Site icon IMLebanon

البون يعزي بـ«الطيبين»: افرام يرأس لائحة القوات  

عدم ترشح العماد ميشال عون مجدداً في كسروان بحكم انتخابه رئيساً، وخوض رؤساء ثلاثة من الأحزاب المسيحية الرئيسية الأربعة معركتهم في دائرة أخرى، يجعلان من الانتخابات في دائرة جبيل ـــــ كسروان، وتحديداً كسروان، مجرد سباق هادئ، لولا وقوف النائب السابق منصور البون في ساحة جونية مع قبعته السحرية وعصاه وإبهاره الجمهور بإخراج أرانب جديدة

اكتسب النائب السابق منصور البون جزءاً كبيراً من شهرته باعتباره أول من يصل إلى العزاء لمشاركة أهل الفقيد مصابهم وآخر من يغادر. هذا في الأيام العادية، أما في موسم الانتخابات فيوزع البون وقته بين تقديم واجب العزاء لأهل الأموات قبل الظهر والأحياء الذين يحتمل أن يموتوا بعده. وشاع منذ سنوات أن يستغفر الناس ربهم حين يرون البون يقترب من منزلهم علّ أحد أفراد أسرتهم قد توفي ولم يعلموا بالأمر بعد.

وكلما اعتقد أصدقاؤه أنه تعب أو ملّ الألاعيب، يفاجئهم أبو فؤاد بـ«أبرا كدبرا» جديدة تخلط كلّ الأوراق. فهو «أخد وجاب» التيار الوطني الحر طويلاً قبل أن يعامله التيار بالمثل، قبل أن ينتقل إلى الكتائب فالقوات اللبنانية أخيراً. فالبون مرّ ببنشعي لبعض الوقت، لكن لم ترقه الأجواء الهادئة هناك فانعطف باتجاه جيرانه في معراب. «معطيات» البون كانت تفيد بأن تحالف التيار والقوات في دائرة كسروان ــ جبيل شبه مستحيل لأن القوات تطالب بمقعد نيابي مضمون من أصل خمسة في كسروان فيما حصة التيار ستنخفض من خمسة اليوم إلى ثلاثة في أفضل الأحوال، وفي حال ذهاب مقعد إضافي للقوات ستنخفض حصة التيار من ثلاثة إلى اثنين.

انحسر التسونامي الروكزيّ قبل أوانه بحكم التزام العميد المتقاعد شامل روكز العمل بهدوء شديد

