الازمة المالية – الاقتصادية، التي يعاني منها لبنان، وصلت الى دار الفتوى، التي تتبع رسمياً الى رئاسة الحكومة، كما مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، ودار الافتاء الجعفري، بحيث بدأت تبرز حالة من الغليان في صفوف مشايخ من الطائفة السنية في اكثر من منطقة في لبنان، بسبب اوضاعهم المالية المزرية، والشح المالي الذي تعانيه دار الفتوى وتمارسه نحوهم، بحرمانهم من حقوق لهم.
وفي هذا الاطار، فان مشايخ في عكار، قرروا الخروج عن صبرهم الذي نفد من الوعود التي كانت تعطى لهم من قبل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، الذي وعدهم بانه سيذهب اليهم في عكار، للتشاور معهم في اوضاعهم، بعد ان ابلغوه الاسبوع الماضي، انهم سيحضرون الى دار الفتوى، للاحتجاج على الوضع المالي والاجتماعي الذي وصلوا اليه، وفق ما تقول مصادر المشايخ الناقمين، لكن المفتي دريان ابلغهم انه هو سيذهب اليهم والوقوف على وضعهم ومطالبهم، وتم تحديد موعد الثلاثاء الماضي، لكنه ارجئ لمصادفته مع ذكرى عاشوراء، وان مفتي الجمهورية سيلتقيهم بعد عودته من السفر بعد اسبوعين، لكن جوابهم كان سلبياً، وان الشيخ محمد اسكندر عضو لجنة المتابعة، ابلغ المفتي دريان، بأن المشايخ سيتظاهرون ويعتصمون امام دار الفتوى في بيروت، ولن يناموا على وعود تعطى لهم منذ شهور لا بل سنوات، تحت ذريعة عدم وجود المال، وتوقف المكرمات التي كانت تحصل عليها دار الفتوى من دولة الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وانه يوجد فائض للاموال في وقف العلماء، كما في اوقاف بيروت الاسلامية، وفي المصارف المودعة فيها اموال دار الفتوى، وان ذريعة عدم وجود مال، لا تنطلي على احد، كما يقول اعضاء في لجنة المتابعة.
وقام الشيخ مالك الجديدة رئيس الاوقاف في عكار، وهو كان رئيساً «لهيئة العلماء المسلمين» سابقاً، وخرج منها، بوساطة بين دار الفتوى ومشايخ عكار، وان يعطوا بعض الوقت للمفتي دريان لمعالجة الوضع المالي، السيئ في كل المناطق، لكن الشيخ اسكندر ابلغه، بعدم الثقة بالوعود التي لا تحصى ولا تعد واوضاع المشايخ لم تعد تحتمل التأجيل، وهم عليهم واجبات تجاه عائلاتهم، لتأمين احتياجاتهم الضرورية، وان الكثير من المشايخ ليس في استطاعتهم ارسال اولادهم الى المدارس، وهو ما يستدعي اعلان حالة طوارئ في دار الفتوى لمعالجة ثورة المشايخ وصرختهم، التي وان بدأت في عكار فلن تتوقف فيها، وفق مصادر في لجنة المتابعة، التي وبعد تصعيد مواقفها، قرر المفتي دريان الاستماع اليها، واستقبل وفداً منها ظهر امس في دار الفتوى ولم يقتصر الحضور عليها بل على مشايخ اخرين، ووقف على مطالبها، والتي ركزت على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المشايخ، الذين ابلغوا المفتي دريان عدم ثقتهم بالوعود، وهم يريدون اطعام اولادهم وتسجيلهم في المدارس، وهذه المسائل لا تتأجل، لا بد من حسمها، كما اكد المشايخ لمفتي الجمهورية الذي تحدث عن الوضع المالي الصعب، وهو يقدر ظروفهم، وسيسعى الى تأمين الحد الادنى من عيشهم الكريم.
فالوعد الجديد للمفتي دريان، تعاطى معه مشايخ عكار بحذر، وابلغوه ان المهلة يجب ان تكون قصيرة جداً، لنيل حقوقهم التي هي حقوق مشايخ آخرين في المناطق، وجاهزون للتحرك، وفق مصادر مطلعة، لان الوضع المالي سيئ في غالبية المناطق بسبب قلة المداخيل، اذ تشير الى ان اوقاف البقاع التي يرأسها الشيخ محمد عبد الرحمن، وكذلك اوقاف بعلبك التي يرأسها الشيخ سامي الرفاعي، تعاني من شح المداخيل والرواتب، وتعاني اوقاف صور برئاسة الشيخ عصام كساب ازمة مالية حادة وصعبة بدأت تؤثر على عمل الجهاز الديني، كما في المناطق الاخرى، ومنها شبعا التي يقول مفتيها للموظفين في الاوقاف الاسلامية، «ما عندي مال»، وهو ما يرده ايضاً المحامي محمد الخطيب عن اوقاف جبل لبنان، اذ يفتقد الموظفون فيها لابسط مقومات العيش.
انها الازمة المالية التي تعصف بدار الفتوى ومؤسساتهم بسبب شح المال، وثورة مشايخ بدأت تظهر على ابوابها.