا يتخلى عن ضابط قام بتطويعه في المدرسة الحربية، ولذلك فان منح سنة اقدمية لدورة 1994 زاد من ولاء هؤلاء الضباط لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهم برتبة 19عميداً  و160عقيداً. وكلهم مضت على ترقيتهم لرتبة عقيد سنتين او ثلاث، واقتربوا من رتبة عميد. وبالتالي فان وصول دورة العماد عون الى المراكز الاساسية في الجيش اللبناني هو شبه انقلاب وسيطرة كاملة على الجيش اللبناني، ذلك ان العماد جوزف عون لا يخطو خطوة دون مشاورة العماد ميشال عون بينما قائد الجيش العماد جوزف عون هو على علاقة ممتازة مع الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، لكن اساس العلاقة في قيادته للجيش اللبناني هو مع رئيس الجمهورية كونه رئيس الجمهورية وكونه القائد الاعلى للقوات المسلحة.

معارضو عون لا يريدونه ان يسيطر على المؤسسة العسكرية

ومع تسلم 180 ضابطاً ذوي ميول عونية وفق احزاب هي معارضة لعهد الرئيس العماد ميشال عون، فان ذلك يشكل انقلاباً عونياً في الجيش اللبناني، وان قادة الافواج والالوية ستكون من خلال هذه الدورة. واذا كان توزيع القيادات في الجيش اللبناني على اساس المناصفة بين المسيحيين والمسلمين. فان الضباط المسيحيين الذين سيقودون الالوية والافواج وامامهم من خلال سنهم القانونية الان 10 الى 15 سنة خدمة، فانهم سيخوضون حاليا ولسنوات الامرة والقيادة في الجيش اللبناني على مستوى افواج المغاوير والفوج المجوقل وفوج مغاوير البحر وفوج مغاوير الجبال وقادة سلاح المدرعات والمدفعية وقادة الالوية وقادة المناطق. فاما ان يكونوا مساعدين لقائد لواء ويكون لهم تأثير كبير او يكونوا قادة الوية. كذلك اما ان يكونوا من سلاح المدرعات والمدفعية او يكونوا مساعدين لهم. كذلك بالنسبة للوجود داخل وزارة الدفاع وتسلمهم مراكز اساسية، سواء في مديرية المخابرات ام في اركان الجيش للعديد وفي اركان الجيش للتجهيز وفي اركان الجيش للعمليات وفي اركان الجيش للتدريب وفي اركان الجيش للتعليم، وفي كل المؤسسات والعلاقات بين القطع العسكرية سيكون لهم الدور الاول. وبذلك يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هو رئيس الجمهورية الاكثر فاعلية على مستوى اهم مؤسسة ضامنة للاستقرار والحركة في لبنان، وهي الجيش اللبناني. وهذا ما لا يريده الذين يقفون ضد العماد ميشال عون ولا يريدون ان يسيطر على المؤسسة العسكرية عبر ولاء ضباط كثيرين له غير ضباط دورة 1994 وخدموا معه في السابق. لكن الان مع دورة 1994 التي تسميتها دورة العماد ميشال عون، سيكون رئيس الجمهورية مسيطرا على المؤسسة العسكرية بشكل كامل.

قوى الامن الداخلي موالية لرئيس الجمهورية

كما ان قوى الامن الداخلي عبر الرئيس سعد الحريري، ستكون موالية مباشرة الى رئيس الجمهورية، لان الرئيس سعد الحريري يترك الشأن العسكري الى رئيس الجمهورية وليس هنالك من مشكلة بين الرئيس العماد ميشال عون وقوى الامن الداخلي كما كان حاصلاً في زمن الاجهزة الامنية التابعة الى الرئيس العماد اميل لحود وقوى الامن الداخلي، التي كانت تدين بالولاء الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كذلك المديرية العامة لامن الدولة ،فانها تدين بالولاء المطلق لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون رغم انها جهاز تابع الى رئاسة مجلس الوزراء، ولا مانع لرئيس الحكومة الرئيس سعد الحريري من ان يعطي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون توجيهاته الى جهاز امن الدولة. اما بالنسبة الى المديرية العامة للامن العام التي يرأسها اللواء عباس ابراهيم وهو شخصية قوية جدا، فانه اقام علاقة قوية وممتازة مع رئيس الجمهورية، مع الحفاظ على المديرية العامة للامن العام كجهاز يعمل خارج اطار الولاء لشخص بل الولاء للدولة وللوطن.

