IMLebanon

بعد ايرلوت هل يزور كيري وفيلتمان بيروت؟

 

دخل البلد عمليا مرحلة جديدة من المراوحة السلبية التي تحكم أهمّ الملفات السياسية الداخلية وأبرزها رئاسة الجمهورية وقانون الانتخاب، بعد أن عجزت عن تحقيق أي خرق ايجابي في القضيتين المصيريتين. فعلى غرار الاستسلام الداخلي لواقع الشغور الرئاسي الذي سيكرَّس مرة جديدة في «اللا جلسة» الانتخابية اليوم ، يبدو أن قانون الانتخاب العتيد سيوضع في الثلاجة في انتظار ما ستحمله مناقشات «الثلاثية» الحوارية المتوقعة في 2، 3 و4 آب المقبل. أما التوجه نحو «فلش» المسائل السياسية الخلافية كلّها على طاولة الحوار المقبل وصولا الى ما اصطلح على تسميته «دوحة لبنانية» أي اتفاق على سلة شاملة للحل، فلم تتحمس له أوساط 14 آذار.

قد يكون هذا الأسبوع، من أكثر أسابيع العامين الماضيين دلالة على أزمات الفراغ تقول مصادر متابعة، اذ مرت اولى استحقاقاته السياسية كسابقاتها، جلسة حوار للصورة، ولضرب موعد لقاء ثلاثي الايام، مطلع آب المقبل، وسط مخاوف من ان تتحول تلك الطاولة إلى إشكالية أشد تعقيدا، خاصة مع مفاجأة المتحاورين في عين التينة ، بوضع مدونات جديدة امامهم على الطاولة تحمل شعارا رسميا جديدا، وصفها البعض بأنها كبدل عن ضائع لرئاسة جمهورية غائبة ومجلس نواب مقفل، فيما استغرب آخرون تحوّلها الى هيئة رسمية بطابع رسمي من دون اي إطار قانوني او دستوري ، معتبرين ان الحوار انتهى بمدوّنة لكتابة التمنيات والتطلّعات عليها لتتحوّل الى دفتر ذكريات. اما محطة اللجان امس فكان حوارا للطرشان ولرفع العتب، في غياب اي شيء مشترك بانتظار نهاية حزيران ودخان آب الابيض الموعود، فيما الجلسة الروتينية الواحدة والأربعون،اليوم، لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يبدو أن عليه أن ينتظر بعد.

فمداولات طاولة عين التينة الوطنية لم تأت مخالفة لما رسم لها من توقعات ،في ظل تمترس الاطراف خلف مواقفهم، بل ان طرح رئيس حزب الكتائب، الذي وصفه البعض بالهروب الى الامام ،شعّب القضية أكثر وشرّع الباب أمام نقاش أوسع في إصلاحات ينص عليها اتفاق الطائف، في مرحلة ملء الوقت الى حين اتضاح المشهد الاقليمي ووصول كلمة السر الخارجية التي ستذلل العقد السياسية الداخلية.

وفيما القانون المختلط الذي يجمع النظامين الاكثري والنسبي يشكل الصيغة الاكثر تقدما وقد اتفقت اللجان النيابية المشتركة التي اجتمعت على درس «معاييره» في 13 تموز المقبل، توقفت المصادر المتابعة ، عند تمسك أكثر من طرف سياسي بالنسبية بحيث يطرحها الثنائي الشيعي «كاملة» مع اعتماد لبنان دائرة واحدة، كما يصرّ عليها بعض المسيحيين ومنهم «التيار الوطني الحر» لاعتباره انها تسمح للمسيحيين بانتخاب نوابهم، رغم ما بدأ يظهر من مواقف تعتبر انها لا تؤمن حقوق المسيحيين كما انها لم تعد معتمدة الا في القليل من الدول، في حين تعتمد أكثرية الدول نظام الدائرة «الفردية» بهدف تعزيز مبادئ المراقبة والشفافية والمحاسبة بين الناخب والنائب، بحسب الكتائب.

