IMLebanon

عون يضغط على الحريري «لإحراج» القوات «لإخراجها» 

ابراهيم ناصرالدين

 

دخلت عملية تشكيل الحكومة اللبنانية في طور جديد ستتكشف معالمه خلال الساعات القليلة المقبلة بعد ان خطى رئيس الجمهورية ميشال عون خطوة متقدمة باتجاه «احراج» القوات اللبنانية لاخراجها من الحكومة، مانحا الرئيس المكلف سعد الحريري فرصة اخيرة لاتخاذ الخيار المناسب بعد ان ابلغه في لقائهما الاخير عن قراره التنازل عن نيابة الرئيس لوزير قواتي دون حقيبة، كاختبار اخير لجدية «معراب» في تسهيل التشكيل، وطالب الرئيس المكلف تسويق الطرح، وبعدها الذهاب الى فرض حكومة «امر واقع»، و«للقوات» ان تختار القبول بها، او سيجري التشكيل بدونها، وهو الامر الذي ادى الى خروج «معراب» عن صمتها واعلان رفضها الصيغة المعروضة على نحو «غير رسمي»…

وفي الانتظار، دخلت معطيات دولية واقليمية مفاجئة على الخط، تشكل حافزا للمسؤولين اللبنانيين للخروج من المراوحة «القاتلة» التي تترك البلاد عرضة للاهتزاز على وقع اي تطور قد يقلب «المعادلات» في المنطقة، فبعد ساعات على تسريب صحيفة واشنطن بوست الأميركية معلومات شديدة الخطورة كشف عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وتفيد عن اتصال تلقاه مؤخرا من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي طلب منه مساعدة الولايات المتحدة في حملة عسكرية «سرية للغاية»، وسألت مصادر ديبلوماسية مطلعة على مجريات الميدان السوري ان المقصود بهذه العملية الخطيرة من قبل المخابرات الاميركية هو اغتيال الرئيس السوري بشار الاسد.. وبحسب الصحيفة الاميركية التي رفضت الكشف عن تفاصيل «العملية» المطلوبة، ابلغ ترامب الملك السعودي أن هذا الأمر سيكون مكلفا للغاية، وأن السعودية سيكون عليها أن «تدفع مبلغ 4 مليارات دولار للحصول على مساعدة الولايات المتحدة…

ووفقا لمعلومات المصادر الديبلوماسية، كان الكرملين متوجسا مؤخرا من عملية اميركية يتم الاعداد لها على خلفية التهديدات الاميركية في التدخل قبيل انطلاق عملية تحرير ادلب، لكن التفاصيل الكاملة لم تكن متوفرة وكان الامر يقتصر على تحذيرات جدية من مصادر اوروبية حول نوايا اميركية «متهورة» دون الافصاح عن فحواها..

} استبعاد الساحة اليمنية }

وقد جرت عمليات تقويم جدية خلال الاسابيع الماضية لكافة الاحتمالات المتوقعة، واستبعدت الساحة اليمينة لانه وببساطة شديدة قدم الاميركيون الدعم اللوجستي للسعوديين والاماراتيين في معركة الحديدة، وحصلت قواتهم على اسلحة ذكية، ومساعدات تقنية متقدمة، كما ارسل «البنتاغون» نحو مئة عنصر من الوحدات الخاصة لتعقب منصات اطلاق الصواريخ الباليستية اليمينية التي تستهدف الارضي السعودية وخصوصا الرياض، ولا يرغب الاميركيون بالتورط اكثر بهذه الحرب.

