مما لا شك فيه أن المعارضة خطت خطوة إلى الأمام في وضع خارطة طريق لإنجاز الإستحقاق الرئاسي، ضمّنتها تصوّرها لآلية انعقاد الجلسات النيابية المفتوحة والمتتالية، وصولاً إلى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية. وأتت هذه الخطوة لتطوي مسألة رفض المعارضة حصول حوار يسبق هذه الإنتخابات الرئاسية، بحيث استبدل الحوار بالتشاور الذي سيحصل بين الكتل النيابية خلال الدورات الإنتخابية المتتالية، ويبقى المهم في هذا الإطار، ملاقاة هذه المبادرة ـ الخريطة من قبل غالبية الكتل النيابية على اختلاف تلاوينها.
وبعد ردود الفعل الأولية لفريق “الممانعة”، لا يخفي النائب المستقل والمعارض أديب عبد المسيح، أنه “في حال عملت الممانعة على تعطيل هذه المبادرة الرئاسية، تكون قد فضحت نفسها بأنها لا ترغب بانتخاب رئيس الجمهورية”. ويؤكد لـ “الديار” أن المعارضة “عملت على اقتراحين: الأول شبيه بمبادرة كتلة “الإعتدال الوطني” ووالثاني اقتراح دستوري، مع الأخذ بعين الإعتبار بمكانة الرئيس نبيه بري، فإذا رفضوا هذين الطرحين وأصرّ الرئيس بري أن يجلسنا على طاولة الحوار، وهو يعلم أن هذا الأمر لن يتحقّق لأنه غير دستوري، فمن الواضح هنا أن هناك اختلاقا للأعذار من أجل عدم انتخاب الرئيس، ومن الواضح أن انتخاب الرئيس ينتظر الإشارة من الخارج”.
وعن الخطوة التالية بعد مبادرة المعارضة في ضوء الإيجابية تجاهها من قبل “التيار الوطني الحر”، يقول إن “كل المسيحيين يرحّبون بهذه الخطوة، كما أن “اللجنة الخماسية” أكدت أنها ممتازة”.
وحول التنسيق مع الأحزاب والكتل النيابية التي أطلقت مبادرات رئاسية، لا سيّما الحزب “التقدمي الإشتراكي”، والمخاوف من إمكانية عدم نجاحها أو مواجهة مصير المبادرات السابقة، يأسف “لأنه عندها سيكون هذا المصير شبيهاً بمصير الهرّ الذي يريد التهام الفأر، إلاّ أنه عاجز عن معرفة كيفية تحقيق ذلك، وهذا قد يطول إلى أجلٍ غير مسمّى، بمعنى أننا أمام حلقة مفرغة إلى أجل غير مسمّى، أو إلى أجلٍ تحدده إيران”.
وعن تواصل المعارضة مع بكركي وموقفها من المبادرة، يجزم أنها “في أجواء هذه الخريطة، وأن البطريرك بشارة الراعي مصرّ على الدعوة لوقف التعطيل الحاصل في الملف الرئاسي، وفتح المجلس النيابي والدعوة إلى جلسة انتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية وعدم المسّ بالدستور، والبطريرك الراعي لا يضع أي “فيتو” على هذا المرشح أو ذاك، ويقول: فليأتي من ينال العدد الأكبر من الأصوات”.
وعما إذا كانت المعارضة أيضاً تريد الوصول إلى انتخاب الرئيس، بغض النظر عمن سيُنتخب رئيساً، يؤكد على أولوية انتخاب الرئيس “الذي ينال أكثرية الأصوات، وأن تختار كل كتلة مرشحها، شرط عدم انسحاب أي كتلة من المجلس، وأن تُتابع الدورات الإنتخابية حتى انتخاب الرئيس وليصل من ينال أكبر عدد من الأصوات”، مشيراً إلى أنه كان أول من اقترح هذه الفكرة على الرئيس بري منذ 8 أشهر وخلال زيارة له .
وعن ربط الإستحقاق بحرب غزة، يشدِّد عبد المسيح على أن “الرئاسة ليست مربوطة فقط بغزة، إنما بنتيجة الحرب الحاصلة في غزة، وبالتالي بالتسوية الإيرانية ـ الإقليمية، لا سيّما وأن هناك مباحثات أميركية ـ إيرانية جارية بشكل مباشر، بدلالة أنه من الملاحظ أن ما من فصيل إيراني يهاجم المصالح الأميركية، وهذا نتيجة هذه المفاوضات الحاصلة”.