IMLebanon

بعد جلسة الحوار الثنائي في عين التينة هل يُعاد الاعتبار إلى الخطة الأمنية في البقاع؟

في الجلسة الاخيرة للحوار الثنائي بين “حزب الله” و”تيار المستقبل” في عين التينة فتح باب على مصراعيه امام النقاش والمصارحة حيال تنفيذ الخطة الامنية في البقاع الشمالي بهدف الحد من ظواهر الفلتان الامني الذي كانت مدينة بعلبك آخر ضحاياه قبل فترة وجيزة.

الموضوع أثير واستغرق وقتا طويلا انطلاقا من اعتبارين:

– الاول، لان هذه المسألة كانت نقطة الاتكاز في الهجوم الذي شنه وزير الداخلية نهاد المشنوق على “حزب الله” في ذكرى اللواء وسام الحسن في الاونيسكو، اذ وجّه اصابع الاتهام المباشر الى الحزب بعدم التعاون مع القوى الامنية لانجاح خطة امنية كانت قد وضعت وشرع في تنفيذها ضمن جو من التهليل الاعلامي.

– الثاني، ان ثمة توجهاً ضمنياً لاعادة احياء الخطة الامنية في المنطقة وضرب مظاهر الفلتان المستشري واعادة مناخات الاستقرار الى ربوع البقاع.

وعليه، ووفق معلومات كان وفد الحزب الى الحوار الثنائي هو المبادر الى مساءلة الوزير المشنوق ووفد “المستقبل” عن اسباب ما سماه “عملية قلب الحقائق” والازدواجية في المواقف التي تتيح اطلاق مواقف من على المنابر مغايرة لتلك التي تقال في الحجرات الموصدة وفي طاولة الحوار.

واستطرد وفد الحزب متسائلا: “اين هي الخطة الامنية التي تزعمون وعلى لسان المشنوق اننا نرفض التعاون بغية انجاحها، ومن يحول دون انطلاق مثل هذه الخطة، وماذا طلبتم منا بالتحديد حتى تقولوا اننا لا نبدي مرونة ولا نظهر تعاونا؟”.

وقد حرصت اوساط الحزب الاعلامية على التاكيد ان الوزير المشنوق ” لم ينبس ببنت شفة ” ردا على تساؤلات وفد الحزب الى عين التينة، فعدّ ذلك نوعاً من التراجع عما سبق له أن اطلقه من على المنبر وكان سببا في فتح باب سجال حاد بالحوار الثنائي المستمر منذ ما يقرب الاشهر العشرة، لا سيما بعد ضربة باطن الكف على الطاولة التي بادر اليها الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله واكملها بالقول: “اذا أردتم ان تغادروا الحوار الله معكم ولكن لا تمننونا”.

المهم ان المساءلة حول هذا الموضوع فتحت الباب مجددا امام السعي لاحياء الخطة الامنية في البقاع والعمل على اعادة تطبيقها. وذكرت معلومات في هذا الاطار انه تم الاتفاق في جلسة الحوار العشرين على تأليف وفد يضم ممثلين عن طرفي الحوار، اضافة الى ممثل رئيس مجلس النواب في طاولة الحوار الوزير علي حسن خليل، للاجتماع بقائد الجيش العماد جان قهوجي والتباحث معه بشكل تفصيلي في موضوع تطبيق مندرجات الخطة الامنية في البقاع والضرب بيد من حديد على كل بؤر الفلتان والاساءة الى أمن المواطنين، لا سيما بعدما بلغ السيل الزبى في الآونة الاخيرة مما اضطر تجار مدينة بعلبك نفسها الى قفل محالهم ومتاجرهم في خطوة غير مسبوقة واعلان الاضراب احتجاجا على اشكالات امنية استمرت ساعات في السوق التجاري القديم للمدينة والذي يشكل شريانا حيويا فيها مما ادى الى سقوط ضحايا والى إلحاق الضرر بقسم كبير من المتاجر.

ولا ريب ان الاطراف الثلاثة يدركون ان الامور اخذت طريقها في الآونة الاخيرة نحو الهدوء والاسترخاء النسبي بعد صرخة الاحتجاج العالية التي أطلقها تجار بعلبك وفاعلياتها في وجه عجز اجهزة الدولة المعنية وفي وجه قصور الاحزاب والقوى صاحبة النفوذ في بعلبك والمنطقة عموما. الا ان جمر المشكلة والفتنة ما زال متقدا تحت الرماد وسيطل برأسه عند اول اشكال يمكن ان يطرأ.

ولم يعد خافياً ايضا ان الجزء الاساس من “الانتفاضة” الحادة لـ”حزب الله” وهو يرد بلسان امينه العام على كلام المشنوق الاتهامي، مرده الى ادراك الحزب ان اتهامات المشنوق لها ما يليها من افعال وممارسات من شأنها ان تحمل الحزب تبعة تركة ثقيلة الوطأة في البقاع عموما وفي الجزء الشمالي منه خصوصاً، تبدا من خلال اتهام الحزب بعدم التعاون لإنجاح الخطة الامنية وتنتهي بالطلب اليه تلميحا باعتقال المطلوبين والمتهمين وتسليمهم الى الجهات المعنية، وهو ما يعني في قراءة الحزب ضمنا امرين: الاول تبرئة الدولة من تقصيرها وعجزها في مجال تنفيذ الخطة كما هو مفترض لتأمين فرص النجاح، وثانيا دفع الحزب الى الاصطدام بشرائح اجتماعية معينة في البقاع، وهو امر له مخاطره وتداعياته وخصوصا لجهة علاقة الحزب باهالي البقاع وعشائره وعائلاته.

وأياً يكن من امر فالواضح ان الدوائر المعنية بالموضوع في الحزب اتخذت قراراً ضمنيا لادارة هذا الملف انطلاقا من الآتي:

– المسارعة الى الرد على اي اتهام يوجه الى الحزب بالتقصير او بعدم التعاون، سواء في البقاع او سواه من المناطق، وبالتالي وضع النقاط على الحروف وتسمية الاشياء باسمائها.

– بذل اقصى ما يمكن من جهد ضمن المقبول والمنطقي لتوفير الامن وكبح الفلتان من منطلق الحرص على تأمين الاستقرار لاهالي البقاع شرط ان تأخذ الاجهزة والجهات الرسمية دورها كاملا في هذا الاطار.

– وعموما يبدو الحزب حريصا كل الحرص على درء الاتهامات والشبهات عن نفسه والتي تحولت الى ” حبل من مسد ” تتكرر كلما شاء “تيار المستقبل” ان يفتح “خطوط تماس ” سياسية مع الحزب، او كلما اراد ان يوهم جمهوره ان ذهابه الى الحوار مع الحزب يتم رغما عنه وانه لم يتخل عن نهج الاشتباك معه. فضلا عن ذلك، فإن الحزب سيكون هو من يبادر من الان فصاعدا الى مساءلة الدولة عن مستوى تنفيذها للخطط الرامية الى تأمين الاستقرار لأهالي البقاع ومآل هذه الخطط.