IMLebanon

قدّم ضباط 1994 تضحيات لكن لا يمكن تجاهل توقيع وزير المال في المرسوم

سمير اسحاق
اثناء تولي العماد ميشال عون رئاسة الحكومة الانتقالية بعدما اصدر رئيس الجمهورية يومها الرئيس امين الجميل الذي حاول التمديد لنفسه وعندما لم يستطع حاول تمرير النائب مخايل الضاهر، اصدر مرسوما بتعيين العماد ميشال عون الذي كان قائدا للجيش رئيسا للحكومة الانتقالية، فألّف العماد عون الحكومة الانتقالية من اعضاء المجلس العسكري، لكن الضباط من الوزراء المسيحيين التزموا الحكومة اما الضباط من السنّة والشيعة والدروز فلم يشتركوا في الحكومة الانتقالية للرئيس العماد ميشال عون.
قامت قيادة الجيش يومها بالاعلان عن دعوة الشبان اللبنانيين الى التقدم الى المدرسة الحربية كي يتخرجوا ضباطاً بعد 3 سنوات، ولاول مرة في تاريخ المدرسة الحربية جرت امتحانات على اساس الكفاءة ودون اي واسطة، وتلقت اللجنة المكلفة بتطويع التلامذة الضباط الاخذ بالنتائج والعلامات وعلى اساس النجاح من رقم 1 الى رقم 195 تطويع التلامذة الضباط في المدرسة الحربية دون النظر الى طوائفهم او اي شيء اخر، بل على اساس علاماتهم والامتحان النفسي والطبي والرياضي والخطي والمثول امام اللجنة العسكرية لاعطاء علامة على شخصية المرشح ليكون تلميذ ضابط، وعند ظهور النتائج نجح 195 تلميذا ضابطا ودخلوا الى المدرسة الحريبة وكان كل ذلك جرى على اساس الكفاءة المطلقة دون اي واسطة، ولم يسمح يومها رئيس الحكومة الانتقالية عون بأي وساطة او تدخل مع اللجنة.
وتعتبر دورة الضباط الذين تخرجوا عام 1994 هي الدورة التي دخلت الى المدرسة الحربية على اساس الكفاءة فقط دون اي وساطة من اي جهة.
جاءت النتيجة انه من اصل 195 تلميذاً ضابطاً تطوعوا في المدرسة الحربية هنالك 16 ضابطاً من الطوائف الاسلامية، و179 تلميذاً ضابطاً من الطوائف المسيحية وتوزعوا على كافة الاسلحة من المدرعات والاسلحة والهندسة والاشارة وسلاح البحرية والطيران. ولكن بعد دخولهم الى المدرسة الحربية وبدء تدريبهم، حصل الهجوم السوري على قصر بعبدا والمناطق التي يسيطر عليها الجيش اللبناني بقيادة العماد ميشال عون رئيس الحكومة الانتقالية، فتم ارسال التلامذة الضباط من دورة عام 1994 الى منازلهم مع ابقاء دفع رواتبهم لكنهم بقوا في منازلهم دون تدريب ودون خدمة فعلية رغم ان وزارة الدفاع بقيت تسدد لهم رواتبهم لان هنالك مرسوماً حكومياً باعتبارهم تلامذة ضباط.
بقي 195 تلميذاً ضابطاً في منازلهم لمدة سنة كاملة، الى ان صدر عن قيادة الجيش قراراً بالحاقهم في المدرسة الحربية، خاصة وانه عند دمج الجيش بقيادة الرئيس العماد اميل لحود تم ادخال عناصر من الميليشيات الى المدرسة الحربية وتخريجهم ضباطاً، ولذلك لم يعد من المنطقي ابقاء دورة كاملة من 195 ضابطاً ليس لهم علاقة بالميليشيات ان لا يتم استدعاءهم للالتحاق بالمدرسة الحربية.
