IMLebanon

ما بعد ١١ أيلول  في ظروف مختلفة

الحرب على الارهاب، وبالذات على داعش، تبدو أمر اليوم في كل مكان. من بيروت التي هزتها مجزرة داعش في برج البراجنة الى باريس التي أرعبها هجوم منظم لمجموعات ارهابية انتحارية في ليلة واحدة. ومن لقاء فيينا السوري لمجموعة ال ١٧ الى قمة العشرين في أنطاليا التركية. وكل شيء يوحي، خصوصاً بعد تفجيرات باريس، اننا في نسخة جديدة من مرحلة ما بعد ١١ أيلول ٢٠٠١ يوم تفجير البرجين في نيويورك على أيدي ارهابيين انتحاريين من القاعدة.

لكن من يلعب دور الرئيس الأميركي جورج بوش الابن ليس الرئيس باراك اوباما بل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. بوش الابن أعلن الحرب على الارهاب وبدأ غزو افغانستان لاسقاط حكم طالبان الذي كان يضمن الملجأ الآمن ل القاعدة. وهولاند أعلن في خطاب فرساي أمام جلسة مشتركة للبرلمان ومجلس الشيوخ حرب تدمير داعش الذي يحاول تدميرنا. وكما اتخذ بوش اجراءات شديدة في الداخل وطلب من الكونغرس قوانين تحد من حريات الأميركيين، كذلك فرض هولاند حال الطوارئ ثم طلب قانوناً لتمديدها الى ثلاثة أشهر ومراجعة الدستور من أجل مقتضيات مكافحة الارهاب وبينها طرد الأجانب الذين يشكلون خطراً على الأمن العام. وموجز ذلك أن الرجل يرى المعركة طويلة في حماية فرنسا من الارهاب، والقصف الجوي الوسيلة الوحيدة لضرب داعش.

وبالطبع، فان حرب بوش فشلت في القضاء على القاعدة وإن أضعفت التنظيم الارهابي، ونجحت في خلق جذور داعش عبر تفجير التوازنات الاقليمية بتغيير الموازين في العراق لجهة حل الجيش واسقاط الدولة، لا النظام فقط. والظروف اليوم تختلف عن الظروف في مرحلة ما بعد ١١ ايلول.

ذلك ان داعش ليس مجرد تنظيم ارهابي، وإن كان يمارس أبشع أنواع الارهاب. فهو، حسب البروفسور ستيفن والت استاذ القضايا الدولية في جامعة هارفرد، دولة ثورية. وهو، كما رأى البروفسور جوزف ناي، ثلاثة أمور: مجموعة ارهابية عابرة للحدود، دولة بدائية، وايديولوجيا سياسية بجذور دينية.

وحرب القضاء على داعش تحتاج، لا فقط الى قوى على الأرض يغطيها القصف الجوي كما يقول اوباما وبوتين، بل أيضاً الى جبهة ثقافية وفكرية تبطل جاذبية دولة الخلافة لدى شبان في بلدان عدة. واذا كان ما تحدث عنه اوباما وبوتين هو السعي لقطع التمويل عن داعش ومنع شراء النفط الذي تنتجه، فان الناس تتحدث عن الحاجة الى اسقاط الانظمة الشمولية وكل أنواع الظلم لشعوب المنطقة وايجاد حل لقضية فلسطين.

وما يمارسه الكل هو سياسة الاحتواء لا الانهاء.