من المؤكد ان الترتيبات اللوجستية لانتقال رئيس الجمهورية ميشال عون الى مسكنه الجديد في الرابية أنجزت جميعها، ومن المؤكد ايضا ان التحضيرات المتبقية لمرحلة ما بعد ٣١ تشرين سياسيا وحزبيا صارت جاهزة أيضا لمواكبة الملفات الحيوية، ليكون الفريق السياسي للعهد في قلب الإستحقاقات المقبلة.
تكفي العودة الى خطاب رئيس الجمهورية الرسمي في موضوع الترسيم لمعرفة ان مرحلة ما بعد الرئيس عون في بعبدا التي ينتظرها خصوم العونيين، لن تكون سهلة على الباقين، فخروج الرئيس عون من بعبدا لا يعني فقدان فريقه السياسي أوراق القوة التي كانت له في السلطة، وهذا ما يستشف من كلام رئيس الجمهورية وما تضمنه من رسائل سياسية في مناسبة انجاز اتفاق الترسيم البحري، الذي نسب فيها الإنجاز لفريقه السياسي مع أدوار أخرى لحزب الله، وأقل أهمية وتراتبية للرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، مع تجاهل متعمد لأدوار شخصيات أمنية.
تضمن الخطاب الرئاسي إشادة لافتة بدور النائب جبران باسيل، فتعمد الرئيس عون ذكر اسمه في اتفاقية الترسيم، متحدثا عما فعله عندما كان وزيرا للطاقة عام ٢٠١٠.
في خلفيات كلام الرئيس عون يمكن قراءة ما قصده بأن الخروج من بعبدا لا يعني ترك ملف النفط في أيدي الآخرين ، فالتيار الذي لا يزال مرابطا في وزارة الطاقة، سيكون عبر وزيره الحالي وليد فياض وبالمتابعة مع وزراء الطاقة العونيين، العين الساهرة على الملف ومطابقة الإتفاقية مع الالتزامات وحقوق لبنان، كما سيمنع الامتدادات السياسية للعبث في هذا الملف.
تقصّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ايضا في ذكرى إحياء ١٣ تشرين ان يطلق المسار الجديد لحزب التيار، متحدثا عن المواجهة الإقتصادية، مؤكدا ان الرئيس سيعود أقوى الى الرابية.
مقارنة الخطابين تؤكد ان التيار الوطني الحر وضع خطة استباقية لمرحلة ما بعد ٣١ تشرين للتعامل مع القوى السياسية والتعاطي مع الاستحقاقات، وثمة قرار مركزي للتيار بالذهاب الى المعارضة بعد التحرر من الالتزامات والضوابط في ما يتعلق بموقع الرئاسة الأولى .
العودة الى ما كان عليه التيار قبل وصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية صار حتميا، ويمكن كما يقول العارفون مشاهدة رموز التيار في تحركات شعبية واحتجاجات قد تحصل، ويؤكد المتابعون ان هناك قرارا بالتصعيد وعدم السكوت بعد اليوم عن الانتقادات والاتهامات للتيار، وتحميله مسؤولية ما وصل إليه حال الدولة واللبنانيين، فمرحلة ضبط الانفعالات والأعصاب ولّت الى غير رجعة، ولم يعد مقبولا رمي الأعباء ومسؤولية التدهور والانهيار عليه، ولن يكون مستبعدا ان ينتقل التيار قريبا الى مرحلة الهجوم.
طلائع التوجهات العونية سوف تظهر في الأيام المقبلة لمواكبة الخروج المشرّف للرئيس عون من بعبدا وتنظيم احتفاليات مناطقية، والتوجهات ايضا تشمل عدم السكوت عن الإنتهاكات ضد الرئيس عون والتيار، فأعطيت كلمات سر لرؤساء المناطق والمنسقين في لبنان ودول الاغتراب ليكونوا على درجة من التأهب لمواكبة ٣١ تشرين، مع اعطاء الأهمية القصوى لما بعد هذا التاريخ، لشد العصب العوني واستعادة قيادة الشارع المسيحي المنهك والمشلع على عدة خيارات.