وعلى هذا الاساس التحقوا بالمدرسة الحربية وقاموا بتدريبهم لمدة 3 سنوات دون ان يتم حسبان مدة اقامتهم لسنة كاملة في منازلهم. وطبعا المدرسة الحربية قانونها هو التدرب 3 سنوات فعليا للتخرج برتبة ملازم، سواء ملازم في الجيش اللبناني كذلك ملازم في سلاح البحرية وكذلك ملازم في سلاح الجو، وطبعا كلهم تابعون للجيش اللبناني. وتخرجوا سنة 1994 ووفق قانون المدرسة الحربية تم اعتماد التدريب لمدة 3 سنوات كي ينالوا شهادة ملازم في الجيش اللبناني.
هذه الدورة تم تسميتها في الاعلام وقتها دورة العماد ميشال عون وهي بالفعل دورة ميولها عونية وتدخل ضمن محبة وخدمة وقيادة العماد ميشال عون الذي كان رئيس للحكومة الانتقالية، وهم بمعظمهم وفق وسائل الاعلام يوالون العماد ميشال عون شخصياً ويحبون القتال في صفوف الجيش الذي قاده اضافة الى رغبتهم في ان يدخلوا المدرسة الحربية ويتخرجوا ضباطاً.
تخرج الضباط الــ195 سنة 1994 وقاموا بإمرة عسكرية ممتازة كذلك خاضوا معارك وقدموا تضحيات وسقط منهم شهداء ونال منهم اوسمة جرحى في ساحة الواجب، اضافة الى عمليات عسكرية على مدى الساحة اللبنانية كلها، وفقا الى اوامر من قيادة الجيش اللبناني، لكن الدورة بقي اسمها دورة العماد ميشال عون، وهذا هو واقعها، ذلك ان الضباط موالون لشخص الرئيس العماد ميشال عون.
دورة العماد ميشال عون
منذ 7 اشهر قدم التيار الوطني الحر مشروعا الى مجلس النواب لاعطاء اقدمية سنة لدورة الضباط الذين تخرجوا سنة 1994، والذين يسمّونهم دورة العماد ميشال عون، فرفض المجلس النيابي اعطاء الاقدمية لمدة سنة الى هذه الدورة. ومنذ بضعة ايام اجتمع المجلس العسكري بقيادة العماد جوزف عون وبحثوا في اعطاء اقدمية سنة لدورة ضباط 1994. وانقسم المجلس العسكري لكن نفوذ وكلمة الرئيس العماد ميشال عون الذي يأتمر بها قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون، كانت المؤثرة، فتم اقرار مبدأ اعطاء اقدمية سنة لدورة ضباط 1994.
ورغم ان وزير الدفاع يعقوب الصراف يضايق قيادة الجيش والتدخل في الداخل والوارد وكل شأن، مع قائد الجيش اللبناني الا ان كلمة الفصل تبقى هي علاقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع العماد جوزف عون قائد الجيش اللبناني الذي اقترحه الرئيس العماد ميشال عون ولم يضع حزب الله اي فيتو ضده لان حزب الله لديه انطباع ممتاز عن خدمة العماد جوزف عون اثناء وجوده في جنوب لبنان وكيف قام بواجباته العسكرية ولم يترك اي حساسية او اثر بين الجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية، لا بل كانوا مشجعين لتعيينه قائدا للجيش بتأييد من حزب الله.
اما بالنسبة الى العماد المغوار شامل روكز فكان هنالك فيتو عليه حيث انه كان المؤهل الاول للوصول الى قيادة الجيش؟
تعيين قائد الجيش العماد جوزف عون
بالنتيجة اجتمع مجلس الوزراء وصدر مرسوم بتعيين العماد المغوار جوزف عون قائدا للجيش اللبناني خلفا للعماد جان قهوجي الذي قاد الجيش اللبناني مدة 10 سنوات.
تسلم العماد المغوار جوزف عون الجيش اللبناني وعديده 73 الف جندي ورتيب وضابط اضافة الى ان العماد جان قهوجي كان قد قام بسلسلة عمليات شراء اسلحة لصالح الجيش اللبناني من 220 مليون دولار الى  500 مليون دولار جاء بها الرئيس سعد الحريري الى الجيش ووزع 500 مليون دولار على بقية الاجهزة مع العلم انه يقول انه وصل الى الجيش اللبناني 220 مليون دولار، اما الـ 280 مليون دولار فلا يعرف احد مصيرهم، مع العلم ان السعودية ارسلت مع الرئيس الحريري مبلغ بقيمة مليار دولار لتوزيعها على الجيش اللبناني والاجهزة الامنية على اساس 500 مليون دولار للجيش اللبناني و500 مليون للاجهزة الامنية لكن ما وصل هو 720 مليون دولار اما الباقي فحتى الان لم يعرف احد مصيره. ولم يصرح الرئيس الحريري عن كيفية صرف المليار دولار التي تم  ارسالها معه كي يقدمها الى المؤسسات العسكرية والامنية في لبنان.
لماذا لم يحرر الجيش الجبهة من عرسال الى القاع؟
بعد تسلم العماد المغوار جوزف عون الجيش اللبناني قام باجراء تدريبات متواصلة للالوية والافواج وخاض عمليات عسكرية عديدة بامرته وقيادة الالوية وكان قبل تعيينه قائدا للجيش هو قائد جبهة عرسال رأس بعلبك – القاع. وكان قائدا للجبهة وقائدا للواء هناك، وقد قام عبر استعمال سلاح المدفعية واقامة مراكز متقدمة من ضرب المنظمات الارهابية والتكفيرية ومنعها من ضرب القرى البقاعية او التقدم نحو مواقع الجيش. لكن هنالك سؤالا كبيرا هو لماذا قامت المقاومة من حزب الله بتحرير جرود عرسال ولم يقم الجيش اللبناني هو بتحرير كامل الجبهة من عرسال الى مدينة القاع، بدل تقسيم الجبهة حيث تم اعطاء جرود عرسال والمنطقة الجبلية المحيطة بها لقيام حزب الله بتحريرها من المنظمات الارهابية فيما اكتفى الجيش اللبناني بتحرير جبهة راس بعلبك والقاع من المنظمات الارهابية.
السؤال موجود لدى قائد الجيش اللبناني وموجود لدى المسؤولين في تلك الفترة، علما ان القوة من حزب الله التي هاجمت وحررت جرود عرسال والاودية وكافة التلال يملك مثل هذه القوة الجيش اللبناني، حيث ان الجيش اللبناني يملك فوج مغاوير مختص بالقتال في الاودية والجبال والجرود، ويتألف فوج المغاوير من 1500 جندي ورتيب وضابط هم من نخبة الجنود في العالم العربي لا بل انهم يوازون بتدريباتهم القوة الضاربة الاميركية، حيث انه كان هنالك حوالى 40 ضابطاً ورتيباً من الجيش الاميركي يقيمون في ثكنة المغاوير في روميه، ويقومون بتدريبهم اضافة الى ان قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز كان يتابع قيادة 15 سرية مغاوير كل سرية مؤلفة من 100 ضابط ورتيب وجندي بتدريبات يومية وكافة المناطق اللبنانية والقتال بالسلاح الحي والقيام بمناورات دائمة مع كل التدريبات التي تحتاجها قوة ضاربة، من استعمال السلاح الفردي الى القنابل الى القذائف المضادة للدروع الى اجتياز حقل الغام الى اقتحام مناطق وجبال واودية وكان التدريب مستمر. كما ان اضافة الى فوج المغاوير يوجد فوج القتال الجبلي وهو مختص بالقتال في الجرود والاودية والتلال التي تشبه تماما جرود عرسال واوديتها وتلالها اضافة الى وجود الفوج المجوقل وهو من اقوى الافواج في الجيش اللبناني وقادر على تنفيذ عمليات عسكرية هامة وقادر على تحرير جرود عرسال والاودية فيها والتلال. كما ان هنالك فوجاً هام جدا ولو انه فوج مغاوير البحر لكنه مدرب على القتال البري وفي كافة التضاريس الارضية من اودية وجبال وتلال ومدن. دون ذكر 11 لواء من الجيش اللبناني و6 افواج تدخل اضافة الى طائرات هليكوبتر مزودة بالصواريخ. لكن يبقى السؤال لماذا تم اعطاء حزب الله تحرير جرود عرسال بدل ان يقوم الجيش بتحرير جرود عرسال امتدادا من عرسال حتى القاع.
ومع الاشادة بالعملية الكبرى التي قام بها حزب الله بتحرير جرود عرسال من كافة التنظيمات الارهابية والتكفيرية والانتصار بسرعة بالغة والسيطرة على الاودية والتلال والجبال وقتل العديد بالعشرات من اعضاء المنظمات الارهابية والتكفيرية اضافة الى تحرير كافة مناطق جرود عرسال واعادة الامن الى مدينة عرسال ومزارعها في الجرود، فان الجيش اللبناني كان قادرا على تنفيذ هذه العملية.
ونحن اذ نشيد بالمقاومة التي نفذت العملية لكن يبقى السؤال لماذا لم يتم اعطاء الامر لوحدات الجيش اللبناني كي تقوم على كافة جبهة الجبال الشرقية لتنفيذ العملية العسكرية خاصة وان لديها القدرة العسكرية الفائقة لضرب كافة المنظمات الارهابية والتكفيرية على كامل الجبهة من عرسال حتى القاع.
تجاهل توقيع وزير المالية
الان وصلنا الى اعطاء سنة اقدمية لضباط دورة عام 1994، فقد درس المجلس العسكري الامر وانقسم على نفسه لكن كلمة رئيس الجمهورية في الجيش هي التي فصلت في الامر واعطى المجلس العسكري القرار برفع مرسوم اعطاء سنة اقدمية الى دورة ضباط 1994. وهنا لا بد من الاشارة الى ان ضباط دورة 1994 هم من الضباط المهمين جدا والذين نجحوا في دورات تدريبية هامة في الولايات المتحدة اضافة الى قيامهم في عمليات في شمال لبنان وطرابلس وصيدا وحتى في البقاع وقيادة المجموعات العسكرية التي هي تحت امرتهم وادوا واجبهم ونالوا اوسمة حرب واوسمة جرحى واوسمة القيام بعمليات عسكرية في ساحة الواجب.
انتقل المرسوم من قيادة الجيش الى وزارة الدفاع يعقوب الصراف فقام بتوقيعه وبدلا من ان يرسل وزير الدفاع المرسوم الى وزير المالية بأنه يرتب اعباء مالية وكل مرسوم يرتب اعباء مالية على الخزينة، يجب ان يتم توقيعه من قبل وزير المالية في الحكومة اللبنانية، لم يتم ارسال المرسوم الى الوزير علي حسن خليل، ومشى مرسوم اعطاء الاقدمية سنة لدورة عام 1994، الى مركز رئاسة الحكومة حيث السراي والرئيس سعد الحريري، فقام بالتوقيع عليه متجاهلا توقيع وزير المالية علي حسن خليل. ثم ارسل الرئيس سعد الحريري الى رئيس الجمهورية الرئيس العماد ميشال عون الذي وقعه ثم تم ارسال المرسوم الى وزارة المالية كي ينفذه وزير المالية علي حسن خليل. فتوقف عند المرسوم واحتار في الامر كيف لم يتم ارسال هذا المرسوم الى وزارة المالية وطرح على نفسه السؤال كيف يجوز ارسال مرسوم يرتب اعباء مالية وتجاهل وزير المالية بهذا الشكل ولماذا قام الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري بهذا العمل. واعتبر وزير المالية ان المرسوم يخالف شكلا وجوهرا الدستور اللبناني. فقام بايقافه في وزارة المالية وطبعا اطلع الرئيس نبيه بري على الموضوع كون وزير المالية هو من الكتلة النيابية وحركة امل التي يرأسها الرئيس بري والتي يمثلها في الحكومة عبر وزارة المالية.
المرسوم توقف عند وزير المالية علي حسن خليل، وجاءت الاشارات من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ان مراسيم عديدة صدرت في الماضي باعطاء اقدميات لضباط دون ان يوقعها وزير المالية لانه لا يوجد اعباء مالية عليها. فقام وزير المالية علي حسن خليل بدراسة الموضوع ورأى ان هنالك مترتبات مالية تنجم عن المرسوم، باعطاء اقدمية سنة لعام 1994، خاصة انه بمجرد اعطاء اقدمية سنة فان تعويضهم النهائي للخدمة وتقاعدهم يدخل في اضافة اعباء مالية او ترتيب دفع اموال معينة حتى ولو في نهاية الخدمة.
فأوقف المرسوم واعلن الرئيس بري ان المرسوم لن يمر. واعتبر البعض ان هنالك خلافاً سياسياً كبيراً بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب الرئيس بري، لكن الخلاف لم يكن سياسيا ابدا، بل قام الرئيس بري باعتبار المرسوم غير دستوري مثلما اعتبره وزير المالية علي حسن خليل والذي اوقفه في وزارة المالية. فيما كان جواب رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ان المرسوم لا يحتاج الى توقيع وزير المالية.
أعباء مالية
وامس الثلثاء اجتمع المجلس العسكري بقيادة الجيش من جديد واقر ترقيات الضباط التي تصدر في1/1/2018، وفي اللوائح المقدمة الى قيادة الجيش، اعتبر المجلس العسكري ان اقدمية السنة هي قانونية ودستورية وحاصلة وبالتالي حصل اكثر من 20 ضابطاً من دورة عام 1994 على رتبة عميد عبر ترقيات سنة 2018، ويعني ذلك ان هؤلاء الضباط استفادوا من الاقدمية وبالتالي حصلوا على رواتب اعلى بترقيتهم الى رتبة عميد وبالتالي رتبوا اعباء مالية على وزارة المالية.
علم بالامر وزير المالية علي حسن خليل من مصدر عسكري رسمي وبأن ضباطاً سيتم ترقيتهم الى رتبة عميد على اساس ان اقدمية السنة قد حصلت واصبح المرسوم نهائياً. وانطلق من هنا وزير المالية علي حسن خليل ليؤكد ان ترقية ضابط من دورة 1994 الى رتبة عميد عبر اعطائه سنة الاقدمية يرتب  اضافة مالية الى راتبه وبالتالي اعطاء سنة الاقدمية قد ادت الى ترتيب اعباء مالية عبر ترشيح ضباط من درة 1994 الى رتبة عميد والاستفادة من سنة الاقدمية، عندها قرر نهائيا عدم توقيع المرسوم.
ولدى انعقاد مجلس الوزراء حيث ان وزير الاعلام ابو عاصي وزير القوات ادلى بتصريح قال فيه ان مجلس الوزراء وافق على اعطاء سنة اقدمية لضباط دورة عام 1994 كان تصريحا خاليا من اي واقع ولم يتخذ مجلس الوزراء باعطاء سنة اقدمية للضباط فمن اين جاء ابو عاصي بهذا القرار والتصريح والذي نشرته وكالة الانباء الوطنية. واعتبر ان مرسوم اعطاء الاقدمية سنة هو نهائي واصبح ساري المفعول فيما هو لم يحصل على توقيع وزير المالية ولا يعتبر دستوريا الا عبر توقيعه الا اذا فصل المجلس الدستوري او مجلس شورى الدولة ولكن على الارجح المجلس الدستوري بهذا الامر اذا كان المرسوم دستوريا ام لا.
اثناء الجلسة طرح وزير المالية علي حسن خليل موجها كلامه الى اعضاء مجلس الوزراء الرئيس الحريري وقال وزير المالية: «يا جماعة هنالك مشكلة في البلد، انتم اصدرتم مرسوماً يترتب عليه اعباء مالية والدستور اللبناني واضح، وهو ان كل مرسوم يرتب اعباء مالية يجب ان يوقعه وزير المالية، وما لم يوقعه وزير المالية يعتبر باطلا ولاغيا ولا قيمة له ولا تقوم وزارة المالية بدفع الاموال المتوجبة وفق مرسوم لم يوقعه وزير المالية واعتبره غير دستوري، ولا يمكن لمجلس الوزراء ولا حتى رئيس الجمهورية ان يعطي امرا بدفع المبالغ لوزير المالية ذلك انه وفق دستور الطائف فان الوزير في حكومته هو رئيس وزارة، وان رئيس مجلس الوزراء هو رئيس مجلس الوزراء وليس رئيس الوزراء، بمعنى ان كل وزير مستقل وعبر التصويت يجري اخذ القرارات. اما بالنسبة اذا اعتبر وزير المالية ان المرسوم غير دستوري حتى لو تم التصويت في مجلس الوزراء فمن حق وزير المالية ان لا يدفع الاموال المترتبة على مرسوم لم يوقعه واعتبره غير دستوري.
ابو عاصي اخطأ
وقال هذا الكلام الوزير علي حسن خليل للوزراء وللرئيس الحريري متابعا كلامه يا جماعة تعالوا نجد حلاً، وانتم تقولون ان المرسوم باعطاء اقدمية سنة لا يرتب اعباء مالية واليوم بالتحديد اجتمعت قبل الظهر صباحا قيادة الجيش اللبناني برئاسة العماد المغوار جوزف عون واقر ترقيات الى رتبة عميد من دورة عام 1994 على اساس سنة اقدمية، اي انه بدل ان ينتظر 5 سنوات العقيد ليصبح عميد لن يتم الانتظار الى مدة 5 سنوات لترقية الى رتبة عميد بل جرى اعتبار سنة الاقدمية سنة خدمة فعلية وبالتالي الذين خدموا من رتبة عقيد 4 سنوات اضافت لهم قيادة الجيش سنة، وجرى ترقيتهم الى رتبة عميد وهذا يؤدي الى زيادة رواتبهم ، فكيف تقومون بتجاهل وزارة المالية وعدم توقيعها على المرسوم.
ولم يفهم الامر الوزير الياس ابو عاصي وقام بالتصريح  خارج مجلس الوزراء بأن مجلس الوزراء قرر اعطاء سنة اقدمية لضباط دورة عام 1994 وبالتالي المرسوم نهائي ودستوري.
عند المساء اعلن وزير المالية علي حسن خليل وخاصة بعد اجتماعه بالرئيس نبيه بري انه لن يوقع المرسوم وان المرسوم غير دستوري ولاغ وان وزارة المالية لن تدفع الرواتب للضباط على قاعدة اعطائهم اقدمية سنة وبالتالي تم ترفيعهم الى رتبة عميد من قبل قيادة الجيش اللبناني وبالتحديد المجلس العسكري.
رئيس الجمهورية  العماد ميشال عون يريد اعطاء سنة اقدمية للدورة التي تم تسميتها في الاعلام دورة العماد ميشال عون، والرئيس الحريري ساير رئيس الجمهورية في التوقيع على المرسوم لكن الرئيس الحريري وقع في مأزق ما بين رئيس الجمهورية والرئيس بري كذلك وقع في مأزق دستورية مرسوم لم يوقعه وزير المالية ويعلن في ذات الوقت وزير المالية انه لن يوقعه في المستقبل لانه يرتب اعباء مالية على الخزينة اللبنانية. وكل مرسوم يرتب اعباء مالية يجب ان يوقعه وزير المالية.
هنا نعود بالذاكرة الى بداية عهد الرئيس امين الجميل، حيث طلب من المرحوم العماد ابراهيم طنوس قائد الجيش اللبناني ترفيع واعطاء اقدمية لـ 26 ضابطاً في الجيش اللبناني كضباط موالين لحزب الكتائب، وقد ادى ذلك الى تأثير كبير في صفوف ضباط الجيش، خاصة وان عديد الجيش في بداية عهد الرئيس امين الجميل كان 38 الف جندي فقط، فيما اليوم عديد الجيش اللبناني وصل الى 76 الف ضابط ورتيب وجندي، ولكن رغم عدد 38 الف ضابط ورتيب وجندي في بداية عهد الرئيس امين الجميل وترفيعه 26 ضابطاً شبه كتائبي ادى ذلك الى خضة كبيرة في الجيش استمرت 18 سنة حتى انتهت مع ترك ذيول كانت خطيرة يومها داخل ترتيب الهيكلية العسكرية للجيش اللبناني.
180 ضابطاً سيسطرون على المراكز الهامة في الجيش
اما اليوم فالمسألة اكبر من ذلك، ذلك ان دورة العماد عون لسنة 1994 في المدرسة الحربية هم ضباط عونيون من حيث المبدأ، لكنهم لا يشك احد بشجاعتهم وقدرتهم وثقافتهم ونجاحهم بعلامات باهرة في الدخول الى المدرسة الحربية وتقديم شهداء من ضباط دورة 1994 اضافة الى قيامهم بعمليات عسكرية على مدى الارض اللبنانية ادت على الحفاظ على الامن والاستقرار وجعل الجيش اللبناني قويا من خلال وجود كافة الدورات التي تخرجت من المدرسة الحربية ومنها دورة ضباط 1994.
انما تشعب الامر وظهر لدى القيادات الحزبية غير المسيحية ان اعطاء العماد ميشال عون سنة اقدمية للدورة التي قام بتطويعها اثناء رئاسته للحكومة الانتقالية والضباط معروفون بولائهم للرئيس عون، يعني ان اكثر من 180 ضابطاً هم برتبة عقيد منذ سنتين واليوم اصدرت قيادة الجيش بترقية العديد منهم الى رتبة عميد، فمعنى ذلك ان اكثر من 180 ضابطاً سيسيطرون على اكثرية المراكز الهامة في الجيش اللبناني. مع تقدم الدورات السابقة لهم وتقديم الاستقالات من الضباط واصبحوا هم في المراكز الاولى. وكونهم من الاكثرية المسيحية فيعني ذلك انهم سيكونون لاحقا في موقع قيادة لواء وهم اليوم في موقع مساعد قائد لواء.
كذلك فان قادة الافواج والقطع العسكرية سيلعبون دورا كبيرا فيها دورة العماد ميشال عون الذين تخرجوا سنة 1994، وبالتالي بالنسبة للضباط من الطائفة الشيعية والضباط من الطائفة السنية والضباط من الطائفة الدرزية وغيرهم، فانهم سيشعرون بقوة دورة وضباط سنة 1994 وسيطرتهم على المراكز الاساسية في الجيش اللبناني، خاصة وان الرئيس العماد ميشال عون هو قائد سابق للجيش وخدم في الجيش اكثر من 40 سنة، اضافة الى ان قائد الجيش اللبناني العميد المغوار جوزف عون يأتمر بأوامر رئيس الجمهورية اما وزير الدفاع فهو خارج الخط ما بين قائد الجيش اللبناني العماد المغوار جوزف عون ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
هذا الامر انتبه اليه الرئيس نبيه بري، اضافة الى اعتباره ان المرسوم باعطاء اقدمية سنة لدورة 1994 هو غير دستوري، وبالتالي فان الرئيس بري وقف ضد هذا المرسوم وسنة الاقدمية.
اما الوزير وليد جنبلاط فلم يصرح بشيء، لكن من خلال اوساط عسكرية فهو ليس متحمساً لهذا المرسوم باعطاء سنة اقدمية داخل المؤسسة العسكرية ويقول البعض انها قد تؤثر على هيكلية تراتيبة تنظيم الجيش اللبناني.
اللواء عباس ابراهيم
اما بالنسبة الى الرئيس سعد الحريري فقد أيد موقف الرئيس العماد ميشال عون لكن اعضاء المجلس العسكري من غير المسيحيين اعترضوا على اعطاء اقدمية سنة لدورة الضباط الذين تخرجوا سنة 1994.
رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استدعى اللواء عباس ابراهيم الى القصر الجمهوري وطلب منه التدخل في هذه المسألة واجراء محادثات ومشاورات مع المسؤولين عن هذا الموضوع ومعالجته، وبالفعل قام اللواء عباس ابراهيم مدير عام الامن العام بالاتصالات لايجاد تسوية لهذا الموضوع. لكن هل سيستطيع اللواء عباس ابراهيم اقناع الرئيس نبيه بري ووزير المالية  علي حسن خليل ممثل حركة امل في الحكومة بالتوقيع على المرسوم، الجواب غير معروف. لكن الرئيس بري مواقفه معلنة في الاعلام ان هذا المرسوم غير دستوري ويجب ان يوقع عليه وزير المالية وان ارساله للتنفيذ دون توقيع وزير المالية كان مخالفة دستورية، اضافة الى مزيد من التصريح من الرئيس نبيه بري لكن موقف الرئيس بري يبقى ضد مرسوم اعطاء سنة اقدمية دون توقيع وزير المالية.
اما الرئيس سعد الحريري فقد طلب التريث لنشر مرسوم اعطاء الاقدمية سنة، وطلب الانتظار لايجاد حل لهذه المسألة. واخطأ الوزير ابو عاصي بالتصريح بأن مجلس الوزراء اقر اعطاء اقدمية سنة، لان وزير المالية علي حسن خليل قال العكس وهو ان ما حصل في مجلس الوزراء هو ان وزير المالية طرح الموضوع على مجلس الوزراء وقال هنالك مشكل في البلد في هذا الموضوع ولا بد من حله ولنخرج من اي صراع سياسي، فليس هنالك صراع سياسي بين الرئيس نبيه بري والرئيس العماد ميشال عون بل هما متعاونان كذلك يحترم موقف رئيس الحكومة لكن يعتبر المرسوم غير دستوري ولن يوقعه ولا يقبل به.
وهنا السؤال كيف خرج الوزير ابو عاصي وزير الاعلام بالوكالة ليعلن موافقة مجلس الوزراء عليه، في حين انه عند المساء وبعد انعقاد مجلس الوزراء وبعد تصريح الوزير ابو عاصي كان وزير المالية علي حسن خليل يقول انه لن يوقع على مرسوم اعطاء الاقدمية سنة لدورة 1994.
الحرص على الجيش
يبقى اخيرا ان نقول انه يجب الحرص على الجيش اللبناني لانه المؤسسة الاهم في مؤسسات الدولة اللبنانية وهي الضامنة للاستقرار وحفظ الامن وتأمين سيادة لبنان والدفاع عن الشعب اللبناني والشعب اللبناني يلتف حولها ولا بد من ايجاد تسوية لموضوع اعطاء اقدمية سنة لدورة عام 1994 وفق ما يقره الدستور ووفق قوانين المؤسسة العسكرية خاصة قراءة المعطيات التي قدمتها قيادة الجيش كمقدمة لاعطاء سنة الاقدمية وهي مطالعة هامة ومؤلفة من نقاط عديدة واستندت اليها لتطلب اعطاء سنة اقدمية للضباط الذين تخرجوا سنة 1994.
وعبر دراسة هذه المطالعة واسباب انقسام المجلس العسكري في شأنها وهي القيادة الفعلية للجيش اللبناني، يجب اتخاذ القرار المناسب وانهاء هذا الموضوع وابعاده عن التجاذب السياسي وحصره كونه موضوعاً عسكرياً يؤثر على معنويات ورتباء وجنود الجيش اللبناني الذين هم في حالة تأهب كبيرة وكاملة سواء على الحدود في الجنوب ضد العدو الاسرائيلي ام في الداخل على ابواب الاعياد لحفظ الامن من اية عملية ارهابية قد تحصل في اعياد الميلاد ورأس السنة ام في مناسبات اخرى لكن اعياد الميلاد وراس السنة ستكون مناسبة لخروج الشعب اللبناني وانتشاره في كل الامكنة وحضور الحفلات والذهاب الى المطاعم والزيارات وحضور القداديس. ومن هنا لا بد من اتخاذ القرار النهائي بشأن مرسوم اعطاء اقدمية سنة لدورة 1994 سلبا ام ايجابا، اما ان يتم رفضها او قبولها وينتهي الموضوع. وعندها ينصرف الجيش اللبناني الى دوره في الحفاظ على الامن خاصة واننا نحن على ابواب اعياد، عيدي الميلاد ورأس السنة ستشهد تحرك اكثر من مليون ونصف مليون لبناني في زيارات واحتفالات ومطاعم وفنادق والاحتفال برأس السنة الجديدة.