IMLebanon

بعد بكركي.. العسكر على خط الحوض الرابع

يبدو أن من يقف وراء مشروع ردم الحوض الرابع، على وشك اعلان الهزيمة. هذه المواجهة التي اندلعت على خلفية تلزيم مشبوه، ثم تمدّدت على خلفية الأضرار الاقتصادية والمعنوية التي قد تلحق بقطاع الاستيراد، ثم وصلت الى مسألة «كرامة» المسيحيين من خلال عدم تجاوز قراراتهم، خصوصاً عندما تكون قرارات بالإجماع، بعد كل هذه المطبات والعوائق، وصلت المواجهة الى ملف الأمن القومي.

في الاجتماع الأخير، الذي عقد في بكركي لمتابعة ملف ردم الحوض الرابع في مرفأ بيروت، لم ينجح رئيس لجنة ادارة واستثمار المرفأ، حسن قريطم في إحراز تقدّم في إقناع القوى المسيحية بأفكار تتعلق بمشروع الردم. وكلها أفكار تستند الى مبدأ الردم الجزئي للحوض، بحيث تُترك مساحة من الحوض لاستقبال السفن التجارية التي تحمل البضائع من دون حاويات.

هذا التعثّر في المفاوضات يعود في الدرجة الاولى الى ان القوى المسيحية لم تقتنع لسببين اساسيين:

اولا- ان الاستيراد القائم على سفن لا تحمل حاويات قطاع مهم واساسي للاقتصاد، وبالتالي لا مبرّر لإضعاف هذا القطاع.

ثانيا – ان الادعاء ان المجالات في المرفأ لتوسيع مساحة محطة الحاويات قد ضاقت الى حد ردم الحوض الأكبر والأعمق للحصول على أرض، غير مُقنعة، على اعتبار ان الدراسات تؤكد ان الأفق مفتوح امام حلول متعددة للحصول على الارض من دون ردم الحوض.

هذه المفاوضات دخل عليها عنصر جديد، مفاجئ للبعض ربما، لكنه ليس كذلك لمن كان يعرف خفايا هذا الملف. اذ استدعت وزارة الدفاع رئيس

واعضاء لجنة ادارة المرفأ الى اجتماع حضره قائد الجيش العماد جان قهوجي ومدير المخابرات العميد الركن ادمون فاضل وكبار الضباط المعنيين.

وحسب الخبر الرسمي الذي تمّ توزيعه على الاعلام، فانه جرى خلال الاجتماع الاطلاع على الخرائط والمعطيات والانعكاسات التي تترتب على عملية الردم ومدى الحاجة والغاية منها.

وبعد الاجتماع أوضح وزيرالدفاع أن «الوزارة تتريث بعض الوقت ليتسنّى لها درس الموضوع في ضوء المعطيات والمعلومات التي توفرت لديها خلال هذا اللقاء لاتخاذ الموقف المناسب».

في المعلومات ان لجنة عسكرية متخصصة سوف تزور المرفأ للاطلاع على المعطيات ميدانيا لكي يُبنى على الشيء مقتضاه. لكن هذه الجولة لن تقدّم الكثير من المعلومات الجديدة، على اعتبار ان هذه قيادة الجيش اللبناني تعرف تفاصيل الوضع، وهي معنية بالمرفأ بكل التفاصيل، بسبب الترابط بين البوابة البحرية للعاصمة، وبين الأمن القومي. والجيش يمتلك قاعدة عسكرية بحرية في أحد أحواض المرفأ. وهو حاليا ينتظر تدعيم قواه البحرية، في اطار العتاد والاسلحة التي سيحصل عليها من فرنسا.

وبالتالي، فان الجيش حريص على عدم تضييق مجالات استخدام الاحواض في المرفأ في المستقبل. كذلك فان الجيش معني بتأثير الردم المُقترح على حركة الاساطيل الغربية التي تزور بيروت. وفي المعلومات، أن مجموعة «جان دارك» الفرنسية سوف تزور بيروت قريبا.

وهي مجموعة عسكرية ضخمة تضم بين قطعها البحرية سفينة «تونير» (Tonnerre)، وهي حاملة طوافات وتوجد على متنها مستشفى، وتعتبر من اكبر وأضخم السفن الفرنسية القتالية بعد حاملة الطائرات شارل ديغول. ويوجد على متنها مئات الجنود والضباط. هذه السفينة تحتاج الى الحوض الرابع لكي ترسو.

هذا النموذج يفسر خلفية اهتمام الجيش اللبناني بهذا الملف، الذي بات يلامس الامن القومي. وسبق ان أُثير هذا الموضوع من زاوية اهتمام قيادة حلف الاطلسي بالموضوع، على اعتبار ان سفنها الحربية الضخمة لا تستطيع ان ترسو سوى في الحوض الرابع. (مقال 19 كانون الثاني 2015).

وقد جاء دخول الجيش اللبناني اليوم على خط هذا الموضوع ليؤكد الجانب العسكري في ملف ردم الحوض الرابع، بالاضافة الى الجانب الاقتصادي والمعنوي. وبالتالي، يبدو ان خطط الردم باتت في مأزق حقيقي، ومن المرجّح أن تنتهي المواجهة الى الغاء المشروع.

وقد نقل احد المتابعين للملف ان رئيس لجنة ادارة المرفأ حسن قريطم بدأ يشعر بهذا الواقع، وسُمع يقول لأحد المشاركين في المفاوضات انه ملّ، ويفكر في الاستقالة ومغادرة البلد. فهل ستُقفل الستارة على المشروع بإخراج دراماتيكي؟