Site icon IMLebanon

الانفجار الأفريقي القادم  

تجمع الدراسات الانتروبولوجية (علم الإناسة) على ان افريقيا هي منشأ الانسان الأول. وانه هاجر منها شمالاً، ثم شرقاً وغرباً.

واليوم تجمع الدراسات الاحصائية التي تقوم بها المؤسسات الدولية على ان العالم سوف يواجه انفجاراً بشرياً افريقياً جديداً، وان ذلك سوف يحدث رغم كل العمليات التي تستهدف تحديد النسل، ورغم المليارات من الدولارات التي تنفق من أجل هذه الغاية.

ففي عام 2004 توقعت الأمم المتحدة أن ينمو عدد سكان افريقيا من 900 مليون في ذلك الوقت، الى حوالى 2،3 مليارين في عام 2100، وتوقعت ان يرتفع عدد سكان العالم ليصل في هذا العام الى 9،1 مليارات انسان؛ اي بزيادة 1،7 مليار عما هو عليه في الوقت الحاضر.

غير ان هذه التقديرات لم تعد صحيحة. فالأمم المتحدة تتوقع الآن أن يرتفع عدد سكان افريقيا الى 4،4 مليارات، اي بزيادة 2 ملياري انسان عن التوقع السابق، وان يرتفع عدد سكان العالم الى 11،2 ملياراً في عام 2100، اي بزيادة 2،7 مليارين عن التوقع السابق.

وتقول الدراسات الدولية أيضاً انه مع نهاية القرن الحالي فان افريقيا وحدها سوف تكون موطن 39 بالمائة من البشر، أي ما يعادل سكان قارة آسيا كلها، وأكثر اربع مرات من عدد سكان أوروبة واميركا الشمالية مجتمعتين!!

وفيما تعاني المجتمعات الغربية من تنامي الشيخوخة نتيجة زيادة عدد الوفيات على عدد الولادات، فان ما يحدث في افريقيا هو على العكس تماماً. ففي عام 1950 كان عدد من هم دون الرابعة عشرة من العمر يبلغ 850 مليوناً. تضاعف هذا العدد في عام 1975 ليصل اليوم الى 1،9 مليار.. ومعظم هذه الزيادة في افريقيا.

وتقدر الدراسات الدولية ان تصل نسبة الأفارقة بين من هم دون الرابعة عشرة من العمر الى 48 بالمائة في عام 2100.

وهذا يعني انه في الوقت الذي تعاني مجتمعات العالم الأول من الشيخوخة وتراجع عدد السكان، يستمر التضخم السكاني في افريقيا، الأمر الذي يعني انفجاراً جديداً يؤدي الى طوفان من المهاجرين الجدد.

أمران لم يشكلا سداً أمام التضخم السكاني في افريقيا، هما الأمراض الوبائية (وخاصة مرض فقدان المناعة الإيدز) والحروب الأهلية (وخاصة في قلب القارة الكونغو ورواندا). الأمر الوحيد الذي يمكن أن يخفض من نسبة المواليد في افريقيا هو رفع مستوى المعيشة.

فالدراسات الاجتماعية تجمع على ان «العائلة الميسورة مادياً وبصرف النظر عن الدين والجنس، تميل تلقائياً الى الحد من الانجاب. وكذلك الأمر بالنسبة للعائلة التي تتوفر لديها الخدمات الصحية. فإنجاب الأولاد سواء لزيادة اليد العاملة في العائلة، أو للتعويض عن افرادها الذين يقتلهم المرض، لن يكون له ما يبرره، اذا ما نجحت خطة رفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للعائلة.

وفي الوقت الحاضر فان أعلى نسبة في الولادة هي في دول جنوب الصحراء الافريقية حيث يتوفر عاملان يحفزان على الانجاب، وهما الفقر المدقع والاضطرابات الأمنية (مثل الكونغو والنيجر). واقل نسبة في الولادة هي في الدول المستقرة سياسياً والتي تنعم بشيء من النمو الاقتصادي الاجتماعي مثل بوروندي والسنغال، وحتى أثيوبيا.

وبدلاً من مساعدة افريقيا على تحقيق المزيد من النمو والتطور، تخصص المليارات لاحتواء مضاعفات عدم الاستقرار وتراجع النمو والمتمثلة اساساً في زيادة نسبة المواليد. وفي الشهر الماضي جمع مؤتمر عقد في لندن مساهمات دولية قيمتها 2،6 مليارا دولار لانفاقها على مشاريع الحد من النسل في افريقيا. وخصصت مؤسسة بيل غيت وحدها مبلغ 140 مليون دولار سنوياً (ولسنوات غير محددة) لإنفاقه على هذه المشاريع أيضاً.

ولذلك تخشى أوروبة ان يتضاعف عدة مرات عدد الأفارقة الذين يتطلعون الى الهجرة اليها.. والى غيرها من المناطق الغنية في العالم. وهي التي ضاقت ذرعاً بالعدد المحدود نسبياً من المهاجرين الأفارقة الذين عبروا الصحراء.. ثم المتوسط للوصول الى أوروبة.. قد تجد أوروبة نفسها عاجزة عن وقف هذه الهجرة اذا لم تبادر الى معالجة اسبابها الجوهرية في قلب افريقيا التي استباحت ناسها ونهبت ثرواتها الطبيعية على مدى أجيال عديدة!!.