منذ اليوم الاول لإعلان “حزب الله” تورطه ميدانيا في الازمة السورية دعما لنظام بشار الاسد، قلنا ان هذه الخطوة الاحادية الجانب التي قام بها الحزب بذريعة حماية قرى سورية يقطنها مواطنون لبنانيون شيعة، وحماية مرقد السيدة زينب قرب دمشق، سوف يفتح ابواب الجحيم على لبنان. وقلنا للحزب ولكل من اسهم في تغطية تورطه ان القرار الانفرادي هذا سوف ينعكس سلبا على لبنان بأسره من اقصاه الى اقصاه. بعدها بدأت التفجيرات في مناطق لبنانية تقطنها بيئة الحزب الحاضنة التي دفعت دماء بريئة ثمنا لقرار اتخذ من دون استشارتها، تماما كما اتخذ قرار شن حرب ٢٠٠٦ بذريعة اطلاق ١١ اسيراً من السجون الاسرائيلية، فانتهت الامور بمقتل ١٣٠٠ مواطن لبناني بريء، ما استشارهم احد في شأن شن حرب. ودفع لبنان كله ثمنا اقتصاديا وحياتيا باهظا.
ليس هنا مجال العودة الى حرب ٢٠٠٦، بل ان ما حصل قبل يومين في جرود بريتال، وبصرف النظر عن حجم المعركة التي قتل فيها احد عشر عنصرا من “حزب الله” واستنفر فيها البقاع الشمالي بأسره، يعيدنا حكما الى أصل المشكلة، الا وهو تورط الحزب المشار اليه في حرب تورط لبنان بأسره بكل الذرائع. واليوم، فإن ذريعة محاربة “التكفيريين” هي الموضوعة على الطاولة لمواصلة توريط اللبنانيين في الحرب السورية. وما حصل في بريتال سيتكرر فيها وفي أمكنة أخرى. ثمة من يشير الى ان منطقة العرقوب – شبعا يمكن ان تشهد اختراقات من الفصائل السورية المسلحة لزيادة الضغط على الداخل اللبناني، وبالتالي على “حزب الله”. طبعا هذه شائعات يقال إن أوساط الحزب تطلقها لجر ابناء المنطقة الى التسلح والانخراط في “سرايا مقاومة” يقودها، ويستخدمها في الداخل فضلا عن الحدود مع سوريا، في ظل تحقيق الثوار هناك تقدما كبيرا في الجنوب، ووصل الجنوب بالقلمون والغوطة الغربية المحاصرتين.
كثيرة هي الشائعات، وكثيرة التحليلات، لكن المؤكد ان “حزب الله” بعدما بدت ملامح فشله استراتيجيا في حربه السورية، يعمل بلا هوادة على دفع لبنان بأسره الى أتون الحرب السورية ان في الداخل، او على الحدود. عرسال دليل ساطع على ما تقدم، حيث العمل جار لتوريط الجيش في معركة جديدة، تندرج في اطار معركة القلمون من خطوطها الخلفية.
في بريتال حصل قتال مع فصائل سورية يرجح انها لم تكن تحاول الوصول الى البلدة. لكن ما حصل يوضح امرا جديرا بالتوقف عنده، وهو أن “حزب الله” لم يحقق انتصارات استراتيجية في القلمون، وانه غارق في مستنقع سوريا، ويشد اللبنانيين معه الى المستنقع. في اختصار، سوف تثبت الايام صحة توقعاتنا ان “حزب الله” يستحيل ان ينتصر في سوريا، ويستحيل ان ينقذ بشار من السقوط المحتوم، وعاجلا ام آجلا سيخرج منها بعد ان يكون ضحى بأرواح مئات الشبان من بيئته الحاضنة، ودفعهم الى جحيم تكفي نيرانه لحرق المنطقة بأسرها. لا بد من يقظة العقل.