التنسيق مع الجيش السوري

لكن منذ اشهر واشهر بدأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتكل على اللواء عباس ابراهيم في اكثرية المهمات. كما ان اللواء عباس ابراهيم على علاقة تنسيقية مباشرة بينه وبين رئيس الجمهورية في شأن الزيارة الاسبوعية التي يقوم بها اللواء عباس ابراهيم الى دمشق، ويقوم بالتنسيق مع الجيش السوري والمخابرات السورية في شأن العلاقة بين البلدين ومحاربة الارهاب ومعالجة وجود مليون ونصف مليون نازح سوري على الاراضي اللبنانية. وهذا ما جعل اللواء عباس ابراهيم في مرتبة اولى عند رئيس الجمهورية. فهو عنده الخبرة العسكرية التي يملكها العماد الرئيس ميشال، وكذلك عون فانه سيكون القائد الفعلي للجيش وللقوى الامن الداخلي وللاجهزة الامنية. فيما اصبحت القوة السياسية والاحزاب «تمون» على ضباط افراد او تؤثر فيهم، لكنها لا يمكن ان تصل الى حد، اذا اختلفت مع الرئيس العماد ميشال عون ان تطلب سواء طائفة درزية او طائفة شيعية او طائفة سنية الانشقاق عن الجيش او عن القوى الامن الداخلي او عن اجهزة امن الدولة والامن العام ومديرية المخابرات وشعبة المخابرات في الامن الداخلي.

الانتخابات النيابية

ثم هنالك الانتخابات النيابية القادمة، وسيكون الرئيس نبيه بري على تحالفات ضد التحالفات التي سيقيمها العماد ميشال عون عبر حزب التيار الوطني الحر في مناطق عديدة واهمها في جزين، حيث يعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون انه وصل بشعبيته العونية الى جزين وجبل الريحان حيث الاصوات الشيعية المؤيدة للرئيس نبيه بري ولحركة امل ولحزب الله، لكن للرئيس نبيه بري في جبل الريحان قوة شعبية كبيرة ومع ذلك خسر المقعد الماروني في جزين للنائب المرحوم سمير عازار وانتصرت لائحة العماد ميشال عون في جزين حتى وصل نفوذ العونيين الى حدود منطقة الزهراني حيث الشعبية الاولى الى الرئيس نبيه بري.
ولذلك من الان وصاعدا، سنشهد استعدادا للمعركة الانتخابية القادمة على اساس تكتل تحالف يقوده العهد عبر لوائح انتخابية على كامل الاراضي اللبنانية مع حلفاء له. وفي المقابل، لوائح يشرف عليها ويقوم بالتحالف مع احزاب وقوى الرئيس نبيه بري على مستوى الساحة اللبنانية كلها. وستنتج عن الانتخابات قوتين رئيسيتين، قوة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وقوة لرئيس مجلس النواب الرئيس نبيه بري.

معركة رئاسة المجلس النيابي

حتى ان بعض المقربين الذين ليس لديهم حكمة كبيرة في السياسة وهم يعيشون في اجواء بعبدا، يقولون ان معركة رئاسة المجلس النيابي ستحصل وسيقوم النواب المؤيدون للعهد بالتصويت ضد الرئيس نبيه بري، رغم ان الرئيس نبيه بري سيستمر في رئاسة المجلس النيابي، لكن لاول مرة سيتم خوض معركة نيابية ضد الرئيس نبيه بري على عكس كل الدورات التي جرت لانتخاب رئيس المجلس النيابي. وكان الرئيس نبيه بري يفوز بشبه تزكية، لكن هذه المرة مثلما قام الرئيس نبيه بري بمعركة ضد الرئيس العماد ميشال عون في مجال رئاسة الجمهورية فان رئيس الجمهورية مع الكتل المؤيدة له سيخوض معركة ضد الرئيس نبيه بري، ولا يجعله يصل بطريقة شبه تزكية، بل يجعله يصل عبر معركة ولو كان بري مؤكد نجاحه، انما كان فعل الرئيس نبيه بري مع الرئيس العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية ونجح الرئيس ميشال عون ووصل الى سدة الرئاسة، فان الرئيس نبيه بري سيصل الى سدة رئاسة المجلس النيابي، لكن عبر معركة نيابية داخل المجلس النيابي.