خطف الحدث السعودي المتمثل بصدور امر ملكي قضى بتعيين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولياً للعهد، خلفا لولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز الذي اعفي من ولاية العهد ومن منصبي نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، الاضواء، اذ بدا توطئة لتغييرات على مستوى واسع سعوديا واقليميا بعيد قمة الرياض واعلانها الشهير واندلاع الازمة الخليجية مع قطر، في ظل ما قد يصيب دول المنطقة من تداعياته وفي مقدمها لبنان، الذي يعيش هذه الايام استرخاء ادرج عليه بعد كل حل لملف استعصى قبل ان تعود «حليمة الى عادتها القديمة».
فعلى وقع الوفاق والتوافق السياسي المخيم فوق الاجواء الرئاسية، وولوج العلاقات الرئاسية مرحلة جديدة من التناغم يمكن التأسيس عليها للرهان على مستقبل اكثر تفاؤلا، والذي سينعكس حتما على طاولة «لقاء بعبدا»، مع سقوط زمن المناكفات والعرقلة، اقله خلال الاشهر القليلة المقبلة، مع اعطاء دفعة رئاسية لعمل المجلس مع فتح عقد استثنائي حدد اطاره العام بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية التي سيحتاج تنفيذ مقررات «اتفاق بعبدا» المنتظر الى قوانين لوضعها قيد التنفيذ، والتي «سيحسم» الكثير من نقاطه امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله خلال اطلالته غدا بمناسبة يوم القدس العالمي.
اطلالة ستتمحور حول ثلاثة مواضيع اساسية بحسب مصادر مقربة من حارة حريك اولها مرتبط مباشرة بالمناسبة وبالقضية الفلسطينية من جوانبها كافة وحيثيات الصراع العربي- الاسرائيلي ومحاولات بعض الدول التطبيع مع اسرائيل وهو ما يفتح باب النقاش على اهمية ودور المقاومة في فلسطين وجهوزية المقاومة في لبنان، ثانيها، التطورات الاقليمية وبخاصة على المسرح السوري لا سيما الانجازات في البادية وبلوغ الحدود السورية – العراقية والدخول النوعي الايراني على خط الحرب، اما ثالثها فداخلي يتصل بانجاز قانون الانتخاب واهمية التسوية السياسية التي قادت الى اقراره ومدى تأثيرها في تأمين الاستقرار الوطني، وموقف الحزب العام من القضايا المطروحة على طاولة بعبدا.
غير ان قانون الانتخاب لم يمر من دون تفجير فتيل سجال سياسي بين معسكري الموالاة والمعارضة، ذلك أن الصيغة الانتخابية الجديدة وإصلاحاتها والتمديد الطويل الذي فرضته، أظهرت أن بين الكتائب وتيار المستقبل وبينها والتيار الوطني الحر «قلوبا رئاسية وحكومية مليانة» انفجرت سجالا حادا بين رئيس الحزب ورئيس الحكومة من جهة، وسؤالا ملغوما لرئيس الجمهورية على خلفية ما تركته مبادرة الرئيس عون في اتّجاه رؤساء الاحزاب المشاركة في الحكومة من إنزعاج لدى قوى المعارضة، كحزب «الكتائب» وبعض المستقلّين، وهو ما ردت عليه مصادر رئاسة الجمهورية بالتأكيد، ان «حوار» الخميس هو بين القوى الموالية، على ان يكون هناك لقاءات بالتاكيد لقادة المعارضة ليطلع رئيس الجمهورية على مواقفهم من القضايا المطروحة، خصوصا ان الكثير منها يبقى خاضعا للتصويت الحر في المجلس النيابي حيث ستكون للمعارضة كلمتها، كاشفة ان الرئيس عون وفريقه لم يتخذوا قرارا نهائيا بما يتعلق بتكرار لقاء بعبدا وبالتحديد ما اذا كان سيقتصر على جلسة واحدة او يمتد لاكثر، لافتة الى ان القرار سيتخذ بناء على مجريات الاجتماع الاول الخميس والاجواء التي ستحيط به، رافضة ما يقال عن ان اللقاء هو طاولة حوار، حاصرة الامر بلقاء تشاوري لرؤساء الكتل التي يتألف منها الائتلاف الحاكم.
واشارت المصادر الى ان الورشة تهدف اساسا الى تفعيل دور واداء مجلسي النواب والوزراء عبر سلسلة مشاريع تعدها الحكومة خلال فترة الاشهر الاحد عشر الفاصلة عن موعد الاستحقاق الانتخابي، وترسلها الى البرلمان لاقرارها، واضافتها الى سبحة انجازات العهد تعويضاً عن الاشهر الثمانية التي التهمها قانون الانتخاب. اما في شكل الدعوات، فأشارت الى ان الورشة الحكومية ليست طاولة حوار لتدعى اليها القوى السياسية كافة، لا سيما المعارضة منها التي تملك حلبة المجلس النيابي لخوض معاركها على ارضه، فهدفها اطلاق ورشة تحرك عجلة المؤسسات في البلاد وتعيد الزخم الى المؤسستين التنفيذية والتشريعية.
انتهت سكرة القانون وبدأت فكرة التحضيرات وما بينهما اقتصاد وموازنة ومشاريع وخطط ونفايات واستكمال مصالحات وتكريس تفاهمات وفرز مواقف، ادخلت البلاد مرحلة جديدة عنوانها التهدئة والإنطلاق نحو العمل الانمائي والاقتصادي ، إن في التصريحات، أو في الأجندة السياسية التي اتت في مقدمتها جلسة مجلس الوزراء، ليكمل لقاء بعبدا بحث ملفاته السبعة.
فهل يتحول هذا اللقاء الى دوري؟ وهل التوصيات التي سيخرج بها ستأخذ طابعها الدستوري في مقررات لمجلس الوزراء او في مشاريع لاقرارها في مجلس النواب؟ الاجوبة النهائية وقف على فسحة التوافق السائدة والوئام السائد بين الرؤوساء.