تنطلق من العيد إلى أيامك لتعلّم الناس ان الفصح يمكن ان يصبح عندهم مقيما. كان العيد ليجعل في يومك فرحا أي ليحررك من الزمن الرتيب ويقيم غير الزائل فيك بحيث تجعل من كل يوم لك عيدا. لما كنت طالب لاهوت كنت أتردد كل يوم إلى أبي الروحي وإذا أتيته حزينا كان يقول لي وكان رجلا مريضا: يا فلان هل نسيت ان المسيح قام؟ فعلمت، مذ ذاك، ان هذه القيامة ليست فقط عيدا بل هي تذكير بالحق أي انها فاعلة والا بقيت ذكرا. هل الله نفسه عند الكثيرين غير ذكرى؟ هل يلتمسونه في عمق نفوسهم وإذا خطئوا يريدون عودتهم إليه أم انهم يخشونه؟ هل هو عند بعض الا ذلك الكبير المخيف؟ ليسمح لي الذين لا يحبون ان يسموه أبا ان أسميه أبا.
هل يهمني انه خالق الجبال والبحار؟ ما لي والبحار؟ أم يهمني الرب أبا أي حاضنا. أليس المؤمن العميق من أحسّ ان الله أبوه. لماذا يخشى البعض هذه التسمية؟ أليست صفات الله أو معظمها مستعارة من المشاعر البشرية؟ كلنا عندنا حاجة نفسية إلى ان نعلي الله فوق نفوسنا. أنا عندي حاجة ان انزله إلى نفسي وان أكلمه مثل قريني ولو عرفت المدى الذي يفصله عني. الا اني أعرف بالقوة نفسها قرباه. هذا اللصوق ان لم يصل إلى النفس ليست على شيء. ان كنت لا اعرف التصاقه بي لم تره نفسي. يبقى مثل إله الفلاسفة القدماء الذين لم يرفعوا اليه صلاة. ان كان الله لا يؤنسك ولو نزهته لما رأيته في قاع نفسك. أنت تخشى الشرك ان قربته من نفسك؟ لكن الا تخشى الإلحاد ان عظمته كثيرا جدا بحيث لا تقدر ان ترى وجهه وأعني بذلك وجهه إليك؟
المؤمن عارف من داخله الله لأنه ينتقل إليه. الله يعرفك برؤيتك إياه بعد ان عرفت رؤيته اليك. هو دائما المبدئ والمنتهي. أنت دائما تذهب منه اليه أي إذا أقام فيك يجعلك فيه. هو ينزل اليك أولا ليصعدك اليه. هو عرفك أولا لتعرفه. ومن بعد الله لا تعرف آخر أو تقرأ كل إنسان تحبه على وجه الله فاذا بهم جميعا إلهيون. عند ذاك كان كل يوم لك عيدا.
من بعد العيد يبقى الحب الذي هو العيد الدائم لأنه فرحك بالآخر وعلمك بأنه أعظم منك. المحبة وحدها تقيمك في التواضع لأن الوصية ان تحب قريبك كنفسك تعني في الحقيقة ان تحبه أكثر من نفسك. عند ذاك يصبح الآخر هو عيدك.