Site icon IMLebanon

عادل الجُبير و»الفيليْن» في الغرفة السورية!!

انعقدت لقاءات ڤيينا وانتهت إلى الاتفاق على لقاءٍ آخر بعد شهر، هكذا يتمّ «تمرير» الوقت الذي ما زال النّظام السوري سيّد الموقف في التلاعب فيه، غطّت أحداث الإرهاب المتزامن التي ضرب فرنسا، غطَّتْ حتى على أهميّة ما ستُسفر عنه لقاءات ڤيينا، والمتأمّل من بعيد يُدرك كم كان ما حدث في باريس يخدمُ بشّار الأسد وبقائه، ويخدم إيران وادّعاءاتها، ويخدم المجرم الروسي الأكبر الذي يحمي مصالحه ويفاوض على رأس المجرم الأصغر «حليفه» بشار الأسد!!

النّقاش الذي ـ تمّ تسريبه ـ دار في جلسة مغلقة جمعت وزير الخارجية السعودي بنظيره الأميركي جون كيري في نهاية اللقاء بڤيينا ـ من يطّلع على هذا النقاش سيصاب بأسىً شديد على حال المنطقة عموماً، وسوريا وشعبها خصوصاً، كلّما تكرّرت على لسان «الكذّاب الأميركي» جملة: «اتفقنا على أن نختلف بشأن مصير الأسد»، «إنّ مستقبل سوريا سيقرّره الشعب السوري، وهذا أساساً ما نقوله الآن، ما اتفقنا عليه أيضاً هو أن نختلف، ما اتفقنا عليه ايضاً، أن مصير الأسد يقرر خلال العملية الانتقالية، لأن بعض المشاركين كانوا يعتقدون أن مصير الأسد يجب أن يقرر فوراً»!!

مجرّد لعب على «التوقيت» الذي ستجرّب روسيا حظّها فيه في تدمير ما تبقّى من سوريا، والقضاء على من تبقّى وشعبها، وعلى من تبقّى من مجموعات الجيش الحرّ، عندها سيستتبّ الأمر لبشّار الأسد، وسيتحوّل إلى «بطل» محاربة إرهاب داعش الذي صنعه وإيران يداً بيد!!

«اتفقنا على أن نختلف»، هذه الجملة تصدّرت كلام جون كيري كلّما أحرجه كلام وزير الخارجيّة السعودي عادل الجبير ـ الذي سعت إيران لاغتياله بحسب وثائق قضائية حدّدت اسم الشخصين الضالعين في المؤامرة وهما منصور اربابسيار وغلام شكوري، واعترف منصور اربابسيار الإيراني الذي يحمل الجنسية الأميركية بأنه خطط لاغتيال الجبير بتخطيط وتمويل من الحكومة الإيرانية ـ حتى السّاعة يبدو أنّ «الراعي الأكبر» لبقاء بشّار الأسد بالرغم من كلّ الجرائم التي ارتكبها بحقّ شعبه الأعزل، هو باراك أوباما قاطن البيت الأبيض، وأسوأ رئيس «عاجز عن اتخاذ قرارات مصيرية» عرفته أميركا في تاريخها، وأنّ «الحامي الحقيقي» للنظام السوري هي «إسرائيل» وبتنسيق كامل مع «الدبّ الروسي»!!

ويختصر كلام عادل الجبير في هذه الجلسة ـ إن صحّ ما سُرّب عنها ـ مأساة الوضع العالق في سوريا، وعجز لقاءات ڤيينا، ومؤتمرات جنيڤ 1 و2 والتي استمات وليد المعلّم لتحويله إلى مؤتمر لمناقشة الحرب على الإرهاب في سوريا، وعندما عجز النظام عن إقناع العالم بنظريّته أخرج لهم بعبع الإرهاب ليصدّقوه، فقيادات «داعش» ربائب «معتقلات بشار الأسد» وخرجت منها بـ»عفو رئاسي»، من أبو محمّد الجولاني وهلمَّ جرّاً!!

واجه عادل الجبير وزير خارجية المملكة نظيره الأميركي بحقيقة المراوغة والابتعاد عن مناقشة الأزمة الحقيّقيّة عندما قال له: «نواصل تجنّب الفيل الموجود في الغرفة، بشار الأسد ومصيره  ونحن نعيد أنفسنا… وتجاهل فيلٍ آخر في الغرفة، وهو الميليشيات الأجنبية في سوريا، لنخلقَ الانطباع أنّ هناك توافقاً، وفي الحقيقة ليس هناك توافق، لقد تحدثنا عن «النصرة» و»داعش»، لكنّنا لم نتحدث عن «فيلق القدس»، و»لواء بدر»، أو»حزب الله» والميليشيات الأخرى من العراق وإيران ولبنان»…

هي جملة «فضح» بها الجبير كلّ ما يدور في ڤيينا، هو خداع سياسيّ من الدرجة الأولى، «ونحن نعيد أنفسنا.. نتجاهل (…) لنخلقَ الانطباع أنّ هناك توافقاً، وفي الحقيقة ليس هناك توافق»!!

أمّا أغرب معادلة ردّ بها كيري على وزير الخارجية السعودي فقوله للجبير: «اتفقنا على أن نختلف بشأن مصير الأسد. نحن نراهن على هذه العملية الانتقالية لحلّ هذه الخلافات. ربما الأسد نفسه بعد 3 شهور سيقف ويقول أنا لن أترشح للانتخابات، ربما سيشعر أنّ قوته خلال العملية الانتقالية قد تحوّلت، ولن تكون سوريا نفسها، فيذهب، لا نعرف ذلك بعد… ولكننا لا نتجاهل الفيل، الكلّ يعرف أنه موجود، لذلك يجب أن نرضي أنفسنا بأن هذه القضية ستحلّ خلال العملية الانتقالية، وإن لم تحلّ، حينها لن يكون هناك سلام»، فهل هناك خداع وكذب وَوَهْم أكثر من أن باراك أوباما وإدارته يريدان إيقاف قتل الشعب السوري، وإنقاذ ما تبقّى من هذا الوطن المنكوب ببشّار الأسد وآله «إيران وإسرائيل وحزب الله وأميركا، ومن بعد كلّ هؤلاء تأتي في المرتبة الأخيرة «روسيا»!!

«لا نتجاهل الفيل، الكلّ يعرف أنه موجود، واتفقنا على أن نختلف»، ماذا يقال لهذه الديبلوماسية الأميركيّة أكثر من «تفوووو»!!