قُضي الأمر، وسيكون للبنان رئيسٌ في 31 تشرين الأول الجاري، ما لم تحصل مفاجآت غير محسوبة في بلد قام على المفاجآت، وذلك بعد إعلان أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله نزول نواب كتلة الوفاء للمقاومة في 31 الجاري، والتصويت علناً إذا كان نظام مجلس النواب الداخلي يسمح بذلك، ومن ثمّ التسليم ولو على مضض بتكليف الرئيس سعد الحريري لتشكيل حكومة العهد الأولى.
والفضل في هذا التحوّل الكبير يعود لرئيس تيّار المستقبل وحده دون سواه الذي قدّم تنازلات موجعة وعلى عكس مزاج جمهوره العريض وتوجهاته وثوابته لمصلحة الجنرال ميشال عون حليف حزب الله الذي يحارب الشعب السوري المنتفض على جلّاديه وواضع التفاهم معه الذي يحوّل سلاح المقاومة الإسلامية إلى الداخل، وصانع 7 أيار والقمصان السود التي منعت رئيس التيار الأزرق من تشكيل الحكومة، والمتهم باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والذي خرج من بيته في الرابية قرار استقالة وزراء الثامن من آذار من الحكومة فيما كان رئيس التيار الأزرق يهمّ بدخول البيت الأبيض لمقابلة رئيسه بوصفه رئيس حكومة كل لبنان، إذ لولا هذا التنازل الكبير لما كان يحلم لبنان برئيس له، ولكانت الأزمة الرئاسية تراوح مكانها مع كل ما تحمله من تداعيات على انتظام عمل المؤسسات الدستورية كالحكومة ومجلس النواب وباقي المؤسسات وما تحمله أيضاً من انعكاسات سلبية على مجمل الأوضاع الأخرى من اقتصادية واجتماعية ومعيشية وصلت مخاطرها على الجمهورية وعلى الوجود اللبناني إلى حافة الهاوية.
والسؤال بل الهاجس الكبير عند مؤيّدي خطوة الرئيس الحريري التي وصفها بالصعبة وبالمخاطرة هل يردّ حزب الله الجميل له لأنه تبنّى ترشيح مرشحه الأوحد الذي لن يتنازل عنه حتى ولو تجمّعت دول العالم على حدّ تعبير نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أم يتصرّف كعادته وينقلب عليه بحيث لا يسهّل مهمته في تشكيل الحكومة ويبقيه مكلّفاً معلّقاً على شماعة الشروط المسكوبية.
السيّد حسن نصر الله لم يأتِ في خطابه الأخير على ذكر شكل الحكومة والتفصيل وكأنه تعمّد ذلك لترك هذا الأمر معلّقاً إلى ما بعد التكليف، وما لم يقله هو في بيروت، قاله حليفه رئيس مجلس النواب من جنيف وهو أن التأليف قد يستغرق ستة أو سبعة أشهر، ما يعني أنه وحزب الله ليسا في وارد تسهيل مهمّة رئيس التيار الأزرق وتمكينه من تشكيل حكومة من دون تقديم تنازلات موجعة بدءاً من قانون إنتخابات على أساس النسبية، وهو ما ألمح إليه رئيس حركة أمل مروراً بتوزيع الحقائب السيادية واحتفاظ الطائفة بحقيبة المالية لتصبح شريكاً في التوقيع على المراسيم وتضمين البيان الوزاري عبارة الشعب والجيش والمقاومة والثلث المعطِّل وانتهاء بإلغاء المحكمة الدولية أو على الأقل التوقف عن دفع حصة لبنان في تمويلها.
في حال تمسّك حزب الله ومعه بطبيعة الحال رئيس حركة أمل بكل هذه الشروط، فمعنى ذلك أن لا تشكيل للحكومة، إلا إذا قرّر رئيس التيار الأزرق، وهذا لن يحصل، وضع كل رصيده وأوراقه السياسية في سلّة حزب الله التي هي في الأساس السلة التي يؤشر إليها منذ زمن رئيس حركة أمل، وفي حال تمسك الحزب كيف يكون تصرف الرئيس العماد عون وأين يقف؟