IMLebanon

سوريا ولبنان والانسحاب من افغانستان

 

ادركت الولايات المتحدة الاميركية بعد ثلاث سنوات الخطأ الإستراتيجي الذي ارتكبته باحتلال العراق وحل الجيش وتفكيك الدولة وتقسيمه الى كيانات غير قابلة للحياة، كردي في الشمال وسني في الوسط وشيعي في الجنوب، وتحول العراق من عملية استعراضية اميركية بريطانية الى مأزق حقيقي ادى الى تشكيل لجنة في اميركا من الحزبين الديموقراطي والجمهوري عرفت باسم لجنة بيكر وهاملتون، التي انجزت تقريرها  في ٢٠٠٦ والذي جزم بضرورة الانسحاب من العراق، مما دفع الرئيس بوش الابن الى اقصاء وزراء الدفاع والخارجية والمحافظين الجدد من ادارته وتغيير مهمة الجيش الاميركي في العراق من القتال الى التدريب والتمهيد للانسحاب قبل الانتخابات الاميركية في العام ٢٠٠٨ نتيجة الكلفة البشرية والمالية الهائلة التي تكبدها الاقتصاد الاميركي في العراق، والتي اعتبرت من اسباب ازمة الاوراق المالية ونتائجها الكارثية على عموم المجتمع الاميركي في العام الانتخابي ٢٠٠٨ والتي ساعدت على فوز الرئيس اوباما في الانتخابات.

حدد الرئيس اوباما يوم ٣٠ كانون الاول عام ٢٠١٠ موعدا لاتمام الانسحاب الاميركي من العراق واستبق ذلك بالدعوة الى اجتماع دول الجوار العراقي برعاية اميركية فرنسية والاعلان عن اتفاق اربيل وتجاوز نتائج انتخابات العراقية ٢٠١٠ وتقاسم السلطة بين حزب الدعوة والاكراد والاخوان المسلمين بضمان دول الجوار العراقي، وفي ٢٧ كانون الاول ٢٠١٠ انطلقت موجة الربيع العربي من تونس وقبل ثلاثة ايام من اتمام الانسحاب الاميركي من العراق، واجتاحت موجة الربيع العربي كامل الوجدان العربي وتحطمت معه كل مكونات الاستقرار في المنطقة ودخلت الشعوب العربية في حال من الصراع الاهلي الداخلي على السلطة بعد عقود من النزاع مع الاحتلال والاستعمار الخارجي وكانت نتائج الانسحاب الاميركي من العراق واتفاق اربيل شديدة السوء على كل اسباب الاستقرار والانتظام في سوريا ولبنان منذ ٢٠١١ حتى كتابة هذه الكلمات .

 

تزامنت الانتخابات الاميركية الاخيرة ٢٠٢٠ مع سيطرة  وباء كورونا على الواقع الاميركي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي مما جعل الرئيس ترامب من اكبر ضحايا وباء كورونا الذي شكل في الوقت نفسه العامل الاساس في نجاح الرئيس بايدن بالانتخابات واطلاق سياسات مناقضة لتوجهات الرئيس ترامب وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط، باستثناء التزام الرئيس بايدن بقرار الرئيس ترامب بالانسحاب من افغانستان وانهائه قبل الذكرى العشرين لتفجيرات ٩ ايلول والالتزام بالكشف عن كل اشكال الغموض والالتباس حول ذلك التفجير الارهابي، وقبل ثلاثة ايام من انتهاء الانسحاب الاميركي من افغانستان في بداية شهر آب الحالي ٢٠٢١ اي في ٢٧ تموز ٢٠٢١ عادت تونس من جديد الى الواجهة مع قرارات الرئيس بن سعيد والتي اعتبرت عملية تجديد لتجليات الربيع العربي، وبالتزامن ايضا مع انعقاد قمة دول الجوار العراقي الاسبوع المقبل في بغداد وبرعاية اميركية فرنسية ومع مناخات تغييرية بعد الانتخابات الاميركية والاسرائيلية والايرانية ومع زيارة مدير الاستخبارات الاميركية وليم بيرنز الى اسرائيل والأردن ولبنان ومصر وتحريك تفاعل التقاطعات الحدودية والكهربائية والنفطية اللبنانية السورية، مما يحتم علينا السؤال بحذر شديد عن التحولات القادمة في سوريا ولبنان بعد اتفاق اربيل ٢ و الانسحاب من أفغانستان والعراق ؟