Site icon IMLebanon

معطيات اجتماعية مخيفة لما بعد «كورونا» تؤشر إلى إمكانية اندلاع «ثورة جياع»

 

هل تكون للهزّة التي تعرّضت لها الحكومة نتيجة التعيينات الأخيرة ارتدادات مؤذية؟

تعرّضت الحكومة الاسبوع الفائت لهزة خفيفة على القياس السياسي، بعد ان وصل الخلاف على التعيينات التي جرت على مستوى الفئة الاولى في مجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي حيث وصل عدم التناغم حول هذه «التهريبة البشعة»، على حد تعبير رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى طرح الموضوع على التصويت وعارضه وزراء حركة «امل» و«تيار المردة» ووزير من «حزب الله»، وهو ما عكس اجواء غير مريحة بين الرئاسات الثلاث حول هذا الملف، بما يوحي ان رحلة التعيينات على تنوعها ستكون شاقة او معالجة هذا الملف القديم الجديد لن تكون بالامر السهل، ما لم يتم التفاهم السياسي المسبق عليه.

 

وقد شكلت المواقف التي اطلقها الرئيس بري في اليومين الماضيين رسائل واضحة الى من يعنيهم الامر عنوانها رفض حصول شتاء وصيف تحت سقف واحد. وفي اعتقاد المتابعين ان الرسائل هذه وصلت وقرئت بعناية فائقة استخلص اصحابها ان تكرار ما حصل في الجلسة السابقة لمجلس الوزراء لن يمر مرور الكرام، وان مثل هكذا خطوة من الممكن ان تشعل سريعاً فتيل التفجير داخل الحكومة التي لا تنقصها مواجهات سياسية داخلية وهي التي تواجه اليوم عدوا خطيرا يسمى فيروس «كورونا» وتخوض معه معركة شرسة تجعلها مجبرة على تجنب اي مواجهات جانبية مهما كلف الامر، لأن حصول مثل هذه المواجهات في الوقت الراهن يعني ضربة قاضية للحكومة التي لا تحمل ما يكفي من اسلحة للمواجهة، خصوصا وان رئيس المجلس سيكون حاسماً مع الحكومة على المستوى التشريعي في حال قررت احالة مشاريع قوانين الى المجلس يرى بأنها لا تصب في مصلحة الناس خصوصاً على المستوى المالي، وهذا الامر اعلنه رئيس المجلس صراحة لدى تعليقه على توجّه الحكومة الى اعتماد قاعدة «الكابيتال كونترول» التي تمس ودائع المواطنين، حيث ترحّم عليها بعدما قرأ الفائحة على «الهيركات».

 

بري لن يقبل التعاطي على قاعدة «صيف وشتاء» تحت سقف واحد في التعيينات أو غيرها

 

وفي هذا السياق، تأمل اوساط سياسية متابعة ان تكون آثار ما حصل في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء والتي تم فيها تعيين خمسة في الفئة الاولى في الخدمة المدنية والتفتيش المركزي محدودة ولا تنسحب على باقي الملفات لا سيما المالية منها، معربة عن اعتقادها بأن هناك اتصالات ومشاورات لاحتواء ما حصل لأن تكرار اي خطوة من هذا النوع يعني فرملة اندفاعة الحكومة وتقييد عملها، وهذا ان حصل سيجعل الحكومة عاجزة عن استكمال المهمة التي لا تحسد عليها على كافة المستويات.

 

وتصف هذه الاوساط ما جرى على مستوى التعيينات الاخيرة بالدعسة الناقصة التي في حال لم يتم احتواء مفاعيلها ستكون ارتداداتها مؤذية للحكومة التي احوج ما تكون اليه في هذه المرحلة الى التكاتف والتعاضد بين مكوناتها، سيما وان قوى المعارضة تنتظرها على الكوع لكي تستفيد من اية ثغرات من الممكن ان تساعدها في توجيه الضربات على رأس الحكومة.

 

وتقول الأوساط ان الحكومة تدرك جيداً ان المهمة التي تنتظرها بعد احتواء فيروس «كورونا» ستكون متعبة الى ابعد الحدود حيث ان هناك رزمة كبيرة من الملفات ستفتح في وجهها، ومن بين هذه الملفات التي تعتبر اشد ايلاماً الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية، فناهيك عن التردي الذي حصل على مستوى هذه الملفات نتيجة ازمة «كورونا»، فهناك مشاكل كانت موجودة في الاصل، وقد عجزت حكومات سابقة عن معالجتها بالرغم من الدعم الذي كانت تلقاه على المستوى الدولي، فكيف الحال الآن وهذه الدول التي كانت تنوي مساعدة لبنان للخروج من ازماته هي الآن منشغلة بلملمة ذيول ما خلفه الوباء من خسائر فادحة في اقتصاد ومالية هذه البلدان، وهذا الامر يشكل علاقة لا تبشر بالخير، اللهم الا اذا كان من الممكن ان يستفيد لبنان من الخطة التي يرجح ان تضعها الدول التي اصابها الفيروس وتحديداً الاتحاد الاوروبي لتعويض ما خلفه من خسائر، لأن الظاهر حتى الساعة ان العالم سيكون بعد افول «كورونا» امام منظومة اقتصادية – مالية جديدة، تأخذ بعين الاعتبار ما حصل نتيجة الاجراءات التي اتخذت في المعركة التي خاضها العالم بأسره لمواجهة هذا الوباء القاتل.

 

وامام هذا المشهد المنتظر ترى الاوساط السياسية انه لا بد وان تحافظ الحكومة على تماسكها ولو بالحد الأدنى، لأن أية مشاكسات تحصل على غرار ما كان يحصل في الحكومة السابقة لن يكون ابداً في صالحها، لا بل انه يقصر من عمرها ويحوّلها الى حكومة عاجزة حتى عن مقاربة الملفات البسيطة التي تحتاج الى معالجة، ومن بين هذه الملفات، على سبيل المثال، ملف النفايات الذي يجب ان يكون اولوية بعد الملفين المالي والاجتماعي حيث تشير كل التوقعات إلى ان نسبة البطالة في لبنان ربما تتجاوز الـ50 في المئة بعد ازمة «كورونا» لأن المئات، لا بل الآلاف، سيفقدون وظائفهم واماكن عملهم، ولن يكون في مقدورهم تسديد ما يتوجب عليهم من اقساط منازل ومدارس، او تلبية متطلبات منازلهم، وهذا سيزيد الطين بلة، ويُنذر – لا قدّر الله – باندلاع ثورة ستكون نتائجها حكماً وخيمة.