IMLebanon

بعد غزة… لبنان الى أين؟

 

 

اللبنانيون كلّهم مشغولون بالعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة، وهذا أمر طبيعي مفهوم، ولكن ماذا عن مرحلة ما بعد الحرب؟ نحن أصلاً في دوّامة الانهيار المروّع، فأي انهيار أكثر ترويعاً ينتظرنا أو ننتظره؟

 

نحن لم نبنِ وطناً، وعندما سعى فؤاد شهاب للانتقال من المزرعة الى الدولة وُفِّق نسبياً بإنشاء المؤسسات، ولكن لم تلبث المزرعة أن وصلت الى الانهيار لأسباب عدة بما فيها الحروب، ولكن خصوصاً غياب دولة التخطيط والإنماء،  ولاستشراء الفساد الهائل في مرحلة ما بعد الحرب…

 

وللإضاءة على مشروع الرئيس شهاب (وكان لبنان في العهد الثاني من البحبوحة والازدهار بعد عهد كميل شمعون) استعيد ذكرى «بعثة إيرفد» التي شخّصت أمراضنا وحدّدت العلاج، ولكن المسؤولين المتعاقبين في وادٍ آخر.

 

والمعلومات الآتية أقتبسُها من كتابٍ عن تلك البعثة لمؤلفه جبرايل يونس، تضيء بوضوح على أحوالنا.

 

استعان شهاب بالعالِم الاقتصادي والإنمائي الأب لويس جوزيه لوبريه مؤسس بعثة إيرفد ورئيسها، وكلّفه القيام بمسح شامل للأوضاع اللبنانية الاقتصادية والإنمائية… فأنهى ذلك الراهب العمل ببرنامج كان الأول من نوعه في لبنان على هذا المستوى العلمي الشامل، وخلاصته: ضرورة عبور الإنسان من حال إنسانية متدنية الى حال أرقى وأسمى ليتحول من إنسان مهمش هو عالة على المجتمع الى طاقة خلاقة منتجة، وذلك بتواصل العمل الإنمائي ونشر ثقافة التنمية بين الناس فيشعر المواطنون بأنهم يعيشون في وطن يحضنهم جميعاً في جو من العدالة والمساواة والأمان يحققون فيه أبعادهم الإنسانية فيتخلّون عن ولائهم لطوائف متباينة لا تقدم لهم إلا التناحر والبغضاء لمصلحة الولاء المطلق للوطن.

 

ورأيتُ من المهم جداً التذكير بكلام رؤيوي وجهه الأب لوبريه الى اللبنانيين (١٩٦٢) وهم، يومذاك، في ذروة ازدهارهم: إن جيرانكم سوف يستغنون عن نظام خدماتكم لأنهم سيمتلكون نظاماً أرقى وأحدث، وسيحلّ مرفأ حيفا مكان مرفأ بيروت، وتخسرون دوركم الوسيط بين الشرق والغرب، وبالتالي تفقدون ركيزة اقتصادكم. إنكم في رغدٍ لا يستند الى قواعد علم الاقتصاد(…) وسيأتي زمن الاستحقاق.

 

… وقد أتى!