IMLebanon

بعد قول مورفي: الضاهر أو الفوضى نعيم قاسم: عون أو الفراغ الشامل!

قول نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم محذراً قوى 14 آذار: “إما القبول بعون رئيساً للجمهورية، وإما الفراغ” يذكّر الناس بقول الموفد الاميركي ريتشارد مورفي الذي أعلن لدى خروجه من بكركي بعد اجتماعه بالبطريرك صفير: “إما الضاهر رئيساً للجمهورية وإما الفوضى”… فكانت الفوضى التي فضّلها زعماء لبنانيون، وتحديداً موارنة، على فرض رئيس عليهم وانتهاك النظام الديموقراطي، وهو ما لم يحصل حتى في زمن الحكم التركي، بحسب قول البطريرك نفسه رداً على مورفي.

الواقع أن الولايات المتحدة الاميركية تصرفت آنذاك على هذا الشكل الاستفزازي لأنها لم تكن تريد اجراء انتخابات رئاسية بل تريد الفوضى فعلا بحيث لا يكون خروج منها إلا بعقد مؤتمر الطائف ووضع دستور جديد للبنان يعيد النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية ويجعل مجلس الوزراء مجتمعاً هو السلطة الاجرائية التي تتخذ القرارات بمشاركة ممثلي كل المذاهب في لبنان ولا يستأثر في اتخاذ بعضها رئيس الجمهورية منفرداً مثل تسمية رئيس الحكومة وتعيين الوزراء وحل مجلس النواب وإقالة الحكومة والوزراء. فلو أن الولايات المتحدة الاميركية كانت تريد فعلا اجراء انتخابات رئاسية، وتريد فعلا انتخاب النائب مخايل الضاهر رئيساً للجمهورية، لما كانت قدمت ترشيحه بشكل استفزازي ليصبح مرفوضاً حتى من اعلى مرجع ديني ماروني هو البطريرك ومن معظم الزعماء الموارنة، بل كانت جعلت الانتخابات الرئاسية تجري بصورة طبيعية ودستورية، وكان الضاهر فاز فيها بمجرد اعطاء “كلمة السر” للنواب بانتخابه، خصوصاً اذا صدرت عن سوريا واميركا معاً.

والسؤال المطروح هو: هل تريد ايران من خلال “حزب الله” أن تفعل ما فعلته الولايات المتحدة عندما ارادت الفوضى العارمة في لبنان التي ولّدت الحروب المدمرة بأشكالها المختلفة، مثل “حرب التحرير” و”حرب الالغاء”، فانهكت المسيحيين خصوصاً بحيث قبِل بعض زعمائهم مكرهين حضور مؤتمر الطائف والتسليم بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وهو ما كانوا ليقبلوا به لولا “حرب الالغاء” التي مزقتهم وفرقتهم وهمشتهم، ووضعتهم في الطائف بين خيارين: إما القبول بالتنازل عن جزء من هذه الصلاحيات، وإما عودة المدفع؟…

واذا كانت الفوضى التي حذر الموفد الاميركي يومذاك من حصولها اذا لم ينتخب الضاهر رئيساً بحيث لا خروج منها إلا بالاتفاق على دستور جديد للبنان يكون أكثر عدالة وإنصافاً ومساواة في توزيع الصلاحيات على السلطات الثلاث الموزعة بين الموارنة والسنّة والشيعة، فهل تريد ايران من تخيير 14 آذار بين القبول بعون رئيساً للجمهورية او الفراغ الشامل التوصل الى تعديل اتفاق الطائف كما يريد “حزب الله”، بحيث يعطى للطائفة الشيعية ما لم يعطه إياها هذا الاتفاق، ويضطر الزعماء السنّة الى القبول بذلك كونهم في وضع ضعيف اليوم شبيه بوضع الموارنة يوم وافقوا مكرهين على تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية لأنهم كانوا خارجين من “حرب الغاء” مزقتهم وأضعفتهم، وان السنّة اليوم في لبنان والمنطقة يتراجعون أمام المد الشيعي بقيادة ايران وربما بتواطؤ اميركي.

كل شيء يدل حتى الآن إلى ان ايران ومن خلال “حزب الله” تريد إحداث فراغ شامل في البلاد بتعطيل اجراء الانتخابات الرئاسية كما أحدثت اميركا الفوضى فيها بتعطيل الانتخابات أيضاً. فعندما رشحت قوى 14 آذار الدكتور سمير جعجع للرئاسة الاولى ردّت قوى 8 آذار على هذا الترشيح في جلسة الانتخاب بأوراق بيض رمتها في صندوق الاقتراع، وبعضها ينبش الماضي الأليم، ولم ترشح العماد عون منافساً له كي تأخذ اللعبة الديموقراطية مداها وتحترم أحكام الدستور، بل قال غير مسؤول في “حزب الله” متحدياً ومنهم الشيخ نعيم قاسم: إما القبول بالبحث عن مرشح توافقي أو يستمر الفراغ… وعندما أعلن الدكتور جعجع استعداده للاتفاق على مرشح توافق، رد “حزب الله” باصراره على ترشيح عون من دون سواه، مهدداً بالفراغ الشامل اذا لم ينتخب، وهو يكرر بهذا الموقف ما فعلته اميركا في الماضي لأنها لم تكن تريد انتخابات رئاسية، انما تريد الفوضى، فكان لها ما ارادت، وان “حزب الله” لا يريد عون ولا غير عون انما يريد الفراغ الذي لا خروج منه إلا بتعديل اتفاق الطائف، وهو تعديل قد يشعل حرباً أهلية أو يجعل هذا الفراغ مستمراً، وحكومة الرئيس تمام سلام تحاول سد ما تستطيع منه، والبلاد تحكم الى اجل غير معروف بركيزة سنية وركيزة شيعية فقط خلافاً للميثاق الوطني الذي يقوم على ثلاث ركائز منها الركيزة المارونية غير الموجودة.

لذلك، فإن جعجع على حق عندما يقول: “عون وحده القادر على انهاء ازمة الرئاسة”، هذا اذا كان لا يريد الفراغ الذي يريده “حزب الله”… فهل يفعل ويسجل له التاريخ عمله؟