ناضلنا العمر كله كي يكون لبنان مجتمعاً مدنياً ومجتمع مواطنة والولاء للوطن وليس الولاء للطائفة وليس الولاء للمذهب وليس الولاء للإقطاعية الطائفية، لكن العمر مرّ ومرت سنواته ولم نستطع ان نغير شيئاً لان مرض الطائفية والمذهبية مثل الفطر ينتشر واصبح عائقاً في وجه تقدم لبنان عبر الاقطاعية المذهبية التي سيطرت على الدولة اللبنانية.
جاء اتفاق الطائف وتنفيذه عبر السوري ليلغي صلاحيات رئيس الجمهورية وفي ذات الوقت يضرب القيادات المسيحية وحتى القيادات التي أيدت الطائف دفعت الثمن وعلى رأسها الدكتور سمير جعجع 11 سنة وثلاثة اشهر سجناً في زنزانة وزارة الدفاع.
حاولنا الكثير طوال 28 سنة كتابة في الديار ان نحارب الطائفية ان نحارب المذهبية وقبلها في المحيط الضيق كنت احاول ان ابعث بروح المواطنة والولاء في محيط اصدقائي ومحيط عائلتي وها نحن اليوم نجد ان المذهبية والطائفية مثل احجار الباطون المسلح تضرب عليها ولا تستطيع ازاحة حجر منها فاذا بلبنان يتخلف مئة سنة الى الوراء وينسى ايام النهضة في القرن التاسع عشر وما حققته النهضة الفكرية من تقدم ودعوة للولاء الوطني.
عبر اتفاق الطائف اغتصبت الاقطاعيات المذهبية والطائفية الدولة واخذت كل اقطاعية مذهبية حصة لها من الدولة فتقسم لبنان الى مذهبيات سني وشيعي ودرزي ومسيحي ولكن المسيحيين عبر قطع صغيرة كجزر متفرقة لان المطلوب اضعاف المسيحيين في لبنان. وعندما عاد العماد عون سنة 2005 من ابعاده القسري عن لبنان حصل اتفاق رباعي انتخابي ضده لأنه نادى على الشعب كي يخرج من الاقطاعيات المذهبية والطائفية فلبى الشعب النداء واخذ العماد عون الاكثرية في انتخابات 2005 و2009.
وتضايق من العماد عون الجميع ونحن لسنا من فريق العماد عون بل نصف ما حصل فعلاً ولذلك عندما يطالب العماد عون كرئيس لمجموعة مسيحية كبرى هي الاكبر بين الكتل الموجودة في المجلس النيابي على الصعيد المسيحي نجد الرفض لمطالبه بينما الطائفة الشيعية والطائفة السنية والطائفة الدرزية هم شعوب الله المختارة والمسيحيون اصبحوا خدما لدى هذه الطوائف بعد الاتفاق في الطائف وبعد الوصاية السورية التي ضربت القيادات المسيحية الحقيقية.
اي مركز شيعي في الدولة اللبنانية لا يمكن ان يصل اليه اي شخص من دون موافقة الرئيس بري بالتنسيق مع حزب الله فهذا الامر محسوم والمناصب الشيعية يعينها الرئيس بري وحزب الله.
واي مركز سني يعينه تيار المستقبل ولا نقاش في الموضوع ولا احد مسموح له المشاركة في الاختيار بل المراكز السنية محسوم اختيارها لتيار سعد الحريري والمستقبل الذي يحتكر الطائفة السنية.
اي مركز درزي لا يمكن تعيين شخصية درزية فيه الا بموافقة الوزير جنبلاط والامر محسوم ومسلّم به ولا احد يناقش في الموضوع وممنوع المناقشة.
اما عندما تصل الى المركز المسيحي فاذا طالب العماد عون الذي يرأس الاكثرية المسيحية بمنصب معين بعيداً عن مركز العماد قهوجي لان الموضوع ليس شخصياً فالرفض الكامل يأتي في وجه العماد عون، ولماذا يأتي الرفض لأنهم متضايقون من العماد عون ومستاؤون منه لانه يحاول ارجاع حقوق المسيحيين وهو الذي خسر المعركة سنة 1990 امام اجتياح الجيش السوري لقصر بعبدا بالاتفاق مع احزاب لبنانية ونواب اقرّوا الطائف وحتى من الذين أيدوا الطائف دفع بعضهم الثمن في السجن لان الطائف لا يسمح بوجود شخصية مسيحية قوية ولذلك دخل الدكتور سمير جعجع الى السجن بعد ان طالب بان يمثل المسيحيين في الحكومة يومها تمثيلاً صحيحاً.
العماد عون انهزم سنة 1990 وتم ابعاده 15 سنة وعاد الى لبنان ونعود ونكرر اننا لسنا من فريق العماد عون لكننا نصف الواقع الحاصل فما ان تحدث العماد عون عن حقوق المسيحيين المستباحة وضرورة ان يلعب اصحاب الشأن في الساحة المسيحية الدور في اختيار المراكز كما هو حاصل لدى بقية المذاهب فانهم يرفضون اقوال العماد عون ويتجاهلونه ولا يهتمون بمطالبه.
هكذا فعل الوزير نهاد المشنوق وزير الداخلية فبدل من ان يأتي بضابط بالإنابة بعد انتهاء خدمة اللواء بصبوص رفض الوزير نهاد المشنوق ان يأتي ضابط بالإنابة لفترة موقتة لان هذا الضابط ليس سنياً ومن دون ان يشاور احداً الا سعد الحريري مدّد للواء بصبوص لمدة سنتين مع احترامنا للواء بصبوص وخدمته طوال 40 سنة.
المسيحيون اصبحوا درجة ثانية في لبنان لا صلاحية لرئيس الجمهورية عندهم لا كلمة لرئيس الاكثرية المسيحية العماد عون وسوف يخسر العماد عون مرة جديدة لان تكتل الاقطاعيين المذهبيين كلهم ضده ومع اننا نريد ان يكون المجتمع مدني والولاء للوطن الا ان لبنان منقسم الى مذاهب وطوائف وترانا نتحدث بهذه اللهجة لان الواقع يفرض ذلك، ونقول هذه المرة اذا انهزم العماد عون ونحن نرى ان الهزيمة آتية ولن يربح العماد عون بوجه هذا الطغيان المذهبي والطائفي والاقطاعي ضده فان المسيحيين سيصابون بإحباط كبير ويدركون انهم درجة ثانية وسيهاجرون والخاسر الاكبر هو لبنان.