عندما يقال ان رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد المتقاعد ميشال عون سيد من يمارس التصلب في مواقفه، بوسع خصومه القول انه سيد من لم يستوعب الى الان ان غيره قادر على مجاراته الى حد القول «كش ملك» مع ما تعنيه هذه الكلمة من ابعاد سياسية من الواجب فهمها على حقيقتها القائلة ان الرئاسة الاولى بعيدة تماما عن العماد!
هذا الشيء قاله رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بصريح العبارة عندما ارسل من يبلغ عون انه يقبل بصهره قائدا للجيش، مقابل ان يغير الجنرال من نهجه السياسي لجهة مطالبته برئاسة الجمهورية، والا فانه سيحرم من الرئاسة ومن القيادة في وقت واحد، وهذا الشيء واضح طالما بقي هناك من يعارض انتخاب رئيس مهما اختلفت الاعتبارات، فضلا عن ان الوضوح لا مجال لزيادته عن حده القائل «اما قيادة جيش او لا قيادة ولا رئيس الامر الذي لم تستوعبه الرابية ولا استوعبه رئيس التكتل ربما لان هناك من يوشوش في اذنه انه سيحصل على الرئاسة الاولى في حال زاد من مستوى تصلبه!
الذين من رأي سعد الحريري قادرين على اعطاء عون قيادة الجيش، انما هم في الوقت عينه يتمتعون بقدرة واضحة على منع الجنرال من ان يكون رئيسا للجمهورية، بدليل جعله يحور ويدور حول المنصب بلا طائل، حتى ولو استخدم مختلف وسائل التحدي والتصعيد وهو قد مارسهما من دون ان يحصل سوى على قائد مشروط للجيش. اما الرئاسة فلن يسمح له وبمقاربتها قبل ان يحصل عليها سواه، من غير ضرورة لان يكون سمير جعجع قائد القوات اللبنانية هو الرئيس البديل، فيما هناك من يجزم بان تنازل الحريري قد وصل الى حد ترك الخيار امام العماد لان يسمى المرشح للرئاسة الاولى، وليس افضل من هكذا حل (…)
والذين فهموا ما هو مطلوب من عون، لا يزالون يعتقدون ان بوسعه اقناعه بان الذي قبل بقيادة الجيش لصهره العميد شامل روكز، لا بد وان يقبل في النتيجة بتغيير موقفه منه كرئيس للجمهورية وهذا الشيء لم يحصل حيث لا يعقل ان يكون تصلب عون قد اوصله وصهره الى ما يرغبان به، فيما تجزم اوساط مطلعة ان الجنرال لا بد سيوافق على ما اقترحه عليه سعد الحريري كي لا تضيع عليه الرئاسة وقيادة الجيش في وقت واحد بحسب اجماع من يعرف عن رئيس تيار المستقبل انه سيد من تمسك بمواقفه؟!
وطالما ان الامور على ما هي عليه، فان مجال تغيير عون في وجهة نظره غير وارد، كما تقول مصادره، هناك شيء مماثل تراه مصادر غيره من ان لا تغيير في وجهة نظر الحريري الذي اثبت الى الان ان مجالات التمسك بموقفه لا عودة عنها. لذا، فان المطلوب من جانب قوى 14 اذار هو انتخاب رئيس للجمهورية وبالتالي تعيين العميد شامل روكز قائدا للجيش بما في ذلك استتباع البقية الباقية من التعيينات الامنية والعسكرية باقل ضجة ممكنة؟!
وفي رأي مصادر سياسية عليمة ان المسعى الفاتيكاني لا بد وانه سينتج رئيسا للجمهورية من غير حاجة الى انتظار تصلب عون من هذه الجهة، وبالتالي تصلب الحريري في المقابل، وهذا افضل حل يمكن ان يطرأ على هذا الموضوع قياسا على المواقف والتطلعات السياسية بحسب ما هو معروف عمن يمارسها، الامر الذي يشجع على توقع الحل الذي اقترحه الرئيس سعد الحريري من غير حاجة الى القول ان تصلب عون قد ذهب الى غير رجعة (…)
المهم في هذا الصدد، هو انتظار انتخاب رئيس للجمهورية من غير ان يمكن بالضرورة من قوى 14 اذار لقاء قبول عون بما سبق اقتراحه عليه، وكي لا يبقى البلد وتبقى معه السلطات من دون رأس، وهذا الشيء قد فهمه الرئيس نبيه بري وبدأ يشتغل عليه قبل ان تعود الامور الى سابق عهدها من التصلب مقابل التصلب، لاسيما ان عون قد استخدم السلاح الصدء في حال لم يستخدم الجيد فيما ترى اوساط غيره انه لم يعد يستوعب «السلاح المصدي» الذي يستخدمه هو منذ اكثر من عشرين سنة بلا طائل، حيث تبين للجميع ان السلاح هنا يجب ان يوازي السلاح هناك، بما في ذلك سلاح المقاومة الذي يراه عون في مصلحة الدولة من غير ان يصل من خلاله الى ما يؤمن مصلحته الشخصية؟!
واللافت في هذا الخصوص، ان مجالات العمل باقتراح سعد الحريري ليست بعيدة في مطلق الاحوال كي لا تبقى الامور السياسية في حال من الدوران العبثي الذي عانى منه البلد ومعه السلطات على انواعها، وفي مقدمها الموت السريري لمجلس النواب، من غير ان يكون احد قادرا على انعاش المجلس بالادوية المخدرة؟!