مراجع سياسية رأت ان الحلول باتت اصعب مع كل تأخير أو تمديد للأزمة الرئاسية – البرلمانية الحالية التي لا ينتج عنها إلاّ تضييعاً للفرص التي ربما لن تتكرّر لاحقاً، لأنه لم يعد بالإمكان تمييع طروحات الحل السياسية ولا تجاهلها، خاصةً مع دخول البلاد في الوقت الإضافي للأزمة بعد نفاد الأصلي، ما يرتب مخاطر عدة، مشيرة الى ان المطروح اليوم على الساحة وبشكلٍ رسمي، إما إنتخاب العماد ميشال عون رئيساً كتسوية بأقل الأضرار الممكنة، وإما الوصول إلى الإستحقاق النيابي والدخول بفراغٍ شامل بسبب عدم إمكانية التمديد للمجلس مرة أخرى بظل إنتهاء مبررات التمديد بإجراء الإنتخابات البلدية، وعدم إمكانية إجراء إنتخابات رئاسية بظل الفراغ، وبالتالي، يعني ذلك سقوط الطائف بإستمرار الشغور، أي سقوط أساس النظام اللبناني القائم وهو ما يفتح الباب أمام عقد مؤتمر تأسيسي جديد يكون كمنصة إنقاذ للبلاد من شرور ما سينتج عن هذا الشغور المستمر.

هذه الأجواء التي أشاعها أهل الحوار في جولتهم ستكون مواضيع مداولات سياسية كثيفة ستأخذ وقتها ضمن الهامش الزمني الفاصل عن مطلع آب والتي سيرافقها في منتصف تموز حراك دبلوماسي فرنسي في بيروت عن طريق وزير الخارجية، كما بات معلوما، فيما كشفت مصادر دبلوماسية أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قد يعرج على لبنان في سياق جولة تقوده الى الرياض وطهران ،استكمالا للتحرك الفرنسي اذا ما استمر التقدم الملموس الحاصل في الاتصالات الاقليمية – الدولية،تزامنا مع جولة ،علنية هذه المرة، سيقوم بها مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فلتمان، رغم اصرار مراجع مطلعة رئاسيا ان لا معطى جديدا رسميا رغم وفرة المعلومات والتسريبات التي تذهب من اقصى حدود التفاؤل بقرب انجاز الاستحقاق الى ابعد درجة من التشاؤم المعطوف على انهيار امني واقتصادي، فيما الاستقالات الحكومية وتفسيراتها الدستورية، التي باتت تهدد آخر المؤسسات الدستورية العاملة من «حلاوة الروح» ، فيما تشظيات الانتخابات البلدية تطال الاحزاب السياسية المترنحة وآخرها حزب «الكتائب» الذي سيخرج على الأقل متضررا من ازمة انسحابه من الحكومة.

اذا بعد اربعين يوما يحاول الرئيس نبيه بري ان يصل الى دوحة لبنانية من دون ان يعرف ما هي المعطيات التي يملكها والتي تتيح له ترف عقد دوحة لبنانية. فهل ينجح في التوصل الى سلة توافقية شاملة لترتيب الاولويات الدستورية بحيث تحل عين التنية مكان الدوحة؟ وكيف لهيئة فشلت في ايجاد حل لقانون انتخاب ان تنجح في ايجاد حلول لكل القضايا المطروحة وكيف لمن فشل في القليل ان ينجح في الكثير؟

الاستحقاقات السياسية المعلقة حتى اشعار آخر،والتحدي يلامس المستحيل لكنه واجب، حيث يبقى أفق الحلول مسدودا أمام استحقاقات الداخل المتعددة، والرهانات على اختراقات قد تحقق مبتغاها، من خلال الجلسات الماراتونية ، وما قد تتركه من انعكاسات على اجتماعات اللجان النيابية المشتركة وعلى جلسة انتخاب الرئيس.