IMLebanon

أميركا.. بعد ڤيتنام.. هزيمة ثانية في أفغانستان  

 

منذ عدّة أشهر، كتبت عن الغطرسة الاميركية وحروبها الفاشلة. وتذكرت الحرب الاميركية في ڤيتنام، وكيف استطاع الثوار الڤيتناميون أن يهزموا أقوى وأكبر دولة في العالم.

 

والسؤال هنا: كيف تم ذلك؟ بكل بساطة الجواب هو أنّ الڤيتناميين هم أهل ڤيتنام، فكيف يأتي الجيش الاميركي ويقطع المسافات ليحتل ڤيتنام؟ بالتأكيد عملية الاحتلال بسيطة، إذ بعد قصف بآلاف الصواريخ المدمرة، دخل الجيش الاميركي واحتل ڤيتنام.

 

ولكن القضية التي تطرح نفسها هي أنه ليس المهم الاحتلال بل المهم البقاء في المناطق المحتلة. وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلاّ بتكلفة بشرية فادحة، وهنا تأتي المشكلة، إذ ان البقاء في منطقة أهلها يرفضون وجودك، لا يمكن أن يستمر. وهذا ما حصل إذ اضطرت أقوى دولة في العالم الى الانسحاب.

 

وعلى ما يبدو فإنّ أميركا لم تتعلم الدرس، وهكذا قامت باحتلال أفغانستان تحت شعار محاربة الارهاب. وهكذا قامت بأكبر عملية عسكرية باستعمال أهم وأحدث الصواريخ التي قصفت ودمرت البنية التحتية لدولة أفغانستان، ودامت عملية الهجوم عدة أشهر لتتوهّم أميركا انها بسطت سيطرتها على أفغانستان تماماً.

 

وبالرغم من اليد الحديدية التي مارسها الجيش الاميركي ضد الشعب الافغاني، وبالرغم من كل المحاولات لفرض رئيس جمهورية، وإعطاء صورة بأنّ الاحتلال الاميركي هو عملية إنقاذ للشعب الافغاني من سيطرة حركة «طالبان» التي تعتبرها أميركا جماعة إسلامية متطرفة وصفتها بالإرهاب.

 

قتلت أميركا الآلاف، واعتقلت الآلاف، وفتحت سجوناً خاصة لمعاقبة المعتقلين، واستعملت أقسى أنواع التعذيب والاهانات ضد المواطنين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم مسلمون متدينون، أي ان الايمان أصبح إرهاباً من وجهة نظر الولايات المتحدة.

 

عشرون سنة من الاحتلال، و20 سنة من الاعتقالات والتعذيب، كانت نتيجتها ان أميركا رأت نفسها مضطرة الى الانسحاب.

 

طبعاً هناك مدّة للانسحاب، لكن الاميركيين يقولون إنّ كلفة بقائهم في أفغانستان بلغت يومياً 300 مليون دولار، وأنّ كلفة هذه الحرب وصلت الى 1800 مليار دولار.

 

السؤال هنا: لو أنّ أميركا أبقت جيشها في أميركا واستعملت جزءاً بسيطاً من هذا المبلغ، في دعم الشعب الافغاني من خلال التعليم والزراعة والصناعة وبناء محطات الكهرباء و»تحضير» تلك الدولة الفقيرة، وفتحت أمام الشعب المسكين فرص عمل، وفرص تعليم، وفرص إنشاء مصانع، واهتمت بالزراعة، ولا أقصد هنا زراعة الافيون خصوصاً وأنّ أفغانستان تعتبر أهم وأكبر دولة في زراعة الافيون وتصدير أطنان المخدرات الى كل أنحاء العالم حيث أصبحت هذه الدولة من أهم الدول تصديراً للمخدرات في العالم.

 

ويكفي أن أشير الى ما نشرته صحف أميركية وأوروبية حول ترسانة الاسلحة التي تركتها الولايات المتحدة وراءها في أفغانستان، لتظهر فداحة ما خلّفه تدخل الولايات المتحدة في أفغانستان.

 

والجدول الذي نشرته تلك الصحف  بهذا الشأن ليس تكهنات من قبل «محللين»، بل بيانات من مكتب التدقيق الأميركي. ولم يتم جرد ناقلات الجنود المدرعة والبنادق والطائرات الأميركية فحسب، بل وأسلحة تم شراؤها من دول أخرى لصالح أفغانستان.

 

وقدّرت قيمة تلك المعدات العسكرية بحوالى 85 مليار دولار.

 

الجدول المنشور تضمن الآتي:

 

أولاً آليات ومعدات:

 

– عربات نقل مدرعة إم 1117. العدد: 634.

 

– عربات نقل مدرعة إم 113. العدد: 169.

 

– عربات مدرعة ماكس برو. العدد: 155.

 

– عربات هامفي. العدد: 22174.

 

– سيارات دفع رباعي من مختلف الطرازات. العدد: 42000.

 

– شاحنات. العدد: 8000.

 

– قطع مدفعية. العدد: 176.

 

ثانياً طائرات النقل:

 

– طائرات النقل العسكرية سي 130. العدد: 4.

 

– طائرات الهجوم الخفيفة إمبراير إي إم بي 314 سوبر توكانو. العدد: 23.

 

– طائرات الهجوم الخفيفة سيسنا 208. العدد: 10.

 

– طائرات سيسنا 208 الخفيفة متعددة الأغراض. العدد: 28.

 

– مروحيات مي – 17. العدد: 33.

 

– مروحيات بلاك هوك. العدد: 33.

 

– مروحيات خفيفة متعددة الأغراض إم دي 530. العدد: 43.

 

ثالثاً الأسلحة والتجهيزات الخفيفة:

 

– بنادق رشاشة. العدد: 64363.

 

– بنادق هجومية. العدد: 358530.

 

– مسدسات. العدد: 126295.

 

– أجهزة اتصالات لاسلكية. العدد: 162043.

 

– مناظير ليلية. العدد: 16035.

 

ويبدو أنّ الاميركيين نسوا أو تناسوا أنّ الاتحاد السوڤياتي، دفع خسائر عسكرية كبيرة عندما كان يحارب الثوار الأفغان، وأنّ أميركا كانت قد ساعدت جماعة طالبان بصواريخ حديثة وأسلحة متطوّرة استطاع الثوار من خلالها أن يكبّدوا الروس خسائر فادحة، ما منع الروس من تحقيق أي انتصار هناك.

 

كذلك كانت أميركا تقول إنّ أفغانستان هي خط الدفاع الاول لأميركا ضد روسيا.. فماذا حصل لتبدّل رأيها وتقرّر احتلال أفغانستان؟

 

أخيراً نقول هذا الكلام لكي نؤكد أنه مهما طال إمداد إسرائيل بالمال والصواريخ والطائرات الحربية الحديثة والمتطوّرة، لكن كل هذا الدعم لن يسمح للآلة العسكرية الاسرائيلية أن تبقى حاكمة، ولا بد من يوم -وهو قريب- أن تعترف بحقوق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته مهما طال الزمن… والعبرة من ڤيتنام وأفغانستان.