} لا استهداف لايران }

وكذلك تؤكد المعلومات المستقاة من مصادر موثوقة ان الملك السعودي لم يطلب من الرئيس الاميركي تنفيذ اي عمليات عسكرية خاصة في ايران، لان الجانبين يعرفان جيدا «عواقب» الامور، ولا يمكن الدخول في مغامرة مماثلة حتى لو تكفلت السعودية بتمويل الحرب كاملة، لان اي عملية خاصة فوق الاراضي الايرانية، يقوم بها الاميركيون ستكون مدخلا لتفجير المنطقة برمتها، وستؤدي الى ادخال الاميركيين في «مستنقع» لا يرغبون به، خصوصا انهم سبق ورفضوا مطالب اسرائيلية بهذا الشأن، كما ان السعودية غير قادرة على تحمل تداعيات حرب ستكون مكلفة للغاية على المستوى الاقتصادي والميداني..واليوم تأكد هذا الامر لان مبلغ المليارات الاربعة لا يغطي حربا مماثلة.

} كتاب «الخوف».. وفكرة الاغتيال }

ولان التدخل العسكري الاميركي الميداني في سوريا خاضع لمعادلات دقيقة يعرفها السعوديون، تؤكد تلك الاوساط، ان الملك سلمان وعقب تسريب معلومات دقيقة في كتاب «الخوف» حول قرار اتخذه الرئيس الاميركي دونالد ترامب لاغتيال الرئيس السوري بشار الاسد، بحجة استخدامه الاسلحة الكيميائية في سوريا، وتجاهل وزير الدفاع الجنرال ماتيس للامر، «اعجبته الفكرة» الملك سلمان وحاول في اتصال مع الرئيس الاميركي تشجيعه على المضي قدما بتنفيذ فكرته، وذلك في خضم «الكباش» الساخن الذي سبق انطلاق العمليات العسكرية في محافظة ادلب..

ووفقا لتلك الاوساط، فان الامير محمد بن سلمان كان قد تحدث مع الرئيس الاميركي في زيارته الاخيرة الى الولايات المتحدة عن ضرورة ازاحة الاسد باي شكل من الاشكال لان هذا الامر وحده سيؤدي الى خسارة ايران في سوريا والمنطقة، وسيعوض خسارة المعارضة لمعركتها، كما سيؤدي الى خسارة الروس لكل ما جهدوا لتغييره خلال تدخلهم في الحرب.

} معلومات روسية }

ووفقا لتلك الاوساط، كانت موسكو على علم بان شيئاً ما يتحضر على المستوى الاميركي للتحرك بعيد انطلاق معركة تحرير ادلب، وقد ابلغت موسكو دمشق وطهران ان ثمة خطراً داهم يلوح في الافق، والتهديدات الاميركية جدية هذه المرة وسيتجاوز التحرك الغربي الاطار الذي تحرك فيه الاميركيون في المرة الاولى التي اكتفوا فيها بقصف صاروخي بعيد المدى… وخلال قمة طهران ابلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره الايراني الشيخ حسن روحاني انه سيمضي قدما في التفاهم مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لايجاد صيغة مقبولة من الجميع توقف العملية العسكرية وتمنع التدخل الاميركي «الخطير» الذي لم تكن معالمه واضحة بالكامل الا ان مؤشراتها تشير بان شيئا كبيرا كان يتحضر، وقد جاءت قمة سوتشي بعد ايام لتقطع الطريق امام احتمالات التدخل الاميركي، وقد اتضح اليوم ان فكرة «تصفية» الرئيس الاسد كانت على «الطاولة» من جديد وبطلب سعودي هذه المرة.

} «اس 300» في دمشق }

وفي هذا السياق، يأتي ايضا تعزيز القوات الروسية للغطاء الجوي فوق الاراضي السورية، ودعم الجيش السوري بصواريخ «اس 300»، وعلم في هذا الاطار ان احدى تلك المنظومات سوف تنشر لحماية مراكز حساسة في دمشق ومن بينها القصر الرئاسي السوري… وقد صعدت واشنطن موقفها من هذا الامر وقال جنرال أميركي كبير بالامس ان الجيش الأميركي يعتبر نشر نظام الصواريخ إس-300 في سوريا تصعيدا لا ضرورة له ويحمي الأنشطة الإيرانية.

