كتلة المستقبل اكتفت بتبلُّغها خيار الحريري من دون أن تتبنّى ترشيح عون
بعد موقف برّي: ماذا سيكون ردّ «حزب الله» وحلفائه في 8 آذار؟
..وتسأل الأوساط السياسية ما هو المدى المنتظر من قرار الرئيس الحريري في ظل ثبات الثنائي الشيعي على موقفه
كما توقّعت معظم الأوساط السياسية في خلال الأيام القليلة المنصرمة حسم زعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري خياره بتبنّي ترشيح رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وأبلغ هذا القرار إلى نواب كتلته في اجتماعها الدوري، غير أن المفارقة كانت في عدم إصدار الكتلة بياناً رسمياً بتبنّي هذا الخيار، الأمر الذي ترك كل الأبواب مفتوحة على أسئلة محدّدة حول مدى التطابق بين الرئيس الحريري وكتلته النيابية، وهل يعني عدم إصدار أي بيان بشأن ترشيح العماد عون وفقاً للقرار الذي اتخذه رئيسها، هو بمثابة تمرّد على هذا القرار ورفض له كما أُشيع في بعض الأوساط السياسية غداة اجتماع الكتلة أم أن الكتلة فضّلت أن ينفرد رئيسها في إعلانه في مؤتمر أو مقابلة صحافية كما تردّد خلال الأيام القليلة التي سبقت عودته من الخارج، أم أن الموضوع يتعدّى هذا السيناريو إلى وجود معارضة قوية داخل الكتلة للقرار كما هو معروف، إقتضت عدم إصدار بيان بتبنّي الترشيح وتركت لرئيسها أن يأخذ الخيار الذي يناسبه من دون أن يُلزمها بتبنّي هذا الخيار الصعب الذي توصّل إليه، وأن يتحمّل وحده مسؤوليته، ولا تكون الكتلة مسؤولة عن تداعياته وارتداداته السياسية والشعبية وخصوصاً الشعبية التي عبّرت بشكل أو بآخر عن رفضها أو عدم تقبّلها لهذا الخيار الذي سار فيه زعيم تيّار المستقبل.
وبمعزل عمّا جرى في اجتماع كتلة المستقبل النيابية وما إذا كانت كلها أو بمعظمها ضد خيار الرئيس الحريري في تبنّي ترشيح العماد عون خلافاً للمزاج الشعبي العام في الشارع السنّي، فهل سيوصل هذا القرار رئيس تكتل الإصلاح والتغيير إلى قصر بعبدا أم أن القرار الذي اتخذه الرئيس الحريري هو حلقة جديدة في مسلسل الأزمة الرئاسية، لن يرتقي في أي حال من الأحوال إلى مستوى حل للأزمة الرئاسية ووصول العماد عون إلى بعبدا على حصان أبيض كما يقول المثل الدارج في ظل التعقيدات الداخلية المتمثلة بموقف الرئيس نبيه برّي ومعه حزب الله كما أصبح معروفاً للإتفاقات الثنائية، في حال وجودها، وإصرارهما على السلة المتكاملة التي تشمل الاتفاق على رئيس الحكومة، وعلى شكلها وعلى بيانها الوزاري وفقرة الشعب والجيش والمقاومة، وعلى الثلث الضامن وتوزيع الحقائب وخصوصاً السيادية منها، وعلى قانون انتخابي على أساس النسبية ولا قانون غيره، وعلى ما يتردّد عن مطالبتهما بقيادة الجيش ونيابة رئاسة الجمهورية أو الاستئثار بوزارة المالية لتحفظ الطائفة الشيعية حقها في التوقيع على المراسيم التي يصدرها رئيس الجمهورية، فضلاً عمَّا أُشيع في الأيام القليلة الماضية من معارضة النظام السوري لوصول الحريري لرئاسة الحكومة إلا وفق شروط مسبقة أولها وقف الحملات على النظام، وعلى حزب الله بسبب تدخله العسكري الداعم له، والالتزام الكامل بسياسة منظومة دول الممانعة، فضلاً عن شروط أخرى من النظام السوري بشكل أو بآخر من دون التوسّع في التفاصيل.
وتسأل الأوساط السياسية التي لم يفاجئها القرار الذي اتخذه الرئيس الحريري بدعم ترشيح العماد عون وإبلاغ هذا القرار إلى كتلته النيابية رغم أنه يعرف مسبقاً توجهاتها بالنسبة إلى الأزمة الرئاسية عمّا إذا كان أخطأ أو تسرّع في اتخاذ قراره وما هو المدى المنتظر من هذا القرار في ظل ثبات الثنائي الشيعي على موقفه.
الأوساط نفسها تُجيب بأن من السذاجة القول بأن الرئيس الحريري يملك كل هذه المعطيات، ومع ذلك أقدم على هذه الخطوة من دون أن يحسب لكل نتائجها الإيجابية والسلبية، وبالتالي فإنه اتخذ هذا القرار ليكشف أمام الرأي العام اللبناني والإقليمي حقيقة الأهداف الذي يبطنها حزب الله وحليفه الرئيس برّي الذي يعمل بتوجهات الحزب، وهو إبقاء مقام رئاسة الجمهورية شاغراً إلى أن يتظهَّر ما سيؤول إليه الصراع الدائر في الإقليم ولا سيما بين إيران والمملكة العربية السعودية، فضلاً عن رغبته في إعادة تكوين السلطة بما يرضي طموح حزب الله ويتلاءم مع تطلعاته إلى وجود دور للطائفة الشيعية وهذا ما جعل الحريري يستعجل في خياره العوني لحشر المقاومة، وتحميلها مسؤولية استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية ووضع البلاد أمام مزالق كثيرة أقلها انفراط الدولة، وضياع الكيان.