وعليه رأى البون أن بوسعه إقناع القوات بتشكيل لائحتها الخاصة، فلماذا تكون هناك لائحة عونية وأخرى يتزعمها النائب السابق فريد هيكل الخازن المحسوب على النائب سليمان فرنجية فيما القوات تتفرج كأنها مجرد لاعب ثانويّ؛ لا! لا بدّ أن يكون للقوات لائحتها في كسروان. وابتدأ أبو فؤاد كعادته حين يعلق الطعم: «حزّك مزّك» من وإلى معراب حتى اقتنعت بوجهة نظره: لائحة يترأسها رئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمة افرام، تضم المهندس مارون الحلو ومرشح القوات الحزبي شوقي الدكاش ومرشحاً رابعاً وفق التحالفات ومنصور البون في حال لا يشكل انضمامه إلى اللائحة إزعاجاً لأحد. الصيغة «الرائعة» تسمح لجعجع بالتباهي أن لائحته تضم «إبن افرام» وأحد أبرز رجال الأعمال الكسروانيين وأسطورة العمل الخدماتي التقليديّ؛ هذا ما كان يحلم «الحكيم» به منذ سنوات. وهي لائحة مكتملة تجعل من الصعب جداً على الخازن تشكيل لائحة وتضعه في زاوية الزاوية. يمكن البون الآن أن يرسل سائقه لشراء صندوقي نبيذ ويسهر الليل كله ليضحك بينه وبين نفسه. فهو متيقّن من قدرته على إقناع رئيس اتحاد بلديات كسروان جوان حبيش بترشيح شقيقه على لائحة التيار ليحتدم الصراع، بالتالي، في جونية بين ثلاثي افرام والخازن وحبيش و«يكسر بعضهم البعض الآخر»، فيما هو وكتلته الانتخابية بمنأى عنهم. وتجدر الإشارة إلى أن الحلو من غوسطا التي يعتبرها الخازن معقله، وكانا جنباً إلى جنب في معظم الاستحقاقات. إنها «ضربة معلم»: يفتن البون بين الخازن والحلو من جهة وبين الخازن وعديله نعمة افرام من جهة أخرى ويؤلف اللائحة الأفضل شكلاً منذ ثلاث دورات. ولا شيء يُقلق البون. فهو يعتقد أن افرام لن يستطيع الحصول على كم كبير من الأصوات التفضيلية طالما للقوات اللبنانية مرشحها الخاص وثمة حرب طاحنة في جونية. كما أن مرشح القوات محصور بالملتزمين في القوات اللبنانية. وبالتالي، يرى البون أن لا أحد سواه سيتصدر اللائحة التي «يُفترض أن تفوز بمقعدين على الأقل». وتشير المعلومات إلى أن افرام اقتنع بالفكرة، وهو كان يحلم منذ سنوات بترؤس لائحة جدية، وإن كان البون ما زال يشكك بإكمال افرام المغامرة حتى النهاية. أما الحلو فما زال مبكراً تأكيد موقفه، لكن معراب ستبذل كلّ ما في وسعها لتحويل سيناريو البون إلى واقع. واللافت أن «زعيم جورة بدران» لا يقف عند هذا الحد. فهو يرى التيار الوطني الحر مربكاً بمرشحيه، فيبادر (البون) تحسباً إلى إخراج مجموعة أرانب إضافية. من شأن مجموعة عمداء متقاعدين يتوزعون بين كفرذبيان وجونية تشكيل لائحة لن تنال الكثير من الأصوات لكن غالبية ناخبيها كانوا مصنَّفين في خانة المؤيدين للتيار. ولا يمكن، بطبيعة حال السياسيين اللبنانيين، أن يفكر النواب نعمة الله أبي نصر ويوسف الخليل وجيلبرت زوين بالتقاعد في حال قرر الوزير جبران باسيل الاستغناء عن خدماتهم. وهؤلاء جميعاً يأكلون حصراً من الصحن العونيّ. ولذلك سيرسل البون من يقنعهم بتشكيل لائحة أو يذهب بنفسه لإقناعهم. وفي حال لم يتأمن مكان للوزير السابق زياد بارود على اللائحة العونية، فيفترض أن تشجعه النسبية على تأليف «لائحة شبابية» يفترض البون أيضاً أن جمهورها الأول ليس جمهور السياسيين التقليديين إنما «الجمهور الإصلاحي الشبابي الذي خيب العونيون ظنه بعدما أيدهم في استحقاقين سابقين». ولا شك أن بين رجال الأعمال الطامحين من لن يجدوا مكاناً يتسع لطموحهم على كل هذه اللوائح فيأخذون بنصيحة البون في تشكيل لائحتهم الخاصة.

في المقلب الآخر تبدو الأوضاع على ما هي عليه منذ بضعة أشهر. انحسر التسونامي الروكزيّ قبل أوانه بحكم التزام العميد المتقاعد شامل روكز العمل بهدوء شديد وتفضيل البقاء بعيداً عن الأنظار. وهو قرر تكوين ماكينته الخاصة فذهب يبحث بين رؤساء المجالس البلدية والمخاتير وقدامى الوطنيين الأحرار وبعض العونيين غير المنضبطين عن نواة أولية ما تزال حتى الآن مجرّد نواة أولية. ومشكلة العميد أنه ينطلق في حركته الكسروانية من تفاهمه مع رئيس اتحاد بلديات كسروان، مما يضعه في خصومة منذ الانطلاقة مع آل افرام ونصف جونية الآخر و48 في المئة من المجالس البلدية التي صوتت ضد حبيش. والمشكلة الثانية أنه قرر العمل خارج إطار التيار الوطني الحر ما دفع الهيئة المركزية العونية والهيئات المحلية إلى التعامل معه بوصفه مجرد صديق للتيار لا بطل الأبطال كما كانوا يعاملونه قبل التقاعد. إضافة إلى أن الكثير من رجال الأعمال والمرشحين المفترضين الذين كان يمكن أن يعطوا دفعاً لانطلاقته فرملوا اندفاعتهم باتجاهه حين تناهى إلى سمعهم الإشاعات عن احتمال استياء الوزير باسيل وتأثير ذلك على مستقبلهم السياسي باعتبار باسيل صاحب القرار اليوم. علماً أن البون يخترع دائماً شعاراً ويبدأ بترداده، وكما راح سابقاً يقول عن أحد الوزراء السابقين إنه «فو بيجو» أو مجوهرات مزيفة، ابتدأ منذ أشهر القول إن العميد غير العماد وهو ما ابتدأت كسروان كلها تلهج به عن قصد أو غير قصد.