الحكومة… ورفض «القوات»؟

في غضون ذلك، خرجت القوات اللبنانية عن صمتها بالامس بعد ان شعرت بان ثمة ما يحاك وراء الكواليس لحشرها في «الزاوية» واظهارها بان المعرقل لتشكيل الحكومة بعد تسريبات تحدثت عن تنازلات قدمها رئيس الجمهورية ميشال عون، والتيار الوطني الحر، والمطلوب من «معراب» ملاقاتها في منتصف الطريق.. وبعد ساعات على كلام مسرب عن قبول رئيس الجمهورية باعطاء «القوات» منصب نيابة رئاسة الحكومة على ان يكون دون حقيبة، وتنازل الرئيس المكلف سعد الحريري عن وزارة الثقافة ومنحها «للقوات» اضافة الى حقيبتي التربية والشؤون الاجتماعية،أعلنت الدائرة الإعلامية في «القوات» في بيان يعكس رفض «معراب» لهذه الصيغة، وقالت أن «بعض وسائل الاعلام روج في الأيام الأخيرة لصيغة حكومية موضحة ان الترويج لاخبار من هذا النوع لا يهدف سوى إلى محاولة رمي مسؤولية تأخير التأليف على القوات اللبنانية، مؤكدة انه لم يطرح احد على القوات اي صيغة حكومية جديدة… واللافت في البيان تأكيد «القوات» انها لا تريد من أحد، مشكورا، التنازل عن مقاعد وزارية لمصلحتها، وبكل الاحوال ان المقاعد الوزارية هي ملك الكتل النيابية تبعا لاحجامها وليست ملكا لأحد. ولا تريد القوات ان تتمثل في الحكومة سوى بالحجم الذي أعطاها إياه اللبنانيون في الانتخابات الاخيرة. فالقوات حصلت على ثلث الصوت المسيحي في لبنان ككل، وبالتالي من حقها الطبيعي، ومن دون منة من أحد، ان تحصل على ثلث التمثيل المسيحي في الحكومة العتيدة إن على مستوى عدد الوزراء أو نوعية الحقائب، ولن ترضى ببعض الفتات من هنا وهناك كما يروج له في التركيبة المزعومة».

«رمي الكرة»

ووفقا لاوساط وزارية متابعة لعملية التاليف، فان هذا الرفض القواتي يأتي بعد ساعات على معلومات تم تسريبها من لقاء رئيس الحكومة مع رئيس الجمهورية، تفيد بان لدى الرئيس عون توجها لـ«رمي الكرة» في ملعب «معراب» «وبيت الوسط» من خلال وضع الطرفين امام خيار تقديم تنازلات مقابل التنازلات الرئاسية المفترضة، وكان الرئيس عون واضحا في مقاربته لجهة اعتبار هذا العرض غير قابل للرفض الا اذا كان الطرف الاخر يريد ابقاء البلد في «الفراغ»، وهذا يعني ان ثمة استهدافاً واضحاً للعهد، وهذا ما لن يقبل به الرئيس، وقد تم ابلاغ الرئيس الحريري ان تسويق المعادلة الجدية من مهامه، وعليه اقناع «القوات» بها والا عليه اتخاذ قرار حاسم بعرض تشكيل حكومية ضمن هذه التوازنات المسيحية، ومن لا يريد القبول فعليه لعب دوره في المعارضة..

