Site icon IMLebanon

بعد فساد الغذاء مغارة العقارات ولكن متى أنفاق الهدر في الطاقة؟ 

إذا كانت الحكمة تقول:

خذوا الحكمة من أفواه المجانين، فإن العبرة من بلجيكا تقول:

تعلَّموا التقشّف من أداء المسؤولين البلجيكيين.

مناسبةُ هذا القول هي زيارة رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام إلى العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث أجرى على مدى يومين محادثات مع مسؤولين بارزين في المفوضية والبرلمان الأوروبيين ومع نظيره البلجيكي. أحد الأسباب الرئيسية للزيارة هي محاولة إقناع بلجيكا بالإبقاء على جنودها المئة العاملين في جنوب لبنان في إطار القوات المتعددة الجنسيات، بعد قرار حكومتهم بسحبهم.

لكن على رغم زيارة اليومين فإنَّ القرار البلجيكي متّخذ ونهائي ولا عودة عنه، وهو مرتبطٌ بسياسة التقشّف التي تعتمدها بلجيكا والتي تدفع إلى الإقتراب من قرار خفض عديد أطقمها الدبلوماسية في أكثر من بلد.

إذا كانت بلجيكا تُعطينا دروساً في التقشّف فأيُّ درسٍ نعطيها في المقابل؟

هل في الهدر اللامحدود في لبنان؟

ألا يتصرَّف المسؤولون عندنا وكأنَّهم يعيشون في بلدٍ تتميَّز موازنته السنوية بفائضٍ كبير؟

***

وما إنْ يعود الرئيس سلام من بروكسل حتى يتحضَّر للسفر إلى باريس في العاشر من هذا الشهر، ويُتوقَّع أن يكون له لقاء مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، كما سيلتقي نظيره الفرنسي مانويل فالس، ويسبق الزيارة وصول وفدٍ فرنسيّ إلى بيروت للإعداد للترتيبات لها.

***

وبين بروكسل وبيروت، سيكون للرئيس تمام سلام وقتٌ كافٍ لمتابعة أعمال وزرائه الذين يبدو أنَّ هناك تفاوتاً في أدائهم بين ناشط ومنتج، وبين غير ظاهر في إنجازاته في أيِّ مشهدٍ وزاريّ أو حكومي.

يأتي في طليعة الناشطين والمنتجين وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي لولاه لَما بات اللبنانيون يعرفون ماذا يأكلون، فالحملة التي أطلقها والتي هي مستمرة، والتي لم تكن لتُكمِل لولا الغطاء من النائب وليد جنبلاط، ترفع من رصيد حكومة الرئيس سلام وتحثُّه على مطالبة وزراء آخرين بأن يكونوا نَشطين أيضاً.

كما هناك وزيرٌ آخر يبدو أنَّه دخل سباق التطهير والمحاسبة من الباب الأوسع والأخطر هو باب الشؤون العقارية، التي تضيع في صفقاتها مئات ملايين الدولارات خارج خزينة الدولة. وزير المال علي حسن خليل كشف أنَّ أملاك الدولة المباعة تقدَّر بنحو 570 ألف متر مربع من أملاك الدولة العامة، في الفترة ما بين 2001 و2013.

الوزير خليل فجَّر قنبلةً بصيغة السؤال ليقول:

إذا كانت المعاملات العقارية وقيمة الصفقات العقارية السنوية تقارب 7 إلى 9 مليارات دولار سنوياً، فكم هي الرسوم الضائعة على خزينة الدولة لقاء ما يدفعه المواطن خارج التعرفة؟

هنا أرقام الفضائح ليست مُطلقاً وجهة نظر بل هي حقيقية، وبدلاً من تحميل المواطن المزيد من الضرائب لماذا لا يتمُّ إسترداد هذا المال المسروق؟

فليس حدثاً عابراً أن يكشف خليل أنَّ وزارة المال أعادت إدخال 84 مليار ليرة إلى الخزينة، نتيجة إعادة نظر بتخمينات لأراضٍ بأقل من أسعارها الحقيقية.

الأهمُّ من ذلك كله، أن يستمر الوزير خليل في كشف المستور لأنَّ الفضائح العقارية في البلد من شأنها سد العجز في موازنة الدولة، إذا ما كُشِّفَت كلُّ الملفات من دون استثناء.

***

في مقابل الوزراء الناشطين، هل يتلفَّت الرئيس تمام سلام إلى الوزراء الذين لا يشعر المواطن بوجودهم؟

في طليعة هؤلاء يأتي وزير الطاقة أرتور نظريان، ففي عهده الفاتورة ترتفع والتغذية بالتيار تنخفض، فهل بإمكانه شرح هذه المعادلة المستحيلة لرئيس حكومته أولاً وللرأي العام ثانياً؟