IMLebanon

بعد المصدر الأوروبي… دبلوماسي عربي مطَّلع:  كلُّو ماشي

إنه زمن المفارقات… وبعد أربعين عاماً هل يعود سليمان فرنجيه الحفيد إلى قصر بعبدا، هل يغادر سلام الإبن رئاسة الحكومة، بعدما كان والده الراحل صائب سلام قد تبوَّأها على رأس حكومة الشباب، وكانت حكومة العهد الأولى في عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجيه والذي بدأ عام 1970.

وبعد أربعين عاماً، هل سيكون هناك عهدُ شباب:

رئيسٌ للجمهورية ورئيسٌ للحكومة، فرئيس الجمهورية العتيد شاب، هو سليمان فرنجيه، ورئيس الحكومة العتيد شاب هو سعد الحريري.

***

نقول هذا الكلام لأننا نعتبر أنَّ الإنتخابات أصبحت وراءنا وأنَّ ما هو أمامنا جلسة الإنتخابات وخطاب القَسَم وإستقالة حكومة الرئيس تمام سلام وبدء الإستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة، المسمَّى أصلاً، ثم إستشارات التأليف، لينطلق العهد.

هذا ليس تسرعاً، هذه سرعة لأنَّ المكتوب يُقرأ من عنوانه، فلماذا التأخير؟

ولماذا المماطلة؟

ولماذا نترك إلى الشهر المقبل ما يمكن إنجازه هذا الشهر؟

يبدو أن آل فرنجيه لديهم فألٌ حسنٌ مع الرقم 17، ففي 17 أب 1970 إنتُخِبَ الرئيس الراحل سليمان فرنجيه، وفي 17 تشرين الثاني انعقد لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والوزير سليمان فرنجيه والذي شكَّل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل إلى قصر بعبدا، ومَن يدري؟

فقد ينقل الرئيس نبيه بري موعد الجلسة المقبلة لإنتخاب الرئيس من 16 كانون الأول إلى 17 كانون الأول، ليكون هذا الرقم هو الذي يوصِل إلى قصر بعبدا.

***

صار كل الباقي تفاصيل، فبعد 17 تشرين الثاني لم يعد كما قبله، لقد أدار الرئيس سعد الحريري محركاته وهي ليست كأيِّ محركات بل هي تعمل بكامل طاقتها السياسية والدبلوماسية:

ففي نهار واحد يلتقي الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ثم حلفاء من المستقلين في قوى 14 آذار، ثم إتصالات ببيروت ثم مروحة إتصالات هاتفية دبلوماسية مع معنيين بالشأن الرئاسي. هكذا يعمل الرئيس الشاب، فحين يشعر بأن الأمور قد نضجت يكون العمل بكامل الطاقة قد بدأ فعلياً وعملياً.

وليس مستغرباً على الزعيم الشاب أن يلتقيه الرئيس هولاند على مدى ساعة، لأنه بالنسبة إليه أحد زوايا السياسة اللبنانية. الحريري عبَّر عن الهواجس ومقترحات الإنقاذ فشدد أنه علينا من دون شك أن نحمي لبنان، وإلا نكون نخون بلدنا ونخون العهد الذي تعهدنا به لكل المواطنين. لا شك أن هناك تضحيات يجب أن نقوم بها سياسياً، لأنَّ لبنان أهم منا جميعاً، وكما كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يقول ما في حدا أهم من بلده.

ولم يُخفِ الحريري الإهتمام بمسألة الرئاسة فأكد أنَّ هناك حوارات قائمة والأجواء إيجابية إن شاء الله، والأيام القادمة ستظهر أنَّ لبنان سيكون بألف خير بإذن الله.

هذه ما يمكن تسميتها بأنها ملاقاة في منتصف الطريق، فاندفاعة الرئيس الشاب لم تأتِ من فراغ بل من جو دبلوماسي عربي مطلِّع وموثوق أوجَز المستوى الذي بلغته المشاورات بقوله:

كلّو ماشي.

***

ولأنَّ الأمور هكذا فإنَّ الحديث سينتقل بسرعة من الرئاسة إلى إعادة تكوين السلطة. يُدرِك الرئيس الحريري والوزير فرنجيه أنَّ أمامهما أشغالاً شاقة فالبلد شبه مشلول منذ عام ونصف عام، والتمديد لمجلس النواب لم يعد مقبولاً، وإدارات الدولة في وضع ترهُّل، وعليه فإنَّ ماكينة العمل يُفترض أن تتألف من وجوه شابة مطعَّمة بحكمة شيوخ لديهم من الشيب ما يكفي لعقلنة أيِّ تسرُّع.