Site icon IMLebanon

“نصيحة” باريس… الإستقرار والإسراع بالتشكيل

بينما الشعب اللبناني الثائر مستمر في انتفاضته بزخم متزايد، يبدو “حزب الله” ومعه “التيار الوطني الحر” في حالة إنكار متعمّد لمطالب الناس من خلال المماطلة في الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس مكلف تشكيل حكومة جديدة، وسط تزايد وتيرة الضغط على الرئيس سعد الحريري لدفعه إلى قبول مهمة التكليف والتأليف بشروط “الحزب” و”التيار”، وإذا صحّ ما يتردد من أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون كان ينتظر لبدء الاستشارات لقاء الموفد الفرنسي كريستوف فارنو للوقوف على ما سيحمله من باريس، فهذا بحد ذاته مضيعة للوقت، لأنّ السفير فارنو آتٍ إلى بيروت وفي جعبته رسالة وحيدة تختزن “نصيحة” فرنسية بالإسراع في تشكيل حكومة تأخذ بمطالب الشعب، وتكون بحسب المسؤولين متجانسة ومنسجمة مع متطلبات مؤتمر “سيدر” بالنسبة للإصلاحات والشفافية، باعتبارهما معيارين أساسيين يحاكيان الحراك الشعبي ومطالبه بالإصلاح ومكافحة الهدر والفساد.

مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية السفير فارنو، الذي يُعتبر من المستشرقين والمطّلعين على ملفات المنطقة ومن بينها لبنان، كان قد استلم مهامه في شهر آب المنصرم، ويعتزم من خلال زيارته بيروت الاطلاع عن كثب على الوضع اللبناني المستجد بعد انتفاضة 17 تشرين الأول، وهو سيوصي جميع المعنيين في لبنان بحماية استقرار البلد، غير أنّ زيارته لا تندرج في إطار أي وساطة بخلاف الشائعات التي لا أساس لها من الصحة، وتحدثت عن أنه تحاور مع الجانب الإيراني قبل مجيئه إلى بيروت، سيما وأنّ السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه يقوم بمهامه الديبلوماسية بفعالية ويلتقي باستمرار جميع الأفرقاء في لبنان ونظراءه السفراء الأجانب ومن بينهم السفير الإيراني، سيما وأنّ فوشيه يعرف جيداً المسوؤلين في إيران كونه سبق أن تولى سفارة فرنسا في إيران.

إذاً، باريس لا تقوم في الوقت الراهن بأي وساطة، على أن يعود فارنو بعد لقاءاته اللبنانية إلى باريس ليدلي بتقييمه للأوضاع إلى وزير خارجيته جان إيف لودريان، الذي ينقلها بدوره إلى الرئيس ايمانويل ماكرون تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب ما إذا كانت هناك حاجة إلى مسعى فرنسي معيّن يمكن القيام به، وسط تشديد من المسؤولين الفرنسيين على أهمية بلورة اللبنانيين أنفسهم، من خلال الاتصالات والمشاورات الجارية بين الفرقاء، تصوراً سريعاً للخروج من الأزمة الراهنة خصوصاً في ضوء القلق الكبير الذي يبديه الفرنسيون إزاء الوضع الاقتصادي اللبناني.

تبقى إشارة استغراب إلى قرار بعض المجموعات المدنية المستقلة بعدم لقاء الموفد الفرنسي، خصوصاً وأنه يصل إلى لبنان لتقصي المعلومات والمعطيات عن الأوضاع القائمة وليس للتدخل في الشأن الداخلي اللبناني، وبالتالي كان من المفيد أن تلتقيه وأن تنقل للديبلوماسية العالمية بوضوح متطلباتها التي وصفتها باريس بالشرعية.