من المعلوم ان لبنان كان يفاوض بالواسطة عن حزب لله، مع المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، بالنسبة لانهاء المواجهة العسكرية الدائرة بين الحزب وقوات الاحتلال الإسرائيلي،منذ مايقارب العام ،وحل مشاكل الحدود وتنفيذ القرار الدولي رقم١٧٠١ ، واعادة الامن والاستقرار إلى المنطقة. وقد تم تذليل العديد من الصعوبات والعقد، وبقي بعضها معلقا، بينما تم تأجيل التوصل إلى اتفاق نهائي، بانتظار انهاء حرب غزّة، بعدما أصر الحزب على هذا الربط، انطلاقا من مبدأ دعم ومساندة الشعب الفلسطيني في مواجهة الحرب الإسرائيلية الوحشية ضده.
كان هذا الواقع قائما، قبل توسع المواجهة العسكرية الدائرة منذ عملية طوفان الأقصى وحتى الاسابيع الماضية. ولكن مع اندفاع إسرائيل لتكثيف هجماتها بالعمق اللبناني ضد مواقع ومراكز الحزب، وتنفيذ عمليات اغتيال القيادات والكوادر العليا في الحزب، وعلى راسهم الامين العام حسن نصرلله، تبدلت الوقائع على الارض، وبات السؤال المطروح هو هل مازالت نقاط التفاهم الاساسية،التي توصل اليها هوكشتاين مع لبنان وإسرائيل في شهر حزيران الماضي ، قائمة بحد ذاتها، ام ان التصعيد العسكري الحاصل ، ومسلسل الاغتيالات الإسرائيلية لقادة حزب لله، تجاوزها، وارسى معادلة جديدة، ومن ينوب عن نصرلله بالمفاوضات المرتقبة، لوقف الحرب الإسرائيلية على الحزب حاليا؟
يعتبر مصدر ديبلوماسي رفيع ان تطورات الاسابيع الاخيرة، وتعثر المفاوضات التي جرت على أعلى المستويات في نيويورك الاسبوع الماضي،على هامش اجتماعات الدورة العادية للامم المتحدة، للتوصل إلى وقف لاطلاق النار بين حزب لله وإسرائيل، بسبب تعنت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، وجنوحه لتوسعة الحرب وامعانه بتنفيذ مسلسل اغتيالات قادة الحزب، مؤشرا واضحا لانقلابه على ما تم التوصل اليه من تفاهم على معظم المشكلات والنقاط المختلف عليها بين لبنان وإسرائيل، وسعيه لفرض شروط ومطالب جديدة، في الجنوب اللبناني، مستندا إلى واقع القوة والمتغيرات التي احدثها بالاغتيالات واستهدافه للبنية العسكرية للحزب على طول الاراضي اللبنانية، واولها فصل اي اتفاق اوتفاهم يتم مع لبنان، عن الحرب في غزة، بينما يعلم القاصي والداني ان حزب لله ومن ورائه ايران، يرفض ذلك ويصر على ربط تنفيذ اي اتفاق مع إسرائيل، بانهاء الحرب على غزّة، وهو ما شدد عليه، نصر لله شخصيا في الكلمة الاخيرة التي ألقاها، بعد جريمة تفجير اجهزة”البيجرز ” والاغتيال الجماعي للقادة العسكريين للحزب.
اما بخصوص آلية التفاوض المرتقبة على وقف النار، فمن الطبيعي ان تستمر الحكومة اللبنانية في واجهة التفاوض مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري،بعد استنفاذ مفاعيل الحملة العسكرية المنظمة التي تشنها إسرائيل ضد الحزب، وبالتنسيق مع القيادة الجديدة التي تتولى مسؤولية ادارة الحزب في المرحلة المقبلة، واذا تعذر ذلك لأي سبب من الاسباب، لايستبعد المصدر ان يكون لايران، اليد الطولى، في المشاركة والموافقة على أي اتفاق يتم التوصل اليه، انطلاقا من تأثيرها المباشر على الحزب، وسياستها في الاستمرار بدعم صمود حركة حماس ضد إسرائيل.