Site icon IMLebanon

العقدة الشيعية “راوح مكانك” والمسيحية على الطريق

 

يبدو ان الرئيس المكلف مصطفى اديب لم يستعد مبادرة تشكيل الحكومة العتيدة بعد رغم ليونته في سلوك الطرق التقليدية المعتمدة في تأليف الحكومات منذ اتفاق الطائف وحتى تاريخه. فعلها والتقى ممثلي الثنائي الشيعي الوزير السابق علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، وبذلك يكون قد تجاوز حتماً اصراره على العمل وحيداً. شكل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم نقطة تقاطع هنا، تمّ تحديد الموعد، أبلغ أديب رئيس الجمهورية ميشال عون برغبته في الاجتماع بالخليلين. زيارة كان نسقها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع الفرنسيين في محاولة لاستئناف التواصل بين الاطراف السياسية. وبهدف اكتشاف نوايا الرئيس المكلف ذهب الخليلان من دون لا لوائح ولا أسماء. جلسة استغرقت ما يزيد على الساعة وأحدثت خرقاً في الشكل لكن ليس في المضمون. مصادر الثنائي الشيعي قالت ان “الرئيس المكلف اعلن موافقته على إسناد حقيبة المالية للثنائي لكنه بقي مصرّاً على تسمية الوزراء الشيعة بنفسه”.

 

وقالت إن أي جديد على مسار التأليف لم يطرأ، فـ”النزول عن الشجرة” والذي اسماه الحريري تجرّعاً للسم انحصر في الموافقة على منح حقيبة المالية ولكن مع تمسكه بحق التسمية، وبالتالي تسأل المصادر: “من كلف الحريري واعطاه صلاحية التكرم بمنح الثنائي حقيبة المالية مشترطاً ان تكون لمرة واحدة وأخيرة؟”. وتكشف ان “الحريري ورؤساء الحكومات السابقين طالبوا في الكواليس بنص مكتوب حول هذه النقطة، وبعثوا برسالة مفادها أن لا تحرجونا وأصدروا بياناً بهذا الشأن والتسليم بالمداورة”، ومثل هذا الامر غير واردة الموافقة عليه وفق ما تجزم المصادر.

 

عندما أبلغ الفرنسيون الرئيس المكلف موافقتهم على اعطاء الثنائي حقيبة المالية ذهب الى بعبدا ولم يفاتح الرئيس بالامر، واليوم يعيد الكرة باصراره على تسمية الوزراء الشيعة. سبق للرئيس الفرنسي وان طالب بتسمية وزير المالية بنفسه فرفض الثنائي وما لم ينله ماكرون لن يعطى لأديب.

 

العقدة المسيحية

 

 

 

وإذا كانت العقدة الشيعية مرهونة بنتائح اجتماعات الخليلين المفتوحة مع أديب، فإن عقدة الوزراء المسيحيين لا تزال تختبئ تحت الغبار الكثيف للعقدة الشيعية و”التي ستوضح حقيقة من يعطل تشكيل الحكومة”.

 

كان واضحاً من بيانه ان عون لن يتخلى عن صلاحياته او حيثيته ولن يوافق على أي حكومة لا يكون مشاركاً في تشكيلها، أو أن يقبل بأن يسمي الحريري الوزراء المسيحيين وفق ما أبلغ به الفرنسيين.

 

توحي أجواء أديب ومن خلفه أن منطق اقصاء القوى السياسية عن التسمية ينطبق على عون ايضاََ. واذا كان ذلك صحيحاََ فهذا يعني وجود معركة تصفية حسابات بين الحريري والعهد. يعول المشكّلون على ان العهد وصل الى انسداد الافق وهو يريد ان ينقذ نفسه بأي ثمن، ولذا فمن المستبعد تمسكه بحصة له في الحكومة وإلا يتحمل مسؤولية التعطيل وتخريب المبادرة الفرنسية من أساسها. لكن مقربين من عون يؤكدون خطأ المراهنة هنا، ذلك ان رئيس الجمهورية سيتمسك بتسمية وزراء في الحكومة انطلاقاً من الدستور الذي يعطيه حق الشراكة في التوقيع مع رئيس الحكومة.

 

المعضلة في وجود من أقنع نفسه والرئيس المكلف بإمكانية تشكيل حكومات في لبنان بعيداً من التوافق. حتى ان الفرنسيين يخطئون حين يفكرون ان لبنان مشابه لفرنسا ويمكن لجهة واحدة ان تشكل الحكومة. طبيعة النظام البرلماني في لبنان تجعل تشكيل الحكومة مغايراً فكيف اذا كان نظامنا برلمانياً طائفياً فيدرالياً.

 

في زمن الجمهورية الاولى كان رئيس الجمهورية يتولى اختيار الوزراء ثم يختار من بينهم رئيساً للحكومة ورغم ذلك كان يفاوض الاحزاب التي كانت تراعي رئيس الجمهورية بعدم اختيار اسماء مستفزة. وبعد الطائف تعززت صلاحيات رئيس الحكومة فصار التشكيل يتم بالتعاون بين رئيسي الجمهورية والحكومة، ونتيجة الخلل في تفسير الدستور وبدل ان يكون مجلس الوزراء مؤسسة بات رئيس الوزراء يتعاطى مع الوزراء كموظفين لديه.

 

كان متوقعاً موقف العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والذي حمل مسؤولية إنفجار المرفأ لحزب الله “الإرهابي” وطالب “بتجريده من السلاح”، فضلاً عن كلام المسؤول الاميركي ديفيد هيل الذي إشترط التزام “قادة لبنان بالتغيير” لتقديم بلاده “المساعدات اللازمة”، والإشتباك الفرنسي الأميركي في مجلس الأمن، ناهيك عن الهجمة السنية التي تعرض لها الحريري لمبادرته، كلها ملفات تثقل كاهل المؤلفين وتحد من حظوظ ولادة الحكومة في المدى المنظور.