IMLebanon

التمسك بالمبادرة العربية للسلام يقوّي «مناعة» لبنان ضد التوطين

 

هدأت ردود الفعل حول ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قضية اللاجئين والنازحين، لكن ذلك لا يعني أن القضية انتهت. بل يجب درء مخاطر أي سوء تعامل محتمل مع هذا الموضوع بخطوات لبنانية رسمية تشكل أمراً واقعاً على المجتمع الدولي، وفقاً لمصادر ديبلوماسية بارزة.

وتفيد هذه المصادر، أن ليس من طرف يمكنه فرض أي شيء على لبنان لا سيما التوطين، ورفض لبنان للتوطين هو حق سيادي، بحيث أن أي موقف لبناني جامع ومسؤول بعدم التوطين هو ثابت. وما هو غير ثابت هو «حق العودة الطوعية»، ويُعتبر الموقف الدولي في ذلك ملتبساً، وليس فقط موقف ترامب، إنما أيضاً موقف الأمم المتحدة والأوروبيين.

في الأساس، توضح المصادر، لدى حصول حالات لجوء أو نزوح نتيجة الحرب، ليس من طرف سيقول بالعودة الاجبارية والفورية. فعندما هاجمت فيتنام الشمالية فيتنام الجنوبية هرب سكان الأخيرة في البحر، وتكرس حق العودة، لكن لم يقل أي طرف بالاجبارية، إنما قالوا بالعودة الطوعية والآمنة . والمجتمع الدولي أقرّ في حال إنتظار العودة الآمنة، بتوزيع النازحين على دول العالم موقتاً، أي لم يقل أحد بالعودة الإلزامية الفورية. وبالتالي العودة الآمنة مكرّسة، وفي الحالة الفلسطينية لم يكن هناك أي قرار أممي يقول بحق العودة الاجبارية بل بإنتظار العودة يحصلون على حق التعويض عليهم حيث هم.

وبالتالي، ديبلوماسياً، ليس ترامب الذي أخذ موقفاً ضد العودة انما الأمر يعود لمبدأ دولي عام حوله جدل. في هذه الحالة، لبنان يجب أن يؤكد على حق العودة ورفض التوطين، وأهم ما في الأمر توحيد الموقف الداخلي حول هذه النقطة. ويمكن للبنان الإرتكاز على المبادرة العربية للسلام التي تبناها المجتمع الدولي، والتي تضمنت: رفض التوطين في الدول التي لا تسمح اوضاعها بالتوطين، وهذه الفقرة اضيفت إلى نص المبادرة بمسعى لبناني آنذاك، لأن ما كان مكتوباً فيها هو حق العودة لمن يشاء. فحفظ لبنان حقه بما يخصه علّ هناك دولاً لا تمانع التوطين. أما لبنان فقد تمسك برفض التوطين، لأن دستوره يمنع ذلك، ولأن لديه توزيعاً طائفياً دقيقاً، كذلك ليس لديه موارد كافية، وبالتالي يرفض التوطين، يجب على لبنان أن يقنع الدول وأن يربح أيضاً، وأهم ما في ذلك تكريسه لحق العودة، وحقه السيادي في رفض التوطين، ثم التمسك بنص المبادرة العربية للسلام في الشرق الأوسط، حيث لبنان لا تسمح اوضاعه بالتوطين. يفترض بلبنان، بحسب المصادر، تكريس المبدأ، وليس الدخول في جدل ونزاع مع المجتمع الدولي الذي لا يزال موقفه غير واضح بالنسبة إلى التعامل مع الموضوع.

وبالتالي، معركة لبنان الديبلوماسية يجب أن تركز على أن لا أحد يستطيع اجباره على التوطين إذا كان الداخل موحداً وهو كذلك، وعلى المبادرة العربية للسلام، وهذا ما يؤدي إلى سحب الملف من التداول، ما يؤدي إلى ربح المعركة وليس النزاع مع العالم.

كذلك هناك رسالة خطية تسلّمها لبنان من الإدارة الأميركية في العام ٢٠١٠ تقول أن هذه الإدارة ترفض التوطين في لبنان، وهذا أمر جيد.

إن حق العودة الطوعي موجود لدى المجتمع الدولي. كذلك هناك دول تريد التوطين وتحتاج إلى يد عاملة. لا يمكن للبنان أن يمنعها، ما يمكنه فعله، هو التركيز على المبدأ العام وهو حق العودة ورفض التوطين، وقيامه بالمعركة الديبلوماسية عن نفسه معتمداً على التفاهم الداخلي حول العودة، وعلى المبادرة العربية للسلام. ولا يمكن للبنان التمسك بمبدأ كبير حوله لغط دولي. حتى الصين تقول بالعودة الطوعية الآمنة، والتعامل الدولي مع السوريين يقول بالعودة الآمنة، وليس العامل الأميركي وحده يقول ذلك. لكن ليس هناك من لغط حول موقف لبنان السيادي، وحق العودة لديه حق مقدس، بما في ذلك حق عدم التوطين. كل هذه النقاط تجعل لبنان في سعيه لتأكيد الوجود الموقت للنازحين واللاجئين، قادراً على الحصول على ضمانات من الدول حول عدم التوطين. ما ينقص حالياً هو الاحصاءات الدقيقة لأعداد اللاجئين والنازحين في لبنان وأوضاعهم ومواصفاتهم،

وبالتالي هناك ضرورة كبيرة لإنجاز هذه الاحصاءات التي تفيد في المراجعات مع الدول.