IMLebanon

ما بعد اعلان الحريري

مع اعلان الرئيس سعد الحريري دعمه ترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية، من بيت الوسط، عادت كرة تعطيل الاستحقاق الرئاسي الى ملعبها الأساسي، بعد طول مكابرة وتمويه.

ويمكن القول ان الحريري باعلانه هذا تحرّر من تهمة ألصقت به، وهي عرقلة انتخاب الرئيس، بعدم مجاراته السيل السياسي الذي حمل زعيم التيار الوطني الحر، الى ضفاف بعبدا مرة أخرى، يضاف الى ذلك الضمانات التي تبادلها مع العماد عون، حول النظام والدستور والدولة ولبنان أولاً، ولو ان بعض أركان تيار المستقبل ما زالوا على شكوكهم بجدوى الضمانات المحصّلة.

المسألة الآن، عند الرئيس نبيه بري، الذي زاره العماد عون منفرداً، بعد خروجه من بيت الوسط، والمقصود بالمنفرد، أي وحده، من دون الوزير جبران باسيل، الذي رافقه الى بيت الوسط. فالرئيس بري بحاجة الى ضمانات أيضاً، بمواجهة أكبر كتلتين نيابيتين على مسرح الحياة السياسية في لبنان، ولا شك بأن العماد عون ذهب اليه ليستمع ويقترح ويلبّي كل ما يطمئنه الى غده النيابي، لكن الرئيس بري، الذي جاهر أكثر من مرة بأنه لن يقبل بالعماد عون رئيساً، حتى ولو اضطر الى فضّ شراكته مع الثامن من آذار، ستكون لديه شروطه لتغيير هذا الاتجاه، وأبسط هذه الشروط عودة العماد عون الى طاولة الحوار ولو لجلسة واحدة، كي يكتسب ترشيحه الحلّة الوطنية التوافقية، ولو اقتضى الأمر تأجيل موعد جلسة الانتخاب من ٣١ تشرين الأول الى ١٧ تشرين الثاني.

ويبدو للأوساط المتابعة ان التأجيل مصدر شؤم لبعض الناس، والقاعدة السليمة، تقول: لا تؤجّل عمل اليوم الى الغد، والعماد عون عسكري التربية، وفي مفاهيم العسكر ان التردد يقتل صاحبه، ومن هنا صعوبة اقناعه بتأجيل الجلسة الى أي وقت، وحرصه على تسجيل زيارته الى مقر رئاسة مجلس النواب، كزيارة تشاورية، للوقوف على رأي الرئيس بري وعلى خاطره لضمان انطلاقة سلسة لعهده في القصر الذي يعود اليه من الباب الواسع، بعد ٢٦ سنة من السير في مسالك السياسة الوعرة.

مصادر عين التينة استبعدت اتفاق الرجلين في أول اجتماع بينهما وجهاً لوجه، منذ تأزم العلاقات بين رئيس المجلس ووزير الخارجية حاليا، والنفط سابقاً… وهذا لا يعني ان لا اتفاق أبداً، مع وجود حزب الله كطرف في هذا المحور الرئاسي. حيث تتوقع المصادر لقاء ثلاثياً عند السيد حسن نصرالله، يفترض ان يكون كفيلاً بمعالجة الأمر، حتى ولو أصرّ بري على عدم إلزام كتلته بانتخاب المرشح الرئاسي الأحد، طالما ان الحريري لم يفعل… الأوراق البيضاء قد تغدو الملاذ الآمن لبعض النواب الخارجين من سرب كتلهم، التي اعتمدت هذا الخيار الرئاسي. لكن مع الاصطفاف الجديد حول عون، المتجاوز لمعادلة ٨ و١٤ آذار، بل المدمّر لها، يبقى رهان العماد عون على دور حزب الله في تدوير زوايا حليفه الأساسي رئيس حركة أمل، كما راهن سعد الحريري على الاسناد السياسي من جانب وليد جنبلاط.

مصادر التيار الوطني الحر، ارتاحت لكون طريق الجنرال الى بعبدا باتت سالكة، لكننا في لبنان تعلمنا بالأمل والألم، أن التاريخ هنا قد يمضي قروناً وكأنه في سباق عميق وقد يشهد أحداث قرن كامل في خلال ليلة واحدة!…