Site icon IMLebanon

نعمة افرام لـ«الجمهورية»: تجديد العقد الوطني لا يتمّ إلّا «عَ السخن»؟

تَسلّم المهندس نعمة افرام رئاسة «المؤسسة المارونية للانتشار» وسط دينامية وحيوية تسودان الساحة المسيحية أخيراً، وفي إطار عملية ترتيب البيت الداخلي. فتنظيم الطاقات الداخلية والاغترابية واستكمال تقليص المسافات وإنتاج التوافقات على عناوين أساسية، ومنها قانون الانتخاب واللامركزية الإدارية الموسّعة، كلها أمور باتت مطلباً ملحّاً، في انتظار الفرج الكبير المتمثّل في انتخاب رئيس الجمهورية.

يستند افرام إلى تجربة غنية، فهو شَغل منذ العام 2006 مركز نائب رئيس «المؤسسة المارونية للانتشار» التي كان يرأسها الوزير السابق ميشال إده، وهو صاحب مبادرة «لبنان الأفضل» المتضمّنة مشروعاً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً متكاملاً للخروج من الشلل التام على الصعد كافة، ومن أجل النهوض بلبنان.

وقد نَشط افرام ولا يزال على صعيد المصالحات، إضافة إلى اهتمامات عامة لم تُشكّل يوماً استفزازاً لأحد، وسط قبول وتشجيع من مختلف مكوّنات البيت المسيحي عموماً والماروني خصوصاً، وبطبيعة الحال المكوّنات الوطنية الأخرى.

وللاطلاع على تفاصيل ما جرى وسيجري في الكواليس، إلتقت «الجمهورية» افرام في إطلالته الإعلاميّة الأولى بعد ترؤسه المؤسسة «المارونيّة للانتشار»، مُستفسرة عن هوية المؤسسة وأهدافها، وعن قانون الانتخاب المُرتجى واللامركزية الإداريّة الموسعة.

يؤكّد افرام أنّ «المارونية للانتشار» هي «مؤسسة مارونية الهوية ووطنية الأهداف، هدفها منذ التأسيس كان العمل على استعادة التوازن الحسّاس بين مكوّنات لبنان الحضارية، والذي يشكّل عنصراً أساسيّاً للانسجام الوطني العام، ومن دونه لا معنى للبنان.

وتجسّد عمل المؤسسة في مساعدة المنتشرين على استعادة هويّتهم وجنسيّتهم اللبنانية والحفاظ عليها، وتشجيعهم على المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان، وتسهيل عودتهم إلى الأرض الأم».

نَشطت «المارونيّة للانتشار» من خلال فتح أكثر من 16 مكتباً لها في عواصم ومدن متعددة في القارات الخمس، وفي مجال التواصل مع المُغتربين وحَضّهم على تسجيل عقود الزواج وشهادات الولادة في دوائر الأحوال الشخصيّة الرسمية اللبنانية الموجودة في السفارات والقنصليات.

وهي إضافة الى المهام المذكورة، وتسهيل المعاملات الرسمية والتخفيف من البيروقراطية في الإدارات عن طريق استحداث معاملات إلكترونيّة، تعمل على تأمين التواصل بين لبنان المقيم ولبنان المنتشِر لا سيما من خلال النشاط السنوي المميّز لأكاديميتها، وتشجيع المغتربين على الاستثمار وممارسة الأعمال في لبنان، مع تقديم التسهيلات اللازمة لهم بُغية تحقيق ذلك.

يتحفّظ افرام عن كشف التوجهات الجديدة في المؤسسة، في انتظار عقد خلوة لفريق العمل والخروج بتوصيات. في الوقت عينه، لا يُخفي تقديره الكبير «للروح التي نَفَحها الوزير إده طوال فترة خدمته، وهو بفضل علاقاته المميّزة مع وزارتي الخارجية والداخلية والكتل النيابية والمرجعيات الروحية كافة، نَجح في تثبيت استراتيجية الشراكة الكاملة مع المغترب، مع إقرار المجلس النيابي قانون استعادة الجنسية».