حسم الخيارات

ووفقا لمصادر «القوات» لم تتبلغ «معراب» اي اقتراح جديد من الرئيس الحريري الذي لم يقدم اي افكار جديدة بعد اجتماعه مع رئيس الجمهورية، وهو امر يدعو للاستغراب.. ووفقا لتلك الاوساط، اذا صدقت هذه المعلومات فهي لا تتماشى مع التوازنات المطلوبة لتشكيل الحكومة، فما يسميه رئيس الجمهورية تنازلات لا يعدو سوى تنازلا من «كيس» «القوات» وليس من حصته، والمطلوب دفع ثمن باهظ مقابل منصب «فخري» في الحكومة… في المقابل لم تنف اوساط «لبنان القوي» وجود عرض مماثل، ولم تؤكده، لكنها اكدت ان الساعات المقبلة ستكشف حقيقة من يعطل «ولادة الحكومة»، طالبة انتظار المؤتمر الصحافي لوزير الخارجية جبران باسيل بعد ظهراليوم… في المقابل يبدو ان الحزب الاشتراكي قد حسم خياراته لجهة التفاهم على الوزير الثالث، واضعا الامر لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري، ووفقا لاوساط «الاشتراكي» المطلوب الان حل «العقدة المسيحية» وبعدها لن تجد الاطراف الاخرى الا كل تسهيل من قبل رئيس الحزب وليد جنبلاط، وقد باتت «التسوية» المفترضة واضحة في ظل معلومات عن القبول بمقايضة وزير درزي بآخر مسيحي مع رئيس الجمهورية، فيما حل «العقدة» السنية يبقى بين الرئاستين الاولى والثالثة..

عقوبات اميركية

في هذا الوقت صعدت الولايات المتحدة «ضغوطها» المالية على مؤسسات وافراد لبنانيين تتهمهم بتمويل حزب الله وآخر الضحايا بالامس محمد عبدالله الامين و 7 شركات لبنانية «تزعم» انها تقدم الدعم المادي واللوجيستي للحزب، ووفق اوساط مطلعة فان هذه العقوبات تشكل دفعة اولى من سلسلة طويلة ستصدر تباعا وتطال شخصيات وشركات عديدة.

«حرب المولدات»

في هذا الوقت عاد «الكباش» الى اوجه بين اصحاب المولدات والدولة على خلفية المؤتمر الصحافي الذي عقده هؤلاء بالامس مهددين بانهم سيرفعون دعوى جزائية بحق وزير الاقتصاد رائد خوري، بسبب وصفه لهم بالمافيا، وملوحين بقطع الكهرباء، وهو ما رد عليه وزيرالداخلية نهاد المشنوق بشكل صارم مهددا بمصادرة المولدات .

فخلال اجتماع عقدوه في فندق الحبتور، أكد أصحاب المولّدات رفضهم «تسعيرة الـ 410 ليرات»، معتبرين أنها «غير عادلة وتقطع أعناقنا وليس من عاقل يقبل أن تقطع عنقه». وأضافوا: »نقول للقاصي والداني ولكل من يعنيهم الأمر لن تدور مولّداتنا بخسارة، وفيما أبدوا موافقتهم على العدادات، إلا أنهم طالبوا بـ«تسعيرة عادلة ومربحة»، معتبرين أنه «إذا كان الهدف الحقيقي هو تنظيم القطاع، فنحن مع الدولة ولكن ذلك يحتاج إلى دراسات معمّقة». وفي هذا الإطار، دعوا إلى الجهوزية من أجل إطفاء تحذيري، مؤكدين ألا كهرباء من دون تعرفة عادلة..

المشنوق يهدد..

في مقابل ذلك، أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه «في حال إطفاء المولدات سنصادرها ونوقف عملها من جانبنا وليس من جانبهم». وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الاقتصاد رائد خوري، قال إن «التفاوض بشأن التسعيرة مستمر إلا أن تركيب العدادات قرار نهائي لا رجوع عنه»، مضيفاً أن «الرأي العلمي يقول إن التسعيرة الحالية عادلة إلا أننا لن نغلق باب التفاوض حولها». وقال المشنوق: «سنواكب تركيب العدّادات لمولّدات الكهرباء وبالقانون، وإذا كانت هناك مشكلة في التسعيرة فليفاوضوا وزارة الطاقة ولا علاقة للتركيب بالتسعيرة».

وفيما استمر اللغط حول مبلغ «تأمين» يتقاضاه اصحاب المولدات بموافقة وزارة الاقتصاد، ويتراوح بين 100دولار ومئتي الف ليرة،لفتت اوساط مواكبة للاتصالات بان الدولة ستكون حاسمة لجهة تطبيق تركيب العدادات، ولكن ثمة توجهاً «لتليين» موقفها من التسعيرة، بحيث «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم».