IMLebanon

المغامر

 

يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نهج مغاير كلياً لأسلافه الرؤساء الذين شغلوا البيت الأبيض في العقود الماضية، وهو نهج مدار خلاف كبير في تقويمه بين فئة أميركية ترى أنّه يعود بالخير على الولايات  المتحدة، وكثرة (من الحزبين الجمهوري الذي ينتمي إليه الرجل والديموقراطي) ترى أنه يعزل بلده الضخم عن العالم ويتخلى عن حلفائه التاريخيين.

 

حتى علاقاته مع بعض البلدان  العربية التي ترقى الى نحو قرن من الزمن، باتت تقوم على الكثير من الابتزاز المعروف والذي لا مجال للخوض في تفاصيله هنا.

 

فهو على خلاف اقتصادي واستراتيجي أحياناً كثيرة مع أوروبا الغربية، وهو يشن «الحرب الاقتصادية» على الصين، وحتى الهند باتت تحت عقوباته التي ردّت عليها أول من أمس السبت بحظر التعامل مع عشرات الشركات الأميركية.

 

وأمّا تركيا فالخلاف معها بلغ ذروته. وهؤلاء جميعاً (بإستثناء الصين) حلفاء تاريخيون واستراتيجيون لواشنطن…

 

وفي الرابع من شهر آذار الماضي صدر بيان عن مكتب ممثل التجارة الأميركي جاء فيه أنه بناءً على «طلب» الرئيس ترامب  فإنّ الولايات المتحدة تعتزم إلغاء «مزايا تجارية تفضيلية» تستفيد منها الهند وتركيا (…) اللتين «ستشطبان» من برنامج الدعم التجاري في آن معاً!  والبيان كان واحداً ولكن سبب الشطب يختلف بين كل من نيودلهي وأنقرة (…)

 

وفي الأسابيع الأخيرة أعلن ترامب أن الاتحاد الأوروبي  «تعامل بطريقة سيئة مع بلده، مثل الصين». وعليه هدد ترامب دول الاتحاد بوقف الدعم لحلف الناتو (حلف شمال الأطلسي).

 

 

فكان أن قامت ردود أوروبية متعددة بلغت على لسان باريس حدّ الاتجاه الى الانسحاب من الأطلسي وإنشاء حلف أوروبي مستقل عمّا أسمته بــ»الهيمنة الأميركية غير المبررة».

 

ألمانيا المستاءة من الموقف الأميركي وانعكاساته السيئة على اقتصادها وتهديد شركاتها الضخمة وصناعتها العريقة أعلنت بلسان المستشارة السيدة ميركل بأنّ أوروبا لن تكون تابعةً للولايات المتحدة (…)

 

صحيفة أندبندنت البريطانية وصفت النهج الترامبي بالخطير. وقالت إن الرئيس الأميركي «يعزل» بلاده و»يقامر» بمصالحها.

 

وحذرت من أن هذا النهج المتبع من شأنه إذا استمر أن يتهدد اقتصاد أميركا بقدر ما يهدد اقتصادات الدول المعنية (وهي أكثر بكثير مما ذكرنا آنفاً) ويدفع بمعظمها الى تحالفات ما كان ممكناً لها أن ترى النور، لولا عنجهية ترامب.

 

وفي آراء محللين سياسيين كبار ومراقبين دوليين عديدين أنّ المستفيد الأوّل، حالياً من هذه السياسة هو الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين، فالكرملين بدأ بعقد صفقات أسلحة ضخمة مع بلدان عديدة ما يعوض له السوق الليبية والسوق العراقية، وأبرز تلك الصفقات مع مصر وتركيا والسعودية، ناهيك بفتح الأبواب أمام مشاريع عملاقة للشركات الروسية،  ما كانت ترد في بال أحد حتى أن صحيفة «الأوبزرفر» ذهبت الى حد القول إن سياسة ترامب عززت النفوذ الإيراني في المنطقة العربية!