عمل افرام للحفاظ على خطّ مستقل يشبه خطّ إده، وهنا يطرح السؤال عمّا إذا كان هذا الأمر سيساعده على التواصل مع المكوّنات كافة لإنتاج قانون انتخاب عادل وتحقيق اللامركزية الموسعة؟ فيجيب افرام: «نعم هناك مساع تبذل لتحقيق هذه المطالب، وللموقف المستقل أهمية في هذا المجال.

الإستقلالية تَستقي حريّتها من بُعدها عن التفرد والتبعية وكل اصطفاف أعمى، لكن مع مواقف واضحة من كل القضايا المطروحة، وانفتاح على كلّ المكونات والآراء، وتسهيل التقريب بين وجهات النظر المختلفة».

ويضيف: «لا أخفي، في هذا المجال، أنّ الشعب اللبناني يتطلّع إلى قانون انتخاب يُكرّس المناصفة ويَحمي الشراكة وميثاقية الدستور، ويحفظ أيضاً صورة لبنان الوطن المنفتِح على الحضارات وتفاعلها، ويؤمّن في الوقت عينه صحّة التمثيل وعدالته، من أجل خَلق مشهد سياسي متجدّد تتمثّل فيه الطاقات الحية من خيرة نساء الوطن ورجاله».

ويَلفت الى أنّ «أفضل ما يمكن التوصّل إليه لتحقيق آمال اللبنانيين والحفاظ على الثوابت الوطنية هو النظام المركّب، أي اعتماد مزيج مدروس ودقيق بين مَن يطرح النظام الأكثري بالمُطلق، وبين من يطرح النظام النسبي بالمطلق».

ويشدّد افرام على أنّ «اللامركزية هي في صُلب دستورنا، وتحقيقها يعطي فرصة جدّية لبناء الوحدة الوطنية وتأمين الاستقرار عبر تخفيف حدّة الصراع على السلطة المركزية. طبعاً مع اعتماد خطّة تعزّز عمل الوحدات الإدارية الصغرى تمثيلاً وانتخاباً، ومع صلاحيات مالية توضَع في خدمة الإنماء إقتصاديّاً واجتماعيّاً».

وعن مآخذ البعض عليه لتَحدثّه عن تجديد العقد الوطني في توقيت محلي وإقليمي غير مناسبين، يسأل افرام: «هل مكتوب علينا ألّا نبحث في عمق قضايانا إلّا «عَ السخن» وبعد حدوث ويلات أو حروب؟»، لافتاً الى «أننا نعيش حالاً من الشلل التام منذ سنوات، ويجب أن نتحلّى بالجرأة والموضوعية لإضفاء قيمة مُضافة على «الطائف» تكون من صلب هذا الاتفاق وعلى أساس المناصفة، لسدّ الثغرات فيه»، داعياً إلى «اعتماد آليات تحول دون تعطيل عمل المؤسسات الدستورية.

وما أطرَحه يَنبع من روحية درس طريقة «تشغيل» النظام اللبناني وعدم فَرملته، وليس من خلفية استرجاع صلاحيات بمعنى تعزيز صلاحيات فريق مقابل فريق آخر أو طائفة مقابل أخرى».

يعمل افرام على طرح حلول علميّة لمشاكل البلد. وفي إطار نظرته الى الأزمات وتعقيداتها، يقول: «شخصياً أرى بإلحاح تلك الحاجة الوطنية العابرة للطوائف والمذاهب والمناطق والانقسامات العمودية القائمة، بهدف محاكاة الملفات الوطنية بنظرة جديدة ومن أجل تذليل حلقة الشلل العام وإنهاض الوضعية الاقتصادية – الاجتماعية – السياسية لمصلحة المواطن والوطن.

وهي مقاربة اعتمدناها في «المؤسسة المارونية للانتشار»، فمكاتبنا في العالم موضوعة في تصرّف جميع اللبنانيين وخدمتهم على اختلاف مشاربهم وطوائفهم ومذاهبهم».