Site icon IMLebanon

بعد تقويم نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية هل تتقدم الانتخابات النيابية على الرئاسية؟

تنتظر القوة السياسية الاساسية في البلاد نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية لتجري تقويماً لها تمهيداً لاتخاذ موقف من القانون الجديد للانتخابات ومن اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية، حتى اذا كانت النتائج مرضية لهذه القوى، ولا سيما لتحالف عون – جعجع كان لها موقف واحد من قانون الانتخابات في مجلس النواب ومن اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية. اما اذا كانت غير مرضية فسيكون للتحالفات موقف آخر قد يبلغ حدّ إعادة النظر فيها استعداداً للانتخابات النيابية التي تخلط الأوراق.

الواقع أن الخلاف على قانون الانتخاب هو جزء من الصراع على المقاعد النيابية وتالياً على السلطة، لذلك يحاول كل حزب وكل تكتل معرفة نتائج الانتخابات التي تجرى على أساس القانون الجديد قبل الاقتراع… ففي عام 1947 وضع قانون بهدف التجديد للرئيس الشيخ بشارة الخوري أدّى الى قيام “ثورة بيضاء” أطاحت عهد التجديد له. وعندما كان في النية التجديد للرئيس كميل شمعون وُضع قانون للانتخاب أدى الى إسقاط عدد من الزعماء المناهضين لهذا التجديد ومنهم الرئيس صائب سلام والزعيم كمال جنبلاط، ما أشعل في ما بعد “حواث 58″. وفي زمن الوصاية السورية كانت هي التي تصنع قانون الانتخابات على قياس المرشحين الموالين لها كي تستمر الوصاية الى أجل غير معروف. لكن ما من شيء إلا له نهاية إن لم يكن بالحسنى فبالاكراه، فزالت الوصاية بانتفاضة شعبية عرفت بـ”ثورة الأرز”. وجاءت نتائج انتخابات 2005 و2009 على أساس قانون الستين بأكثرية نيابية لقوى 14 آذار، إلا أن “حزب الله” ومن معه لم يعترف بها معتبراً أنها أكثرية نيابية وليست أكثرية شعبية… وبعد هذه النتائج بدأ الصراع على قانون جديد للانتخابات يضمن الأكثرية لهذا الطرف أو ذاك. ولبّ الخلاف هو حول تقسيم الدوائر لأن بهذا التقسيم تكون القسمة أو الانقسام الذي لا يؤدي الى اتفاق وهو الحاصل حتى الآن. وقد بلغ هذا الانقسام حد طرح “المشروع الارثوذكسي” الذي جمع اقطاباً موارنة حوله، لكن ما لبث أن فرّقهم عندما تبين أنه مشروع يضرب الوحدة الوطنية والعيش المشترك ويهدد السلم الأهلي، وهو معروض حالياً على الهيئة العامة لمجلس النواب. ثم توالت مشاريع قوانين واقتراحات بلغ عددها 17 غربلتها اللجان النيابية المشتركة فحصرت عددها بأربعة تطرح على البحث والمناقشة تمهيداً لإحالتها على الهيئة العامة للمجلس. وقد يكون لنتائج الانتخابات البلدية والاختيارية انعكاس على المواقف من مشاريع واقتراحات القوانين للاختيار بين القانون الذي يعتمد النسبية في كل الدوائر أو القانون الذي يعتمد النسبية مع الصوت التفضيلي الذي يضمن صحة التمثيل، أو اعتماد قانون مختلط اكثري ونسبي بعد تحديد الدوائر التي تعتمد فيها النسبية وتلك التي يعتمد فيها الاكثري، حتى اذا ما صار اتفاق على القانون وجاءت نتائج الانتخابات البلدية والاختيارية مرضية للاحزاب، ولا سيما لـ”حزب الله” وحركة “أمل” و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، يتحدد عندئذ طرح اقتراح اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية بحيث يتولى مجلس نواب جديد منبثق منها انتخاب رئيس للجمهورية لا طعن بشرعيته وتمثيله كما لو أن المجلس الحالي الممدّد له هو الذي انتخبه. لكن هذا قد يثير خلافاً بين قوى سياسية أساسية تريد اجراء انتخابات رئاسية قبل النيابية وأخرى تريد انتخابات نيابية قبل الرئاسية. ويعتقد العماد عون ومن معه أن انتخابات نيابية قد تأتي بأكثرية تنتخبه رئيساً للجمهورية فلا تظل الرئاسة بالنسبة اليه حلماً لا يتحقق. وهذا يطرح السؤال الآتي: هل يتفق الاقطاب الموارنة على اجراء انتخابات نيابية قبل الرئاسية اذا ما جاءت نتائج الانتخابات البلدية تشجع على ذلك؟ واذا اتفقوا على اجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، هل يتفقون على انتخاب واحد منهم ام يظلون مختلفين ويزداد الصراع شدة على كرسي الرئاسة الأولى كما هو حتى الآن، ليعود البحث في سلة كاملة تبدأ بالاتفاق على قانون جديد للانتخابات النيابية وعلى شخص رئيس الجمهورية وعلى شكل الحكومة التي ستتألف في مستهل العهد الجديد، وعلى التعديلات التي ينبغي ادخالها على دستور الطائف، بحيث لا تواجه البلاد ازمات وزارية طويلة عند تشكيل كل حكومة وأزمات أطول عند انتخاب رئيس للجمهورية، ويتجدد الخلاف حول كل قانون للانتخابات فيعطل اجراءها في موعدها الدستوري لتواجه البلاد، مرة أخرى، الخيارات الصعبة: إما اجراء الانتخابات في موعدها على اساس القانون المعمول به أو التمديد للمجلس أو الفراغ التشريعي؟

إن ما يهم الناس هو أن يكون للبنان رئيس للجمهورية يوحي الثقة، وأن تجرى انتخابات نيابية على أساس قانون جديد عادل ومتوازن، أو يكون فراغ تشريعي أو تمديد ثالث للمجلس يقتل آخر ما تبقى من النظام الديموقراطي في لبنان.